“نحن نشهد تحقيق حلم 60 عامًا وتحويله إلى حقيقة، أينما تذهب يمكنك رؤية العلامات التجارية التركية، سوف تزين (TOGG) طرق العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم أيضًا، باعتبارها علامة تجارية تركية مرموقة”، بهذه الكلمات، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن الافتتاح الذي طال انتظاره لمصنع ضخم في مركز جمليك الصناعي جنوب شرق إسطنبول، من شأنه أن يبني أول علامة تجارية محلية للسيارات الكهربائية في البلاد، التي من المتوقع أن تصل إلى الأسواق في الأشهر المقبلة.
شهد حفل الافتتاح في مقاطعة بورصة شمال غرب تركيا في 29 أكتوبر/تشرين الأول، بالتزامن مع الذكرى الـ99 لتأسيس الجمهورية التركية، خروج أول سيارة كهربائية “SUV” محلية الصنع من طراز “TOGG”، من شأنها أن تضع تركيا والرئيس أردوغان على مقربة من تحقيق الحلم الطويل الأمد المتمثل في بناء أول سيارة وطنية في البلاد، لكن يبدو السؤال الأكثر إلحاحًا: هل تكون سيارة تركيا المحلية واحدة من أفضل السيارات في العالم وأكثرها تطورًا وحداثةً؟ وهل يمكنها أن تغزو أسواق السيارات الكهربائية المحتدمة بالتنافس؟
حلم طال انتظاره
كانت صناعة السيارات التركية حلم راود السياسيين منذ تأسيس الجمهورية عام 1923، من خلال “أنادول” (Anadol) أول شركة سيارات ركاب محلية في تركيا، واقترب من التحقق عام 1961، في عهد الرئيس الراحل أربكان الذي كثيرًا ما يوصف بأنه أستاذ ومعلم أردوغان، عندمت أطلق 4 نسخ من سيارة أُطلق عليها اسم “Devrim”، وتعني “الثورة”.
كان من الممكن وقتها أن تصبح تركيا دولة مهمة في صناعة السيارات، لكن المشروع أخفق بعد فترة وجيزة من إطلاقه، وأثارت السيارة غضبًا بعد أن توقفت خلال عرض لاحتفالات الجمهورية، بسبب نفاد وقودها بعد 100 متر فقط، نتيجة لذلك، أصبحت السيارة محل سخرية عامة لسنوات، ولم يتم إنتاجها بكميات كبيرة، ربما لأن السيارات كانت نماذج أولية مصنوعة، ولم تكن عملية الإنتاج موثقة جيدًا.
تنتج تركيا ما يقرب من 1.3 مليون سيارة سنويًا لماركات تجارية مختلفة، ومع ذلك، فإن الفخر بامتلاك علامة تجارية ناجحة للسيارات مرتبطة بالدولة كان المحرك الرئيسي والمنطقي للسيارة الأصلية.
كانت المحاولة الثانية مع سيارة “الأناضول” عام 1966، وصنعتها شركة “أوتوسان” لصاحبها رجل الأعمال وهبي كوتش، فحازت السيارة سمعة محلية ودولية كبيرة، وعُدت الخطوة الأهم على مستوى البلاد آنذاك، خصوصًا مع إنتاج نماذج مختلفة منها بلغ 94 ألفًا، إلا أن المشروع توقف أيضًا عام 1984، وأدَّى الطلب المحدود على السيارات في تركيا في السبعينيات من القرن الماضي إلى صعوبة متزايدة في تحقيق الإنتاج الضخم والتوزيع والصيانة لعلامة تجارية محلية للسيارات.
وفي عام 2011، تعرَّفت تركيا على السيارة الكهربائية لأول مرة عندما طرح رئيس الوزراء آنذاك أردوغان فكرة المشروع، ثم زاد الاهتمام بها عندما أصبح رئيسًا، وصارت الحاجة إلى علامة تجارية خاصة مُلحَّة، لا سيما بعد التطور التكنولوجي الذي يمكن استعماله في صناعة السيارات الجديدة لتكون منافسة على المستوى العالمي.
بعد أكثر من 6 عقود على التجربة الأولى، عادت المحاولات التركية إلى الواجهة مرة أخرى عام 2017، عندما أعلن الرئيس التركي اتخاذ خطوات فعلية، وكشف النقاب عن السيارة الوطنية الكهربائية “TOGG” بتمويل وإمكانات وعقول تركية بحتة، فبدأت الاستعدادات لتمويل المشروع بقيمة 22 مليار ليرة (3.7 مليار دولار).
دفع الرئيس التركي الصناعيين إلى بناء سيارة محلية كجزء من رؤيته لجعل تركيا قوة اقتصادية مستقلة، وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، كشف عن ميلاد أول سيارة وطنية مصنعة بإمكانات محلية خالصة، تدخل الخدمة وتسير في شوارع البلاد خلال 3 سنوات من تاريخ الإعلان، أي في الربع الأول من عام 2023، وستكون أول سيارة رياضية كهربائية متعددة الاستخدامات يتم إنتاجها في أوروبا القارية من مصنع غير تقليدي.
ظهر الرئيس التركي حينها في أثناء تجربته النموذج الأولي للسيارة، مفاخرًا العالم بالصناعة التركية الخالصة، وفي 30 يوليو/تموز، وقبل 3 أشهر من إعلان بدء الإنتاج التجريبي، اختبر وزير التجارة التركي محمد موش قيادة السيارة التي ظهرت في مناسبات مختلفة وشاركت في معارض دولية، فقد استعرضتها تركيا في المعرض العالمي في الولايات المتحدة.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقود أول سيارة تركية محلية الصنع
وقبل 4 سنوات، انطلق تأسيس مجموعة مشروع السيارة الكهربائية “TOGG” المكونة من 5 شركات تركية هي: مجموعة الأناضول وبي إم سي وتروكسيل للاتصالات وزورلو القابضة ومجموعة كوك، وتملك الشركات نسبًا متساوية في الاستثمار والشراكة، إلى جانب اتحاد الغرف وبورصات السلع في تركيا (TOBB) التي دخلت بنسبة رمزية 5%.
بدأ بناء مرافق الهندسة والتصميم والإنتاج لمصنع “TOGG” في منتصف عام 2020، بعد عامين تقريبًا من كشف الرئيس أردوغان النقاب عما يُعرف بـ”الكونسورتيوم”، وهو مجموعة من الشركات التجارية تشترك مع بعضها البعض لتحقيق أهداف معينة، ويقوده العملاق التكنولوجي السابق لشركة “Bosch” الألمانية جورجان كاراكاش.
بُني المصنع على مساحة 1.2 مليون متر مربع (12.92 مليون قدم مربع) في منطقة “جمليك” بمدينة بورصة، إحدى أهم المدن الصناعية التركية، التي يُطلق عليها اسم عاصمة السيارات في البلاد لأنها موطن لمنشآت تصنيع العديد من العلامات التجارية الأجنبية، بما في ذلك المشروع التركي الفرنسي المشترك Oyak Renault وTofaş، والمشروع المشترك بين شركة “Koç Holding” التركية وشركة “Fiat Chrysler” متعدد الجنسيات لصناعة السيارات.
يعني ذلك أن تركيا لديها تراكم خبرات هائل بقطاع السيارات، فهي منتج ناجح لقطع غيار السيارات والمركبات، وتشكل ما يقرب من 18% من الصادرات، وتصنع سيارات الشركات الأخرى منذ عقود، وتضم مصانع 13 علامة تجارية، وتنتج ما يقرب من 1.3 مليون سيارة سنويًا لماركات تجارية مختلفة، أبرزها مرسيدس بنز وهيونداي وفيات ورينو وتويوتا، ومع ذلك، فإن الفخر بامتلاك علامة تجارية ناجحة للسيارات مرتبطة بالدولة كان المحرك الرئيسي والمنطقي للسيارة الأصلية.
الحقيقة أن تركيا كبلد صناعي صاعد أدركت أهمية التكنولوجيا، فتمكنت من صناعة أول طائرة خاصة بها، وكذلك أول غواصة بحرية وأول بندقية أو سفينة حربية، كما صنعت صواريخها ودباباتها بيدها، حتى باتت تصنع 80% من سلاحها محليًا، بعد أن كانت قبل عقدين فقط تستوردها من الخارج.
أكبر من مجرد سيارة
كان العد التنازلي قد بدأ في مايو/أيار الماضي، عندما أعلنت شركة “TOGG” التركية اكتمال 97% من مصنع الإنتاج في منطقة “جيملك “على مساحة إجمالية قدرها مليون و200 ألف متر مربع، مشيرة إلى تركيب 208 روبوتات لازمة لبناء الهياكل وتركيب المحركات، كما بدأت تنفيذ تجارب جزئية على أساس الخلية، سيتبعها مرحلة الإنتاج المتسلسل التجريبي عبر دمج الخلايا.
وأكدت “TOGG” أنه مع نهاية الربع الأول من عام 2023، ستُطرح السيارة الرياضية متعددة الاستخدامات “SUV”، وهي أول سيارة في الفئة “C”، للبيع في الأسواق المحلية والعالمية، وستكون “TOGG” جاهزة للإنتاج بالجملة في الربع الأخير من 2022، وفي السنوات القليلة المقبلة، ستدخل “TOGG” طرازي “سيدان” و”هاتشباج” في الجزء “C” من خطة الإنتاج، مع إضافة “B-SUV” و”B-MPV” إلى العائلة، وسيتم الانتهاء من مجموعة المنتجات المكونة من 5 طرازات “TOGG”.
تسعى الشركة بدايةً لإنتاج 175 ألف سيارة سنويًا، سيكون التركيز فيها على البيع في السوق المحلية وسط توقعات بالانفتاح على السوق الدولية بعد عامين، أي عام 2024، بتخصيص نسبة 10% فقط للصادرات، وتهدف “TOGG” إلى توظيف 4300 شخص، وإنتاج ما مجموعه مليون سيارة بحلول نهاية عام 2030 وفق المعايير الأوروبية، ومن المتوقع أن يُحدث هذا الإنتاج تأثيرًا طفيفًا في تلبية الطلب على السيارات، الذي يمثل ما يقرب من 77 مليون سيارة سنويًا.
أثبتت السيارة الكهربائية التركية قدرتها على المنافسة، فمع خضوعها لاختبارات الأداء والقيادة في ظروف شتوية قاسية، وصلت فيها درجات الحرارة إلى 40 تحت الصفر، واصلت “TOGG” حصد النتائج الإيجابية
ويُنظر إلى “TOGG” باعتبارها خطوة مهمة في سبيل التحول في الوقود لمواجهة تغير المناخ حيث انطلاق المؤتمر الأممي بعد أيام قليلة في مدينة شرم الشيخ المصرية، وبحسب تصريحات نائب وزير الصناعة والتكنولوجيا في تركيا محمد فاتح قاجير، فإن “مشروع السيارة الكهربائية التركية الجديدة يُعد نموذجًا للتنمية الخضراء، ويمثّل خطوة جادة في سبيل تحقيق هدف تصفير انبعاثات الكربون، الضروري للحد من الاحتباس الحراري”.
من وجهة نظر تركية عبَّر عنها قاجير، فإن إطلاق السيارة الكهربائية الجديدة أكبر من مجرد مشروع عادي لتصنيع سيارة، أو إطلاق علامة تجارية جديدة، ويُنظر إليها باعتبارها مشروعًا رائدًا في التحول في النظام البيئي بقطاع صناعة السيارات عمومًا.
ويعتبر قطاع السيارات من أهم القطاعات إسهامًا في الاقتصاد التركي، ذلك لأن هذه الصناعة لها صلات بالكثير من القطاعات الأخرى مثل الصلب والبتروكيماويات والمطاط والبلاستيك وغيرها بحسب وزارة الصناعة والتكنولوجيا التركية.
وبحسب تصريحات لرئيس مجلس الاتحاد التركي للسيارات الكهربائية والهجينة بركان بايرام، فإن مبيعات السيارات الكهربائية شهدت زيادة ملحوظة، وازداد عدد الموديلات المتاحة للبيع مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يرفع التنوع والتنافس في السوق، وتتسع مساحة الاختيار أمام المستهلك، وبالتالي ينعكس على المبيعات بسرعة كبيرة.
وخلال الربع الأول من عام 2022، ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية في تركيا بنسبة 243.9% لتصل إلى 1073 سيارة، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي، في حين انخفض إجمالي مبيعات السيارات والمركبات التجارية الخفيفة بنسبة 23.5% في المدة نفسها، وبلغ 152 ألف سيارة، بحسب بيانات اتحاد موزعي السيارات، لكن يظل مستوى المبيعات منخفضًا مقارنة بأوروبا.
هل تستطيع السيارة الجديدة المنافسة؟
تزامن الإعلان عن السيارة الجديدة مع كشف تركي يعزز إنتاج السيارات الكهربائية، ويوفر للمنتجين العالميين مستلزمات صناعة البطاريات بعد احتكار الصين تصدير تلك العناصر، فبعد إعلان وزارة الطاقة التركية الكشف عن 684 مليون طن من الرواسب خلال تنقيب في مدينة إسكي شهير في منطقة الأناضول يجعلها تمتلك ثاني أكبر احتياطي في العالم، تفتخر تركيا بإنهاء قبضة الصين على العناصر الأرضية النادرة لبطاريات السيارات الكهربائية التي تتكفل الصين بتزويد العالم بعناصرها النادرة بنسبة 80-90%.
بدأ الترويج لهذه السيارة مبكرًا كجزء من خطة أنقرة لتوطيد علاقاتها مع دول المنطقة، وشكَّلت فرصة جيدة لتقييم فرص التعاون مع دول الخليج، خاصة دولة الإمارات، فخلال زيارة وفد إماراتي ترأسه وزير الدولة للتجارة الخارجية ثاني أحمد الزيودي لتركيا، في أبريل/نيسان الماضي، اصطحب وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى ورانك الوزير الإماراتي في جولة بمركز تجربة المستخدم التابع للشركة المنتجة للسيارة التركية “TOGG” للتعريف بقدرات بلاده عالية التقنية، وقادا السيارة المحلية.
We took a tech-tour w/ @ThaniAlZeyoudi of UAE in Bilisim Valley.
Had chance to evaluate cooperation opportunities, to introduce Türkiye’s high-tech capabilities and to show the eye-catching beauty of Togg.
???? We will work together for the peace and prosperity of our region. pic.twitter.com/mPsccrlRrc
— Mustafa Varank (@varank) April 27, 2022
تغريدة نشرها وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى ورانك خلال جولة جمعته بوزير الدولة للتجارة الخارجية ثاني الزيودي
وفي سابقة جديدة، كشفت الشركات المصنعة أن سيارتها الكهربائية المحلية المقرر طرحها في الأسواق بنهاية العام الحاليّ ستنافس نظيراتها الألمانية واليابانية بأسعارها التي تصل إلى 200 ألف ليرة تركية، أي ما يعادل 15 ألف دولار فقط، وأكد رئيس مجلس الاتحاد التركي للسيارات الكهربائية والهجينة بركان بايرام أن السيارة الجديدة “TOGG” زادت من اهتمام المواطنين في تركيا بالمركبات الكهربائية.
بخلاف سعرها التنافسي، تتمتع السيارة المقرر طرحها في الأسواق قريبًا بقدراتها الهائلة التي تمكنها من مضاهاة السيارات الكهربائية العالمية الحديثة، وتصل قوة المحرك الكهربائي الأساسي فيها إلى 203 أحصنة يقوم بتشغيل المحور الخلفي، في حين أن نظام الدفع الرباعي الاختياري يوفر محرك آخر يدير العجلات الأمامية لتبلغ أقصى سرعة لها على العدَّاد 400 كيلومتر في الساعة، ويبلغ معدَّل استهلاكها للطاقة الكهربائية بمقدار 10 ليرات، أي 1.5 دولار لكل مئة كيلومتر.
حدد مصممو السيارة ومؤيدوها اتجاهًا مستقبليًا مهمًا للنقل مثل الطاقة الكهربائية فوق محرك الاحتراق الداخلي، ويشير نجاح سيارة شركة “تسلا موتورز” (Tesla)، الذي حقق أخيرًا أهداف الإنتاج، إلى أن “TOGG” اتخذت القرار الصحيح في هذا الصدد.
كما أثبتت السيارة الكهربائية التركية قدرتها على المنافسة، فمع خضوعها لاختبارات الأداء والقيادة في ظروف شتوية قاسية، وصلت فيها درجات الحرارة إلى 40 تحت الصفر، واصلت “TOGG” حصد النتائج الإيجابية، وفي تطور لافت، أعلنت مجموعة الشركات التركية المصنعة لـ”TOGG” نجاح تجارب ما قبل الإنتاج التي تشمل قياس معامل القوة واختبارات الديناميكا الهوائية والصوتية، وأظهرت اختبارات المسار أن السيارة ستستغرق نحو 7.6 ثانية لتزيد سرعتها من صفر إلى 100 كم/ساعة بقوة 200 حصان، وأقل من 4.8 ثانية بمحرك 400 حصان.
ستحتاج السيارة الكهربائية التركية إلى اكتشاف طريقة لتسويق نفسها على أنها قادمة متأخرة نسبيًا في واحدة من أكثر الصناعات تنافسية في العالم
كان التصميم الخارجي للسيارة بالتعاون مع شركة “بينينفارينا” (Pininfarina) الإيطالية، ذات الخبرة الكبيرة في مجال تصميم السيارات، وسبق أن صنعت نماذج لشركة “فيراري” و”فيسكر كارما” لصناعة السيارات الكهربائية، ومقرها في كاليفورنيا، وتم تطوير “Togg C-SUV” على منصة جديدة للسيارات الكهربائية.
من حيث المواصفات، اشتملت النماذج الأولية “TOGG” على موديل السيارة التي تم تعريفها بموديل “C-SUV” الأول، والمخطط أن يكون منها 5 موديلات مختلفة خلال 15 عامًا، ومن المنتظر أن تعتمد على الطاقة الكهربائية بشكل كامل، لذلك اختارت “TOGG” شركة “فاراسيس” (Farasis) لتكنولوجيا بطاريات الليثيوم أيون المتقدمة كشريك تجاري لها في هذا المجال.
ومن المتوقع أن تصل مدة شحن السيارة المحلية إلى أقل من 30 دقيقة مع الشحن السريع، ويعمل معهد أزمير العالي للتكنولوجيا بتركيا على تطوير تصميمات تتعلق بتبريد البطارية ضمن مساعي لإطالة عمر السيارات الكهربائية في حال شحنها سريعًا.
ويهدف المشروع إلى تطوير حزم بطاريات ذكية وقابلة للقياس والتعديل وعالية الأداء، وقالت “TOGG” إن البطارية ستكون على إعادة الشحن بنسبة 80% في أقل من نصف ساعة، وسيتراوح مداها بين 300 و500 كيلومتر (186 ميلًا إلى 310 أميال).
يُقال أيضًا إن سيارات “TOGG” تقدم “ميزات القيادة الذاتية من المستوى 2” مثل “حركة المرور البطيئة”، وتحمل “Togg C-SUV” شاشة رقمية عريضة تضم أدوات التحكم والتكييف وأنظمة الترفيه، والأهم من ذلك، مساعد التصوير المجسم الذي يستخدم تقنية تتبع الصور ثلاثية الأبعاد لتوفير المعلومات المرئية التي لا تتطلب من السائق أن يرفع عينيه على الطريق.
تحتاج “TOGG” إلى الاعتماد على مثل هذه الابتكارات لتمييز نفسها عن المنافسين مثل “Tesla” وغيرها في سوق السيارات الكهربائية سريع التطور، وتمثل مثل هذه الميزات التنافسية ووسائل الرفاهية محفزات للكثيرين لاقتناء مجموعة المشاريع المشتركة للسيارات (TOGG) التركية، فغالبًا ما تمثل العلامات التجارية للسيارات المكانة والهيبة أكثر من أنواع البضائع الأخرى، ومن الصعب تحديد السبب، بخلاف أنها عمليات شراء كبيرة نستخدمها ونواجهها بشكل متكرر في حياتنا اليومية.
يعني ذلك أن المنافسة لن تكون سهلة، فشركة “Tesla” تهدف إلى أن تصبح لاعبًا رئيسيًا في صناعة السيارات بقيمة سوقية إجمالية أكبر من نظيراتها من السيارات غير الكهربائية في الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، من المقرر أن تخرج طرازات “TOGG” من خط التجميع في الأشهر القلية المقبلة، لذلك ستحتاج إلى اكتشاف طريقة لتسويق نفسها على أنها قادمة متأخرة نسبيًا في واحدة من أكثر الصناعات تنافسية في العالم، لكن هذا لا يمنع “TOGG” من المضي قدمًا في خططها لأول سيارة منتجة محليًا في البلاد.
وعن مدى قدرة سيارة أصلية على المنافسة، يرى خبراء أن “TOGG” قد تجد لها سوقًا متخصصة في تركيا بين أولئك الذين يتعاطفون مع القومية الاقتصادية وأولئك الذين يسعون إلى تحرير اقتصاد البلاد من “القوى الأجنبية”، ومع ذلك، ستواجه كمشروع وقتًا عصيبًا في منافسة عمالقة السيارات العالمية، حتى مع الحوافز التي خططت لها الحكومة، التي قد تشمل الجمارك وضرائب القيمة المضافة المخفضة أو الملغاة، ودعم الضمان الاجتماعي للموظفين والأراضي، والوعد بحصة من مشتريات القطاع العام.
لكن هذا الجانب الاقتصادي لا يمكن فصله عن العنصر السياسي للمشروع، وهذا يثير التساؤل عن جدوى المشروع إذا هبت الرياح السياسية في اتجاه آخر في تركيا، ففي الانتخابات البلدية الأخيرة، فقد حزب العدالة والتنمية رئاسة بلديات المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة، ومن المقرر أن تجري الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2023، وفي حال الخسارة، قد يفقد المشروع الحوافز العامة التي يحتاجها للتنافس في سوق السيارات العالمية.
هذه المخاطر السياسية مصحوبة أيضًا بمخاطر اقتصادية أخرى تتمثل في انخفاض قيمة العملة التركية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، ما أدَّى إلى انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين وانخفاض شهية المستثمرين، وفي حال تسارعت الأزمة الاقتصادية البطيئة في البلاد إلى حالة طوارئ كاملة، فقد يؤدي ذلك أيضًا إلى الإضرار بشكل كبير بفرص نجاح “TOGG” المستقبلية.
في نهاية المطاف، يُتوقع أن يرتفع مستوى الوعي بقطاع السيارات الكهربائية والاهتمام به، وتزداد محطات الشحن في جميع أنحاء البلاد كجزء من دعم الحكومة للمشروع، فحتى عام 2015، كانت تنتشر في تركيا 15 محطة شحن كهربائية في 4 ولايات تركية فقط،، ومع السعي لتلبية كل الاحتياجات بالقطاع، أُنشئت محطات شحن في كل الولايات التركية وصل عددها إلى 4500 محطة، بعد كل شيء، قد تنجح “TOGG” أو لا تنجح كمشروع تجاري، لكن من المرجح أن تسرع التحول في البنية التحتية واستخدام الطاقة الذي يحتاجه الكوكب.