ترجمة حفصة جودة
مدرسة جديدة في مبنى متنقل وطريق ممهد يصل إلى منتصف طريق القرية فقط ولافتة بالعربية والإنجليزية والعبرية، هذا ما يشير فقط إلى التحسينات الجديدة في قرية خشام زانا البدوية جنوب “إسرائيل”.
ومثل العديد من القرى البدوية الفلسطينية في “إسرائيل”، فالقرية موجودة منذ عقود دون اعتراف الدولة بملكية سكانها للأرض، ما يترك السكان عرضة لخطر هدم منازلهم وعدم وجود خدمات الحياة الأساسية والبنية التحتية.
في العام الماضي، عندما نجح أول حزب عربي مستقل “رعم” في الانضمام إلى تحالف حكومي إسرائيلي، تعهد الحزب بمعالجة مشكلات هذه القرى، لكن عندما انهارت حكومة رئيس الوزراء نفتالي بينيت في يونيو/حزيران، ما دفع بانتخابات إسرائيلية خامسة في أقل من 4 سنوات، لم يكن منصور عباس زعيم “رعم” قد أوفى إلا بالقليل من وعوده الانتخابية، وكان التأثير في مناطق مثل خشام زانا لا يُذكر.
كان انضمام “رعم” للحكومة قد لاقى استحسان بعض المواطنين الفلسطينيين في “إسرائيل” الذين رأوا أنه من الضروري اتخاذ خطوة لتأمين حقوقهم، أما الآن؛ يقول الكثير من الناخبين الفلسطينيين إنهم مصابون بخيبة أمل، والبعض يتساءل إلى أي مدى يمكنهم الاستفادة حقًا من الانخراط السياسي في البرلمان الذي مرر قبل 4 سنوات قانونًا مثيرًا للجدل يحفظ حق تقرير المصير الوطني كحق فريد للقومية اليهودية فقط وليس للمواطنين الإسرائيليين.
أدان الفلسطينيون وكذلك اليساريون والوسطيون الإسرائيليون هذا القانون بوصفه قانونًا عنصريًا وغير ديمقراطي، كما انتقده الاتحاد الأوروبي والجماعات الحقوقية ومن بينها هيومن رايتس ووتش.
من المتوقع أن تشهد الانتخابات القادمة يوم الثلاثاء لـ120 مقعدًا في الكنيست، إقبالًا منخفضًا بين مليون ناخب فلسطيني يحملون الجنسية الإسرائيلية، تبلغ نسبتهم 17% من نسبة الناخبين في البلاد، لكن استطلاع رأي لقناة مكان الناطقة بالعربية على التليفزيون الإسرائيلي قال إن أقل من 40% من الناخبين العرب يخططون للمشاركة في الانتخابات.
تقول ميرفت أبو حدوبة – 33 عامًا – معلمة تربية مدنية بمدرسة ثانوية سابقًا وطالبة دكتوراه الآن في الوعي السياسي لمجتمعات الأقلية ومن بينهم الفلسطينيون: “لقد بلغ الإحباط ذروته، ربما لأننا حاولنا دخول الحكومة ولم يتغير شيء، لقد سمعت أشخاصًا متعلمين يقولون إنهم منزعجون ولا يشعرون بأي دافع يحفزهم على التصويت”.
يقول خليل الشقاقي مدير المركز الفلسطيني للأبحاث السياسية والاستطلاعية في رام الله: “يعتقد غالبية المواطنين الفلسطينيين في “إسرائيل” إنه من الأفضل الاندماج والمشاركة في الحكومة، لكن عدد الناخبين المشاركين يتراجع بشكل مستمر خلال العقد الماضي”.
وأضاف “يقول المزيد من الناس ما الهدف من المشاركة، فلا شيء يتغير بشكل أساسي، بالطبع ليس منصفًا أن نحكم على ما فعله منصور عباس وحزبه في عام واحد، لكن هذا ما يراه الناس ولا يعتقدون أن الأمر يستحق العناء”.
تنتشر لافتات حملة “رعم” باللون الأخضر على طول مدخل قرية خشام زانا، وتحمل شعارات مختلفة تشير إلى أن الحملة قريبة إلى نبض الشارع، فهناك شعار يقول “أقرب إلى الفاعلية” وآخر يقول “أقرب إلى مكافحة العنصرية”.
تشكل التجمعات الفلسطينية المحافظة في النقب معقلًا لحزب “رعم”، وقد ساعدت في نجاح الحزب العام الماضي، لكن أبو حدبة تقول إن الوقت القصير الذي قضاه الحزب في الحكومة وضع تصورًا للناخبين الفلسطينيين بشأن ما يمكن تحقيقه بالفعل.
تقول أبو حدبة: “نحن ناخبون عرب، ربما نستطيع إرسال قادتنا للكنيست، لكننا لا نعلم هل سيكون لنا الكثير من التأثير، ربما نؤثر على الخدمات والميزانية المحلية، لكن أشياء مثل التمييز ضد العرب من المستحيل أن تتغير إلا إذا تغيرت البلاد”.
وعد “رعم” بالحصول على اعتراف رسمي بقرية خشام زانا وقريتين أخرتين تسكنهما مجتمعات بدوية فلسطينية، كما قال إنه ينوي الإعداد لخطة للتعامل مع عشرات القرى الفلسطينية غير المعترف بها في صحراء النقب.
لم يحدث ذلك، كل ما حدث كان القليل من التحسينات في القرية مثل المدرسة والطريق نصف المكتمل، ورغم أن خطوط الطاقة تمر بجانب خشام زانا، فإن الدولة لم تدخل الكهرباء إليها، ويعتمد السكان هناك على الطاقة الشمسية، لا يوجد أيضًا صرف صحي أو جمع للقمامة، والمياه تصلهم من خزانات ومواسير أنشأها السكان بأنفسهم.
جاءت أبو حدبة من قرية أخرى غير معترف بها وهي “وادي سمارة” حيث يواجه السكان هدم منازلهم ويعتمدون على أنفسهم في غالبية الخدمات بما في ذلك وضع ألواح الطاقة الشمسية للحصول على كهرباء، صوتت أبو حدبة في آخر 4 انتخابات، لكنها تشك في التصويت هذه المرة.
يقول منصور النصاصرة، أستاذ السياسية في جامعة بن غوريون في النقب إنه حتى قبل “رعم” كان الناخبون الفلسطينيون يتشككون في جدوى مشاركتهم في البرلمان، خاصة مع عدم وجود أي تقدم في القضايا الرئيسية التي تهم الفلسطينيين مثل ارتفاع العنف داخل المجتمعات العربية وزيادة هجمات الشرطة واقتحامها للأماكن المقدسة، هذه التحفظات زادت فقط مع وجود حزب عربي في الحكومة.
كان بينيت بحاجة إلى عباس وحزبه لتشكيل تحالف، وقد رحب به في هذا الوقت ليبدو كإشارة على الوحدة الوطنية، لكن الكثير من الفلسطينيين يقولون إنهم شعروا بأنهم لم يحصلوا على ما يكفي مقابل مشاركة الحزب في الحكومة.
يقول النصاصرة: “لقد ازداد عدد القتلى الفلسطينيين، وازداد هدم المنازل في وجود عباس، وازدادت اقتحامات الأقصى وإغلاقه، ولم يتمكن عباس من أن ينبس ببنت شفة”.
يعترف قايد العثامين – طبيب أمراض الدم وقائد مجتمعي من خشام زانا ويدعم “رعم” – بأن إنجازات العام الماضي كانت ضئيلة، لكنه ما زال يشجع زملاءه في القرى على التصويت، ويقول إنه أوضح لهم أن المشاركة السياسية لعبة طويلة ولا يجب أن يشعروا بالإحباط لأن أول حزب عربي في الحكومة لم يكن ناجحًا كما كانوا يأملون.
وأضاف “لن نحل القضية الفلسطينية في الكنيست، لكن وجود 4 أو 5 برلمانيين في الكنيست قد يساعدنا في تقديم بعض الخدمات”.
يعتمد العثامين – 43 عامًا – على فكرة أنه حتى لو لم يحفزنا التقدم، فيجب أن نصوت لأن هناك تبعات سلبية للابتعاد عن التصويت، هذه الانتخابات قد تؤدي إلى عودة بنيامين نتنياهو سياسيًا، رئيس الوزارء اليميني الذي ترك الوزارة العام الماضي وسط اتهامات بالفساد، ولجلبه شخصيات متطرفة إلى الحكومة مثل المشرع اليميني المتطرف إيتامار بن غفير.
إذا تجاوزت مشاركة الناخبين العرب 50%، فإنهم سيشكلون كتلة تصويتية مهمة قد تساعد في تقرير مستقبل الحكومة، وقد يعني ذلك بقاء بن غفير خارج الحكومة، يقول العثامين: “إذا لم يحدث ذلك، ستكون هذه الحكومة من نصيب نتنياهو، وسيصبح موقف العرب أكثر سوءًا”.
المصدر: نيويورك تايمز