بدأت الجزائر في استقبال القادة العرب، للمشاركة في أشغال القمة العربية الـ31 التي تنطلق مساء اليوم، بعد تأجيلها ثلاث مرات بسبب جائحة فيروس كورونا. قمة اختار لها قادة الجزائر اسم “لمّ الشمل العربي”، ويسعى قصر المرادية من خلالها وضع حد للانقسامات العربية ومواجهة التحديات، رغم حالة التشرذم الواضحة والحروب المتواصلة التي تشهدها المنطقة.
أبرز المشاركين والغائبين
أول الوافدين إلى الجزائر كان رئيس جمهورية جزر القمر، عثماني غزالي، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي ورئيس مجلس القيادة الرئاسي لجمهورية اليمن رشاد محمد علي العليمي وكذلك رئيس مجلس السيادة الانتقالي لجمهورية السودان عبد الفتاح البرهان.
كما تضمنت قائمة القادمين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس جمهورية العراق عبد اللطيف جمال رشيد ورئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية محمد ولد الشيخ الغزواني. أما لبنان فيمثله رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، ويمثّل عمان نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي أسعد بن طارق آل سعيد، وبالنسبة للبحرين فيمثلها في هذه القمة نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة.
من المرتقب أن يشارك في القمة أيضًا أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد والرئيس التونسي قيس سعيد، فيما لم تتأكد بعد مشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من عدمها، مع فرضية كبيرة بعدم مشاركته.
يغيب عن القمة رئيس النظام السوري بشار الأسد، نتيجة استمرار تجميد مقعد سوريا داخل أروقة القمة العربية
مقارنة بقمة تونس التي عُقدت سنة 2019، نلاحظ ضعف التمثيل، ففي آخر قمة ترأسها الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي شارك 13 قائدًا عربيًا، أما قمة الجزائر فلن يتجاوز عدد القادة المشاركين 10 على أقصى تقدير رغم حديث الإعلام الجزائري عن إمكانية مشاركة 17 من القادة العرب.
يغيب عن القمة، أمير الكويت ويمثله ولي العهد مشعل الأحمد الجابر الصباح، حسب ما أكدته وكالة الأنباء الرسمية الكويتية، كما يغيب ملك الأردن ويمثله ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ومن أبرز الغائبين عن القمة أيضًا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على أن يمثل المملكة وزير خارجيتها فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود.
تضم قائمة القادة الغائبين أيضًا، الملك المغربي محمد السادس، الذي اعتذر عن الحضور لاعتبارات إقليمية وفق وزير خارجية المملكة ناصر بوريطة الذي أكّد أن القمة العربية حدث رئيسي، لكنها لا تختزل العمل العربي المشترك.
وشهدت العلاقة بين الجزائر والمغرب في الفترة الأخيرة تدهورًا كبيرًا، وصل إلى إعلان الجزائر في أغسطس/آب من العام الماضي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط، متهمة المملكة بارتكاب “أعمال عدائية” ضدها، ورد المغرب معربًا عن أسفه لهذا القرار، ورفض ما وصفه بـ”المبررات الزائفة”.
أسد الدبلوماسية الجزائرية رمطان لعمامرة : ” لا نحتاج أشخاصهم بل نحتاج إلتزامات دولهم “
” ملك البحرين راح يستقبل بابا الفاتيكان”
يوووون كي دارلو ??#الجزائر #القمة_العربية #القمة_العربية_2022 pic.twitter.com/Fj6V1bcn4U— ғɪᴇ̀ʀᴇ ᴅ’ᴇ̂ᴛʀᴇ ᴀʟɢᴇ́ʀɪᴇɴɴᴇ ?? (@AwaTef23Dz) October 31, 2022
كما يغيب عن القمة رئيس النظام السوري بشار الأسد، نتيجة استمرار تجميد مقعد سوريا داخل أروقة القمة العربية بسبب قرار الجامعة العربية في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، تعليق عضويتها، جراء اعتماد نظام الأسد الخيار العسكري لقمع الثورة السورية التي اندلعت في مارس/آذار من العام ذاته، للمطالبة بتداول سلمي للسلطة.
أبرز القضايا
كعادة القمم العربية، ستكون القضية الفلسطينية إحدى أبرز الملفات المطروحة أمام الوفود العربية المشاركة في قمة الجزائر، وقالت الرئاسة الفلسطينية في هذا الشأن إن القمة العربية في الجزائر يومي الثلاثاء والأربعاء هي قمة فلسطين والوحدة العربية.
وأضاف المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، في بيان، أن القمة ستبعث رسالة واضحة للعالم بأن فلسطين وقضيتها هي القضية المركزية للأمة العربية التي تقف دومًا إلى جانب الحق الفلسطيني ودعمه بكل السبل، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.
وعرفت المنطقة العربية في السنتين الأخيرتين موجة تطبيع غير مسبوقة مع الكيان الصهيوني، إذ طبعت كل من الإمارات والبحرين علاقاتهما مع الإسرائيليين ولحق بهما كل من السودان والمغرب، وتتحدث تقارير عن وجود محادثات تجمع الإسرائيليين بدول عربية أخرى مستعدة للتطبيع.
وقبل أسبوعين، احتضنت الجزائر اجتماعًا للفصائل الفلسطينية أفرز “إعلان الجزائر” الذي تلتزم بموجبه الفصائل المتناحرة منذ 15 عامًا، بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون عام لوضع حد للانشقاق الذي يمزق صفوفها.
هاهي الجزائر تحتفي بحدثين جليلين ذكرى الثورة المجيدة وقمة لم شمل الاخوة ..فلا تخذلوها
فجهود الدبلوماسية الجزائرية وحماس الشعب الجزائري وبجانبهم السواد الأعظم من ابناء الامة العربية الشرفاء آتت أُكلها .. وبوادر إيجابية لنجاح قمة القمم ..#القمة_العربية #الجزائر pic.twitter.com/XytBrSG1Hl— مع عبدالوهاب حفكوف (@ghrybal52635100) October 29, 2022
يتطلع الفلسطينيون إلى أن تترجم القمة العربية اتفاق الجزائر للمصالحة الفلسطينية والتزام الأطراف الفلسطينية ببنودها، لوضع حد للانقسام الحاصل بين مختلف الفصائل المتواصل منذ سنوات.
من القضايا الأساسية التي ستكون مطروحة على طاولة النقاش أيضًا، تحقيق الأمن الغذائي العربي في ظل ارتفاع أسعار المواد الأولية بسبب الحرب الروسية ضد أوكرانيا و”مخلفات” جائحة فيروس كورونا وموجة الجفاف التي تضرب عديد الأقطار العربية.
اختتمت أشغال اجتماع وزراء الخارجية العرب بمناقشة مشروع قرار يخص الأمن الغذائي القومي العربي ومشروع قرار يخص الأعمال المنبثقة عن اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وفق وكالة الأنباء الجزائرية.
وسبق أن عبّر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن أمله في أن “تشهد القمة تدشينًا لإستراتيجية الأمن الغذائي العربي.. في وقت تشتد فيه الحاجة لعمل تكاملي وجماعي لمواجهة الفجوة الغذائية الخطيرة التي يُعاني منها العالم العربي” كما قال.
يأمل النظام الجزائري أن تنجح القمة في لم شمل العرب وتحقيق بعض التقدم في الملفات الخلافية، إلا أن العديد من المؤشرات تؤكد صعوبة ذلك
تشهد العديد من الدول العربية أزمات غذائية حادة نتيجة تواصل الحرب الروسية الأوكرانية واستمرار تداعيات كورونا، حيث عرفت أسعار العديد من المواد الأساسية ارتفاعًا كبيرًا في دول عديدة على غرار تونس ومصر والجزائر والمغرب كما عرفت الأسواق ندرة في العديد من البضائع.
ضمن الملفات المطروحة في جدول أعمال القمة أيضًا، نجد الملف الليبي الذي تطمح الجزائر أن تحقق اختراقًا فيه يمكن أن يكون بداية لحل الأزمة المتواصلة منذ سنوات، كما ستتناول القمة الوضع في سوريا واليمن والعديد من القضايا العربية المشتركة الأخرى.
لمّ الشمل العربي
اختار قادة الجزائر أن تُعقد هذه القمة تحت شعار “لم الشمل العربي”، فالنظام الجزائري يهدف إلى وضع حد للأزمات الحاصلة في العالم العربي، إذ بينت تصريحات مختلف المسؤولين الجزائريين في الفترة الأخيرة، وجود إرادة كبيرة لإنجاح القمة حتى تكون الإعلان الفعلي لعودة الجزائر لساحة الفعل العربي، خاصة أن انعقاد القمة تحوّل منذ سنة 2020 إلى رهان كبير وأولوية بأجندة الدبلوماسية الجزائرية.
القمة العربية في الجزائر هي قمة عربية/عربية ، وليست قمة جزائرية/عربية، نجاحها أو فشلها لا يرتبط بحضور قادتها من عدمه، لأنه لم يسبق وأن حضر جميعهم في القمم السابقة.
الجزائر لم تقصر في لم شمل يزداد تصدعا كلما زاد نسق التطبيع مع الكيان من طرف أنظمة عربية لا تنفع معها عشرات القمم. pic.twitter.com/6d5Vp2xRPZ— hafid derradji حفيظ دراجي (@derradjihafid) October 31, 2022
تعتبر القمة الـ31 القمة العربية الرابعة التي تعقد على أرض الجزائر، وتعود القمة الأولى إلى 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1973، وجاءت بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول بين العرب و”إسرائيل”، حينها تم الاعتراف بمنظمة التحرير الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني.
ثاني القمم العربية التي احتضنتها الجزائر كانت بتاريخ 7 يونيو/حزيران 1988، وناقش القادة العرب ملفين اثنين هما: تطورات الأوضاع في فلسطين، والعدوان الأمريكي على ليبيا، فيما عُقدت القمة الثالثة يوم 22 مارس/آذار 2005 وشهدت حضور الملك المغربي محمد السادس.
يأمل النظام الجزائري أن تنجح القمة في لم شمل العرب وتحقيق بعض التقدم في الملفات الخلافية، إلا أن العديد من المؤشرات تؤكد صعوبة ذلك، بدءًا من الجدال الذي حصل بداية اجتماعات وزراء الخارجية بين المغرب والجزائر واعتذار الملك المغربي عن الحضور وضعف التمثيل.