وقعت قوى المعارضة السودانية بشقيها السياسي والمسلح، أمس الأربعاء، اتفاق “نداء السودان” في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بهدف “وقف الحرب وتفكيك دولة الحزب الواحد وتحقيق السلام الشامل والتحول الديموقراطي”، على أمل أن يسهم هذا الاتفاق في إنقاذ السودان من الحرب والنزاعات السياسية التي أنهكته وقسمته طيلة العقود الماضية.
ووقع على الاتفاق كل من: “الصادق المهدي”، زعيم حزب الأمة القومي، و”فاروق أبو عيسى”، رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني، وكذلك “منى أركو مناوي”، ممثل تنظيم الجبهة الثورية السودانية، ورجل القانون الشهير في السودان “أمين مكي مدني” ممثلاً لمنظمات المجتمع المدني.
ويعتبر هذا الاتفاق تاريخيًا، إذ إنها أول مرة في تاريخ السودان يتم فيها توقيع اتفاق بين قوى معارضة تحمل السلاح وأحزاب سياسية مدنية ومنظمات مجتمع مدني، مع العلم أن مشاورات مشتركة استمرت لأكثر من عام بين الجبهة الثورية وأحزاب تحالف الإجماع الوطني الذي يضم الحزب الشيوعي السوداني وقوى البعث والقوى الحديثة وحزب المؤتمر السوداني وأحزاب أخرى.
مع العلم أن حزب الأمة والجبهة الثورية، التي تضم مسلحي دارفور والحركة الشعبية لتحرير السودان، وقعوا في مطلع شهر أغسطس الماضي على “إعلان باريس” الذى نادى إلى “وقف الحرب وتحقيق السلام الشامل والتحول الديموقراطي والتغيير في السودان”، ليكون “نداء السودان” امتدادًا لهذا الاتفاق وخطوة جديدة نحو الأهداف المشتركة بين كل المكونات المشاركة فيه.
من جانبه يرفض نظام الرئيس “عمر البشير” أية تفاهمات بين القوى السياسية والحركات المسلحة، وقد سبق أن أعلنت الخرطوم أنها لن تسمح بإبرام أية اتفاقيات مع حاملي السلاح، وقالت إن الأحزاب السياسية غير مخولة بعقد اتفاقيات مع الجهات التى تحاربها الحكومة، مشددة على أن “ذاك الحق يعد حكرًا على الحكومة”.
وتقيم الحكومة مفاوضات مباشرة متعثرة مع معارضيها المسلحين في أديس أبابا، ينتظر أن تستأنف يوم الخميس.
واعتبرت المعارضة السودانية أن الاتفاق يمثل إعلانًا سياسيًا لتأسيس دولة المواطنة والديمقراطية، مشيرة إلى أنه يتضمن تفاهمات بين القوى المشاركة على العمل في اتجاه “تفكيك نظام دولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن والمواطنة المتساوية عبر النضال الجماهيري اليومي وصولاً للانتفاضة الشعبية”.
وقال الصادق المهدي عقب التوقيع: “نداء السودان يرمي إلى تحقيق السلام الشامل والتحول الديموقراطي الكامل في السودان”، مشيرًا إلى أن الاتفاق يشمل تشكيل هيئة ستنسق بين كل الأطراف بغاية تحقيق الأهداف المحددة، كما كشف المهدي عن اتفاق القوى المشاركة على “كتابة مذكرة واحدة تمثل رأي الشعب السوداني حول الحوار الوطني”، مشيرًا إلى أن هذه اللائحة ستسلم إلى “ثابو أمبيكى” رئيس هيئة الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى.
وحسب ما نقلته صحيفة “سودان تربيون” عن نص الاتفاق، التزمت القوى الموقعه على اتفاقية “نداء السودان”بمنح الأولوية لإنهاء الحروب والنزاعات وبناء السلام على أساس عادل وشامل وذلك عبر الالتزام بالحل الشامل بوقف الأعمال العدائية في دارفور وجنوب كردفان وفي منطقة النيل الأزرق.
كما دعت الوثيقة المليشيات المحسوبة على الحكومة إلى إيقاف عمليات القصف والقتل والتشريد التي يتعرض لها المدنيون، والسعي إلى حل الأزمات الإنسانية الحرجة والحرص على خصوصية قضايا المناطق المتأثرة بالحروب من قبل: “المواطنة المتساوية، الحكم اللامركزي، الحدود، توزيع الموارد والسلطة، المحاسبة والعدالة، العدالة الانتقالية، التعويضات الفردية والجماعية”.
ومن بين الخطوات التي ينص عليها “نداء السودان”، قيام الموقعين بمخاطبة المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية المعنية بقضايا الحروب والأوضاع الإنسانية، وحثها على تنفيذ القرارات المتعلقة بالسودان، خاصة قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي رقم 456.
وأطلقت الاتفاقية دعوة إلى إلغاء القوانين والتشريعات المقيدة للحريات وإلى إطلاق الحريات ومطابقتها بالقانون الدولي الإنساني، معتبرة أن العملية الانتخابية التي أعلنها النظام ليست سوى عملية شكلية يهدف النظام من خلالها إلى تزييف الإرادة الوطنية واكتساب شرعية لا يمتلكها، مؤكدة أن كل القوى الموقعة على الاتفاق ستقاطع الانتخابات المعلنة وستعمل على تنظيم عمل جماهيري مقاوم يعزل الانتخابات بشكل كلي ويتجاهل ما يترتب عنها.