“هذه ليست القمة الأولى التي تواجه مشاكل، كل القمم تواجه أشكالًا مختلفة من المشاكل، لكنه أمر رمزي أي يجري عقدها في مركز سياحي، جنة سياحية، في بلد تنتهك العديد من حقوق الإنسان الأساسية، علينا أن نتذكر أن مصر بلد لديها سجناء سياسيون”، بهذه الكلمات، انتقدت ناشطة البيئة السويدية الشهيرة جريتا تونبرج انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وأعلنت مقاطعة قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ، المعروفة باسم “COP27″، التي تستضيفها مدينة شرم الشيخ المصرية، بداية من يوم غد الأحد حتى 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، نيابة عن القارة الأفريقية.
يشارك في القمة قادة العالم ومسؤولون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة، كما يحضره آلاف النشطاء المعنيين بالبيئة من مختلف دول العالم، من بين هؤلاء، الناشط البيئي الهندي آجيت راجاجوبال، الذي بدا متحمسًا لقضايا المناخ والبيئة عقب وصوله للمشاركة في قمة المناخ، لكن السلطات المصرية اعتقلته بعد إعلانه بدء مسيرة على الأقدام من القاهرة إلى شرم الشيخ للتوعية بمخاطر الانبعاثات الكربونية، وانقطعت أخباره مع محاميه مكاريوس لحظي، وفشل حقوقيون في التواصل معهما، قبل أن يُخلي سبيلهما في اليوم التالي.
اُعتقل الناشط البيئي الهندي آجيت راجاجوبال بعد إعلانه بدء مسيرة على الأقدام من القاهرة إلى شرم الشيخ
مع بدء العد التنازلي لانعقاد “COP27″، تزايدت الضغوط على مصر، وتعالت أصوات الحقوقيين، خوفًا من القيود الصارمة المفروضة على مختلف أشكال حرية التعبير، والسبب واحد: انتهاكات حقوق الإنسان، حتى أُطلق على المؤتمر الأممي بسبب هذا الوضع “قمة الغسيل الأخضر لنظام مستبد”، وزادت المخاوف من سعي مصر لاستغلال هذا الحدث العالمي لرسم صورة مغايرة تمامًا لواقع حقوق الإنسان.
لماذا التخوف من استغلال “COP27″؟
تعتمد قضايا التغير المناخي على المجتمع المدني الذي يطالب بالاهتمام بإجراء إصلاحات فورية ومؤثرة، لكن منذ وصوله إلى السلطة عبر انقلاب عسكري في عام 2013، اشتهر نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي بقمع حرية التعبير وسجن آلاف السياسيين، واستهداف المعارضة والمجتمع المدني بلا رحمة، وفرض قيود صارمة على عمل المنظمات غير الحكومية، وحجب مئات المواقع الإلكترونية.
وقبل انعقاد قمة المناخ، تعمل منظومة العلاقات العامة في مصر بكامل طاقاتها لإخفاء الواقع المروع في سجون البلاد، ففي نهاية العام الماضي، اُفتتح مجمع سجون “بدر” وسط صخب إعلامي من جانب السلطات كما لو أن السجن الجديد يدل على تحسن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان، رغم أن السجناء يواجهون نفس الانتهاكات التي كانت سائدة في المؤسسات العقابية القديمة مثل مجمع سجون طرة “سيء السمعة”.
Quote of the Day, from Joe Stork, deputy Middle East director at Human Rights Watch
The choice of Egypt to host #COP27 severely imperils Egyptian and international civil society participation. pic.twitter.com/VWLtakvjqy
— Human Rights Watch (@hrw) November 15, 2021
نائب مدير قسم الشرق الأوسط بمنظمة “هيومان رايتس واتش” جو ستورك ينتقد اختيار مصر لاستضافة “COP27”
هذه الانتهاكات الحقوقية التي تتعارض مع مبادئ الشفافية المطلوبة لاستضافة مؤتمرات الأمم المتحدة، تلقي بظلالها على قمة المناخ؛ المناسبة الأهم للنشطاء البيئيين، الذين يشكلون مكونًا أساسيٍا في الجهود العالمية لمواجهة التغيرات المناخية، من بين هؤلاء رئيس الجمعية العربية للبيئة والتنمية المستدامة أحمد عماشة، الذي لن يتمكن من الحضور لأنه محتجز تعسفيًا في السجون المصرية منذ يونيو/حزيران 2020.
السلطات المصرية ستستخدم مؤتمرًا دوليًا رفيع المستوى كهذا للرد على الانتقادات السلبية لانتهاكات حقوق الإنسان
كان من المقرر أن يلعب مدافعون مصريون بارزون عن حقوق الإنسان في مجال البيئة، مثل عماشة، أدوارًا أساسية في هذه الجهود، فهو يمثل رمز لجيل من قادة المجتمع المدني، بمن فيهم الباحث بالمفوضية المصرية للحقوق و الحريات إبراهيم عز الدين، وعضو المكتب السياسي لحركة الاشتراكيين الثوريين هيثم محمدين، الذين يفقدون حياتهم خلف القضبان، في حين قد يتعرض المشاركون أنفسهم لمخاطر ناتجة عن قمع الحريات بمصر.
الأمر لم يقتصر على استهداف نشطاء البيئة، بل امتد إلى إقصاء ممنهج للمنظمات المدنية التي تتناول الملف البيئي من منظور حقوقي، على سبيل المثال، تشكو المفوضية المصرية للحقوق والحريات عدم تمكنها من المشاركة في قمة المناخ، بسبب ما أسمته “بحث الدولة عن أصدقاء السلطة وليس منتقديها، وغياب الشفافية في عملية تسجيل المنظمات المدنية المحلية المستقلة الراغبة في الحضور”.
#COP27 is 10 days away.
But tens of thousands of Egyptians continue to languish behind bars.
We’re calling on @POTUS to secure progress on human rights in #Egypt before any potential meeting with President al-Sisi ⬇️https://t.co/U36nkSvn8U#FreeThemAll?️ pic.twitter.com/TcUIM32v0N
— The Freedom Initiative (@thefreedomi) October 27, 2022
انتقدت منظمة The Freedom Initiative الحقوقية استمرار اعتقال آلاف المصريين قبل انطلاق قمة المناخ
بخلاف ذلك، تمارس السلطات المصرية ضغوطًا على الجمعيات البيئية، وتفرض عقوبات على تمويل وبحث الجماعات البيئية، وتجبر بعض نشطاء البيئة على مغادرة البلاد أو الابتعاد عن العمل البيئي وتقييد قدرتهم على العمل المستقل، وامتد الأمر بحسب ما رصدته منظمات حقوقية إلى التلاعب بعملية تسجيل المنظمات المدنية المشاركة في قمة المناخ، وطلب منها طرح قضايا مُرحَّب بها من قبل السلطات المصرية”.
يؤكد ذلك ما جاء في بيان نشرته منظمة “هيومان رايتس واتش” العام الماضي، وتحدث عن تأثير قمع مصر المستمر على المجتمع المدني، والحد من إمكانية عمل نشطاء المناخ بأمان خلال المؤتمر، وأن السلطات المصرية ستستخدم مؤتمرًا دوليًا رفيع المستوى كهذا للرد على الانتقادات السلبية لانتهاكات حقوق الإنسان، وهو ما دفع وزيرة البيئة البلجيكية إلى إعلانها مقاطعة قمة المناخ بسبب قمع الحريات في البلاد.
يشير اختيار منتجع شرم الشيخ كموقع لمؤتمر “COP27” إلى أن الحكومة ليست حريصة على مشاركة المجتمع المدني المحلي
وغالبًا ما تستخدم الحكومة المصرية عقد مؤتمرات عالمية بهذا الحجم لتبييض السياسات القمعية المستمرة وسجلات حقوق الإنسان المروعة، لكن بعض المنظمات غير الحكومية الدولية أدركت ذلك، ففي عام 2019،، أجلَّت الأمم المتحدة عقد مؤتمر دولي لمناهضة التعذيب في مصر بعد احتجاج ناشطين حقوقيين قالوا إن المؤتمر كان مجرد تغطية لسجل الحكومة المصرية في مجال التعذيب.
واستنادًا إلى تاريخ الحكومة المصرية في الجرائم الإلكترونية ضد المواطنين ومنتقدي النظام، فقد أطلقت السلطات المصرية مؤخرًا تطبيقًا يُعتقد – بحسب ناشط في مجال الحقوق الرقمية – أنه يمكّنها من إجراء مراقبة جماعية عبر الإنترنت بشكل “غير أخلاقي” لأي مستخدمين يسجلون به، كما يشترط الموافقة على تتبع الموقع، واستخدام البيانات الشخصية “لأسباب أمنية”.
You can now download the official #COP27 mobile app but you must give your full name, email address, mobile number, nationality and passport number. Also you must enable location tracking. And then the first thing you see is this pic.twitter.com/8EKh91VEA1
— hossam bahgat حسام بهجت (@hossambahgat) October 24, 2022
تغريدة تنتقد انتهاك التطبيق الذي أطلقته الحكومة المصرية بمناسبة مؤتمر الأمم المتحدة للخصوصية
هل تتسامح مصر مع ناشطي البيئة؟
الاحتجاجات حق من حقوق الإنسان، فهي تشكل -إلى جانب المؤتمرات الصحفية خارج المرافق الرسمية – جزءًا مهمًا من أحداث مؤتمر المناخ رغم أنها ليست المكان الذي تؤخذ فيه القرارات، وعادة ما يرافق قمم تغير المناخ تظاهر الآف وممثلي المنظمات البيئية لمطالبة المجتمعين باتخاذ إجراءات ملموسة ضد تغير المناخ، لكن في مصر أثبت النظام في أكثر من مناسبة أنه لا يتسامح مع النقد، ويحظر الاحتجاج والتظاهر دون موافقة مسبقة من وزارة الداخلية بموجب قانون رقم 107 لسنة 2013.
رغم حظرها منذ ذلك الحين، تعهدت مصر بالسماح بالاحتجاجات مع حصرها في مكان محدد منفصل عن المحادثات نفسها رغم أنها كانت تملأ الشوارع أيامًا متواصلة وقت عقد المؤتمرات والققم السابقة المعنية بتغير المناخ، وأثار وزير الخارجية المصري سامح شكري، الذي سيرأس قمة المناخ، الكثير من الجدل حين أدلى بتصريح، قبل أشهر، قال فيه إن “السلطات ستطور مرفقًا مجاورًا لمركز المؤتمرات، الذي يشهد فعاليات القمة، يوفر للنشطاء الفرصة للتظاهر والتعبير عن الرأي في مختلف القضايا”.
تكرر هذا الوعد على لسان محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة، الذي أكد وجود منطقة مخصصة للتظاهر لكنها ليست كأي ميدان في العالم، وأنه سُئل من قبل 60 سفارة عن تعامل مصر مع التظاهرات، لكن الحوار لم يخل من التهديد والوعيد، حال مخالفة الضوابط التي وضعتها الحكومة، ما أثار سخرية على مواقع التواصل بسبب التباين في تعامل الدولة مع مظاهرات المصريين ومظاهرات قمة المناخ.
أسوشيتدبرس : وزير الخارجية المصرية سامح شكري يتعهد بالسماح بمظاهرات واحتجاجات الأجانب التي ستصاحب قمة المناخ في شرم الشيخ ، ويقول أن السلطات المصرية تقمع فقط المظاهرات التي لم تسمح بها الحكومة ـ لم تأت سلطة تحتقر مصر والمصريين مثل هذه السلطة ، الشعب المصري في نظرهم أرخص الجنسيات
— جمال سلطان (@GamalSultan1) May 24, 2022
تغريدة للصحفي جمال سلطان ينتقد تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري بالسماح بمظاهرات واحتجاجات الأجانب
لم تكن وعود المسؤولين المصريين كافية للكثير من النشطاء والحقوقيين، فقد أعرب البعض عن قلقهم المتزايد من تقييد أصواتهم خلال قمة شرم الشيخ، مستندين في ذلك إلى أن السلطات المصرية لديها سجل في استخدام القوة المفرطة والاعتقالات الجماعية لسحق الاحتجاجات التي لم توافق عليها الحكومة ما قد يعيق المشاركة في قمة المناخ.
الحكومة استبقت الاحتجاجات بحملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من مختلف المحافظات بعد توقيفهم في الشوارع، واعتقال آخرين من منازلهم.
كذلك يشير اختيار منتجع شرم الشيخ كموقع لمؤتمر “COP27” – وعادةَ ما تستخدمه الحكومة لاستضافة المؤتمرات الدولية بعيدًا عن منطقة دلتا النيل المزدحمة – إلى أن الحكومة ليست حريصة على مشاركة المجتمع المدني المحلي، ويعتبر ذلك وسيلة للتحكم في من سيحضر وإبقاء الحدث بعيدًا عن العاصمة، ويحول دون إمكانية حدوث مظاهرات شعبية في الشوارع كتلك التي شوهدت في قمة المناخ السابقة في غلاسكو.
Police in downtown Cairo have started stopping pedestrians to check the contents of their mobile phones. This has become a usual measure around the month of Jan when we approach the anniversary of the uprising. Apparently this year it’s happening earlier courtesy of #COP27
— Sanaa (@sana2) October 18, 2022
Egypt police going through mobile phones is an incredibly scary thing. You can be an apolitical person with an anti-gov meme or joke on your Facebook timeline. This can get you arrested and you won’t know when or how you will get out.
— The Big Pharaoh (@TheBigPharaoh) October 20, 2022
يتحدث البعض عن تفتيش قوات الأمن الهواتف المحمولة للمواطنين للبحث عن محتوى مناهض للحكومة
تزامنًا مع انعقاد قمة المناخ على الأراضي المصرية، تشهد وسائل التواصل الاجتماعي في مصر دعوات أطلقها نشطاء ومعارضون مصريون في الخارج للاحتجاجات يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني، لكن الحكومة استبقت هذه الاحتجاجات بحملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من مختلف المحافظات بعد توقيفهم في الشوارع، واعتقال آخرين من منازلهم، بتهم معتادة لم تخرج عن نطاق “نشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعية والانضمام إلى جماعة محظورة”.
في الأثناء، يُلاحظ انتشار نقاط التفتيش الهستيرية في الشوارع الحيوية، وزيادة عمليات التفتيش المفاجئة التي يقوم بها ضباط شرطة يرتدون الزي المدني في شوارع القاهرة ومدن أخرى، حيث يطلعون على بطاقات الهوية للمواطنين العاديين ويفتشون هواتفهم المحمولة وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، للبحث عن محتوى مناهض للحكومة على الرغم من أنه لا يجوز فحص المراسلات الإلكترونية إلا بأمر قضائي.
مثل هذه الإجراءات الأمنية حوَّلت محافظة جنوب سيناء والمناطق المحيطة بها إلى ما يشبه “الحصن العسكري” أو “منطقة حرب” كما يقول موقع “ميدل إيست آي“، وأصبح الوصول إلى مدينة شرم الشيخ بأي وسيلة معتادة – بخلاف الطائرات التي تنقل المشاركين في قمة المناخ- أمرًا صعبًا على المصريين بسبب الانتشار الكثيف لنقاط التفتيش التي تقودها قوات الشرطة العسكرية على غير العادة بمعاونة أعداد متزايدة من رجال الشرطة، التي توقف جميع السيارات وتفتّش الركاب في طريقهم إلى المنطقة، ويصاحب ذلك إجراءات تعسفية تشمل إلغاء الفعاليات، وإعادة المسافرين وغير المقيمين في شرم الشيخ إلى مدنهم قسرًا، ومراقبة المداخل والمخارج.
يقول “محمد .ح” أحد العاملين في مدينة شرم الشيخ إنه مُنح مع الكثير من زملائه إجازة إجبارية بدون مبرر على أن يعودوا إلى العمل بعد انتهاء المؤتمر، ويضيف في حديثه لـ”نون بوست”: “حتى أثناء عودتي مؤخرًا إلى مقر إقامتي بمحافظة القاهرة، لاحظت انتشار الكمائن المتقاربة على غير العادة على طول الطريق، وإجراء عمليات تفتيش دقيقة للأشخاص ومتعلقاتهم، وعودة البعض من منتصف الطريق قبل دخول مدينة شرم الشيخ بدون أسباب واضحة”.
هل يكافأ العالم نظام السيسي؟
رغم الانتقادات التي تواجهها في تعاملها مع المواطنين ومنتقدي النظام، تأمل مصر في استغلال رئاستها لقمة “COP27” لدعم أمنها بالطاقة والغذاء وسط أزمة الغذاء والتضخم التي تعيشها، في سبيل ذلك، قدَّمت الحكومة المصرية خطتها المناخية المحدَّثة لعام 2030 إلى الأمم المتحدة في أغسطس/آب الماضي، قائلة إن “التضخم والديون تحد من طموحها في تخصيص استثمارات مناخية مستقبلية”، ودعت إلى دعم دولي لتمويل خطتها المناخية البالغة 246 مليار دولار.
ورغم مساعدة البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير الحكومة المصرية في تمويل بناء محطة “بنبان” للطاقة الشمسية، رابع أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم، بقدرة تصل إلى حوالي 1465 ميجاوات، تقول الحكومة المصرية إن التمويل لا يزال يمثل مشكلة في اتجاه تنفيذ استراتيجية تغير المناخ.
رغم هذه الشكاوى، كانت مصر تسابق لإطلاق العديد من الاتفاقيات حول مصادر الطاقة المتجددة، ففي يوليو/تموز 2021، أعلن السيسي تبنيه استراتيجية لإنتاج “الهيدروجين الأخضر” بقيمة 40 مليار دولار أمريكي، لتنضم مصر إلى السباق العالمي المحموم نحو “الصفقة الأوروبية” للتحول إلى الوقود الأخضر الذي يُتوقع استخدامه في الطاقة والصناعة والكيمياء والنقل والإنشاءات بحلول عام 2050.
في ظل غياب سيادة القانون، والاقتصاد الذي يقوده الجيش، لن يكون للأشخاص الأكثر تضررًا من تداعيات تغير المناخ أي رأي في كيفية مواجهة هذه التحديات المتزايدة الصعوبة.
تتسابق مصر على إنتاج الهيدروجين الأخضر بسبب الحماس العالي للطاقة والاستثمارات الأوروبية المقدرة بتريليون يورو على الأقل، ففي مارس/ آذار الماضي، وقعت مع النرويج اتفاقية لعدة مشاريع حول “الهيدروجين الأخضر” وبناء مشاريع البنية التحتية الخضراء في البلدان الأفريقية، ووقعت مع شركة “سكاتيك” للطاقة النظيفة مذكرة تفاهم بقيمة 5 مليارات دولار لإنشاء مصنع في منطقة قناة السويس لإنتاج الأمونيا الخضراء من الهيدروجين الأخضر، مثل هذه الصفقات تأتي في أعقاب هروب الاستثمارات الأجنبية في ظل السياسات الاقتصادية الفاشلة.
وبينما يتوجه قادة العالم لحضور قمة المناخ، تعمل مصر لتضخيم دورها في كمصدر لإنتاج الطاقة المتجددة لضمان تفاعل المهتمين بالصناعة في الخارج والاستفادة من الاهتمام الأوروبي والإقبال على الوقود الأخضر من خلال جذب الاستثمارات، لكن الخبراء والعاملين في مجال البيئة يشككون في قدرة مصر على صناعة الهيدروجين الأخضر، وإسهامه في التحول الأخضر وتنميتها بشكل عام.
التمويل اللازم لإنتاج الهيدروجين الأخضر سيصل في المرحلة الأولى إلى استثمارات بقيمة 41.5 مليار دولار بحلول 2030، ستأتي من الدولة، بحسب تصريحات لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، لذلك ظهر صندوق مصر السيادي ليشارك القطاع الخاص بحصص تتراوح بين 15 و22% من كل مشروع، وأقرت الحكومة حوافز وإعفاءات ضريبية لتشجيع الاستثمار في الهيدروجين الأخضر، وأصدرت وزارة المالية أول سندات سيادية خضراء في إفريقيا والشرق الأوسط في سبتمبر 2020، بقيمة 750 مليون دولار.
مع ذلك، يحذر البعض من مكافأة نظام “استبدادي” عندما يتعلق الأمر بالتمويل، فبحسب تصريحات للناشط المصري في مجال المناخ خالد دياب، فإن “جزءًا كبيرًا من التمويل الذي يصل إلى مصر معرض لخطر الانتهاء تحت عجلات الفساد، وغالبًا ما ينتهي الأمر بالاستثمارات الأجنبية ليس فقط بتمويل النظام، ولكن أيضًا بتزويده بالموارد اللازمة لقمع السكان”.
ووسط مخاوف اقتصادية من دخول التمويل الأخضر لتغذية الفساد، وفي ظل غياب سيادة القانون، والاقتصاد الذي يقوده الجيش، لن يكون للأشخاص الأكثر تضررًا من تداعيات تغير المناخ أي رأي في كيفية مواجهة هذه التحديات المتزايدة الصعوبة، ويظل السؤال المطروح هو ما إذا كانت مصر تتمتع بالمصداقية والقدرة والحافز لحمل الشعلة إلى بلدان العالم.