امرأة عصرية وجريئة، مدمنة لشرب الخمور، وتعشق تدخين السجائر الفاخرة، حياتها مليئة بالزيجات والعلاقات المحطمة، تتأرجح هنا وهناك، لكن الشيء الوحيد الثابت في حياتها هو الكدح في العمل والانغماس في اللهو، ولهذا خاضت صراعًا داخليًّا بين أسرتها وعملها.
لكنها في النهاية تفعل ما تريد، تعارض الإمبريالية بشراسة، ولديها اعتراضات على الإنجيل، ترى أن المرأة فيه قد تمَّ تمثيلها بصورة سلبية، الأمر الذي جعلها لا تشعر بالارتياح، لأنها ناشطة نسوية، وبالرغم من ذلك فإنها تذهب إلى الكنيسة مرتين في الشهر، وهذا في بلدها يعدّ أمرًا مبالغًا فيه، أما الإسلام فلديها قناعة بأنه دين بدائي، يقمع الناس ويقهر المرأة.
منذ صغرها لم تحلم سوى أن تكون مراسلة صحفية، وبالفعل استطاعت العمل في أكبر الصحف والمجلات العالمية منذ سبعينيات القرن الماضي، إنها إيفون ريدلي (Yvonne Ridley)، المرأة المشاكسة التي وُلدت في 23 أبريل/ نيسان 1958 في شمال شرق إنجلترا بمدينة ستانلي، ونشأت كمسيحية بروتستانتية في بيئة ذكورية عاملة، ثم بدأت العمل الصحفي بالكتابة لصحيفة “ستانلي نيوز” المحلية.
لديها العديد من الأحداث التي لا تُنسى في حياتها الشخصية، لكن حدثًا بعينه كان له الأثر الأكبر في تغيير مسار حياتها، والعثور على التوازن الذي ظلت تبحث عنه، وقد دوّنت تفاصيله في كتابها الصادر عام 2001، والذي سوف نستعرض أهم ما جاء به.
على مرمى حجر من الشيطان
في صباح يوم 11 سبتمبر/ أيلول 2001، كانت إيفون ريدلي حينها كبيرة المراسلين في صحيفة “صنداي إكسبريس” في لندن (صحيفة يومية شهيرة)، بدأت يومها بسعادة ونشاط، لم يكن لديها أدنى فكرة عن أن ذلك اليوم الجميل سيتحول إلى أحد أهم أيام هذا القرن.
وقبل بضع دقائق من موعد وجبة الغداء، صُدمت حين شاهدت على التلفاز انهيار برجَي التجارة العالمي، ظنت أن الفلسطينيين هم من قاموا بذلك، ثم مع تصاعد الأخبار والقصص عن أفغانستان، لم تتمالك إيفون نفسها، وأرادت أن تسافر إلى أفغانستان لتنقل إلى العالم طبيعة الحياة في ظل أكثر الأنظمة وحشية في التاريخ بحسب ما كنت تعتقد وقتها، نصحها الجميع بعدم الذهاب خشية عليها، وبدلًا من ذلك طلبت منها مؤسستها الإعلامية الذهاب إلى أمريكا لنقل الأخبار منها.
جهّزت حقيبة سفرها ثم توجّهت إلى مطار هيثرو، اشترت تذكرة طيران إلي نيويورك، لكن فجأة وهي في المطار تم إغلاق المجال الجوي الأمريكي، خطر ببالها أنه من الأفضل أن ترقص مع الشيطان نفسه، لذا غيّرت رأيها، وتوجهت مسرعة إلى مكتب طيران الإمارات وطلبت تذكرة سفر إلى باكستان.
كانت خطتها هي في السفر إلى باكستان والانطلاق منها إلى أفغانستان، لم يكن لديها أي معرفة بهذين البلدَين، وبمجرد أن وصلت إلى الجارة بيشاور، توجهت إلى فندق ثم آخر، ووجدت أن العديد من الفنادق محجوزة بالكامل من قبل الصحف والمحطات الإذاعية حول العالم، ما يقارب 3 آلاف صحفي أجنبي كانوا متواجدين في باكستان.
أخيرًا عثرت على غرفة متاحة في فندق كراون بلازا بإسلام آباد، رقم الغرفة 109، استراحت قليلًا من عناء الرحلة، وكان أول شيء فكرت به هو الحصول على سائق سيارة أجرة يجيد التحدث بالإنجليزية، يكون بمثابة مرشد ومترجم وسائق، وسرعان ما التقت بهذا الشخص، يُدعى باشا.
أخبرت باشا بكل ما تريد، ثم توجهت معه أولًا إلى مبنى السفارة الأفغانية لطلب الحصول على تأشيرة لدخول أفغانستان بطريقة شرعية، ملأت الاستمارات، وبينما ظلت تنتظر الرد كانت تقوم بإعداد تقارير عن ضواحي باكستان، ومعاناة اللاجئين الأفغان، وأطفال الهندكوش الذين يصنعون الأسلحة.
أمضت ما يزيد على أسبوع في باكستان، ولم تحصل إيفون على التأشيرة بسبب أن الحرب على أفغانستان كانت على وشك أن تبدأ، قالت لها السفارة للمرة الثالثة إنه لا يسمَح للصحفيين بالتواجد حتى إشعار آخر، لذا لم يكن أمامها سوى عبور الحدود الأفغانية بشكل غير قانوني.
أخبرها باشا الذي باتت تثق فيه أنه يعرف بعض المهرّبين، ومن الممكن أن يساعدوها في التسلل بطريقة غير شرعية إلى أفغانستان مقابل 1200 دولار، وافقت على الفور، شريطة أن لا يستلم المهرّب الأموال إلا بعد عودتها بأمان إلى إسلام آباد، وتولى باشا ترتيب كل شيء مع دليل يُدعى مسكين، وهو من المناطق القَبَلية على الحدود الشمالية الغربية.
كانت إيفون على اعتقاد بأن حركة طالبان تنفّذ عقوبة الإعدام لأي سبب، لذا قبل أن تتسلل إلى أفغانستان اتصلت بأصدقائها وعائلتها وودّعتهم جميعًا، ثم قامت بإرسال بريد إلكتروني مطوّل إلى مؤسستها الإعلامية تشرح فيه كل شيء، وقررت أن تشرب الويسكي إلى حد الثمالة.
تظاهر مسكين، الدليل الذي كان برفقتها، على أنه زوجها، بينما تظاهرت هي أنها امرأة أفغانية خرساء تدعى شميم، وترتحل مع زوجها إلى جلال آباد لزيارة أمه المريضة.
عندما علمت مؤسستها الإعلامية بما عزمت عليه، نصحتها بألا تفعل، لكن تصميمها على الحصول على قصة من داخل أفغانستان كان أكبر من أي شيء آخر، اتخذت كل الاحتياطات الممكنة، صبغت شعرها باللون الأسود، ووضعت مكياجًا على بشرتها ويدَيها حتى تبدو بلون داكن، وتنكرت بارتداء برقع أزرق، وهو زيّ أفغاني تقليدي يغطي الجسم كله، بما في ذلك الوجه.
وصل باشا إلى الفندق قرابة الساعة الثامنة مساءً، ركبت إيفون تاكسي باشا الأصفر المهترئ، وفي الطريق قابلَ الدليل الذي كان في السيارة الأخرى، وتحت جنح الظلام وصلَ إلى مخيم أفغاني صغير بالقرب من الحدود الشمالية الغربية باتوا فيه ليلتهم، وتحكي إيفون أنها رغم خوفها إلا أن الناس تعاملوا معها بكل لطف، ما هدّأ من أعصابها المتوترة، لكنها تعجّبت من حالة البؤس وصعوبة الحياة التي يحياهما أهل المخيم.
باتت إيفون ليلتها بصحبة 8 نساء وعدد كبير من الأطفال تحت مروحة يخفف هواؤها حرارة الطقس، شعرت وكأنها عادت إلى الوراء لقرون مضت، وبينما كان الأطفال والنسوة نائمين جنب بعضهم، خُصص لإيفون سرير منفرد عليه وسادة صلبة كالصخر، شعرت بنوع من الارتياح لأنها كانت بجانب هؤلاء النساء الودودات، ونامت لعدة ساعات.
وتحكي إيفون أن الدليل الذي كان برفقتها أخبرها بصعوبة دخول أفغانستان في الليل، بسبب أن الطريق في ذلك الوقت يكون مأوى للصوص وقطّاع الطرق، بينما أنسب وقت للتسلل إلى أفغانستان يكون بعد الفجر مباشرة، ولهذا باتوا ليلتهم في هذا المخيم، واستيقظوا في الساعة الخامسة صباحًا.
في بداية صباح يوم 26 سبتمبر/ أيلول 2001 تحركت إيفون مع مرافقيها عبر طريق كثير المنعطفات باتجاه الحدود، إلى أن نجحوا في التسلل إلى الأراضي الأفغانية دون تأشيرة أو أي وثائق سفر، تظاهر مسكين، الدليل الذي كان برفقتها، على أنه زوجها، بينما تظاهرت هي أنها امرأة أفغانية خرساء تدعى شميم، وترتحل مع زوجها إلى جلال آباد لزيارة أمه المريضة.
عالم مختلف
وصلت إيفون إلى مدينة جلال آباد، إحدى أكبر المدن الأفغانية، وكانت في غاية الإرهاق، أخذها الدليل المرافق إلى أحد البيوت في قرية كامه (Kama) لتأخذ قسطًا من النوم، استيقظت بعد ساعة، ثم تعرّفت إلى شاب أفغاني يدعى جان، كان بمثابة المرشد والمترجم لها، وأخذا معًا جولة بسيارة أجرة، لاحظت إيفون أن الأرض منهكة بالحروب، صراعات وغزوات متتالية مرت بهذه الأرض وكلها واجهت مشاكل وأزمات.
كما شاهدت استعداد الجميع للقتال من أجل استقلالهم، والناس لا يبدون خائفين، ورغم أنهم لا يمتلكون سوى القليل، فإنهم يرغبون في مشاركة الآخرين به حتى وإن كانت كسرة خبز أو طبقًا من الأرزّ، كما لفت انتباهها وصول عدد كبير من الشباب في ذلك اليوم من معبر تورخام راغبين في القتال إلى جانب طالبان، وتعقّب:
“كل رجل يبدو عليه أنه من طالبان… والأفغان الذين التقيتهم كانوا أقوياء جدًّا، وبدا واضحًا لي أنهم جميعًا يولدون كمقاتلين، وهذا جزء من نمط حياتهم… ولديهم مقولة مشهورة تقول: “تستطيع استئجار أفغاني، لكنك لا تقدر أبدًا على شرائه””، (ص 90).
حاولت إيفون التحدث إلى بعض النسوة للوقوف على طبيعة أوضاعهن، تحدثن معها بلطف، وفي أثناء تداول الكلام استغربت إيفون حين علمت أن طالبان لم تغلق المدارس أو تحرم الفتيات من التعليم، بل وجدت أن المرأة مسموح لها بالتعليم تحت حكم طالبان، والعديد من النساء اللاتي قابلتهن تلقينَ تعليمًا في مدارس طالبان، كما صادفت امرأة تدرس الطب، لكن دراستها توقفت ليس بسبب طالبان بل لأن الجامعة التي تدرس فيها كانت تعتمد على المساعدات الخارجية، وعقب تولي طالبان السلطة أوقفت الدول الغربية التمويل والمساعدات التي كانت تعتمد عليها العديد من الجامعات.
في قرن واحد، واجه الشعب الأفغاني 3 حروب كبيرة مع قوى عظمى، بدءًا من الإمبراطورية البريطانية ثم الاتحاد السوفيتي وأخيرًا الولايات المتحدة الأمريكية.
لكن أشد ما لفت انتباه إيفون هو أن النساء الأفغانيات قويات بشكل لا يصدق رغم صعوبة حياتهن، سألت إيفون هؤلاء النسوة: “ألا تردن أن يتم تحريركن وإنقاذكن بأيدي الجنود الغربيين؟”، فضحكن منها، وأخبرتها امرأة كبيرة يزيد عمرها على 100 عام أنه لو تجرأ جندي أمريكي على الاقتراب من قريتها، فستقتله بهذه الأوعية والقدور التي أشارت إليها، ثم تقول إحدى النسوة لإيفون:
“إن أبناءنا يولدون والبنادق في أيديهم، إنهم مقاتلون وسيموتون وهم يقاتلون، وهذا جزء من حياتنا وكفاحنا… وإذا ما تعيّن علينا نحن النساء القتال، فسنفعل ذلك مثلما تفعله أخريات”، (ص 96).
صُدمت إيفون بكلام هؤلاء النسوة، كانت تعتقد أن المرأة الأفغانية مقهورة ومستكينة، لكنها تعجّبت أكثر من سخرية إحدى النساء الأفغانيات منها عندما علمت أن إيفون أنجبت طفلة واحدة، قالت لها:
“طفلة واحدة… أنتن معشر النساء البريطانيات والأميركيات حالكن مثير للشفقة، أقصى ما يمكنكن إنجابه طفل أو طفلَين، أما أنا فيمكنني أن أنجب 15 طفلًا”، (ص 96).
أدركت إيفون أن القتال بمثابة هوية وطنية لدى عموم الشعب الأفغاني، الجميع مسلح، حتى الصغار يملكون بندقية نصف آلية، بينما المراهقين والشباب يمتلكون كلاشينكوف، ولذا ترى إيفون أن نفسية الشخصية الأفغانية نفسية عنيدة تكره التحدي، ولديهم مثل في الثقافة الشعبية يقول: “من الممكن أن تدعوني إلى جهنم، لكن لا تجبرني على دخول الجنة”.
الشعب الأفغاني شعب معتاد على الحرية والمقاومة ومتأقلم جدًّا مع الحرب، ألفَ العيش تحت قذائف الرصاص، الأمر الذي جعلهم يكثرون من المجد والفخر بأنهم قاموا بهزيمة أعظم الإمبراطوريات، ففي قرن واحد واجه الشعب الأفغاني 3 حروب كبيرة مع قوى عظمى، بدءًا من الإمبراطورية البريطانية ثم الاتحاد السوفيتي وأخيرًا الولايات المتحدة الأمريكية، 3 حروب كبيرة و3 هزائم قاسية، لهذا خصوصية هذا المجتمع لا تسمح له بوجود الغزاة والمحتلين.
وعندما ذهبت إيفون إلى الأسواق، وجدت أن مساحيق تجميل النساء تباع ولم تمنعها طالبان مثلما ذكرت وسائل الإعلام الغربية، لكن أكثر شيء فوجئت به عندما كانت في السوق، هو أن الرجال هم من يقومون بالتسوق، وتذكرت حينها أن الرجال الغربيين في بلدها لا يقومون بهذا، كما أعجبها سوق الفاكهة، وتقول:
“يوجد سوق يبيع الرمان والتفاح والفواكه الناضجة الأخرى، كل شيء فيه جيدًا جدًّا… أراهن أنه لا يوجد طعام معدّل وراثيًّا هنا… لا بدَّ أن الملا عمر حظر الطعام المعدّل وراثيًّا، وأمر برجم أي شخص يبيعه أو يأكله”، (ص 91).
تعتقد إيفون أن أفغانستان بلد المتناقضات، الناس طيبون جدًّا ولديهم وفاء لمن تعاملَ معهم بكل خير، لكن في اللحظة التالية من الممكن أن يكونوا شرسين، وأكثر شيء أذهل إيفون هو حين أخبرها البعض بأنهم لا يخافون أو يكرهون طالبان، وأن الشعب الأفغاني رحّب بطالبان من أجل أن يرتاح من حالة الفوضى التي كانت موجودة، أيضًا لاحظت إيفون أن أي شيء مرتبط بالبهجة محظور، لا يوجد تلفزيون ولا موسيقى ولا سينما ولا حانات لشرب الخمور.
حمار مارق
بعد يومَين فقط من سفرها إلى جلال آباد وما حولها، لم يحالفها الحظ، ففي يوم الجمعة 28 سبتمبر/ أيلول، وفي حدود الساعة الخامسة صباحًا، كانت إيفون في طريقها نحو الحدود الباكستانية، وصلت إلى منطقة دور بابا (Dur Baba)، وهي منطقة تجارية مليئة بالنشاط، لم يكن أمامها سوى أقل من 20 دقيقة كي تصل إلى أفغانستان.
كانت تسير على قدمَيها، وقد جُرحت بسبب الحذاء الأفغاني الذي كانت ترتديه، فأشفق عليها أحد المرافقين، وسألها: “أيمكنك ركوب الحمار؟”، فأجابته بأنها فارسة كانت تمتطي الخيول في بلدها، فأخذوها إلى صف من الحمير الأفغانية، اختارت واحدًا، ثم امتطت ظهر الحمار، وبينما كانت تحاول أن تستقر على ظهره، إذ به يرتعش ويندفع مسرعًا، يبدو أن الحمار شعر بوجود غريب على ظهره.
حاولت كبح جماحه، وعندما حاولت الإمساك بلجام حمارها المندفع، سقطت من على ظهره في مكان مزدحم بالناس، ثم تأرجحت الكاميرا التي كانت تخبئها تحت ثوبها الأفغاني، ونسيت أنها شميم الأفغانية الخرساء، فصرخت باللغة الإنجليزية، وتعقب:
“انطلق الحمار الملعون إلى الأمام كما لو كان يهرب، انسكب من فمي التعبير الإنجليزي الشمالي “Flaming Nora” بشكل لا إرادي، نظر العديد من الناس نحوي، من الواضح أنهم لم يفهموا أنني سببت للتوّ باللغة الإنجليزية، ما جذب انتباههم هو أن امرأة صاخبة ترتدي البرقع، فالمرأة الأفغانية تكون هادئة”، (ص 104).
ارتاب لأمرها بعض الناس، وكان من بينهم أحد جنود حركة طالبان، حين لمح كاميرتها أشار إليها أن تترك الحمار وتأتي، ركبا معًا السيارة، لكنه خشي من أن تكون إيفون تخبّئ سلاحًا تحت ثيابها الأفغانية، ولم يجرؤ على تفتيشها، فذهب إلى امرأة أفغانية وطلب منها أن تتولى هذه المهمة، وفي غضون ثوانٍ تجمّع حشد من الناس، وكلهم شغف لمعرفة ما يجري.
ثم بعد أن انتهت المرأة الأفغانية من عملية التفتيش بعيدًا عن أعين الرجال، صفعتها على وجهها، لأن إيفون حين علمت أنهم يشكّون بأنها تحمل سلاحًا، التفتت إليهم ورفعت كل ملابسها أمامهم، وخلال دقائق عرف الجميع أنها ليست أفغانية، وعندها صاحوا بغضب: “جاسوسة أمريكية.. جاسوسة أمريكية”، وهكذا أصبحت إيفون رسميًّا أسيرة لدى حركة طالبان في 28 سبتمبر/ أيلول 2001، وتقول:
“لن أنسى أبدًا تلك النظرة على وجه ذلك الرجل من طالبان، ليس لأنه كان على وشك إلقاء القبض عليّ وربما قتلي، ولكن لأنه كان وسيمًا جدًّا، له وجنتان مرتفعتان ولحية عظيمة وشعر طويل مفعم بالحيوية، لقد كان يمتلك أعين الزمرد الخضراء المدهشة التي لم أرَ مثلها، قد يبدو الأمر غريبًا، لكنني كنت مفتونة به”، (ص 105).
بين أيدي برابرة العصر
بعد أن تمَّ القبض على إيفون، بدأت الخواطر تتوارد إلى ذهنها، واعتقدت أنها ستُذبح علانية، لقد شاهدت الصور والأفلام المنتشرة في الإعلام الغربي عن أفغانستان وطالبان، وقرأت الكثير من التقارير عن وحشية طالبان وكرههم للمرأة، لذا امتلأ عقلها بصور الفظائع المتخيلة التي ستحلُّ بها، ولم تشكّ لحظة في أنها ستُرجَم بالحجارة حتى الموت، أو على الأقل ستتعرّض للاغتصاب الجماعي وتعامَل بطريقة مهينة، وتعقّب إيفون:
“امتلأ قلبي بالرعب من مواجهة الموت والطريقة التي يمكن أن أموت بها… لم أكن أعتقد أنني سأشاهد غروب الشمس في تلك الليلة”، (ص 108).
شكّل وجود امرأة متنكرة بالزيّ الأفغاني، دخلت البلاد بشكل غير قانوني، وتحمل جنسية دولة معتدية، الشكوك حولها، ولذا تمَّ نقل إيفون إلى مقرّ المخابرات بجلال آباد، وفي وقت احتجازها بيد طالبان نشرت وسائل الإعلام أخبارًا عن التحاقها بقوات الاحتياط البريطانية عام 1990، وقصة زواجها من الإسرائيلي روني حرموش الذي كان على صلة مع الموساد.
أثارت كل هذه القرائن الشكوك حول إيفون، واعتقد العديد من طالبان أنها ربما تكون جاسوسة، ولذا تمَّ التحقيق معها عدة مرات من قبل استخبارات طالبان، للوقوف على حقيقة دورها، ومعرفة ما إذا كانت بالفعل صحفية أم تقوم بمهمة ما لأي من أجهزة الاستخبارات الغربية.
وتذهب إيفون إلى أن وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) حاولت إلصاق تهمة التجسس بها من خلال إرسال معلومات وصور مزدوجة بالحقيقة والتضليل لطالبان تشير إلى أنها جاسوسة، من أجل أن يتم قتلها، فإذا قُتلت صحفية بريطانية على يد طالبان كجاسوسة، فسيكون من السهل استخدامها كوسيلة دعائية وكسب الرأي العام البريطاني للجانب الأمريكي، لكن طالبان فطنت لهذه الحيلة ولم تقع في هذا الفخ، وتعقّب إيفون:
“لقد أراد الغربيون أن أتعرض للاغتصاب من قبل طالبان، أو أن يتم قطع رأسي ونشره في وسائل الإعلام، عندها يمكن للغرب أن يقصف أفغانستان بأمان… لحسن الحظ، لم يكن رجال استخبارات طالبان بهذا القدر من الغباء… أعتقد أن ضباط استخبارات طالبان أدركوا أن نظرائهم الغربيين كانوا يحاولون التلاعب بهم”، (ص 192).
وبالفعل بعدما وقعت إيفون في أيدي طالبان، أصبح اسمها مألوفًا في وسائل الإعلام وتصدّرت عناوين الأخبار العالمية، كانت هناك ضجة في وسائل الإعلام العالمية حولها، واستغلت المخابرات البريطانية قصتها وأوجدت منها مادة دعائية من أجل تبرير الحرب، تقول إيفون:
“يجب أن أقول إنني غضبت عندما أخبرتني استخبارات طالبان أن ديزي، ابنتي ذات الـ 9 سنوات، ظهرت في معظم الصحف… لقد أثبتت ديزي أنها الورقة الرابحة في الحملة الإعلامية، ظهر وجهها الجذاب في أكثر من 280 منشورًا حول العالم”، (ص 175).
كانت إيفون وقت أسرها بيد طالبان تبلغ من العمر 43 عامًا، احتجزت في غرفة لطيفة ومكيّفة، ملحق بها دورة مياه نظيفة، سألتها استخبارات طالبان عن طبيعة عملها وكيف استطاعت دخول أفغانستان دون تأشيرة، لكنّ شيئًا لافتًا لاحظته إيفون أثناء التحقيق معها، وهو أن أفراد طالبان أحجموا عن النظر مباشرة في وجهها والتحديق في جسدها، فعند إجراء المحادثة معها فضّلوا التحديق في اتجاه آخر بهدوء، ظنت إيفون أنهم لا يريدون التحديق في وجهها لأنهم سيقتلونها، ويشعرون بالذنب الشديد من النظر إليها، لكنها علمت لاحقًا أنهم في الثقافة الأفغانية يظهرون لها الاحترام من خلال عدم التحديق فيها، وأيضًا انطلاقًا من الدين.
مكثت إيفون 6 أيام في مقرّ المخابرات بجلال آباد، وعندما علم الملا عمر بقصتها، أمرَ بأن تنقل إلى السجن المخصّص للنساء في كابول.
وتحكي إيفون أنها تعاملت مع عناصر طالبان بكل وقاحة وعجرفة، بسبب قناعتها بأنهم سيقتلونها، ولذا كانت عدوانية معهم ورميت عليهم أشياء وبصقت في وجوههم، ورغم استفزازاتها لهم ظلوا يعاملونها بأدب، ويسألونها: “لماذا تتصرفين بهذه الطريقة؟”، ورغم أنها كانت سجينة لديهم، إلا أنهم تركوا مفتاح الغرفة معها كي تغلقها من الداخل، ولا يدخل أحد عليها إلا بعدما تفتح هي الباب من الداخل.
وفي أيامها الأولى بمبنى الاستخبارات، كانت إيفون تتضور جوعًا، وأضربت عن الطعام لمدة 3 أيام متتالية، لأنه لم يُسمح لها بالاتصال بوالدتها عبر الهاتف، ذهب إليها أحد رجال طالبان وأخبرها أن الجميع قلقون للغاية لأنها لا تتناول الطعام، وكانوا يأتون إليها يوميًّا في كل صبح وظهر وليل بوجبة طعام، ويسألونها عمّا إذا كان هناك خطأ في الطعام، أو إذا كانت تتبع نظامًا غذائيًّا خاصًّا، أو تفضّل طعام الفندق، وأعطوها ملابس جديدة ومذياعًا لتستمع إلى إذاعة “بي بي سي”، كما أحضروا لها طبيبًا، وسألوها إن كانت تحتاج إلى شيء آخر، اندهشت إيفون، وأثناء احتجازها كانت تكتب يومياتها وتسجّل أفكارها، وفيها تقول:
“بدأت أسال نفسي: أين التعذيب؟ أين الاغتصاب الجماعي؟ أين الرجم والجلد؟ لماذا يتصرفون بهذه الطريقة؟ من المفترض أن يكونوا متوحشين… لم يتفحّص جسدي أو يتحرّش بي رجل واحد، أليس هؤلاء الرجال يكرهون النساء ويعاملونهن بوحشية… لقد كانوا يشيرون إليّ باستمرار على أنني ضيفتهم، وقالوا لي إنهم حزينون لأجلي، لم أصدق أذني، قتلتني طالبان بلطفها.. هؤلاء الناس هم من نواحٍ كثيرة مثل الجوركاس (Gurkhas)، إنهم معتدلون، لطفاء وحساسون، لكن عندما يتعلق الأمر بالقتال، فهم أشرس المقاتلين في العالم… أتمنى أن يعرف الجميع أنني أُعامل بلطف واحترام، إنه أمر لا يصدق، أراهن أن الناس يعتقدون أنني أتعرض للتعذيب والضرب والاغتصاب”، (ص 118).
وتذكر إيفون أن المعاملة التي تلقّتها من قبل الحارس والمترجم والمحقق كانت في غاية الإنسانية، وقدّم لها ما تحتاج إليه من طعام وكساء وحتى السجائر التي طلبتها، ورغم ذلك ظلت إيفون تتحدث بعدوانية معهم، فحاول أحد أفراد طالبان المزاح معها وسألها عن سرّ لهجتها الإنجليزية، ولماذا لا تتحدث بهدوء مثل ملكة بريطانيا، فأجابتهم أنها من قبيلة من الشمال البريطاني، من منطقة دورهام (Durham)، فأعجبهم هذا التفسير في أنها من منطقة قَبَلية مثل البشتون، وتعقّب إيفون:
“بدأت أكتافهم في التحرك وانفجروا ضاحكين ليكشفوا عن روح الدعابة التي لا يمكن للمرء أن يربطها عادة بطالبان المخيفة، وشعرت بالارتياح لأن المحققين لا يخلون من حس الدعابة”، (ص 119).
مكثت إيفون 6 أيام في مقرّ المخابرات بجلال آباد، وعندما علم الملا عمر بقصتها، أمر بأن تنقل إلى السجن المخصّص للنساء في كابول، وهي في الطريق جلست في المقعد الأمامي مع جنديَّين مسلحَين من طالبان وضابط مخابرات، توقف السائق في منتصف الطريق، واشترى لها علبة عصير من قصب السكر وبعض حبّات الرمان، بالنسبة إلى إيفون كانت لحظة عاطفية للغاية، ابتسم الجميع لها رغم ظروفهم القاسية.
استغرق الانتقال من جلال آباد إلى كابول أكثر من 6 ساعات، وفي الطريق شاهدت سهولًا خضراء وبحيرات ومناظر طبيعية خلّابة وجبالًا شاهقة، وآلاف الكهوف التي أصبحت جحورًا للثعالب على حد تعبيرها، وفقًا لإيفون فإن تهديد رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت، جورج بوش، بإحراق طالبان وإخراجهم من جحورهم كان أمرًا غير واقعي، فالبيئة والتضاريس التي شاهدتها وعرة جدًّا، يصعب السيطرة عليها، وكأن هذه الأرض تتقن الدفاع عن نفسها ببراعة.
وحين وصلت إلى سجن كابول، قضت فيه 4 ليالي قبل أن يفرج عنها لأسباب إنسانية بتوجيه من الملا عمر، لكنها عاشت ساعات من الرعب في هذه الأيام بسبب القصف الغربي لكابول، واعتقدت إنها إن لم تقتَل على أيدي طالبان، فستقتَل بصواريخ بلادها، بحسب إيفون المدينة كلها تعرّضت للقصف، لذا خافت من رد فعل طالبان، اعتقدت أنهم إذا ما أرادوا الانتقام، فسوف يتوجهون إليها، وتعقّب:
“ما كان محبطًا حقًّا هو أني كنت الصحفي الغربي الوحيد في كابول الذي رأى بداية القصف الغربي.. يمكنني سماع صواريخ كروز على بعد 20 ميلًا، لكنها كانت تسقط على بُعد نصف ميل فقط من السجن، وقد اهتزت النوافذ”، (ص 150).
وحينما كانت إيفون في سجن كابول، وجدت أن هناك نساء يحرسن السجن، كما تعرّفت إلى بعض السجينات المسيحيات المتهمات بتنصير المسلمين، وتعجّبت حين علمت أنه مسموح لهنّ بممارسة شعائر دينهن بكل حرية بخلاف البروباغندا التي اعتقدتها.
ورغم كل ذلك، لم تثق إيفون بطالبان، وتحكي أنها وجدت شفرة حلاقة قديمة عندما كانت في حمّام السجن، فقامت بأخذها وإخفائها، وتعقب: “اعتقدت أنهم إذا ما قاموا بتعذيبي فسوف أوقف مرحهم وأقتل نفسي”، (ص 123).
وفي مرة حاولت إيفون استفزاز طالبان، فقامت بغسل ملابسها الداخلية ونشرتها في فناء السجن، جاء إليها مدير السجن وقال لها: “من فضلك أزيلي ملابسك الداخلية من الفناء”، فقالت لهم: “هذا الجناح النسائي من السجن، ولا يوجد سجناء رجال”، فقال لها إن هناك رجالًا يقيمون في مبنى مقابل، وإذا نظروا إلى النافذة وشاهدوا هذه الملابس، فسيكون لديهم أفكارًا غير نقية، وتعقّب إيفون:
“اعتقدت أن أمريكا لم تكن بحاجة إلى التحليق بطائرات بي-52 وقصف هؤلاء الناس، فقط عليها معاقبتهم من خلال التلويح بملابس النساء الداخلية، عندها سترحل طالبان على الفور”.
إنسانية طالبان وتوحُّش الغرب
تحكي إيفون عن اللحظات التي عاشتها في سجن طالبان، فأثناء وجودها في الأسر تعرّفت إلى طالبان عن قرب، واهتزت قناعاتها السابقة، وبدأت مشاعرها في التبدل على إثر معاملة طالبان لها، رغم أنها استمرت كما تذكر في معاملتهم بسوء، بسبب الصورة الذهنية السابقة، إلا أن طالبان لم يلمسوها، واستمروا في معاملتها بكل احترام، واكتشفت إيفون أن كل ما عرفته عن طالبان هو بروباغندا لا أساس لها من الصحة، وهناك طالبان أخرى غير التي يتكلم عنها الغرب، وتعقب:
“كنت في حيرة شديدة، وأرهقت عقليًا، كنت فظة ومسيئة، أؤدّي دور السجينة العنيدة وأحاول أن أكون غاضبة طول الوقت”، (ص 146).
وخارج نطاق توقعات الكثير، أطلقت طالبان سراح إيفون دون قيد أو شرط في اليوم نفسه الذي دكّت فيه صواريخ بلادها أفغانستان، والذي مات من جرّائها الكثير من الأبرياء، ولم تنتظر القوات البريطانية عبورها بأمان، بينما كانت طالبان توصلها إلى أقرب مكان آمن في باكستان، وتعقب إيفون:
“حوالي الساعة 9:15 صباحًا، طرق رجل من طالبان باب الزنزانة وطلب مني فتح الباب، قلت له: “اذهب إلى الجحيم”.. قال لي إن السيارة وصلت ويريدون إعادتي إلى باكستان لأعود إلى وطني، ففتحت الباب، وقال لي إنه يتفهّم أنني خائفة… ثم تابعنا مسيرنا لعدة أميال، ورغم أن قوات التحالف الغربي قصفوهم قصفًا شديدًا قبل ساعات، لم تكن هناك أية ضغائن أو مشاعر عدائية نحوي”، (ص 154-158).
وهي في الطريق إلى الحدود الباكستانية، شاهدت إيفون آثار القصف الذي لم يفرّق بين امرأة وطفل وجندي، ولذا لبرهة اعتقدت أن طالبان سيطلقون النار عليها من الخلف عندما تنزل من السيارة، قال لها عبد الله، وهو يتحدث الإنجليزية: “مع السلامة.. اذهبي في أمان”، فخرجت من السيارة، ولم تستطع أن تعطيهم ظهرها، فسارت إلى الوراء ووجهها باتجاههم، بينما كانوا هم يضحكون.
لكن اللافت حقيقةً هو حين جاء موعد تسليم إيفون علي الحدود، لم يأتِ أي أحد من السفارة البريطانية، خافوا على حياتهم بسبب الحرب، فتسلمتها السلطات الباكستانية، وعندما وصلت إلى باكستان اجتمع مئات الصحفيين حولها يريدون أن يسمعوا قصص التعذيب وسوء المعاملة الذي تعرّضت له على يد أسوأ جماعة في تاريخ البشرية، في هذه اللحظة تحديدًا، وعندما وُجّهت الكاميرات والأسئلة إليها، أدركت إيفون أنها أساءت لطالبان، وأنهم كانوا محترمين معها، وأرادت أن تذهب إليهم لتعتذر عمّا بدر منها، وكانت إجابتها صادمة خيّبت آمال الصحافة الغربية، حيث قالت:
“الحقيقة غير السارة، هي أن طالبان عاملوني بكل احترام وتهذيب… ربما لا يزال الزملاء الصحفيون يتغذّون بقصص القسوة والوحشية”، (ص 159).
جريدة “ديلي إكسبرس” التي كانت تعمل فيها إيفون، نشرت صورتها على صفحتها الأولى تحت العنوان: “تم التحرر من جحيم طالبان”.
كل شيء توقعته إيفون أن يحدث معها، حدث للمعتقلين في سجن غوانتانامو وأبو غريب، ولذا تضيف بعد سنوات على أسرها بيد طالبان: “لقد شكرت الله على أنني وقعت في يد أبشع وأسوأ جماعة في العالم -حركة طالبان- ولم أقع أسيرة في سجن أبو غريب أو غوانتانامو، كي لا يغطون رأسي بكيس ويلبسوني الزي البرتقالي، ويربطون رقبتي بحزام ويجرّوني على الأرض بعد أن يقوموا بتعريتي… لا أدري من أسعد، أنا أم حركة طالبان”.
الوعد
تحكي إيفون أن عالم دين من طالبان جاء لمقابلتها أثناء احتجازها في أفغانستان، كان رجلًا مهيبًا بعينَين بنيتَين صغيرتَين وبشرته ناعمة، يشعّ من وجهه نور على حد تعبيرها، ويحظى بأهمية وتقدير من الجنود، جلس أمامها وسألها بعض الأسئلة عن الدين، ثم عرض عليها اعتناق الإسلام، رفضت دعوته، وأجابته بأنها لا تستطيع أن تتخذ قرارًا فوريًّا بأمر يرتبط بتغيير أساسي في حياتها، وبدلًا من ذلك تعهّدت له أنها ستقرأ القرآن وتدرس الإسلام إذا ما أفرجت عنها طالبان وأمنت حياتها، كان هذا الوعد الذي قطعته إيفون للشيخ الطالباني هو بداية التغيير في حياتها، وتعقّب:
“لقد قطعت وعدًا لرجل دين من طالبان أنني سأدرس الإسلام إذا سمحوا لي بمغادرة أفغانستان بسلام… حافظت طالبان على وعدها، والآن أحاول أن أوفي بوعدي”، (ص 192).
تفرّغت إيفون لقراءة القرآن ودراسة الإسلام، وبدأت تقرأ بموضوعية ودراسة أكاديمية، وتحكي أنها شعرت بإحساس غريب وانبهرت بالإسلام، وبدأت تنظر إلى السياسة والعالم بعين جديدة، كما لاحظت أن حقوق المرأة التي ذكرها القرآن منذ 1400 عام، لم تُمنَح لنساء الغرب إلا منذ 100 عام.
وبعد 30 شهرًا من الدراسة عن الإسلام، أعلنت إيفون عام 2003 اعتناقها للإسلام، ثم استقالت من الصحيفة التي كانت تعمل بها، وبدأت تكتب عن المجتمع المسلم والمرأة في الإعلام الغربي، وتحدثت في مختلف البرامج التلفزيونية عن حقوق المسلمين المضطهدين في العالم، وكانت تستحضر حالة المقارنة بين حقوق المرأة وكرامتها بين طالبان والأمريكيين، وفي عام 2003 استقالت من حزب العمال لمعارضة غزو العراق.
شنّت وسائل الإعلام الغربية هجومًا عنيفًا ضدها، بحسب إيفون فإن تداعيات اعتناقها الإسلام كانت ضخمة، بحيث لم تصبح فقط مواطنة من الدرجة الثانية، بل اتهمتها وسائل الإعلام بأنها تعاني من متلازمة ستوكهولم.
وتعتبر إيفون أن أبرز معالم حياتها بعد أسرها بيد طالبان، هي أنها حصلت على جواز سفر فلسطيني من إسماعيل هنية، بعد نجاحها في كسر حصار غزة عن طريق البحر.