كشف الباحث المتخصص في قضايا المناخ، ميكائيل كوريا، في كتابه الصادر باللغة الفرنسية عن دار نشر لا ديكوفيرت (Éditions La Découverte)، والذي عنوَنه بـ “Criminels Climatiques”، عن أن هناك 100 شركة عالمية مسؤولة عن 70% من انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي.
الكتاب الذي جاء استخلاصًا لسلسلة من التحقيقات، استعرض مسؤولية تلك الشركات عن نشر ترسانة كاملة من الاستراتيجيات الهائلة، التي قادت في النهاية إلى إحداث أضرار بالغة للمناخ بما يهدد مستقبل الملايين من البشر، ومن أبرز تلك الاستراتيجيات الفساد، والاستعمار الجديد، والغسيل الأخضر، والقوة الناعمة، واصفًا إياها بأنها تؤجّج -عن قصد- النيران التي تحرق الكوكب وترتكب الجرائم الكارثية، على حد قوله.
ومن بين تلك الشركات المئة هناك 25 منها أنتجت وحدها نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ما أثار حفيظة المهتمين بالشأن المناخي، وهو ما دفعهم إلى مقاضاة تلك الشركات، ووفقًا لقاعدة بيانات climatecasechart.com توجد حاليًّا 1800 معركة قضائية متعلِّقة بتغيُّر المناخ في قاعات المحاكم حول العالم.
في هذه المادة من ملف “مجرمو المناخ” نلقي الضوء على أبرز 5 شركات عالمية من تلك القائمة، كما جاء ترتيبها في سلسلة التحقيقات، وهي شِل الأمريكية، وغاز بروم الروسية، وتوتال الفرنسية، وتشاينا إينرجي الصينية، وشركة الفحم الهندية، وجميعا ضالعة في ارتكاب جرائم بحق صحّة وحياة الأرض والبشر معًا.
“رويال داتش شِل” متعددة الجنسيات
تأسّس هذا العملاق المتعدد الجنسيات ذو الأصول البريطانية الهولندية عام 1907، وهو ثاني أكبر شركة طاقة في العالم مقرّها الرئيسي يقع في لاهاي في هولندا، ولها مكاتب مركزية في بعض العواصم الأوروبية منها لندن، فيما تمتلك الولايات المتحدة 40% من رأس مالها، ولذا يصنّفها البعض على أنها شركة أمريكية.
قوة عمل هذا العملاق تتجاوز 22 ألف موظف، معظمهم يعمل في مقرّها في هيوستن تكساس بالولايات المتحدة، وتمتلك أكثر من 25 ألف محطة وقود في أمريكا وغيرها، وتتقاسم مع شركة “أرامكو” السعودية حصص شركة موتيفا العملاقة التي تدير 3 مصافي للنفط في ساحل الخليج الأمريكي، بنسبة 50% لكل منهما.
تعدّ الشركة واحدة من كبريات شركات العالم في معدلات الانبعاثات الكربونية الصادرة عن أنشطتها، وذلك لاتّساع رقعة نفوذها أفقيًّا ورأسيًّا، واعتمادها في المقام الأول كغيرها من شركات الطاقة على الوقود الأحفوري في عملياتها، ورغم التحذيرات والمناشدات لكنها لم تلتفت إلى ذلك في ظل ما تمثله كرقم صعب في سوق الطاقة العالمي.
في مايو/ أيار 2021 أصدرت محكمة جزئية في هولندا حكمًا ضد الشركة يلزمها بتخفيض انبعاثاتها الكربونية بنسبة 45% بحلول عام 2030، مقارنةً بمستويات عام 2019، في ظل الشكاوى الحقوقية البيئية المتكررة من الشركة التي استأنفت على الحكم منذ صدوره، حيث يحتجّ رئيسها التنفيذي، فان بيردن، بأن قضية خفض الانبعاثات قضية عالمية عامة لا يمكن لشركته أن تتحمله وحدها.
وفي فبراير/ شباط 2013 كتب مدير برنامج أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، أودري غوغران، مقالًا، تناول فيه الدعاوى المقامة ضد الشركة من قبل مزارعين نيجيريين لما سبّبته الشركة من أضرار التلوث وجرائم انتهاك حقوق الإنسان، خلال عملها في نيجيريا في ذلك الوقت.
واستند الضحايا في دعواهم القضائية إلى الكوارث التي تسبّبت فيها الشركة، من تدمير بيئتهم الخاصة وتشريدهم من منازلهم بسبب التلوث والبقع الزيتية المنتشرة وتعريض حياة الناس للخطر، إضافة إلى تدمير حقولهم الزراعية ومراعيهم، ما كبّدهم خسائر فادحة.
فنّدت الشركة العملاقة تلك الاتهامات، مستندة في ذلك إلى عدم امتلاك الضحايا الأدلة الكافية لإثباتها، غير أن منظمة العفو الدولية وعبر باحثيها أجرت مقابلات مع شهود عيان وضحايا لهذا التغول النفطي، ومن بينهم الحاكم العرفي لمجتمع أوغالي “الملك” أوكبابي، الذي قال: “أفسدت شِل مياهنا ودمّرت سبل عيشنا. إنها تنفق الآن الملايين على حماية نفسها وإخبار العالم أنها لا تتحمل أي مسؤولية تجاه شعب أوغالي، بدلًا من معالجة الخطأ الذي فعلته بنا”.
وكشف تحقيق أجرته شبكة “بي بي سي” هذا العام أن شركات النفط العملاقة، وعلى رأسها شِل بجانب بريتش بتروليوم وإيني وإكسون موبيل وشيفرون، لا تعلن عن مصدر مهم لانبعاثات الغازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري.
وحسب تقديرات الشبكة فإنه خلال عام 2021 لم يتم الإبلاغ عن ما يعادل نحو 20 مليون طن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الصادر عن هذه المواقع، وهو ما يعادل الانبعاثات الغازية لنحو 4.4 ملايين سيارة سنويًّا، وسط مخاطر الإصابة بالسرطان لدى أبناء التجمعات السكانية الموجودة بالقرب من حقول النفط المملوكة لتلك الشركات
“غاز بروم” الروسية
يأتي في المرتبة الثانية العملاق الروسي غاز بروم (ОАО (Газпром، والذي يعدّ أكبر شركة استخراج للغاز الطبيعي في العالم وواحدًا من أساطير أسواق الطاقة، تأسّست الشركة عام 1989 حين حوّلت وزارة صناعة الغاز في الاتحاد السوفيتي نفسها إلى شركة، ويعني اسمها “صناعة الغاز”، ومقرّها في مقاطعة شيريوموشكي، بالأوكروغ الإداري الجنوبي الغربي، في العاصمة موسكو.
أنتجت الشركة عام 2011 حوالي 32.3 مليون طن من النفط الخام و12.1 مليون طن من الغاز المتكثف، بما نسبته 17% من إنتاج الغاز في العالم، إضافة إلى إسهامها فيما يصل إلى 8% من إجمالي الناتج المحلي لروسيا في ذلك العام، ما دفعها بقوة لأن تتبوّأ مكانة عالمية بين العمالقة الكبار رغم ميزانيتها المحدودة قياسًا بهم.
يمتلك العملاق الروسي أكبر خطوط أنابيب لنقل الغاز في العالم، حيث يصل طولها إلى 158 ألفًا و200 متر، كما لديها عشرات المشاريع في التدفق الشمالي والجنوبي، فيما يتمركز الجزء الأكبر من حقول الإنتاج الخاصة بها حول خليج أوب في أوكروغ يامالو نينيس الذاتي في غرب سيبيريا، في حين تتوقع التقارير أن تكون شبه جزيرة يامال هي منطقة إنتاج الغاز الرئيسية للشركة في المستقبل.
العديد من المنظمات المعنية بالمناخ حذّرت من الانبعاثات الناجمة عن أنشطة الشركة الروسية، وسط ملاحقات قضائية تواجه عمل الشركة في بعض المناطق، لا سيما الممتدة بين آسيا وأوروبا، حيث التسربات بين الحين والآخر، والانبعاثات الكربونية الناتجة عن هذه الكيلومترات الممتدّة لمسارات أنابيب النقل الخاصة بها.
وتسيطر الشركة على بعض منشآت تخزين الغاز في عدد من الدول الأوروبية، وهو ما بات يمثل مصدر قلق للبلدات المحيطة بتلك المنشآت، كما حدث مع سكان بلدة يمغوم شمال غرب ألمانيا، حيث عبّروا عن تخوفهم من الانبعاثات الكربونية والتلوث المحتمل لوجود تلك المنشآت بالقرب منهم، هذا بجانب الخسائر الاقتصادية التي يتكبّدونها جرّاء وجود هذه الأعمال فوق أراضيهم.
وكانت الشركة الروسية قد فرضت نفسها على ساحات الأضواء مؤخرًا، حين علقت إمدادات الغاز الطبيعي نحو أوروبا نهاية أغسطس/ آب الماضي بدعوى خضوعها لإجراءات الصيانة العادية، وهو ما اعتبره البعض انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان في أوروبا فيما يخص الحصول على إمدادات الطاقة اللازمة وفق العقود المبرمة بين الحكومات الأوروبية والشركة التي خضعت للتسييس من قبل موسكو، في ظل صراع النفوذ بين المعسكرَين منذ الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة في فبراير/ شباط الماضي.
توتال الفرنسية
تعدّ شركة توتال إينرجي الفرنسية واحدة من عمالقة الطاقة العظام على مرّ التاريخ، فالشركة التي تأسّست عام 1924 واحدة من السبع الكبار (Supermajor) على مستوى العالم، تغطي أعمالها سلسلة النفط والغاز بكل مستوياتها، بداية من التنقيب والكشف عن المادة الخام، مرورًا بتوليد الطاقة وتكرير النفط وتسويق المنتجات البترولية وتجارة النفط الدولية، وصولًا إلى تصنيع المواد الكيميائية.
وصُنّفت الشركة، التي يقع مكتبها الرئيسي في منطقة تور توتال في منطقة لا ديفونس في كوربفوا في غرب باريس، عام 2020 كواحدة من أكبر 92 شركة عامة في العالم، بحسب مؤسسة “فوربس غلوبال 2000″، وفي العام ذاته صُنّفت كواحدة من أكبر 25 شركة في أي مجال كان بحسب “فورتشن غلوبال 500”.
ويعود تأسيس الشركة إلى رغبة الرئيس الفرنسي آنذاك ريمون بوانكاريه (1860-1934)، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، في تدشين شركة فرنسية وطنية خالصة، رافضًا الشراكة مع شركة شِل الهولندية، وبالفعل طلب من الكولونيل إرنست مرسييه تأسيس الشركة بدعم من 90 مصرفًا فرنسيًّا، لتخرج الشركة للنور رسميًّا في 28 مارس/ آذار 1924.
وأُدرج العملاق الفرنسي في بورصة باريس لأول مرة عام 1929، ويمتلك قاعدة عمّالية قدرها 69 ألف موظف بحسب تقديرات عام 2008، وميزانية تتجاوز 130 مليار دولار أمريكي في عام 2007، بجانب أنها مدرجة على البورصات العالمية لأكبر الشركات الأوروبية كبورصة نيويورك ويورونيكست.
ورغم الحضور الكبير للشركة في أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، إلا أنها تعدّ واحدة من أكبر ملوثات البيئة في العالم، إذ تمتلك سجلًّا مشينًا من الكوارث المناخية، فهي واحدة من أكبر 100 شركة تنتج انبعاثات الكربون على مستوى العالم وفق تقرير CDP Carbon Majors للعام 2017، ومسؤولة عن 0.9% من الانبعاثات العالمية ما بين العامَين 1998 و2015.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 1999 تعرّضت الناقلة “إم. ڤي. إريكا” التابعة للشركة الفرنسية إلى عاصفة خلال إبحارها في خليج بسكاي متجهةً من دونكيرك إلى ليفورنو، أسفرت عن غرقها وتلويث المياه بـ 31 ألف طن من زيت الوقود الثقيل، ما تسبّب في واحد من أكبر حوادث التلوث البحري في العالم، حيث امتدّ إلى أكثر من 400 كيلومتر، وتعرّضت الشركة حينها لغرامة قدرها 375 ألف يورو، وفي عام 2008 صدر حكم على الشركة بدفع تعويضات لضحايا التلوث بقيمة 192 مليون يورو.
وفي سبتمبر/ أيلول 2001 وقع انفجار في مصنع سماد تابع لتوتال، حيث انفجرت 300 طن من نترات الأمونيوم كانت مخزنة في حظيرة للطائرات، ما أسفر عن هزة أرضية عنيفة بلغت قوتها 3.4 على مقياس ريختر، وتسبّبت تلك الكارثة في مقتل 29 شخصًا، وإصابة حوالي 2530 بإصابات متعددة، 30 منهم بجروح خطيرة، فيما تحطمت معظم نوافذ البلدة التي وقع فيها الانفجار، وتجاوز إجمالي الأضرار التي دفعتها شركات التأمين 1.5 مليار يورو.
وتواجه الشركة خلال السنوات الأخيرة عدة دعاوى قضائية بسبب التلوث الناجم عن نشاطها المتسارع بوتيرة كبيرة، فضلًا عن الضغوط التي تتعرض لها لتقليل حجم ومستوى انبعاثاتها الكربونية التي تصنَّف كواحدة من أكثر الانبعاثات خطورة وتجاوزًا لضوابط السلامة البيئية والمناخية التي أقرّتها الأمم المتحدة.
النفط الوطنية الإيرانية
تمثل الشركة الوطنية الإيرانية للنفط (شرکت ملّی نفت ایران – IOP) رقمًا صعبًا في قائمة عمالقة النفط في العالم، فهي ثاني أكبر شركة للنفط بعد العملاق السعودي أرامكو، تأسّست عام 1948 وهي مملوكة للدولة بالكامل، ومسؤولة بمفردها عن استكشاف واستخراج ونقل وتصدير النفط الخام، فضلًا عن استكشاف واستخراج وبيع الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية للشركة أكثر من 4 ملايين برميل من النفط الخام، وتزيد على 500 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًّا، كما يبلغ احتياطيها من المواد الهيدروكربونية السائلة القابلة للاسترداد 136.99 مليار برميل، بما يمثل 10% من الإجمالي العالمي، و15% من احتياطي الغاز العالمي.
كانت هناك عدة شركات أجنبية لاستخراج النفط في إيران خمسينيات القرن الماضي، لكن النظام الإيراني قام بتأميم صناعة النفط في البلاد في أبريل/ نيسان 1951، لتسحب الشركات الأجنبية إدارتها من طهران، وعلى رأسها شركة النفط الأنجلو-فارسية (APOC)، ما دفع الحكومة البريطانية إلى رفع دعوى قضائية بسبب قرار التأميم، لكن محكمة العدل الدولية رفضتها.
وبعد الثورة الإسلامية عام 1979، أحكم النظام الجديد القبضة على شركة النفط الوطنية التي كان يعمل بها بعض الأجانب من ذوي الخبرة الكبيرة، حيث صادر جميع أصولها ليضطر الأجانب للانسحاب ليحل محلهم الموظفون المحليون التابعون للسلطة الجديدة في البلاد، لتقع (IOP) بشكل كامل في قبضة الملالي.
ونظرًا إلى الضغوط والعقوبات التي تتعرض لها الشركة ضمن حزمة العقوبات الدولية المفروضة على طهران، اضطرت لتعزيز نشاطها بشتى السبل، من بينها زيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري لتقليل حجم النفقات، رغم التحذير من نتائج تلك السياسة على البيئة والمناخ بصفة عامة.
وأسفرت أعمال الشركة غير المنضبطة باللوائح البيئية والقانونية في تعريض الموارد الطبيعية لإيران للخطر، مع تهديدات مباشرة لمستقبل وحياة الملايين من الشعب الإيراني، فبحسب نائب رئيس منظمة البيئة الإيرانية، علي محمد شيري، فإن أعمال التنقيب التي تقوم بها شركة النفط الإيرانية تسبّبت في جفاف 500 ألف هكتار من الأهوار (الأراضي المنخفضة) وارتفاع مستويات التلوث.
وكما جاء على لسان رئيس قسم البيئة في منطقة الحويزة، موسى محجي، فإن النظام البيئي الفريد لهور العظيم مهدد بتلوث شديد من مياه الصرف الصحي من شركات الحفر العاملة هناك، وبسبب التلوث المفرط للأنهار فإن حجم المواد الصلبة الذائبة في الماء قد زادت بشكل كبير، فيما حذّر علماء الدولة من أن مستوى تلوث الهواء بسبب غبار التربة هو 19 ضعف الحد القياسي، ولذلك مخاطر كارثية على حياة السكان.
الفحم الهندية
تمثل شركة فحم الهند المحدودة (CIL) التي تأسّست عام 1975 إحدى أهم الشركات العالمية في مجال التعدين، فهي العملاق الذي تهيمن عليه الدولة من الألف إلى الياء ومسؤول بشكل مباشر عن عمليات التكرير والتفحيم، ويقع مقرّه الرئيسي في كلكتا، ولاية البنغال الغربية بالبلاد.
ويمثل إنتاج الشركة من الفحم، والبالغ 554.14 مليون طن، قرابة 82% من إجمالي الإنتاج في الهند، ما جعل البلاد ثالث أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، كما تحقّق الشركة إيرادات سنوية جرّاء بيع هذا العنصر تبلغ 16 مليار دولار، وتبلغ قيمتها السوقية 35 مليار دولار، لتحتل المرتبة الثامنة بين الشركات الأكثر قيمة في السوق الهندي.
تمتلك الشركة 81 منطقة تعدين في 8 ولايات هندية، ولديها 430 منجم فحم (175 منجمًا مفتوحًا و227 منجمًا تحت الأرض و28 منجمًا مختلطًا)، ويعمل بها أكثر من 333 ألف موظف (314 ألفًا و259 من غير التنفيذيين و183 ألفًا و838 من المديرين التنفيذيين).
وتواجه الحكومة الهندية انتقادات لاذعة بسبب نشاطات الشركة وتسبُّبها في زيادة الانبعاثات، ما أجبرها على وضع هذا الملف تحت مجهر الاهتمام، لتتعهّد بالوصول إلى مرحلة الانبعاثات الصفرية، وهو التعهُّد الذي علّق عليه مدير دراسات تمويل الطاقة لأستراليا وجنوب آسيا في معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA)، تيم باكلي، بقوله إن “الهند لا تستطيع التوقف عن استخدام الفحم بين عشية وضحاها، بل إن الأمر سيستغرق عقدًا أو اثنين، لكن الفحم لا يزال شرًّا ضروريًّا بالنسبة إلى الدولة على المدى المتوسط”.
وبعد هذه الإطلالة السريعة على أبرز الشركات العالمية الملوِّثة للمناخ، فإن الحديث عن العقوبات السطحية كالغرامات وغيرها لن يغيّر من الواقع شيئًا، إذ إن الأمر بحاجة إلى عقوبات جنائية رادعة، فالانبعاثات إن استمرت على وتيرتها الحالية دون تدارك الأمر، فإنه من المتوقع -بحسب الدراسات- أن يصل الاحترار من 4 إلى 6.1 درجة مئوية بحلول عام 2100، ما يعني أن البشرية نفسها ربما تواجه خطر الانقراض، فمعظم المناطق السكنية وقتها لن تكون صالحة للسكن، فضلًا عن الهجرات الجماعية أو كما يطلقون عليه “اللجوء المناخي” الذي سيكون السمة الأبرز حينها.