ترجمة وتحرير: نون بوست
في الضواحي الشرقية للقاهرة، تمتد أشغال إنشاء حزام عملاق من البحيرات والمتنزهات في قلب الصحراء يطلق عليه المنشئون اسم “النهر الأخضر” ويقولون إنه عند الانتهاء منه سيتم الإعلان عن افتتاح مدينة جديدة وعصرية لتصبح عاصمة مصر الإدارية الجديدة.
تُظهر المحاكاة الرقمية أن هذا “النهر” يمتد على طول العاصمة الجديدة – كما هو معروف – وتتفرع عنه بحيرات وبرك أصغر. ويصور مقطع الفيديو الذي عرضه رئيس الوزراء المصري قبل خمس سنوات الضفاف الخصبة المليئة بالأشجار والتي تحتل مساحات شاسعة من المساحات الخضراء – على الرغم من أن الموقع يقع في وسط الصحراء مع عدم وجود مصادر طبيعية للمياه في الجوار. ولكن خطط الحكومة لتوفير كميات هائلة من المياه لهذا المشروع غير واضحة.
يجري تشييد هذه الواحة في خضم أزمة مناخية متفاقمة. وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة والتضخم السكاني، أصبحت ندرة المياه مصدر قلق بالغ بالنسبة لمصر، التي تستضيف قمة المناخ السابعة والعشرين لهذه السنة التي انطلقت يوم الأحد في أحد منتجعات شرم الشيخ المطلة على البحر الأحمر.
يعد الوصول الشامل إلى المياه النظيفة على رأس أولويات مصر في الاجتماع، حيث صرح وزير التخطيط المصري مؤخرًا بأن خطة التنمية المستدامة لسنة 2030 للأمم المتحدة لن تتحقق بالكامل إذا لم يتم إعطاء الأولوية للمساواة في المياه.
ويُذكر أن السلطات المصرية حذرت مرارًا وتكرارًا من مشاكل المياه في البلاد. وفي أيار/ مايو، أعلن وزير التنمية المحلية أن البلاد دخلت مرحلة “الفقر المائي” وذلك وفقًا لمعايير الأمم المتحدة التي وإن كانت لا تمتلك مقياسًا لـ “الفقر المائي” إلا أنه من خلال تعريفها تعتبر الدولة شحيحة المياه عندما تنخفض الإمدادات السنوية إلى أقل من 1000 متر مكعب للفرد – وهو ما أكد عليه الوزير.
في الشهر الماضي فقط، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن موارد المياه في البلاد لم تعد كافية لتلبية احتياجات السكان الذين يتزايد عددهم بسرعة، مشيرًا إلى أن حكومته مع ذلك تتخذ خطوات استراتيجية للحفاظ على إمدادات المياه على قدم المساواة. كما أعلن السيسي أنه سيطلق مبادرة جديدة تسمى “التكيّف والمرونة مع قطاع المياه” بالتعاون مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ.
كيف توسعت القاهرة ما بين 1984 و2020
تضاعف عدد سكان القاهرة على امتداد العقود الأربعة الماضية وتوسّعت معه المدينة. يجري تشييد “العاصمة الإدارية الجديدة” لمصر على مساحة 714 كيلومتر مربع (276 ميل مربع)، وبمجرد اكتمالها سوف تستوعب 6.5 مليون ساكن، مع العلم أن معظم سكان مصر البالغ عددهم حاليا حوالي 104 ملايين نسمة يتمركزون على طول نهر النيل الضيق.
في تموز/ يوليو، كشف تقرير مصر المقدّم إلى إطار عمل الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ أن مواردها المائية لا تزيد عن 60 مليار متر مكعب سنويًا، وكلها تقريبًا تأتي من نهر النيل. ولكن في ظل زيادة عدد السكان بمعدل شخص واحد كل 19 ثانية، تحتاج مصر إلى حوالي 114 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، مما يجبر البلاد على استغلال المياه الجوفية والأمطار ومياه الصرف الصحي المعالجة لسد الفجوة.
قال صقر النور، عالم الاجتماع المصري الذي يبحث في القضايا الزراعية والفقر في المناطق الريفية والبيئة في الدول العربية، لشبكة “سي إن إن”، إن “مصادر المياه لدينا محدودة. نحن في منطقة جافة، وبالتالي ليس لدينا ما يكفي من الأمطار ومصدرنا الرئيسي للمياه هو النيل”. وأضاف أن “الوضع سيزداد سوءًا مع تغير المناخ”.
يؤكد الخبراء أن استراتيجيات إدارة المياه الخاصة بالحكومة المصرية تساهم في أزمة المياه. وفي الوقت الذي تحذر فيه السلطات من ندرة المياه، يقول الخبراء إن عشرات المليارات من الدولارات تُهدر على مشاريع تبدد الموارد الطبيعية الثمينة بدل الحفاظ عليها، ولا سيما المشاريع العملاقة في صحراء مصر.
مصممة لتقليد نهر النيل
يعتبر مشروع النهر الأخضر بمثابة مجازفة ومن المفترض أن تحاكي هذه الكتلة المائية الاصطناعية نهر النيل وتصبح محورًا رئيسيًا في مشروع العاصمة الجديدة.
تصميم النظام العملاق للبحيرات والقنوات والحدائق التي تربط بين مختلف أحياء العاصمة الجديدة يبلغ طوله 35 كيلومترًا ويشمل ما تقول مصر إنه سيكون “أكبر حديقة في العالم”، ويمتد على مساحة 10 كيلومترات. وقد ذكرت وسائل إعلام حكومية أن تكاليف المرحلة الأولى قدرت بنحو 500 مليون دولار في سنة 2019. كما يشمل المشروع بحيرتين اصطناعيتين عملاقتين تم الانتهاء من بناء إحداهما وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية.
لم تتمكن شبكة “سي إن إن” من التحقق من حجم مشروع “النهر الأخضر” الذي لا يزال قيد التشييد، لكن في حزيران/ يونيو قالت السلطات إن المرحلة الأولى من العاصمة الجديدة اكتملت بنسبة تزيد عن 70 بالمئة.
تُظهر صور “غوغل إيرث” مساحات شاسعة من الأراضي الخضراء الممتدة عبر الصحراء وبحيرة اصطناعية عملاقة يبدو أنها مليئة بالمياه. صُممت العاصمة الجديدة لتستوعب 6.5 مليون نسمة. ولوضع الأمور في نصابها، يعيش حاليا حوالي 20 مليون شخص في القاهرة الكبرى شديدة الاكتظاظ.
ترسم المواد الترويجية التي أنتجتها الحكومة صورة لمدينة خضراء تقع في وسط الصحراء. وهي تعد بمنطقة حكومية مترامية الأطراف، وآلاف المنازل الجديدة، ومنطقة ترفيهية وحتى حديقة حيوانات بها حوض مائي يضم عروض الدلافين. ولكن بينما تقود الحكومة مشروعها الفاخر، يكافح المزارع العادي للعثور على ما يكفيه من المياه للحفاظ على الأراضي الصغيرة، التي تمثل بالنسبة للكثيرين مصدر دخلهم الرئيسي.
كل قطرة ماء ثمينة
على مسافة أبعد من نهر النيل في محافظة المنيا المصرية، على بعد حوالي 250 كيلومترًا جنوب القاهرة، يتجمع المزارعون حول مجرى مياه ضيق لري أراضيهم.
روماني سامي (26 عامًا) هو أحد هؤلاء المزارعين، ويمتلك مع والده وشقيقه 10 فدادين من الأراضي (ما يعادل 10 هكتارات) ويقوم حاليا بزراعة القمح والبصل. يقول سامي إن المياه غير متوفرة باستمرار، ويتم تقديمها بشكل متقطع لتمكين الجميع من الري. وأضاف سامي: “يظل الناس مستيقظين طوال الليل في انتظار وصول المياه. نحن لا ننام في المنزل معظم الأيام بسبب الماء، لأنني أحتاج إلى العمل بشكل متواصل لمدة يومين أو ثلاثة قبل أن ينقطع الماء”.
تقع أراضي سامي الزراعية على ضفاف قناة صغيرة تمتد بين قطع الأراضي المختلفة ويغذيها نهر النيل. يقول المزارع إن أولئك الذين يزرعون الأراضي الزراعية القديمة على جانب واحد من القناة يُسمح لهم بالري باستخدام مياه النيل، لكن أولئك الذين يزرعون الأراضي الصحراوية المستصلحة المزروعة حديثًا على الجانب الآخر ممنوعون من القيام بذلك، بحجة عدم وجود مياه كافية.
يضطر المزارعون الذين لا يستطيعون الاعتماد على مياه النيل، بمن فيهم سامي، إلى استخدام المياه الجوفية للري. وفي هذا الشأن، قال حسين عبد الرحمن، رئيس نقابة الفلاحين في مصر: “لا يسمح لأصحاب الأراضي المستصلحة بالري بمياه النيل، وعليهم استخدام الآبار التي تكون أغلى ثمنا. لذلك يلجأ الناس إلى سرقة الماء مما يعرّضهم للغرامات والسجن أيضا”.
يذكر سامي أن السلطات كانت من وقت لآخر تمر وتفرض غرامات على المزارعين الذين يتم القبض عليهم وهم يستخدمون مياه النيل، لكن اليأس يدفع سامي والفلاحين الآخرين إلى القيام بذلك على أي حال. في الواقع، المنيا ليست سوى واحدة من المناطق الزراعية الكثيرة التي تكافح من أجل الحصول على المياه لزراعة محاصيلها.
على بعد حوالي 100 كيلومتر جنوب غرب القاهرة في قرية طامية بالفيوم، شهد المزارع أحمد عبد ربه (63 عامًا) خسارة ثمرة عمله الشاق بسبب نقص المياه. قال عبد ربه، الذي يعيش مع أسرته المكونة من 25 فردًا في منزل من ثلاثة طوابق، إنه لم يعد بإمكانه الاعتماد على حقل القمح كمصدر أساسي للدخل، إذ تقع قطعة أرضه في نهاية قناة يقول إنها غالبًا ما تجف بحلول الوقت الذي يحتاج فيه إلى ري قمحه. وصرّح عبد ربه: “أولئك الذين يقفون في نهاية الطابور لا يحصلون على أي شيء إذا كان الطلب كبيرا”.
عندما لا توجد مياه كافية في القناة، يستخدم عبد ربه مياه الصرف الصحي، وعلى الرغم من أنه ممتن لوجود بعض المياه على الأقل على مدار العام، إلا أن مياه الصرف الصحي تؤثر سلبًا على جودة وكمية محاصيله، لكنه يقول: “نص العمى، ولا العمى كله”.
تقول الحكومة المصرية إنها تدير عددًا من المشاريع التي تهدف إلى الحفاظ على المياه وتعظيم الاستفادة منها. تسعى إحدى هذه المبادرات، التي أطلقتها وزارة الموارد المائية والري في سنة 2021، إلى إعادة تأهيل القنوات بهدف تحسين إدارة المياه وتوزيعها، كما تقول مصر إنها تتعاون أيضًا مع شعبها لتحسين أساليب الري، وتطبيق تقنيات زراعية فعالة، والقضاء على التلوث. وبالفعل، تحد الحكومة من زراعة المحاصيل التي تستهلك كميات كثيفة من المياه مثل الأرز.
يرى صقر النور أن مشاكل نقص المياه في مصر تنبع أيضًا من سوء الإدارة، فضلا عن عدم المساواة في التوزيع، مضيفا أن القضية مغيّبة عن خطاب الحكومة. وبينما تشير القاهرة إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتآكل الشواطئ وذوبان الأنهار الجليدية باعتبارها تحديات رئيسية لتأمين ما يكفي من المياه لعدد سكانها المزدهر، فإنها تشير أيضًا إلى سُد النهضة الإثيوبي الكبير.
هذا السد المتواجد على نهر النيل الأزرق في إثيوبيا قيد الإنشاء منذ سنة 2011. وبدأت إثيوبيا في ملء خزان السد في سنة 2020، والذي ما يزال يمثل نقطة توتر رئيسية بين البلدين. أكملت إثيوبيا المرحلة الثالثة من عملية ملء الخزان في آب/أغسطس، وهو ما رفضته مصر باعتباره “إجراءً أحادي الجانب”. في المقابل، قالت إثيوبيا إنها أخذت بعين الاعتبار احتياجات مصر والسودان عند إنشاء السد وتشغيله، لكن مصر والسودان تعتبرانه تهديدًا وجوديًا لمحدودية إمدادات المياه الخاصة بهما.
من أين تأتي المياه؟
أفادت وسائل إعلام حكومية السنة الماضية بأن العاصمة الجديدة تخطط لاستخدام محطات معالجة المياه لتزويد مشروع النهر الأخضر بالمياه بدلا من المياه العذبة من النيل، لكن المحللين يشككون في كل من مصدر المياه المستخدمة واستدامة المشروع نفسه. وقال النور الذي يدرس استخدامات المياه في الزراعة: “هناك سؤال منطقي يجب طرحه: كيف تعمل محطات معالجة المياه هذه في مدينة غير مأهولة بالسكان بعد؟”.
في مقابلة مع “سكاي نيوز عربية” سنة 2018، قال المتحدث الرسمي خالد الحسيني إن محطتي ضخ ستنقلان المياه العذبة من نهر النيل إلى العاصمة الجديدة، مضيفًا أن العاصمة الجديدة تعتمد حاليًا على تلك المحطات وأنه قد تم الانتهاء “من جزء كبير منها’. وأضاف الحسيني أن كل محطة مصممة لضخ حوالي 125 ألف متر مكعب من مياه النيل يوميًا.
وقال النور إنه بالنظر إلى أن محطات الضخ هي مصدر المياه الوحيد الذي “نحن متأكدون من وصوله إلى العاصمة الجديدة”، فهل سيتم استخدام المياه العذبة بدلا من مياه الصرف الصحي المعالجة في مشروع النهر الأخضر.
رغم التواصل مع السلطات المصرية، لم تتمكن شبكة سي إن إن من التحقق من مصادر المياه المستخدمة في مشروع النهر الأخضر. لم يستجب الحسيني ووزارة الموارد المائية والري المصرية ومركز الصحافة الأجنبية الحكومية لطلبات متكررة للحصول على معلومات. لكن وزير الخارجية المصري سامح شكري يصر على أن المصريين “لا يشكون من إدارة الحكومة وتوفيرها لاحتياجاتهم”.
وفي حديثه إلى مراسلة “سي إن إن” بيكي أندرسون على هامش قمة المناخ يوم الاثنين، شدد شكري على أن قضايا ندرة المياه والأمن المائي لها أهمية قصوى في محادثات هذه السنة، وأن حكومته أنفقت مبالغ كبيرة على مبادرات الحفاظ على المياه التي تضمن العدالة والنزاهة والتوزيع المتساوي.
وأضاف شكري: “لا يبدو أن ما تفعله مصر يحظى بقبول البعض. إذا لم ننشئ مدنًا جديدة لشعبنا الذي ينمو بمعدل كبير جدًا ومساكن بديلة سنعاني عجزا؛ أما إذا فعلنا ذلك فإننا نقوم بهدر الموارد”. وقال: “نتمنى أن نتمكن من بذل المزيد، لكننا نفعل ذلك في حدود الموارد [المتاحة] ونوجه مواردنا نحو مصلحة شعبنا”.
قال نبيل الهادي، وهو أستاذ بجامعة القاهرة كان يدرس تحديات المياه في البلاد منذ عدة سنوات، إن ندرة المياه هي قضية عالمية وليست خاصة بمصر مضيفًا أن الافتقار إلى الشفافية فيما يتعلق بجمع البيانات ومشاركتها في مصر يجعل من الصعب على خبراء المياه تقييم الأسباب الأساسية لندرة المياه في البلاد ومداها.
وصرح الهادي لشبكة “سي إن إن”: “بالطبع نحتاج إلى معرفة المزيد، لكني أتخيل أن السلطات قلقة لأن هذه المعلومات قد تجعل الأمر يبدو في بعض الأحيان وكأنها لا تفعل ما يكفي”. وأشار إلى أن تحسين فرص الوصول للمعلومات سيساعد السلطات والخبراء على إيجاد حلول لهذه المشكلة.
مشاريع عملاقة وسط أزمة اقتصادية
يقول محللون إن المشاريع العملاقة لمصر في الصحراء قد تفرض ضغوطًا إضافية على الموارد الشحيحة بالأصل. بُنيت مدن جديدة لعقود مع أجيال متعددة من المشاريع العمرانية الجديدة التي توسعت بعيدًا في الصحراء المحيطة بالقاهرة. وتعد العاصمة الجديدة لمصر أحدثها ومن بين أكبرها.
حسب الهادي، “يعد هذا الأمر مشكلة مركزية، والمياه جوهرها”. وأضاف أن البيئة الصحراوية لمصر تجعلها غير مناسبة لتشييد البحيرات والحدائق، مؤكداً أن “إنشاء بحيرات اصطناعية ونقل المياه إليها مشروع غير مستدام بنسبة 100 في المائة”.
وعلى غرار الكثير من دول العالم، تكافح مصر أيضًا للتعامل مع التأثير الاقتصادي للحرب في أوكرانيا التي تعتمد عليها بشكل كبير في استيراد الحبوب. وقد أكد صندوق النقد الدولي تقديم قرض بقيمة 3 مليارات دولار لمصر الشهر الماضي، حيث تسعى السلطات إلى الحفاظ على الاقتصاد صامداً وسط انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع التضخم. ولكن حتى قبل هذا القرض الأخير، كانت مصر مدينة بأكثر من 52 مليار دولار “لمؤسسات متعددة الأطراف” مختلفة وذلك وفقًا لتقرير البنك المركزي لسنة 2022، وما يقارب نصف هذا المبلغ اقترضته مصر من صندوق النقد الدولي.
وفي حين تحذر السلطات من ندرة المياه والتحديات الاقتصادية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، فإن المشاريع العملاقة التي يعتبرها البعض غير ضرورية لا تزال تجري على قدم وساق. وحسب المحلل السياسي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ماجد مندور، فإن “التناقض واضح للغاية ومن الغريب الاستماع إليه أيضًا”.
هل قمة المناخ فرصة للتغيير؟
بالنسبة للسيسي، تعتبر ندرة المياه أولوية قصوى يجب معالجتها في قمة المناخ و”مسألة تتعلق بالأمن القومي” لبلاده. ولكن في الوقت نفسه، فإن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة – وهو علامة مميزة للإرث الذي يهدف إلى تركه – متهم بإهدار المورد نفسه الذي يكافح من أجل حمايته.
يختلف المحللون حول ما يمكن أن تفعله قمة المناخ لمعالجة هذا التناقض الواضح. يرى مندور في قمة المناخ وسيلةً للحكومة “لتبييض” سجلها الخاص بتغير المناخ والاستمرار في مشاريعها العملاقة القيمة، على الرغم من الاحتجاجات. وأخبر شبكة “سي إن إن” بأن “هذه المشاريع هي عبارة عن تضليل للمستهلكين على أنها صديقة للبيئة. لا يوجد سبيل للنقاش حول هذا الموضوع”.
ينظر آخرون إلى المؤتمر على أنه فرصة لمصر للنظر إلى الوضع الداخلي والتحدث بصراحة عن مواطن الضعف فيه وإيجاد الحلول من خلال المفاوضات مع المجتمع المحلي والدولي على حد سواء.
حيال هذا الشأن، قال النور: “أرى أن قمة المناخ فرصة لمناقشة القضايا البيئية التي يتم إسكاتها بشكل عام”. وقد تواصلت سي إن إن مرارًا وتكرارًا مع وائل أبو المجد، الممثل الخاص لمصر في القمة، حول ما إذا كانت هذه القضايا ستطرح على طاولة النقاش خلال القمة. ولكن على غرار العديد من المسؤولين الآخرين، لم يرد أبو المجد على طلب سي إن إن للتعليق.
شدد السيسي في كلمته أمام زعماء العالم في قمة المناخ يوم الأحد على أن هناك حاجة لتمويل الدول النامية التي “تعاني اليوم أكثر من غيرها من تداعيات أزمات [تغير المناخ] هذه”، خاصة في القارة الأفريقية. كما دعا القادة إلى تضافر الجهود وجعلها “قمة التطبيق”. وصرح بأن: “الوقت ينفد لدينا، لم يبق سوى بضع سنوات في هذا العقد الحرج، ويجب علينا الاستفادة منها”. أما بالنسبة لأولئك الذين يعتمدون في حياتهم ومعيشتهم على مياه النيل المستمرة في التضاؤل، لا يمكن أن تكون الرهانات أكبر.
المصدر: سي إن إن