أصبح البحث عن المعلومة الصحیحة فیما یخصّ الأغذیة المفیدة لأجسامنا والأغذیة التي تلحق الضرر بھا توجھًا رائجًا، بالخصوص بعد جائحة كورونا التي أفرزت وعیًا عالمیًّا فیما یتعلق بالصحة والعادات الغذائیة، بالإضافة إلى السيولة المهولة التي توفّرها شبكات التواصل الاجتماعي بالمعلومات التي يصعب التحقق من صحتها، وحلّت الوقایة والتركیز على كل ما یرتبط بالصحة الوقائیة أولویة یتمّ البحث عنھا.
تكمن أھمیة النظم الغذائیة في علاقتھا المباشرة بالصحة والمرض، مع زیادة معرفة الإنسان بالطب الجزیئي والمناعة الغذائیة والكیمیاء الحیویة والبیولوجیا الجزیئیة، زادت معرفتنا بالتمثیل الغذائي ودور العناصر الغذائیة ومكونات الغذاء على المستوى الخلوي، ھذه المعلومات بإمكانھا أن تحدث تغییرات على أنظمتنا الغذائیة لمنع الأمراض والوقایة منھا أو علاجھا على أقل تقدیر.
في ھذا المقال يقدّم “نون بوست” ترشیحات لمجموعة من المصادر من كتب وأفلام وثائقیة ومقابلات مختلفة وأبحاث علمیة تساعدنا على فھم أفضل لأنظمتنا الغذائیة.
كتب
“شفرة البدانة (The Obesity Code)”
لا يزال كتاب “شفرة البدانة” لكاتبه طبيب أمراض الكلى الكندي جيسون فونغ متصدرًا كتب التغذية الأكثر مبيعًا حول العالم، يقوم الكتاب على مبدأ رئيسي هو أن السمنة لا تتعلق بعدد السعرات الحرارية ولا بممارسة الرياضة، بل هي نتيجة مباشرة لـ”اضطراب الهرمونات”، وأنها تظهر في الأشخاص ذوي مستويات الأنسولين والكورتيزول المرتفعة.
يناقش الكتاب أسباب ظهور البدانة ولماذا تفشل الحميات ومشكلة مقاومة الأنسولين التي يعتبرها الكاتب العدو رقم 1 للصحة، وأكذوبة مشروبات الدايت التي تزيد معدلات السمنة والسكتات القلبية، كما يضع الكاتب الحل في كتابه باتّباع الصيام المتقطع وتقليل منسوب السكريات والحبوب المكررة في أغذيتنا، وزيادة استهلاك الألياف والدهون الطبيعية.
“ثورة الجلوكوز (The New Glucose Revolution)”
يعدّ هذا الكتاب مرجعًا لكل شخص يحاول العيش بنمط صحي، ليس الأمر متعلقًا فقط بمرضى السكري على وجه التحديد، بل أيضًا بالأشخاص الذين يعانون من السمنة وسكّر الحمل وأمراض القلب وارتفاع الكوليسترول ومرض متلازمة تكيس المبايض.
يعتمد الكتاب على مؤشر نسبة السكر في الدم (GI)، وكيف أن تناول الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض هو سبيل الوقاية والعلاج، كما يساعدك الكتاب على فهم دور الكربوهيدرات وكيفية امتصاصها، وكيفية تحقيق السيطرة على أفضل مستوى غلوكوز في الدم.
الريجيم الطبي الفعّال.. “حمية الساحل الجنوبي (The South Beach Diet)”
في هذا الكتاب ينقل طبيب أمراض القلب والشرايين الأمريكي، الدكتور آرثر أغاتستون، تجربته الخاصة مع مرضاه، فخلال سنوات عمله واجه الدكتور آرثر عقبة التزام المرضى بحمية قليلة السعرات لفترات طويلة، ما دفعه إلى ابتكار حمية الساحل الجنوبي التي أثارت ضجة كبيرة عند إصدار الكتاب أول مرة عام 2003، إذ فقد متّبعو الحمية في الأسبوعَين الأول والثاني معدل 6 كيلوغرامات من وزنهم.
تعتمد هذه الحمية على نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات بدلاً من التركيز على حساب السعرات الحرارية، الجيد في هذه الحمية أن متّبعها لا يشعر بالجوع، ويستطيع تناول أنواع اللحوم والدواجن والأسماك المختلفة، بالإضافة إلى البيض والألبان والمكسرات والخضراوات، والمهمّ الابتعاد عن الكربوهيدرات السيّئة.
يفصّل الكتاب خطوات الحمية الثلاثة، تتمثل المرحلتان الأولى والثانية بفقدان الوزن، أما الثالثة فهي مرحلة الحفاظ على الوزن الجديد.
“خرافة النباتية (The Vegetarian Myth)”
هو كتاب للكاتبة لير كيث التي طالتها الانتقادات وتهديدات بإنهاء حياتها، لما طرحته من أفكار تنتقد النظام النباتي الذي كانت أحد متّبعيه لأكثر من 20 عامًا.
تناقش الكاتبة فكرة الزراعة الصناعية الحديثة والخراب الذي تجره وراءها، فهذه الزراعات تشكّل خللًا في النظام البيئي وتقتل ملايين الحيوانات، فمثلًا برغر الصويا النباتي لا يحتوي على جزء حيواني، لكن الآلات التي عملت في حقول فول الصويا كانت مدهونة بدم ألف كائن حي.
رواية “النباتية (The Vegetarian)”
تحكي الكاتبة الكورية هان كانغ قصة الفتاة يونغ هاي، التي يبدأ العالم من حولها بالتهاوي عندما تقرر بين ليلة وضحاها أن تكون نباتية، بعد أن تستيقظ من حلم يحملها إلى رمي كل ما في المنزل من لحوم، تلاقي يونغ هاي تعنيف عائلتها لقرارها، وتنفر يونغ هاي من العالم المتسلّط الرافض لها وتتمنى لو كانت شجرة.
تُرجمت رواية “النباتية” إلى العديد من اللغات العالمية ،وحازت جائزة بوكر مان للعام 2016، وراجت بشكل كبير، ورغم كون عنوانها يحملنا على التفكير بأنها رواية للدفاع عن الحيوان وتشجيع النباتية، لكنها بالحقيقة تطرح مفهوم استقلالية المرأة في قرارتها، وتنتقد النظام الأبوي المتسلط في بعض المجتمعات، والإساءة التي يتعرض لها كل من يخالف العرف السائد، والصحة العقلية عندما لا تكون على ما يرام.
“تفاحة في اليوم (An Apple a Day)”
يضع المؤلف الدكتور جو شوارتز، وهو عالم بالمقام الأول ومدير مكتب العلوم والمجتمع بجامعة مكغيل مونتريال، العلم في متناول القارئ، ويناقش التساؤلات عن الملوثات والمبيدات التي تغطي الأطعمة التي نستهلكها.
“تنظيف الكبد من السموم في 9 أيام (The 9-Day Liver Detox Diet)”
تقوم فكرة الكتاب على رفع كفاءة عمل الكبد من خلال تخليصه من السموم التي تدخل مجرى الدم عن طريق الملوثات البيئية والمبيدات الحشرية والكافيين والأطعمة غير الصحية، يضمّ الكتاب دليلًا لحمية تدعم الكبد التي يعدّ الكاتب من متبعيها، وتساعد على الهضم بشكل أفضل وبشرة أكثر نقاءً وذاكرة أقوى.
وثائقيات
“المعركة ضد البدانة”
في هذا الفيلم الوثائقي الذي أنتجته القناة الألمانية DW، يتم تسليط الضوء على معاناة مليارَي إنسان حول العالم من البدانة، أي أكثر من ربع سكان الكوكب، هذه المشكلة في تزايد وليس هناك بلد استطاع الوقوف أمام مدّ السمنة، ويدقّ الخبراء ناقوس الخطر بتوقعاتهم التي تقول إن بحلول عام 2030 سيكون هناك 250 مليون طفل بدين حول العالم.
يتحدث الفيلم أيضًا عن حملة ميشيل أوباما التي أطلقتها عندما كانت السيدة الأولى من أجل محاربة سمنة الأطفال، وكيف بدأت الحملة الواعدة بالفشل بسبب شركات الطعام التي غيّرت مسار الحملة من “طعام أفضل” إلى “حركة أكثر”.
ولحماية مصالح لوبي شركات الأغذية، أنشأت شركة كوكاكولا ما يعرَف بـ Global Energy Balance Network، وهي مؤسسة فكرية هدفها معالجة البدانة، وبدأ المستشارون والباحثون في هذه المؤسسة يروّجون لفكرة أن قلة التمرين هي جوهر البدانة، للدفاع عن الشركات والطعام.
أنفقت شركة كوكاكولا في هذه الأعوام (فترة 2010 -2015) ما يزيد عن 120 مليون دولار على الدعايات المضللة، وظهرت في الولايات المتحدة حملة لمقاضاة الشركة يقودها أحد القساوسة الأمريكيين يطالب فيها الشركة بإيقاف بثّ تلك الإعلانات، وتمَّ اللجوء إلى القضاء.
ثم يكشف الفيلم أن الدراسات والأبحاث التي أُجريت وتنفي الرابط بين السمنة والمشروبات الغازية، كلها كانت مموّلة من هذه الشركات.
“الخيارات الغذائية”
يناقش هذا الفيلم الوثائقي التضليل المتعمّد حول الطعام والتغذية، وكيف يمكننا الاهتمام بتغذيتنا واختيار الأنسب لنا، كما يناقش مع الخبراء الأفكار الشائعة عن التغذية التي تمَّ اتخاذها كمسلّمات بأهمية شرب الحليب ونِسَب الكالسيوم والكوليسترول، واللغط المثار عن استهلاك الدهون وأي نوع هو الضارّ بالحقيقة، والبيض وكيف يتم الإضرار بنا عند البحث في علف الدجاج.
يعرض الفيلم الضرر الذي تحدثه خياراتنا الغذائية بالنظام البيئي، من حيث الجفاف واقتلاع الأشجار والمجاعات في البلدان الفقيرة.
“لماذا يزيد وزني؟”
تطرح قناة الجزيرة الوثائقية التساؤل “لماذا تزداد أوزاننا؟”، وهل السمنة عامل وراثي؟ وهل الأشخاص البدينون يحملون جينات تجعلهم يفرطون في الطعام؟ يجيب هذا الفيلم عن هذه التساؤلات.
“الأطعمة الممتازة”
“السوبر فودز” أو الأغذية الممتازة هي “الترند” الجديد في التغذية التي يتم الترويج لها على أنها الحلول الصحية السحرية، مثل بذور الشيا وتوت الغوجي والكينوا، هذا الفيلم الوثائقي يناقش كيف أن هوس زراعة هذه الأغذية ضار بالأنظمة البيئية، وكيف يؤثر هذا الضرر على السكان المحليين، وكيف تتحول بلاهم إلى أرض بور.
“تأثير الطعام على الدماغ والسلوك”
يحاول هذا الفيلم الوثائقي طرح فكرة ارتباط النمط الغذائي بالسلوك البشري وقدرة الدماغ على العمل، هل ترتبط الوجبات السريعة بالنسيان؟ هل نوع الأطعمة يؤثر على ميل الإنسان نحو العنف؟ يحاول الخبراء في هذا الفيلم الوثائقي الإجابة عن هذه التساؤلات.
بودكاست
“قل لي ماذا تأكل، أقول لك من أنت”
كيف يحدد الطعام هويتنا؟ وكيف نكتسب ثقافة الطعام؟ حوار تجريه الإعلامية خديجة بن قنة مع اختصاصي التغذية الدكتور خالد مقدم، يناقش البيئة والجغرافيا كيف تلعبان دورًا في تحديد ما تأكله الشعوب، وكيف تنشر السوشيال ميديا الثقافات العالمية إلى كل العالم.
“الحمية الغذائية لن تزيل السمنة”
يثير الدكتور عمار العمار، المتخصص في كيمياء الغذاء، الكثير من علامات الاستفهام، ويغيّر الكثير من القناعات الراسخة لدينا فيما يخصّ الحمية، ولماذا نفشل في الالتزام بها، ولماذا تزيد أوزاننا، وكيف تتفاعل أجسامنا مع الأطعمة التي نتناولها والضغوط النفسية وكيف تؤثر على أوزاننا، واختلاف الأجسام في تخزين الدهون ونمط الحياة اليومي وعدد الوجبات المتحتّم علينا تناولها.
“السعرات vs الهرمونات”
في هذا الحوار مع الطبيب الكندي الدكتور جيسون فانغ الذي يعدّ من أشهر الداعين إلى الصيام المتقطع، يتحدث عن السعرات، وأن لكل مصدر من مصادر السعرات تأثير مختلف على هرمونات الجسم، فمثلًا 100 سعرة من الأوريو قطعًا لا تشابه 100 سعرة من البيض، وهنا يكمن الإشكال في الحميات.
“المدمّر الحقيقي للقلب والشرايين ليس الكوليسترول”
في هذا اللقاء الذي يجريه الدكتور بيرج مع طبيب القلبية الدكتور بريت شير، يتحدثان عن غياب الدراسات التي تفيد بأهمية الحميات القليلة الكربوهيدرات، وأهمية حمية الكيتو والصيام المتقطع لمرضى الشرايين.
“لتجعلها السنة الأخيرة وأنت دب”
العنوان فكاهي بعض الشيء، تحاول اختصاصية التغذية جمانة جلال إضاءة بعض الملاحظات لحياة أفضل، عن طريق بعض النصائح التي تقدمها فيما يخصّ التغذية وأهمية التدرُّج في الحميات، وضرورة عدم إثقال الكاهل ماديًّا بشراء أغذية خاصة للحميات، وإيمانها بالوسطية في التغذية الذي تحاول أن تطرحه في برنامجها عبر الراديو “غذاؤك”.
مقالات
“طبق الأكل الصحي”
یطرح خبراء التغذیة في جامعة ھارفارد نموذج الطبق المثالي بطریقة بسیطة جدًّا یسھل على كل شخص اتباعھا، ویمكن الاستفادة من الصورة التي تمَّ طرحھا كصورة نمطیة مرجعیة عند تناول كل وجبة.
“سوء التغذیة والصحة النفسیة للمراھقین”
أظھرت دراسة لجامعة وھران الجزائریة أن سوء التغذیة للأطفال في عمر المراھقة يحدّ من النمو الجسدي والنفسي والعقلي السلیم، وتضع الدراسة مجموعة من الاقتراحات للأھل والمؤسسة التربویة لعلاج ھذه المشكلة.
“أقل من اللازم أو أكثر من اللازم”
في ھذا التقریر تطرح الیونیسف موضوع تغذیة أطفال الشرق الأوسط، وما بھا من سوء ومشاكل بالأرقام الإحصائیة.
أخيرًا، ظهر العام المنصرم مفهوم Climate-friendly and Sustainable Eating، أي الأكل المستدام والصدیق للبيئة، یحاول فریق من العلماء تطویر نظام غذائي صدیق للكوكب یكفي لإطعام ملیارات البشر التسعة بحلول العام 2050، كما ظھر توجُّه جدید في الشركات یقضي بأھمیة التوازن بین العمل والغذاء.
إذ تسوّق عدد من الشركات بیئة العمل لموظفیھا بأنھا تضع صحة موظفیھا وتغذیتھم على رأس أولوياتها، كما يجري الاھتمام حالیًّا ببیئة ریاض الأطفال والمدارس لخلق نمط صحي لدى الأطفال في سنین عمرھم الأولى.
علاقتنا بالغذاء تتعدى المتعة، واختیار محتویات وجباتنا الیومیة لم یعد یخضع لتقالید الطعام المتبعة في بلد ما وثقافة ما، الأمر أصبح أكثر وعیًا وأكثر تعقیدًا بالوقت نفسه، علاقتنا بالغذاء تبدأ منذ لحظاتنا الأولى في ھذه الحیاة.
إذ یترتّب على اختیار نوع الرضاعة مآلات قصیرة وطویلة الأمد، كمستوى المناعة ومعدلات النمو الجسدیة والعاطفیة، یلیھا أنماط التغذیة التي ترافقنا ونحن طلبة في المدارس، وعلاقتھا بالنشاط العقلي ومستویات الذاكرة والنشاط الجسدي، ثم علاقتنا بالطعام ونحن بالغین وما یترتّب على عشوائیة خیاراتنا الغذائیة من عبث في صحة أجسادنا، وما یخلفه ذلك من أمراض متعلقة بالبدانة سواء كانت عضویة أو نفسیة.
لكن مع ذلك، ھناك الجانب الإیجابي الذي یكمن بإمكانیة قلب أو تحویر المعادلة نوعًا ما، كل الأمراض والعلل المرتبطة بشكل مباشر أو غیر مباشر بالنمط الغذائي المغلوط یمكن تعدیلھا وتغییرھا، بالطریقة التي تجعلنا نعیش بأجساد وعقول أكثر صحة من ذي قبل.