مملكة سبأ
زخر اليمن في القرون التي تسبق ميلاد المسيح عليه السلام بالعديد من الحضارات والممالك التي جعلته من أكثر مناطق العالم قدسية لآلاف السنين، وأحد المعالم الحضارية التي لا ينكرها منصف، ولولا ما تعرض له البلد السعيد من مؤامرات خارجية وداخلية على حد سواء، أفرغته من قدراته وإمكاناته وشوهت تاريخه ووضعت مستقبله على المحك، لأصبح اليوم قبلة العالم الحضارية ومنارتها التي لا تغفلها عين.
وعلى رأس تلك الحضارات التي احتضنها اليمن، مملكة سبأ، وهي واحدة من أقدم الممالك في العالم، تلك المملكة التي تستمد شهرتها من قصة ملكتها ولقائها بالنبي سليمان عليه السلام، وهي القصة التي ذكرتها الكتب المقدسة للديانات السماوية الثلاثة (الإسلام – المسيحية – اليهودية) فأضفت عليها أهمية فوق أهميتها.
وتباينت الآراء بشأن عمر مملكة سبأ، إلا أن الراجح منها بحسب ما هو موثق أن مملكة سبأ امتدت قرابة 1275 عامًا من الزمان (من عام 1000 قبل الميلاد حتى عام 275 ميلادية)، واستطاعت في هذا الوقت أن تدشن إحدى أقوى الفيدراليات في العالم، حيث ضمت لها عددًا من الممالك المجاورة منها مملكة حضرموت ومملكة قتبان ومملكة معين وجميع القبائل التابعة لها، كما أسست عددًا من المستعمرات قرب فلسطين والعراق، لتصبح بذلك أكبر مملكة في اليمن وأكثرها شهرة.
وتحولت سبأ، المملكة والمجتمع، إلى مادة ثرية للأدبيات الكلاسيكية اليونانية والبيزنطية والعربية والعبرية، نظرًا لما كانت تتمتع به من رخاء اقتصادي لم تشهده مملكة أخرى، إذ كانت أحد روافد اليمن السعيد، ومحطة فاصلة في مسيرته التاريخية الممتدة لأكثر من 3 آلاف عام.
معضلة الأصول
تواجه مملكة سبأ معضلة تأريخية تتعلق بأصولها التاريخية، ابتداءً من اسمها وصولًا إلى حدودها الجغرافية، حيث تباينت الآراء بشأن أصل مسمى “سبأ”، ففريق من المؤرخين يرى أنه اسم جد قبيلة من القبائل العربية القديمة الذي تنسب إليه كل القبائل والممالك العربية اللاحقة، ويشير أنصار هذا الرأي إلى أن نصف القبائل العربية تعود بنسبها إلى الجد سبأ، ولعل الكتابات اليهودية هي السبب الحقيقي وراء تبني هذا الرأي، فيما ذهب الفريق الثاني إلى أن سبأ اسم مملكة، وتعنى لغويًا “المقاتل” أو “المحارب”، وهو ما وجود منقوشًا على الأحجار الأثرية القديمة والمكتوبة بخط المسند العربي القديم.
ومن حيث الأصول الجغرافية، فهناك فريقان: الأول يرى أن مملكة سبأ كانت في جنوب شبه الجزيرة العربية (اليمن حاليًّا) وعاصمتها مأرب، وهو ما يتضح من خلال الآثار الموجودة في تلك المدينة التاريخية حتى الآن، أما الفريق الثاني فيشير إلى أن مملكة سبأ إثيوبية الأصل، وكانت عاصمتها أكسيوم بشمال إثيوبيا، وهو ما تناولته بعض الكتابات الدينية القديمة.
ويرجع بعض المؤرخين هذا الجدل إلى توسعات مملكة سبأ وفتوحاتها التجارية، فقد عمد ملوكها إلى إقامة مستعمرات اقتصادية لهم في بعض البلدان المجاورة، وهو ما حدث في إثيوبيا، ومع توارد الكتابات ظن البعض أن أصل المملكة إثيوبي، وهو ما لم يتم توثيقه بشكل علمي، مع الوضع في الاعتبار أن المملكة كان لها مستعمرات أخرى في جنوب فلسطين كذلك.
جزء من الكتابة التي دونها المكرب “يثع أمر وتر” وتعود الكتابة للقرن الثامن قبل الميلاد
ومن أبرز ساحات الجدل في هذا المضمار، الخلاف بشأن موطن ملكة سبأ الشهيرة التي ذُكرت في الكتب السماوية الثلاث، ففي تقرير للباحث المتخصص في دراسات الآثار، وو مينغرين، نشرته مجلة “أنشينت أوريجينز” البريطانية، أشار إلى أن الملكة وردت في التوراة والقرآن الكريم بصفتها فقط دون اسمها، ومع ذلك وضع لها أنصار كل هوية اسمًا خاصًا بها، فهي عند العرب “بلقيس” وعند المسيحيين “نيكولا” وعند الإثيوبيين “مكيدا”.
وبينما يميل الكثير من الباحثين إلى أن ملكة سبأ شخصية دينية في الأساس، فإن الإثيوبيين يرونها كوالدة للشعب الإثيوبي، بل يعتقدون أن أصول سلالة سليمان – التي حكمت إثيوبيا حتى عزل آخر حكامها هيلا سيلاسي الأول في عام 1974 – تعود لملكة سبأ.
ويشير الباحث إلى أن الجدل هنا ليس في هوية الملكة لكن في موقع مملكة سبأ الجغرافي، فوفق المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس من القرن الأول ميلادي، فإن مملكة سبأ هي إثيوبيا في الوقت الحاليّ، وأن ملكة سبأ جاءت من أكسوم، إحدى ممالك إثيوبيا القديمة، في مقابل رؤية أخرى تشير إلى أن سبأ تقع في الركن الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، وأن الحديث عن أصول إثيوبية إنما يأتي من الفتوحات التي فتحتها المملكة في إفريقيا بعد تنامي نفوذها الاقتصادي.
ورغم مرور أكثر من 750 عامًا على انتهاء المملكة، فإن الجدل بشأن أصولها ما زال قائمًا، إلا أنه وعلى الأرجح وفق أقوال المؤرخين وما وثقته النقوش الأثرية فإن مأرب اليمنية هي عاصمة مملكة سبأ الرئيسية، حتى إن ظهر لأكسوم الإثيوبية دورًا بعد ذلك في ضوء التوسعات الاقتصادية التي قام بها حكام مملكة سبأ لاحقًا.
أول فيدرالية في التاريخ
كعادة معظم الممالك العربية قبل الإسلام تدرج نظام الحكم في سبأ من الديني إلى المدني، فكان في البداية عشائريًا يقوم على فلسفة أن الإله هو الحاكم ثم تدرج إلى المكاربة (الكهنة) وصولًا إلى الملوك البشريين المختارين كذلك من الإله لرعاية شؤون البلد.
وتشير الدراسات إلى أن المؤسس الحقيقي للمملكة هو الملك “كربئيل وتر” الذي ادعى أن الآلهة اختارته لحكم المملكة وشن غزواته التي سيطر من خلالها على العديد من المدن المجاورة حتى وصل إلى الجهة المقابلة حيث إثيوبيا، وكان ذلك بإيعاز مباشر من الآلهة وفق ما تقول الأسطورة.
وثقت كتب اليونانيين تلك المرحلة المهمة من تاريخ المملكة التي كانت سببًا رئيسيًا في إطلاق اسم “اليمن السعيد” على تلك البلاد
ويعد نظام الحكم في إثيوبيا أول نظام فيدرالي في التاريخ، حيث جمع “كربئيل” العديد من الممالك والإقطاعيات الأخرى التي سيطر عليها في غزواته لتكون تحت ولايته في نظام أشبه بالاتحاد الفيدرالي، وكانت الدولة تدار عبر اتحاد قبلي ثابت، على رأسه الكاهن المبعوث من الإله، وتحت رايته ولايات تابعة له، تأتمر بأمره وتنتهي بنهيه، وكان من بين الممالك التي خضعت لسبأ في ذلك الوقت همدان وكندة، فيما ذكرت بعض الروايات أن الغساسنة والمناذرة كانوا سبئيين كذلك.
ومع مرور الوقت اختفت معظم القبائل والولايات الصغيرة التي كانت تحت سيطرة سبأ، ولم يتبق إلا القليل منهم بأسمائهم التي بقيت حتى اليوم ومن بينهم همدان وكندة، وقد وثقت كتب اليونانيين تلك المرحلة المهمة من تاريخ المملكة التي كانت سببًا رئيسيًا في إطلاق اسم “اليمن السعيد” على تلك البلاد التي حققت توسعات جغرافية لم تحققها مملكة أخرى على مر التاريخ العربي القديم.
من الكهنوتية إلى الملكية
كان السبئيون شعبًا متدينًا بطبيعة الحال، غير أن هذا التدين مر بمراحل ومحطات مختلفة تبعًا للأسرة الحاكمة، فمنذ القرن الثامن قبل الميلاد بدأوا في عبادة الشمس والقمر وكوكب الزهرة، لكن سرعان ما تغيرت الآلهة مع تغير الأسرة الحاكمة في القرن الرابع قبل الميلاد حيث عبدوا الأصنام وعلى رأسهم الصنم “تألب ريام” الذي يقال إنه أحد أجداد الهمدانيين.
وكان لكل قبيلة صنم خاص بها، يميزها عن غيرها، هذا بخلاف الصنم الرئيسي الذي كان يعبده الجميع، ومع بدايات القرن الأول قبل الميلاد بدأت أولى محطات الوحدانية حين تخلوا عن الوثنية وبدأوا في اتجاه عبادة إله واحد، كان يسمى “رحمن” ليكونوا بذلك أحد الممالك القليلة القديمة التي آمنت بالتوحيد.
مدينة صنعاء القديمة أصبحت عاصمة مؤقتة لمملكة سبأ في القرن الأول للميلاد
ويشير المؤرخ اللبناني جورجي زيدان في موسوعته “العرب قبل الإسلام” أن عدد الملوك الذين حكموا سبأ بلغوا 27 ملكًا، منهم 15 كاهنًا وروايات أخرى تشير إلى أنهم 17، أبرزهم (يثعمر – ذمر علي – يدع إيل بن ذمر – سمهملي ينوف – كرب أيل وتار – يثعمر بين سمهملي – يثعمر وتار – يدع إيل – سمهملي ينوف) و12 ملكًا على رأسهم (ذرح – اليشرح بن سمهملي – يريم أيمن).
ويميل زيدان إلى أن عمر مملكة سبأ أقل مما ذكرته الروايات التاريخية بكثير، في إشارة إلى 1275 عامًا، لافتًا إلى أنه لو تم حساب متوسط أعمار الملوك والكهنة الذين حكموا، فإنهم لن يتعدوا 23 جيلًا تقريبًا، وبتقدير الجيل 25 عامًا، فإن العمر الحقيقي للمملكة يقترب من 700 سنة، على حد قوله، لكنه استدرك قائلًا إن هناك أجيالًا أخرى لم ترد ولم توثقها الكتابات التاريخية وهو ما يعني أن عمر سبأ ربما يكون أكبر من ذلك.
وبعد أن رسخ السبئيون حكمهم وبات لهم حضورهم الاقتصادي الكبير، سعوا إلى الخروج عن دائرة “المملكة المدينة” الضيقة في مأرب وصرواح، والتفكير في توسيع دائرتهم فأغاروا على الجوف واستولوا عليها من مملكة معين المجاورة، ثم اتخذوها قاعدة لغاراتهم بعد ذلك للسيطرة على باقي الممالك القديمة جنوب شبه الجزيرة، وكان قائدهم في تلك الحملات الكاهن الشهير “يدعئيل بين بن يثع”.
الفنون والعمارة
بلغ السبئيون في فنون العمارة مبلغًا متقدمًا، فهم أول من شيد السدود العملاقة، التي كانت أحد أبرز معالمهم الحضارية، وعلى رأس تلك السدود “سد مأرب” هذا السد الذي بلغ ارتفاعه 16 مترًا وعرضه 60 مترًا وطوله 620 مترًا، وهو ما يمكنه من ري 9600 هكتار من الأراضي، وكان سببًا رئيسيًا في تحويل المملكة إلى واحة خضراء مزهرة غنية بالمحاصيل والمزروعات.
كان أهل سبأ يميلون إلى بناء المنازل الكبيرة نسبيًا مقارنة بسكان شبه الجزيرة العربية، وكانت تسمى “هجر” أي مدينة صغيرة أكبر من القرية، وكان يغلب على المباني الشكل المستطيل، كما كانت المدن مسورة وعليها 4 أبراج وبابان متقابلان، وكانت تُفتح أبوابها منذ الصباح وتغلق مع غروب الشمس، وكانوا يستخدمون الرخام – السادة والمطعم – في بناء الأعمدة، وينسب لهم معرفة الزخرفة بالرسومات المختلفة التي في الغالب كانت عبارة عن أشكال طبيعية.
اعتمد السبئيون في نحتهم على الحفر على الحجر أو المرمر، فكانوا ينقشون الصور أو الآثار التي يريدون تخليدها على سطح المادة المحفور عليها
ويرجع الفضل لأهل سبأ في تدشين نظام البناء الخرساني حيث كانوا يقيمون الأعمدة على قواعد أكبر منها ثم يصبون عليها الرصاص لتقوية دعائمها، وبعدها يتم البناء عليها وهو ما جعلها صلبة قوية أمام التغيرات المناخية التي شهدتها تلك المنطقة على مر مئات السنين لتظل باقية حتى اليوم، وكان هذا السمت العمراني الرائع سمة رئيسية لليمنيين بعد ذلك وهو الأقرب نسبيًا إلى الطراز المعماري اليوناني والفرعوني.
وكشفت العديد من الدراسات أن التماثيل والمنحوتات السبئية تتشابه إلى حد كبير مع التماثيل اليونانية، لكنها تتفوق عليها بإظهار البعد الثقافي للمملكة، وكان الكثير منها مصنوع من البرونز وحجر الجير وعدد بسيط أُستخدم فيه الذهب والفضة، كما عكست تلك التماثيل بعض ملامح الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت حيث تضمنت صورًا للفلاحين والمزارعين البسطاء بجانب أخرى للطبقات الثرية وعلية القوم.
واعتمد السبئيون في نحتهم على الحفر على الحجر أو المرمر، فكانوا ينقشون الصور أو الآثار التي يريدون تخليدها على سطح المادة المحفور عليها، كما استعملوا الأحجار الكريمة لارتدائها كخواتم لليد بعد تزيينها بكتابات بخط المسند لختم الوثائق والمستندات الرسمية، وقد لوحظ في المنحوتات تنوعًا ثقافيًا لأكثر من حضارة وليس سبأ فقط، وهو ما أرجعه الباحثون أن يكون الصناع عبيدًا جُلبوا من مناطق مختلفة بدلالة ظهور مؤثرات يونانية ومصرية وفارسية على طريقة الصناع، فلم يكن كل النحاتة يمنيين.
إمبراطورية اقتصادية
بحسابات اليوم كانت مملكة سبأ واحدة من أقوى الإمبراطوريات الاقتصادية في التاريخ، إذ أهلها موقعها لأن تكون محطة إستراتيجية لقوافل التجارة من الشرق إلى الغرب، كما كانوا في الوقت ذاته أصحاب ثروات زراعية هائلة دعمت حضورهم التجاري، بفضل موقعهم الجغرافي ومصادر المياه والأرض الخصبة للزراعة.
وتشير الدراسات إلى أنهم كانوا يسيطرون على سواحل إفريقيا كونها أحد مصادر اللبان والبخور كذلك وقد ذكرت الوثائق اليونانية أن سيطرتهم كانت تمتد حتى تنزانيا، فيما ورد في العهد القديم بعض النصوص التي تشير إلى أن السبئيين سيأتون بالذهب من إفريقيا لمسيح اليهود المنتظر، وهو ما توافق مع ما ورد في كتب اليونانيين والرومان بأنهم أباطرة العالم في ذلك الوقت في تجارة الطيب والبخور والأحجار الكريمة.
المدرجات الجبلية في اليمن، لم تكن من نتاج الطبيعة بل تقنية مقصودة من السبئيين لمساعدتهم على زراعة المرتفعات
الطموح الاقتصادي للمملكة دفعها لإنشاء مستعمرات تجارية لها على طول الطرق التجارية، وحولوا الكثير من المدن التابعة لحضارات وممالك أخرى إلى قلاع اقتصادية ونقاط انطلاق لهم لتعزيز تجاراتهم في إفريقيا والشرق الأوسط، فالأمر لم يقف بالسيطرة على شبه الجزيرة العربية فقط.
وتفنن السبئيون في التغلب على العراقيل التي تمنع تفوقهم الزراعي عبر حزمة من الإستراتيجيات الزراعية التي كانت حينها بمثابة ثورة كبيرة في هذا المجال، ومن بينها نحت الجبال في شكل مدرجات لتسهيل إيصال المياه منها إلى الأراضي الزراعية المنخفضة، حتى تحولت الجبال إلى ما يشبه السلالم وفق ما ذكرت الروايات اليونانية، ما يوثق تقدم فنون الزراعة عند أهل اليمن القدماء.
الحرب الأهلية وسقوط المملكة
رغم ما بلغته سبأ من ازدهار ورخاء اقتصادي غير مسبوق، حتى تحول السبئيون إلى أحد أغنى شعوب الأرض في ذلك الوقت بفضل نفوذهم التجاري الذي شهد به الجميع، فإن ذلك لم يقف حائلًا أمام إضعاف الدولة وملوكها والتحول من الاستقرار إلى الاضطراب، حيث دخلت المملكة في تحالفات أدت في النهاية إلى سقوطها.
تعد مملكة سبأ واحدة من الحضارات العربية القديمة الأكثر تأثيرًا في العالم، وخط الاتصال الأبرز بين تجارة الشرق والغرب، وقلعة تراثية من قلاع العمارة والفنون على مر التاريخ
في عام 115 قبل الميلاد تحالفت مملكة سبأ ومملكة حضرموت المجاورة، وأحرقا عاصمة مملكة قتبان، وهو ما أشعل فتيل الحروب الأهلية في تلك المنطقة، حتى واجهت سبأ تحالفات عدائية كبيرة، نجحت مع مرور الوقت في إضعاف المملكة وتقويض نفوذها، ما أدى إلى تفتيت النظام الفيدرالي واستقلال كل قبيلة على حدة، ليبدأ عقد سبأ في الانفراط حبة تلو الأخرى، وصولًا إلى انهيارها بشكل تام وسقوطها في أيدي الحميريين في القرن الثالث الميلادي.
هناك روايات ثانية ترجع سقوط مملكة سبأ إلى انهيار مقومات نهضتها، في إشارة إلى نفوذها الاقتصادي، حيث فقدت الكثير من هذا النفوذ بسبب تحويل البطالمة التجارة من البر إلى البحر، وبذلك تراجعت حصة مملكة سبأ في العوائد التجارية وهو ما كان بمثابة ضربة قاصمة قوضت ثقلها الاقتصادي في المنطقة، فيما ذهبت ثالثة إلى أن انهيار سد مأرب كان السبب الرئيسي وراء انهيار المملكة وتشتت شعبها.
وفي المجمل فإن مملكة سبأ تعد واحدة من الحضارات العربية القديمة الأكثر تأثيرًا في العالم، وخط الاتصال الأبرز بين تجارة الشرق والغرب، وقلعة تراثية من قلاع العمارة والفنون على مر التاريخ، وهو ما توثقه المعابد المنحوتة والباقية رغم معاول الهدم والمناخ، بجانب أنها من الحضارات القليلة التي أثرت الإنسانية بفنون الزراعة والهندسة المعمارية المعمول بها حتى اليوم.