“من بلاد العرب أرحب بالجميع في بطولة كأس العالم 2022، لقد عملنا ومعنا كثيرون من أجل أن تكون من أنجح البطولات، بذلنا الجهد واستثمرنا في الخير للإنسانية جمعاء، وأخيرًا وصلنا إلى يوم الافتتاح، اليوم الذي انتظرتموه بفارغ الصبر”.. بهذه الكلمات أعطى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني شارة البدء بافتتاح النسخة الثانية والعشرين من بطولة كأس العالم لكرة القدم، مونديال قطر 2022، وسط أجواء مبهرة جمعت بين الأصالة والمعاصرة.
وفي حفل مبهر نُظم في ملعب البيت، أحد الملاعب الثمانية التي تستضيف مباريات البطولة، رسم المشاركون لوحة فنية رائعة، تضمنت العديد من الرسائل والدلالات التي أضفت قيمة جديدة للعرض الذي حضره لفيف من قادة العرب والشخصيات الدولية العامة، من بينهم العاهل الأردني عبد الله الثاني، ورؤساء الدول العربية، المصري عبد الفتاح السيسي والجزائري عبد المجيد تبون والفلسطيني محمود عباس، بجانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومعهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هذا بخلاف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ، والممثل الأمريكي الشهير مورغان فريمان الذي شارك في إحدى اللوحات الفنية التي تضمنها حفل الافتتاح.
وبعيدًا عن المباراة الافتتاحية التي خسر فيها المنتخب القطري – نتيجة وأداءً – أمام نظيره الأكوادوري، فإن اللوحة بصفة عامة كانت أكثر إبهارًا مما توقعه الكثيرون، بل إنها في كثير من محطاتها تجاوزت حاجز المأمول بمراحل، لتسفر جهود 12 عامًا من العمل الشاق عن هذا الإنجاز غير المسبوق عربيًا، الذي لم يقتصر عند حد الرياضة وفقط، بل تخطى ذلك للقيام بدور دبلوماسي قوي، أسفر عن لقاء كان من الصعب عقده في ظل الظروف الحاليّة، بين الرئيسين المصري والتركي، لتضيف الدبلوماسية القطرية أداةً جديدةً لأدواتها وهي الرياضة التي شكلت إلى جانب الإعلام رأسي حربة دبلوماسية الدوحة خلال السنوات الماضية.
بعد جهدٍ متواصل وعمل دؤوب دام 12 عامًا نشهد اليوم بكل اعتزاز انطلاق بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022. نرحب بضيوفنا من كافة أنحاء العالم، مع تمنياتنا بالتوفيق لجميع المنتخبات المُشاركة وللجماهير بقضاء أوقاتٍ ممتعة. #قطر2022 pic.twitter.com/qmkcYqZhIc
— تميم بن حمد (@TamimBinHamad) November 20, 2022
انتصار على حملات التشويه
منذ الإعلان عن فوز قطر بتنظيم كأس العالم في 2 ديسمبر/كانون الأول 2010 وحتى لحظة انطلاق حفل الافتتاح مساء 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 وحملات الهجوم على الدوحة لم تتوقف، ما بين اتهام بتقديم رشاوى لأعضاء الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) للفوز بتنظيم نسخة المونديال الحاليّة، والتشكيك في قدرتها على الاستعداد لاستضافة حدث عالمي بهذا الحجم.
وتنوعت حملات الهجوم التي انتقلت من مستوياتها الفردية إلى شغل اللجان الإلكترونية المدعومة والممولة – بعضها عربي – في خطابها المستخدم وجمهورها المستهدف، لتنتقل من مرحلة التشكيك في القدرة على تهيئة الأجواء الملائمة لاحتضان المونديال إلى أسلوب التشويه بدعوى السجل الحقوقي المشين للدولة القطرية خاصة فيما يتعلق بحقوق العمال العاملين في المنشآت الرياضية الخاصة بكأس العالم، أو الحديث عن حقوق المثليين وغيرهم.
لم تلق الدوحة بالًا لهذا الهجوم الذي تصاعدت حدته قبيل أيام قليلة من الافتتاح، ووصل إلى انضمام بعض المدربين واللاعبين المشاركين في البطولة للمشاركة لتلك الحملات، وهو ما دفع رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، للدفاع عن قطر، ففي تصريحات له قبل 24 ساعة فقط من انطلاق حفل الافتتاح هاجم فيها الأوروبيين قائلًا: “أنا أوروبي، وبسبب ما فعلناه على مدى 3000 عام في جميع أنحاء العالم يجب أن نعتذر لمدة 3000 سنة مقبلة، قبل إعطاء دروس أخلاقية”.
وأضاف إنفانتينو غاضبًا “أجد صعوبة في فهم الانتقادات، علينا أن نستثمر في مساعدة هؤلاء الناس، في التعليم، ومنحهم مستقبلًا أفضل والمزيد من الأمل، يجب علينا جميعًا أن نثقف أنفسنا، فالكثير من الأشياء ليست مثالية، لكن الإصلاح والتغيير يستغرقان وقتًا”، وتابع “هذا الدرس الأخلاقي الأحادي الجانب نفاق محض”، وأضاف “ليس من السهل تقبل الانتقادات لقرار جرى اتخاذه قبل 12 عامًا. الدوحة جاهزة، وقطر جاهزة، وبالطبع ستكون أفضل بطولة لكأس العالم على الإطلاق”.
ورغم شراسة تلك الحملات التي من الواضح أن لها أبعادًا انتقامية في المقام الأول (الغرب)، بجانب بعض المسائل المتعلقة بالغيرة والحقد (بعض الحسابات العربية)، فإن مع الدقائق الأولى لبدء الحفل وما تضمنه من لوحات فنية بديعة ورسائل أخلاقية ورياضية وسياسية قوية، خرست جميع الألسنة، وانزوت الأصوات المنتقدة خلف ستائر الإبهار والإعجاب بهذا المستوى الرائع من التنظيم الذي جاء بمثابة الصدمة لممولي تلك اللجان الإلكترونية التي استهدفت قطر طيلة الفترة الماضية.
تصريح تاريخي لرئيس #فيفا: بسبب أفعالنا نحن الأوروبيين على مدى 3000 سنة سابقة، علينا الاعتذار لمدة 3000 سنة مقبلة، وأن نكف عن إعطاء دروس أخلاقية للآخرين”! #مونديال_قطر_2022 #كأس_العالم_قطر_2022 #FIFAWorldCup
#Qatar2022 pic.twitter.com/Mk6nRGS12A— سعدية مفرح (@saadiahmufarreh) November 20, 2022
التمسك بالهوية
السمة الأبرز التي شهدها حفل الافتتاح كانت التمسك بالهوية التراثية القطرية، حيث حرص المنظمون للحفل على إبراز الوجه الثقافي للدولة القطرية بعيدًا عن أي محاولات للتقليد بهدف إرضاء الآخر، وهي النقطة التي أثارت إعجاب وتقدير الكثير من العرب على منصات التواصل الاجتماعي ممن ثمنوا للقطريين هذا الموقف.
وجاءت اللوحة الأولى لحفل الافتتاح والمسماة بلوحة “النداء” بمثابة جولة سريعة لا تتعدى دقائق قليلة استعرضت فيها عبر بعض الفيديوهات السينمائية بعض ملامح التراث القطري من خلال عدد من الرموز منها الهاون والمدق الذهبي الذي كان يستخدمه العرب قديمًا في دق البن والبهارات عند تجهيزها لاستقبال الضيوف، فكان أحد أدوات المطبخ العربي القديم، ويعد رمزًا ثقافيًا له حضوره عربيًا، كما أن له رمزية أخرى تتعلق بالخصوبة والوفرة والإبداع.
كذلك قرش “النهم” الذي يعتبر رمزًا للبيئة البحرية القطرية، بجانب أنه كان بوصلة للملاحيين خلال رحلاتهم وارتحالهم، إضافة إلى أنه يؤصل لمبدأ “عدم الحكم من الظاهر وأهمية النظر للداخل”، فالقرش الذي يظنه البعض معاديًا خرج في صورة مسالمة وأصبح صديقًا للإنسان، أما النقاط البيضاء التي كانت عليه فترمز للتفاؤل والرخاء.
ولم يغفل الحفل التطرق إلى أهمية المرأة ومكانتها في المجتمع العربي، فهي عمود البيت وأساسه، حيث مثل حضورها بهذا الزي التقليدي أهمية ورمزية كبيرة، علاوة على الاعتزاز بـ”الخيمة” كموروث ثقافي قطري عربي لا يمكن نسيانه رغم التطور العصري الذي شهدته البلاد.
كما تناول الحفل بعض اللقطات الأرشيفية للأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وهو يلعب الكرة مع مجموعة من أصدقائه القدماء الذين ساهموا في بناء الدولة منذ أن كانت صحراء لا موارد فيها ولا حياة، في رحلة عابرة لبداية الحلم الذي بدأ من أرض قاحلة حتى تحول إلى محل إبهار العالم أجمع.
العمق العربي
حرصت قطر في خطابها عن المونديال خلال مراحل الإعداد وحتى لحظة الافتتاح أن تركز على العمق العربي، رافضة أن تستأثر وحدها بتلك اللحظة التاريخية، حيث استهل أمير البلاد كلمته الافتتاحية بعبارة “”من بلاد العرب أرحب بالجميع”، كما تضمنت عروض الحفل تسليط الضوء على الهوية العربية والترابط بين بلدان المنطقة.
الخطاب الإعلامي المستخدم هو الآخر جاء متناغما مع تلك الرؤية، فيما أطلق البعض على هذه النسخة من البطولة مسمى “مونديال العرب”، في إشارة إلى أن تلك الاحتفالية العالمية هي عنوان للعرب جميعًا، وأن نجاحها نجاح للمنطقة بأسرها وفشلها كذلك، كما أنها ستكون نافذة كبيرة لتعرف العالم على المجتمعات العربية التي تعاني من صورة ذهنية مشوهة لدى الغرب.
وفي السياق ذاته حرصت القيادة السياسية القطرية على دعوة زعماء الدول العربية للمشاركة في هذا الحفل، فكان الرئيس المصري والجزائري والفلسطيني والتركي ومن قبلهم العاهل الأردني ومعه ولي العهد السعودي، بجانب مئات الشخصيات العربية من البلدان كافة.
الحرص القطري على إبراز البعد العربي في البطولة دفع رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم خلال كلمته الافتتاحية الترحيبية أن يتحدث باللغة العربية ضمن اللغات الأجنبية الأخرى، ليتم اعتماد العربية كلغة رسمية تابعة للغات المعتمدة لدى الفيفا، في واقعة وصفت بـ”الإنجاز العربي”.
وردًا على تلك الأجواء الرائعة هنأ زعماء ومسؤولون عرب، دولة قطر وأميرها وسط إشادة وحفاوة بفعاليات الافتتاح، حيث كتب العاهل الأردني على حسابه على تويتر قائلًا: “نفخر بهذا الإنجاز العربي باستضافة المونديال، ونثق بقدرة الأشقاء القطريين على إنجاح هذه البطولة وتنظيمها بشكل باهر”، فيما غرد الرئيس الجزائري “ومن حقنا أيضًا أن نفخر بتمثيلها الرفيع لأشقائنا العرب وكسبها الرهان.. ألف مبروك لأخي سمو الأمير تميم ولكل الشعب القطري”.
أما نائب رئيس الإمارات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فكتب يقول “شهدت اليوم حفل افتتاح كأس العالم، لحظات تاريخية تعيشها منطقتنا مع الحدث الأهم عالميًا، الدوحة ستكون عاصمة الرياضة العالمية لمدة شهر من اليوم، حفظها الله، ووفق شعبها وقيادتها لكل نجاح وسداد”، فيما قال زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر إنه يتمنى أن يكون كأس العالم في قطر “كأسًا لوحدة الصف العربي والإسلامي ونشر السلام لا سيما في اليمن وسوريا ولبنان وباقي الدول العربية”، مضيفًا “ويكون إثباتًا واضحًا للعالم أن العرب والمسلمين قادرون على إدارة الكأس وتنظيمه وقادرون على نشر السلام ووحدة الصف عربيًا وإسلاميًا ودوليًا وذلك هو الفوز والنجاح الأكبر أمام الغرب”.
كما بارك رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، لقطر والعالم العربي هذا الإنجاز معتبرًا إياه “محل فخر واعتزاز لكل عربي”، بينما وصف السفير اليمني لدى الدوحة، راجح بادي، تنظيم قطر للمونديال بـ”الحدث العظيم”، مغردًا “لحظة فارقة في تاريخ قطر والعرب، أهنئ أشقاءنا في دولة قطر بهذا التنظيم والافتتاح المذهل للمونديال، أيام ممتعة لكل عشاق كرة القدم في أرجاء المعمورة”.
التعارف بين الشعوب.. الرسالة الأهم
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.. بهذا الآية الكريمة لخص الشاب القطري غانم المفتاح الرسالة الأبرز من وراء المونديال، الحوار بين الحضارات والتعارف بين الشعوب، حوار على أساس الاحترام المتبادل، وتعارف يثري الحياة الإنسانية.
الحوار البناء الذي دار بين الشاب القطري الذي يمثل الجيل الجديد والممثل الأمريكي مورغان فريمان الذي يمثل الجيل القديم، رسالة واضحة لما أطلق عليه “تواصل الأجيال”، فكل طرف يمثل جيلًا مختلفًا، بأبجديات ومعتقدات مختلفة، لكن هذا الخلاف ليس بالضرورة أن يؤدي إلى القطيعة، إذ من الممكن أن يكون أداة للتواصل وتبادل الرؤى والأفكار، وطي الخلافات والتمسك بالأمور الإنسانية المشتركة.
ولو لم يخرج المونديال إلا بتلك الرسالة السامية لكفى، الرسالة التي وضعت اليد فوق الجرح الأكثر إيلامًا، ازدواجية المعايير والتفرقة بين الشعوب على أساس الدين والعرق، إشكالية العنصرية والتعامل بحسب لون البشرة والدم، وعليه لتكن كرة القدم والرياضة عمومًا وسيلة التعارف والتقارب لا الفرقة والتباغض… لتُختتم تلك الفقرة بأغنية “هلا” للترحيب بالشعوب المختلفة، التي تدعو للمساواة بين الجميع.
اجمل مشهد تراه العين وأجمل ما تسمعه الأذن♥️ درس في الإنسانية ??
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)#مونديال_قطر_2022 pic.twitter.com/p3ILjq8E9L— Nina ??? (@NinaNoucha8) November 21, 2022
دبلوماسية قطر
نجحت قطر في توظيف الرياضة لتحقيق نجاحات دبلوماسية على مسارات عدة، فبينما كان الجميع مشغولًا بتفاصيل الاحتفال وعروضه الشيقة، حرص أمير قطر على تخفيف حدة التوتر بين الرئيسين، المصري والتركي، اللذين كانا من بين الحضور، إذ توسط للمصافحة بينهما في صورة أثارت الكثير من ردود الفعل.
اللقاء وإن لم يتعد ثواني معدودة لا يمكن القول إنه كان مصادفة، وهو ما يمكن قراءته في ضوء عدد من الشواهد، أبرزها الحرص القطري على جلوس الرئيسين إلى جوار بعضهما البعض في حفل الافتتاح، بجانب ما أثير بشأن عقد قمة مصرية تركية عقب الافتتاح التي لا يمكن أن تكون دون ترتيب مسبق، بل “خطوة أولى تمّ اتخاذها من أجل إطلاق مسار جديد بين البلدين” بحسب وصف الرئيس التركي، وقال في تصريحات للصحفيين على متن الطائرة أثناء رحلة عودته من قطر بعد مشاركته في افتتاح بطولة كأس العالم، وقال: “آمل أن نمضي بالمرحلة التي بدأت بين وزرائنا إلى نقطة جيدة لاحقًا عبر محادثات رفيعة المستوى”، وفق ما نقلته وكالة الأناضول.
من المبكر استطلاع تداعيات هذا اللقاء ولا القمة التي عقدت (وفق وسائل إعلامية محلية مصري) التي لا يتوافر بشأنها تفاصيل خاصة بجدولها ولا مستوى الحضور ولا النتائج التي خرجت بها، فالأمر بحاجة إلى مزيد من الوقت في ظل تعدد القضايا الحساسة المثيرة للخلاف بين الطرفين، حتى إن توافرت لدى النظامين رغبة المصالحة في ظل التحديات التي يواجهها كل نظام على حدة، لكن في النهاية يمكن القول إن هذا اللقاء يمكن البناء عليه فيما هو قادم، وهو ما يعتبر نجاحًا كبيرًا للدبلوماسية القطرية في واحد من أكثر الملفات الإقليمية توترًا خلال السنوات الأخيرة.
لم يكن هذا النجاح الدبلوماسي القطري عبر الرياضة هو الأول من نوعه، فقد سبق أن حققت نجاحات مماثلة خلال البطولة العربية التي استضافتها قبل أشهر، وكان لها صداها الكبير لدى الشارع العربي، هذا في الوقت الذي بذلت فيه الدوحة جهودًا كبيرة لاحتواء خلافاتها مع الدول العربية والخليجية، فقبل 5 سنوات فرضت دول الخليج ومعها مصر حصارًا مشددًا على قطر لعزلها عن العالم، واليوم يأتي العالم أجمع إلى قطر للمشاركة في تلك الاحتفالية العالمية، وهي الأولى من نوعها عربيًا وشرق أوسطيًا، فيما يعد نصرًا دبلوماسيًا ربما يكون الأكثر نجاحًا بين دبلوماسيات المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
منذ الوهلة الأولى وفي ضوء المؤشرات الحاليّة، يمكن القول إن النسخة الحاليّة من المونديال ستكون استثنائية في كل شيء، وبعيدًا عن الحملات الممنهجة التي تم إجهاضها بالكلية، فإن البعد الأمني سيكون التحدي الأكبر أمام السلطات القطرية طيلة أيام البطولة الـ28، وحتى مغادرة آخر مشجع للبلد الخليجي.
وفي النهاية فإن ردود الفعل الأولية، الإقليمية والدولية، على حفل الافتتاح، والرسائل الضمنية التي قدمها للعالم، والصورة المبهرة، شكلًا ومضمونًا، التي تم عرضها، تؤكد أن قطر نجحت بالفعل في المونديال قبل انطلاقه رسميًا، وأنها حققت المراد منه مبكرًا، حتى لو بات المنتخب العنابي على مشارف الخروج المبكر من البطولة.