نعيش تحت رحمة المناخ منذ آلاف السنين، فقد اُضطر أسلافنا لقضاء وقتهم محاولين البقاء على قيد الحياة، يبحثون عن الطعام، ويحمون أنفسهم من الحيوانات المفترسة، ثم تعلموا تدريجيًا كيفية التعامل مع النيران، ليتمكنوا لاحقًا من حرق الحطب للتدفئة وطهي الطعام، اليوم، يسمح لنا فهمنا للطاقة بإرسال الصواريخ إلى الفضاء.
بالمقارنة بأسلافنا، نمتلك قوةً لا تُصدَّق تحت تصرفنا، لكن ما هذه القوة بالضبط؟ ومن أين تأتي؟
في هذه المادة التي نستفتح بها ملف “وقود الكوكب” نستكشف ماهية الطاقة، ومصادرها، ومقدار الطاقة التي نستخدمها، ونسبة كل منها في تغطية الاستهلاك العالمي، بما يسمح بفهم بيانات الطاقة واستطلاع مدى التغير المتسارع في مشهد الطاقة العالمي واتخاذ إجراءات لتقليل الآثار السلبية لإنتاج الطاقة على كوكبنا.
من أين تأتي الطاقة؟
الطاقة في كل مكان حولنا، لا يمكننا رؤيتها، لكن يمكننا رؤية الأشياء التي تفعلها، فهي تحرك الأشياء وتشغل الآلات التي نستخدمها، ويمكن أن تجعل الأشياء أكثر سخونة أو تصدر صوتًا، ومن دون الطاقة لا يمكننا إنتاج طعامنا أو تصنيع السلع أو السفر أو التواصل أو العمل.
تأتي كلمة “طاقة” من الكلمة اليونانية “enérgeia” التي طوَّرها أرسطو ووصفها ببساطة بأنها “القدرة على القيام بالعمل”، ولم يكن لهذه الكلمة ترجمة مباشرة إلى الإنجليزية حتى بدأت الأفكار الكامنة وراء مفهوم الطاقة تتشكل في نهاية القرن الـ17، عندما أُستخدم المصطلح لأول مرة في اللغة الإنجليزية للإشارة إلى “القوة”.
تتمثل إحدى مشكلات مصادر الطاقة المتجددة في أن العديد من المصادر تحت رحمة الطقس، فالأمطار الوفيرة أو الرياح البطيئة يمكن أن تقلل من إنتاج تلك الطاقة خلال فترات معينة
اكتسب مصطلح “الطاقة” تعريفه الحاليّ – بمعنى الخاصية الفيزيائية الكمية المنقولة إلى الأشياء لأداء العمل أو تسخين الجسم – في القرن التاسع عشر، وفي عام 1905، أسس ألبرت أينشتاين معادلته الشهيرة الخاصة بتكافؤ الكتلة والطاقة ضمن نظريته النسبية.
منذ ذلك الحين، جرى تعميم مفهوم “الطاقة” بالشكل المستخدم اليوم، لكنه دخل إلى حديث شائع بطرق غالبًا ما تكون مربكة ومتناقضة، وتتعارض التعبيرات اليومية مثل “إنتاج الطاقة” أو “الطاقة المتجددة” مع “مبدأ حفظ الطاقة” الذي يؤكد أن هذه الطاقة لا يمكن إنشاؤها أو تدميرها.
ويعرِّف العلماء الطاقة بأنها القدرة على القيام بالعمل أو إحداث التغيير، وهي موجودة في العديد من الأشكال (الطاقة الحركية والكيميائية والكهربائية والضوئية والصوتية)، ويمكن أن تتحول من شكل إلى آخر، على سبيل المثال، السيارة المسرعة على الطريق لديها طاقة حركية، وكلما تحركت السيارة بشكل أسرع، زادت طاقتها الحركية.
وتشمل موارد الطاقة جميع أشكال الوقود المستخدمة في العالم الحديث، إما للتدفئة وإما لتوليد الطاقة الكهربائية وإما لأشكال أخرى من عمليات تحويل الطاقة، ويمكن تصنيفها تقريبًا إلى ثلاث فئات: المتجددة والأحفورية والنووية.
تمثل الفئة الأولى الطاقة المشتقة من المصادر الطبيعية التي تتجدد باستمرار بمعدل أعلى من استهلاكها على الأرض، ومن أمثلة مصادر الطاقة المتجددة التقليدية: الطاقة المائية والكتلة الحيوية، وتشمل الموارد المتجددة الحديثة: الرياح والأمواج والمد والجزر والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية، وتندرج أيضًا بعض أشكال الوقود المستمدة من الكتلة الحيوية (النباتات والحيوانات) ضمن هذه الفئة.
في حين أن الطاقة المتجددة انطلقت بسرعة فائقة، فقد أدى ذلك أيضًا إلى العديد من حالات سوء الفهم، فواحدة من أكبر القضايا هي كمية الطاقة التي يمكن أن نحصل عليها من مصادر الطاقة المتجددة التي يحصرها بعض العلماء في ثلاثة فقط: الشمس والحرارة الداخلية للأرض وجاذبية القمر على الأرض، ما يؤدي إلى المد والجزر في المحيط، وكل شيء آخر مشتق من هذه المصادر الثلاث.
الطاقة الشمسية
من بين جميع موارد الطاقة المتجددة، فإن الطاقة الشمسية هي الأكثر وفرة، ويمكن حتى تسخيرها في الطقس الغائم أو الضبابي، ويزيد معدل تعرض الأرض للطاقة الشمسية بنحو 10000 مرة عن المعدل الذي تستهلك به البشرية الطاقة، ففي 6 أشهر فقط، تمتص الأرض نفس كمية الطاقة من الشمس التي تم الحصول عليها من جميع موارد الأرض غير المتجددة، بما في ذلك الموارد التي لم تُستغل بعد.
استنادًا إلى المراجعة الإحصائية لشركة النفط البريطانية “بريتيش بتروليوم”، تمد الشمس الأرض بطاقة تصل إلى 167000 تيراواط، وفي أقل من 80 دقيقة، تتعرض الأرض لطاقة شمسية تعادل إجمالي استخدام الطاقة في العالم لمدة عام كامل، وهذا يعني أن الشمس يمكن أن تزود العالم بالطاقة 7000 مرة تقريبًا.
ومع ذلك، عندما تسقط أشعة الشمس على الأرض، يعكس سطح الأرض نحو 30% من حرارة الشمس، ويصطدم ثلثاها بالمحيط، والكثير منها ضروري للحفاظ على النظام البيئي، وهناك مشكلة أخرى تتعلق بالتسخين غير المتسق بسبب الاختلافات في الجغرافيا والغيوم، ومع ذلك، لا ينبغي أن تكون لدينا مشكلة في الحصول على 17.4 تيراواط من الطاقة الشمسية.
طاقة الرياح
بالنظر إلى أن الرياح نتيجة ثانوية للشمس، فقد أُستخدمت منذ آلاف السنين، وتطورت تقنياتها على مدى السنوات القليلة الماضية لتعظيم الاستفادة من الكهرباء المنتجة باستخدام توربينات أطول وأقطار دوارة أكبر.
مقارنة بالطاقة الشمسية، فإن كمية الطاقة التي يمكن تحقيقها من طاقة الرياح أقل بكثير من تلك التي تنتجها طاقة الشمس، لكن تبقي القيمة الدقيقة غير معروفة، ومع ذلك، أشارت التقديرات إلى أن هذا يمكن أن يكون في نطاق 25-70 تيراواط، ما يجعلها وسيلة واعدة للغاية لتلبية متطلباتنا.
المشكلة أن متوسط سرعات الرياح يختلف اختلافًا كبيرًا حسب الموقع الجغرافي، وغالبًا ما تكون أفضل المواقع لتوليد طاقة الرياح بعيدة، ورغم ذلك، تتجاوز الإمكانات التقنية العالمية لطاقة الرياح إنتاج الكهرباء العالمي، وهناك إمكانات وافرة في معظم مناطق العالم لتمكين نشر طاقة الرياح بشكل كبير.
الطاقة الكهرومائية
مقارنة بطاقة الرياح، تعد طاقة المياه حاليًّا أكبر مصدر للطاقة المتجددة في قطاع الكهرباء، وغالبًا ما يكون لخزانات الطاقة الكهرومائية استخدامات متعددة منها توفير مياه الشرب ومياه الري والسيطرة على الفيضانات والجفاف وخدمات الملاحة، وكذلك إمدادات الطاقة، وتعتمد على هطول الأمطار المستقرة بشكل عام، ويمكن أن تتأثر سلبًا بحالات الجفاف التي يسببها المناخ أو التغيرات في النظم البيئية التي تؤثر على هطول الأمطار.
بالنسبة لجاذبية القمر، فإن قوة المد والجزر محدودة بشكل واقعي بكمية الشواطئ وفرق الارتفاع بين المد المنخفض والجزر المرتفع، وتظهر التقديرات أن هذا النهج يمكن أن ينتج أقل من 1 تيراواط من الطاقة أيضًا، وبالتالي، تتمتع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بأكبر قدر من الإمكانات، وتأتي الطاقة الكهرومائية في الثلث الأخير.
لا يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة للطاقة الحرارية الجوفية التي تمثل مصدرًا بديلًا ونظيفًا للطاقة، لكن بينما ينتج لب الأرض ما يقارب 40-50 تيراواط من الطاقة الحرارية، تنتشر هذه الطاقة بشكل موحد نسبيًا في جميع أنحاء سطح الأرض بالكامل، وبالتالي فإن حصادها صعب للغاية، وتتركز هذه الطاقة في مناطق معينة مثل حافة الصفائح التكتونية، ويمكن استعادة بعضها، لكن يُقدر أن هذا يمكن أن يوفر فقط أقل من 1 تيرابايت من الطاقة.
تتمثل إحدى مشكلات مصادر الطاقة المتجددة في أن العديد من المصادر تحت رحمة الطقس، فالأمطار الوفيرة أو الرياح البطيئة يمكن أن تقلل من إنتاج تلك الطاقة خلال فترات معينة، على سبيل المثال في شهر سبتمبر/أيلول، تكون طاقة الرياح المولدة أقل في أوروبا والصين، كما أن التغير المناخي المتوقع في بعض الأماكن قد يجعل من الصعب إنتاج الطاقة المتجددة بها في غضون 50 عامًا.
في المقابل، يمثل الوقود الأحفوري موارد الطاقة غير المتجددة التي يمكن الحصول عليها من رواسب النباتات والحيوانات الميتة التي نشأت على مدى تاريخ كوكب الأرض، ويشمل بشكل أساسي الفحم والنفط والغاز الطبيعي، ويتسبب عند حرقه لإنتاج الطاقة في انبعاثات ضارة من غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون، في حين ينتج عن توليد الطاقة المتجددة انبعاثات أقل بكثير.
هذه الموارد هائلة، لكنها محدودة وغير قابلة للتجديد، فحتى وقت قريب، كان الوقود الأحفوري يلبي غالبية احتياجات الطاقة البشرية، وعلى العكس تمامًا، تتوافر مصادر الطاقة المتجددة في كل مكان حولنا، وأصبحت الآن أرخص في معظم البلدان، وتولد وظائف أكثر بثلاث مرات من الوقود الأحفوري، بحسب تقرير لمركز أبحاث الطاقة في المملكة المتحدة.
الفئة الثالثة لمصادر الطاقة تتمثل في الطاقة النووية، حيث يمكن تصنيف رواسب بعض العناصر المشعة في قشرة الأرض على أنها موارد طاقة نووية، تستخدم هذه الموارد كوقود لمحطات الطاقة القائمة على الانشطار النووي، وكمية هذه العناصر المشعة النادرة محدودة على كوكبنا ولا يمكن تجديدها.
تطورات الطاقة
عاد الطلب على الطاقة إلى مستويات ما قبل انتشار جائحة كورورنا في عام 2019، ما عكس الانخفاض المؤقت – سواء في الاستهلاك أم الانبعاثات – في عام 2020، فبعد انخفاضه بنسبة 4.5% في عام 2020، انتعش الاستهلاك العالمي للطاقة بنسبة 5% في عام 2021، مع تعافي النشاط الاقتصادي من عمليات الإغلاق والتدابير الأخرى المتصلة بكورونا، مقارنة بـ2.9% في عام 2018.
ويُقدَّر الاستهلاك العالمي السنوي للطاقة بـ580 مليون تراجول (TJ) “التراجول يساوي تريليون (1012) جول، وهو تقريبًا الطاقة التي يحتاجها شخص واحد في دولة متقدمة على مدى ستين عامًا)” عام 2022، وهذا يمثل زيادة كبيرة عن عام 1980 عندما استخدم العالم نحو 300 مليون تراجول من الطاقة، علاوة على ذلك، من المتوقع أن يزداد استهلاك الطاقة العالمي في السنوات القادمة.
حسب الإحصاءات العالمية، بحلول عام 2040، سيصل الاستهلاك العالمي للطاقة إلى 740 مليون تراجول، أي ما يعادل نموًا إضافيًا بنسبة 30%، ومن عام 2000 إلى عام 2040، سيؤدي ذلك إلى زيادة بنسبة 77% في استهلاك الطاقة العالمي، ويمكن أن يتضاعف الاستهلاك ثلاث مرات خلال الفترة من عام 1980 إلى عام 2050.
في مراجعتها الإحصائية للطاقة العالمية لعام 2022، تقدم شركة “بريتيش بتروليوم” صورة شاملة للعرض والطلب على مصادر الطاقة الرئيسية، فقد زادت الطاقة الأولية المتجددة (بما في ذلك الوقود الحيوي، لكن باستثناء الطاقة المائية) بنحو 5.1 إكساجول في عام 2021، بما يتوافق مع معدل نمو سنوي قدره 15%، متجاوزًا زيادة قدرها 9% في العام السابق، وأعلى من أي وقود آخر في عام 2021.
ووفقًا للبيانات الواردة في التقرير، ارتفع الطلب على الطاقة الأولية (كميات الطاقة المستهلكة سواء من الفحم أم البترول أم الطاقة الشمسية أم المكتسبة من السدود المائية) بنسبة 5.8% عام 2021، متجاوزًا مستويات عام 2019 بنسبة 1.3%، ومع ذلك، لا يزال هذا يمثل السنة العاشرة على التوالي التي يسجل فيها العالم أعلى مستوى على الإطلاق لاستهلاك الطاقة.
وساهمت مصادر الطاقة المتجددة بأكبر نسبة من الزيادة في استهلاك الطاقة (41%)، وساهم الغاز الطبيعي في ثاني أكبر زيادة بنسبة 36%، ومع ذلك، كنسبة إجمالية من استهلاك الطاقة، ظل النفط في المقدمة بنسبة 31% من إجمالي استهلاك الطاقة، وجاء باقي استهلاك الطاقة العالمي من الفحم بنسبة 26.9% والغاز الطبيعي بنسبة 24.4% والطاقة المائية (6%) والطاقة المتجددة (6.7%) والطاقة النووية (4.3%)، وبشكل تراكمي، لا يزال الوقود الأحفوري يمثل نصيب الأسد من استهلاك الطاقة الأولية في العالم.
ومن المتوقع أن ينمو العرض العالمي من مصادر الطاقة المتجددة بمقدار 35 جيجاوات (جيجاوات تساوي مليار وات) من 2021 إلى 2022، لكن نمو الطلب العالمي على الطاقة سيرتفع بمقدار 100 جيجاوات خلال نفس الفترة، وسيتعين على البلدان الاستفادة من مصادر الوقود التقليدية لتلبية بقية الطلب.
الطاقة المستهلكة
لا تشير البيانات التي تنشرها منظمات وشركات النفط مثل أوبك وإكسون موبيل فقط إلى مقدار الطاقة التي نستخدمها، لكنها توضح أيضًا مصدر الطاقة، بشكل عام، يأتي 5% من الطاقة المستهلكة من الطاقة النووية و10% من مصادر الطاقة المتجددة، ثلثا هذه النسبة تأتي من الطاقة الكهرومائية والثلث المتبقي يتكون من الرياح والطاقة الشمسية والكتلة الحيوية، وتتوزع نسبة الطاقة المستهلكة المتبقية بين النفط والفحم والغاز الطبيعي.
بين عامي 2019 و2021، استمرت حصة الطاقة المتجددة في النمو بقوة، وزادت بأكثر من 8 إكساجول، وتشكل اليوم 13% من إجمالي توليد الطاقة، وزادت حصتها (باستثناء الطاقة المائية) بنسبة 17% تقريبًا في عام 2021، مدفوعةً بالتوسع القوي في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وشكَّلت أكثر من نصف الزيادة في توليد الطاقة العالمية على مدار العامين الماضيين.
وبلغت حصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية 10.2% من توليد الطاقة عام 2021، وهي المرة الأولى التي توفر فيها طاقة الرياح والطاقة الشمسية أكثر من 10% من الطاقة العالمية، وتتجاوز حصة الطاقة النووية (9.8%).
تبع ذلك زيادة في توليد الكهرباء – التي تشكل نحو 30% من إجمالي احتياجات الطاقة في العالم – بنسبة 6.2% في عام 2021، على غرار الانتعاش القوي الذي شهده عام 2010 في أعقاب الأزمة المالية (6.4%). وفي عام 2019، بلغ إجمالي الاستهلاك النهائي للكهرباء في العالم 22848 تيراوات ساعة، بزيادة 1.7% عن عام 2018، بحسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة.
ورغم مساهمة النمو القوي للطاقة المتجددة في تقليص استخدام الوقود الأحفوري، فإن الحقيقة المثيرة للاهتمام عن استهلاك الطاقة أن الحصة الكبرى من الطاقة التي نستخدمها تأتي من الوقود الأحفوري، ومن بينها النفط، أهم وأكبر مصدر للطاقة، يليه الفحم والغاز الطبيعي، ولم يتغير استهلاكه على نطاق واسع، وشكَّل 82% من استخدامات الطاقة الأولية العام الماضي، وانخفض من 83% في 2019، و85% قبل خمس سنوات.
ووفق بيانات شركة “BP”، زاد استهلاك النفط بمقدار 5.3 مليون برميل يوميًا في عام 2021 للطن، لكن الطلب عليه ظل أقل بمقدار 3.7 مليون برميل يوميًا عن مستويات عام 2019 في المتوسط، وتركز جزء كبير من هذا الضعف في الطلب على النفط المرتبط بالطيران، الذي كان أكثر من 2.5 مليون برميل يوميًا.
كان الطلب على الديزل وزيت الغاز في عام 2021 أقل من 1 ميغا بايت يوميًا (1.3 مليون برميل في اليوم) دون مستويات ما قبل الجائحة (880 ألف برميل في اليوم)، في المقابل، جاء غالبية نمو الاستهلاك من البنزين (1.8 مليون برميل في اليوم)، وكان الطلب على النفثا أو النَفْطة ومنتجات النفط الأخرى في عام 2021 أعلى من مستوياتها قبل انتشار الوباء.
ونما الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بنسبة 5.3%، متجاوزًا مستويات ما قبل الجائحة لعام 2019، بـ4 تريليونات متر مكعب لأول مرة على الإطلاق، وظلت حصة الغاز في توليد الكهرباء قريبة من متوسطها في 10 سنوات، وارتفعت بنسبة 2.6% في عام 2021، على الرغم من الانخفاض من 23.7% في عام 2020 إلى 22.9% في عام 2021.
رغم هذه الزيادة، ظل الفحم الوقود المهيمن لتوليد الكهرباء في عام 2021، وزادت حصته بشكل طفيف من 35.1% في عام 2020 إلى 36% عام 2021 لكنها ظلت أقل من مستواها في عام 2019، ونما الاستهلاك بأكثر من 6% في 2021 ليصل إلى 160 إكساجول، متجاوزًا بقليل مستويات 2019، ووصل إلى أعلى مستوى له منذ 2014.
نتيجة لهذه الزيادة في الطلب والاستهلاك، لم تتغير الانبعاثات العالمية الإجمالية الناتجة عن استخدام الطاقة والعمليات الصناعية والحرق والميثان خلال العامين الماضيين على نطاق واسع، بل ارتفعت بنسبة 5.7% عام 2021، إلى 39 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، مقتربةً من مستويات 2019 بنسبة 5.9% (33.9 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون).
هذه الزيادة في الانبعاثات قابلتها زيادة في الأسعار جعلت سرعة اللجوء إلى “الطاقة الخضراء” ضرورية للغاية، وهو ما قد يحدث يومًا ما، لكن في الوقت الحاليّ، لا تزال كمية الطاقة المولدة من مصادر الطاقة المتجددة غير كافية لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة، ويغطي العالم معظم الزيادة في استهلاك الطاقة عن طريق حرق المزيد من الفحم والغاز الذي تنبعث منه كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.