ترجمة وتحرير: نون بوست
كيف سيبدو العالم بدون تويتر، وهل سيتكرّر موقع مثله؟ يقول الخبراء: “لا يمكن أن يحدث ذلك بين عشية وضحاها”.
أثيرت هذه الأسئلة في أعقاب استحواذ إيلون ماسك على موقع التواصل الاجتماعي، الذي شهد نزوحًا جماعيًا من طرف الموظفين والمستخدمين؛ حيث حذّر تشارلز ليستر من “معهد الشرق الأوسط” بواشنطن من أن رؤية المعلومات – الجيدة منها أو السيئة – تتلاشى مع الاختفاء المحتمل لتويتر، هو أمر سيء للغاية.
بعد أسبوع فوضوي آخر من مغادرة الموظفين الجماعية، وانعكاسات السياسة الجديدة التي أُعلن عنها من قبل مالك الشركة؛ يبدو مستقبل “تويتر” غامضًا إلى حد كبير؛ حيث يطرح المستخدمون – وأي شخص آخر- سؤالًا واحدًا بشكل متزايد: كيف سيبدو العالم بدون ما يسمى بتطبيق “التغريدات”؟
مع وجود حوالي 237 مليون زائر يوميًا في آخر إحصاء في أواخر حزيران/يونيو؛ لا تزال قاعدة مستخدمي “تويتر” أقل بحوالي ملياريْ مستخدم من “فيس بوك”، وأقل بمليار مستخدم من “تيك توك”؛ وأقل أيضًا من “سنابشات” بنحو 363 مليون مستخدم.
وخلال 15 سنة من وجودها؛ أصبحت منصة “تويتر” قناة اتصال سائدة، وخاصة للقادة والساسة والحكوميين والشركات والعلامات التجارية والمشاهير ووسائل الإعلام الإخبارية. والبعض منهم؛ مثل رجل الأعمال في نيويورك ستيف كوهن؛ مقتنعون بأن “استخدام تويتر” ليس سوى صورة مصغرة للعالم الحقيقي لكنْ بأهمية فعلية محدودة.
أعلن كوهن من حسابه الخاص على التطبيق، أن تويتر ليس ضروريًا بأي شكل من الأشكال، وأن العالم يعمل بشكل جيد بدونه، ويضيف: “قلة من الناس يغردون بالفعل، حيث تأتي جميع التغريدات تقريبًا من 1 بالمئة من المستخدمين، كما أن معظم الأشخاص العاديين لا يسجلون الدخول إلى التطبيق مطلقًا”.
من المحتمل أن يستفيد الاستبداديون، أو أي شخص لا يرغب في وصول الحقائق إلى نطاق واسع، من اختفاء موقع “تويتر”
وبالمقابل؛ بالنسبة للآخرين – بما في ذلك كارين نورث، الصحفية والأستاذة في كلية أنينبرغ للتواصل والصحافة، بجامعة “جنوب كاليفورنيا” – فإن الموقع لا غنى عنه لتسليط الضوء على بعض المعلومات التي تكون مهمة لكنها غير مشهورة. وتضيف في هذا الصدد: “في معظم الأحيان، الشخص الذي ليس له شهرة لا يستطيع إسماع صوته؛ لكنْ، على “تويتر”، هناك فرصة للجميع للتعبير”.
وصرّح تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط بواشنطن لوكالة “فرانس برس”: “في حالات الصراع أو الاضطرابات الاجتماعية أو قمع المحتجين؛ أعتقد أن تويتر أصبح المنصة المركزية للقدرة على نشر الحقيقة حول ما يحدث في العالم”.
ومثل معظم الشبكات الاجتماعية الأخرى؛ يتم استخدام “تويتر” أيضًا لنشر الدعاية والمعلومات المضلِّلة، وقد طورت الشركة أدوات اعتدال لمحاولة الحد منها، أو على الأقل التقليل من انعكاساتها السلبية، غير أن قدرتها على مواكبة متطلبات مثل هذه المهمة أصبحت موضع شك، بعد أن غادر أكثر من ثلثي طاقمها، منذ استيلاء إيلون موسك المثير للجدل على المنصة.
ووجدت دراسة أُجريت في 2018، أن المعلومات الخاطئة يتم تداولها بسرعة أكبر من المنشورات التي تم التحقق من صحتها، فيما يواصل ليستر تحذيره من أن هذا “أمر غير منطقي، إذ لا يمكن توقع أن تكون هناك منصة، يكون فيها التضليل والمعلومات الخاطئة أمرًا لا يصدق”، مضيفًا: “رؤية المعلومات -الجيدة منها والسيئة- تتلاشى مع احتمال اختفاء تويتر، بالتأكيد أمر سيئ”.
في حين يرى مارك هاس، الأستاذ بجامعة “ولاية أريزونا”، أنه من المحتمل أن يستفيد الاستبداديون، أو أي شخص لا يرغب في وصول الحقائق إلى نطاق واسع، من اختفاء موقع “تويتر”.
واجهة عامة
يقول الخبراء إن فشل “تويتر” قد يكون له آثار مدمرة على الصحافة. حيال ذلك، توضح نورث، أن “تويتر” في الحقيقة ليس شبكة اجتماعية، بل هي شبكة أخبار ومعلومات.
وأضافت: “إنه المكان أو المصدر الأساسي الذي يحصل الصحفيون منه على معلومات عامة أو قصة أو عنوان رئيسي أو مصدر أو اقتباس؛ فمع تقليص الموظفين والميزانيات في وسائل الإعلام؛ فإن الموارد بالكاد تكفي للعمليات الإخبارية الأكثر تمويلًا، لذلك، فلن يكلفوا أنفسهم البحث عن مصادر في العالم الخارجي، و”تويتر” هو ملاذهم لإنجاز الكثير من هذا المواد الإعلامية”.
بالإضافة إلى ذلك؛ هناك أيضًا تأثير آخر للانهيار المحتمل للمنصة. فوفقًا لـ”نورث”؛ بدون “تويتر”؛ سيبقى مشاهير العالم من أثرياء وسياسيين.. قادرين على جذب انتباه وسائل الإعلام، بينما سيكافح أولئك الذين ليسوا في دائرة الضوء من أجل لفت الأنظار. ومع “تويتر”، كان يمكن لأي شخص الإعلان عن قصته، حيث يتمتع الموقع بميزة مشاركة المعلومات في الوقت الفعلي.
وفي السياق ذاته؛ غرّدت كارولين أور، باحثة من جامعة “ماريلاند” الأمريكية، قائلة: “كان “تويتر” مصدرًا حيويًًّا للمعلومات والشبكات والإرشادات والتحديثات في الوقت الفعلي، والمساعدات الاجتماعية عند حدوث الأعاصير وحرائق الغابات أو أثناء الحروب أو تفشي الوباء والهجمات الإرهابية وحوادث إطلاق النار الجماعي… ببساطة؛ لا يمكن استبداله بسهولة بأي منصات أخرى؛ وفي الوقت الحالي، ليس هناك وضوح بشأن بديل محتمل له”.
ويقول ليستر: “فيسبوك لديه قيمة؛ لكنني أعتقد أنه قديم الطراز بعض الشيء، ومن المرجح أن ينجذب المستخدمون نحو منافسي “تويتر” الأصغر حجمًا، بما في ذلك “ماستودون”، الذي نمت شعبيته منذ أن اشترى ماسك موقع تويتر”.
ويضيف هاس: “لكن من المرجح أن تظل هذه المواقع المتخصصة بعيدة من أن تصبح واجهة عامة بديلة لتويتر”.
وأدرج كل من هاس ونورث، موقع “ريديت” كبديل محتمل لتويتر، على الرغم من أن نورث قالت إن الشبكة القائمة على هذا المنتدى محدودة بسبب تصميمها المقسم والمعقد والذي لا يضاهي سهولة استخدام “تويتر”.
هل يمكن أن يظهر بديل؟ يجيب ليستر: “بالتأكيد. لكنه أشار إلى البراعة التي تميزه، تستغرق موارد هائلة ووقتًا طويلاً، ولا يمكن أن يحدث ذلك بين عشية وضحاها.
المصدر: نيوز 24