3 يوليو/تموز 2013، كان يومًا فارقًا في تاريخ مصر الحديث، حين انقلب وزير الدفاع المصري آنذاك الفريق عبد الفتاح السيسي على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الراحل محمد مرسي، وأعلن عزله واحتجازه في مكان غير معلوم.
كما عطل العمل بالدستور، إثر سلسلة مظاهرات باركها الجيش تطالب بتنحي مرسي، وصدرت أوامر باعتقال المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين أحيلوا لاحقًا إلى المحاكمات صورية، وصدرت أحكام بإعدام العديد منهم.
حين أعلن الانقلاب على الشرعية المدنية، لم يكن السيسي وحده، فقد ساعدته في ذلك قيادات سياسية وعسكرية عديدة، كل حسب الدور المنوط به في الخطة المعدة والمدروسة مسبقًا للاستيلاء على الحكم والإطاحة بأول تجربة ديمقراطية حرة تشهدها مصر.
أيدوا الانقلاب وساهموا في غروب شمس الديمقراطية عن مصر، ولكل منهم آمال خاصة، لكن بمرور الوقت انفضت الجماعة، فمنهم من دخل المنطقة الدافئة ومنهم من ينتظر وآخرون انزووا عن المشهد أو أُبعدوا عنه بفعل فاعل.
مع ذلك، بقي عدد منهم إلى جانب السيسي، يسندون قراراته ويباركونها ويقومون بتلميعها وتلميع صورة ولي نعمتهم حتى لا يفقدوا مصالحهم ومصالح قيادة الجيش التي ينتمون إليها، من بين هؤلاء عباس كامل، رجل السيسي الأبرز والمؤتمن على أسراره.
تقلد القائد العسكري عباس كامل العديد من المناصب العسكرية وكان دائمًا ملاصقًا للسيسي كأنه ظله الذي لا يُفارقه حتى قبل استيلائه على السلطة منتصف سنة 2013، وهو ما يفسر العلاقة القوية بين الرجلين.
في هذا التقرير الجديد لـ”نون بوست” ضمن ملف “رجال الظل”، سنتحدث عن رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، ودوره في كبريات الأحداث التي شهدتها مصر منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة.
عباس كامل ..المخابرات العامة
يوم 18 يناير/كانون الأول 2018، تم استدعاء اللواء عباس كامل على عجل وتكليفه بتسيير أعمال جهاز المخابرات العامة المصرية (أحد أعلى الأجهزة الاستخباراتية بالبلاد) بعد إعفاء اللواء خالد فوزي من منصبه كمدير للجهاز، ويوم 28 يونيو/حزيران 2018 أدى اليمين الدستورية رئيسًا للجهاز بصفة رسمية.
يعد عباس كامل المسؤول رقم 22 في هيكل الجهاز التابع لوزارة الدفاع الذي يعود تأسيسه لسنة 1954 بقرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ليلعب منذ ذلك الوقت دورًا مهمًا في تاريخ مصر، ويتبع الجهاز رئيس البلاد بشكل مباشر، ويهدف إلى حماية الأمن القومي للبلاد داخليًا وخارجيًا، وله حق التنسيق الشامل مع الأجهزة الأمنية المختلفة.
وفق القانون المصري، يعد رئيس المخابرات العامة، المسؤول عن تأمين نشاط المخابرات والمحافظة على المعلومات ومصادرها ووسائل الحصول عليها، وله أن يتخذ في سبيل ذلك الإجراءات الضرورية والمناسبة، وهو بدرجة وزير.
قربه الشديد من السيسي وملازمته إياه في أثناء فترة عمله بالمخابرات الحربية ووزارة الدفاع ورئاسة الجمهورية، جعلت عباس كامل كاتم أسراره
يكون تعيين وإعفاء رئيس المخابرات العامة من منصبه بقرار من رئيس الجمهورية دون التقيد بالسن المقررة للتقاعد، وحتى وقت قريب كانت شخصية رئيس المخابرات المصرية سرية وغير معروفة إلا لكبار قيادات الجيش ورئيس الجمهورية.
كسر هذا التقليد رئيس الجهاز الراحل اللواء عمر سليمان، حين أعلنت الصحافة اسمه عدة مرات قبل أن يصبح شخصية معروفة بعد مصاحبته للرئيس المعزول محمد حسني مبارك في جولاته إلى فلسطين والولايات المتحدة، واستمر تقليد إعلان اسم رئيس المخابرات المصرية بعد ذلك للصحافة حتى الآن.
تعيين عباس كامل في هذا المنصب، يعتبر مكافأة له على خدماته التي قدمها للسيسي ونظامه، فهو رئيس لأحد الأجهزة التي تحمل صفة “سيادية” في مصر مثل جهازي المخابرات الحربية والأمن الوطني “أمن الدولة سابقًا”.
كما يُعتبر رئيس المخابرات العامة مستشارًا لرئيس الجمهورية ومجلس الدفاع الوطني في كل ما يتعلق بسلامة البلاد، وله بصفته هذه حضور جميع جلسات مجلس الدفاع الوطني ويكون مسؤولًا أمام رئيس الجمهورية مباشرة عن كل ما يتعلق بأعمال المخابرات العامة.
كاتم أسرار السيسي
ولد عباس كامل سنة 1957 وتخرج في الكلية الحربية ضابطًا في سلاح المدرعات سنة 1978، عُين مساعدًا لملحق الدفاع المصري بجمهورية التشيك، وتدرج في المناصب بإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع بفرع الملحقين العسكريين، حتى تولى رئاسة الفرع.
سنة 2012، شغل كامل منصب مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة حينها عبد الفتاح السيسي بعد تدرجه في العديد من الوظائف، وبعد تولي هذا الأخير منصب الرئيس إثر انقلابه على الرئيس الراحل محمد مرسي سنة 2014، تم تعيينه في منصب مدير مكتب رئيس الجمهورية.
خلال ترشح السيسي للانتخابات الرئاسية سنة 2014، ظهر كامل في جميع تحركات المرشح الرئاسي، إذ تحول لأشبه ما يكون بالعقل المدبر والمنظم لكل ما يتعلق بهذه الحملة الانتخابية، متجاوزًا كل الشخصيات التي حاولت التقرب للسيسي.
يوم تنصيب السيسي رئيًسا لمصر في مايو/أيار 2014، كان بجواره عباس كامل، الرجل المعروف آنذاك للدائرة المُقربة من السيسي، والمجهول للكثيرين خارج هذه المجموعة الضيقة، قبل أن يعتاد الظهور دائمًا إلى جوار السيسي في كل تحركاته.
قربه الشديد من السيسي وملازمته إياه في أثناء فترة عمله بالمخابرات الحربية ووزارة الدفاع ورئاسة الجمهورية، جعلته كاتم أسراره، حتى إنه يوصف بعدة ألقاب منها: “ظل الرئيس” و”كاتم أسرار السيسي” و”ثعلب الرئاسة“.
ظهر عباس كامل في معظم لقاءات وجولات السيسي الداخلية والخارجية حتى المؤتمرات والاجتماعات السياسية والأمنية والاقتصادية والخارجية، بحكم عمله في المخابرات بأصنافها المختلفة وتجربته الكبيرة في هذا المجال وأهمية الملفات التي أسندت له، ما جعله أكثر قربًا منه.
ليس هذا فحسب، إذ تتحدث العديد من التقارير الإعلامية عن كون الرئيس السيسي يأخذ بنصيحة صديقه ورجله القوي المشرف على المخابرات في كثير من الأمور، منها ما يتعلق بالشأن الداخلي وما يتعلق أيضًا بعلاقات البلاد الخارجية.
تشير بعض التقارير مثلًا إلى النصيحة التي قدمها رئيس المخابرات الحربية للسيسي بشأن السفر إلى نيويورك لحضور جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سنة 2019، حينها كان السيسي يفكر بإلغاء الزيارة بعد التطورات التي تلت اتهام الممثل والمقاول المصري محمد علي له بالفساد وإهدار المال العام، لكن كامل نصحه بالذهاب وعدم إلغائها حتى لا تكون رسالة سلبية.
قربه من الرئيس جعله يتحكم في جزء من دبلوماسية مصر، وتبين ذلك من خلال جولاته الخارجية المتكررة للعديد من الدول، بدءًا من زياراته الكثيرة لكل من السودان وليبيا، وصولًا إلى زيارته لقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة وتل أبيب والأردن والكويت والسعودية.
ركن عباس كامل وزير الخارجية سامح شكري جانبًا وحلّ بديلًا له، عملًا بتوصيات الرئيس عبد الفتاح السيسي، فهذا الأخير لا يثق إلا في جهاز المخابرات الذي يقوده رفيقه، فيما تحول شكري إلى مجرد واجهة دبلوماسية لكامل الذي يدير الملفات.
ويمسك عباس كامل بالعديد من الملفات الداخلية والإقليمية، أبرزها الملف الليبي الذي كانت القوات المسلحة مخولة به، فضلًا عن الملف الفلسطيني والعلاقات السرية مع الكيان الإسرائيلي، وملف العلاقات مع السودان وملف سد النهضة الإثيوبي، إلى جانب ملف العلاقات المصرية الأمريكية والعلاقات مع دول الخليج.
تلميع صورة السيسي
على مدى السنوات التسعة الماضية، مُرّغت صورة السيسي بالوحل نتيجة سجله الدامي بانتهاكات حقوق الإنسان، وهو الذي أشرف على عشرات الجرائم بحق المصريين، أبرزها تدمير التجربة الديمقراطية والتسبب في قتل الرئيس المنتخب من أغلبية الشعب المصري وقتل المئات وزيادة معدلات الفقر والجوع بنسب غير مسبوقة في المجتمع المصري.
فضلًا عن زيادة هائلة في الديون الخارجية والداخلية دون استثمار إنتاجي حقيقي واستنزاف موارد البلاد، ولا ننسى الانتهاكات الجسيمة ضد الشعب المصري بالسجون والمعتقلات والشوارع لإحكام السيطرة وبناء جدار الخوف والظلم.
الانتهاكات لا تتوقف هنا، إذ تكتظ السجون المصرية بأكثر من ستين ألف معتقل على خلفية سياسية، وتقول المنظمات الحقوقية إنهم يعانون أوضاعًا إنسانيةً صعبةً، رغم نفي السيسي وحكومته وجود معتقلين سياسيين.
ومن أجل مسح ذلك السجل المتسخ، أسندت مهمة تلميع السيسي ونظامه لعباس كامل، نظرًا لما يتمتع به الرجل من تجربة بجهاز المخابرات وهيمنة على وسائل الإعلام والعديد من الوجوه الإعلامية والشبابية، وكانت له صلاحيات مفتوحة في هذا الشأن.
يستثمر “كاتم أسرار الرئيس” في مجموعات شبابية، وأشرف على صناعة جيل جديد من الإعلاميين والصحافيين الذين يدينون بالولاء التام لنظام السيسي
استثمر السيسي في المؤتمرات الشبابية لتلميع صورته خارجيًا، إذ يستغل السيسي مؤتمرات الشباب لتصدير صورة عنه دوليًا وهي اهتمامه بالشباب وتفعيل الحوار معهم، وإزالة صورة القمع والانتهاكات التي يتهم بها.
يعد رجل المخابرات الأول في مصر عباس كامل مُهندس فكرة المؤتمرات الشبابية، باعتبارها وسيلة لتلميع صورة النظام خارجيًا، مع توالي الانتقادات والتقارير الأجنبية التي ترى نظام السيسي راعيًا للانتهاكات ضد حقوق الانسان في مصر.
إلى جانب رعاية المؤتمرات الشبابية التي استهدفت الشباب العربي والإفريقي والعالمي، حرك كمال عباس خيوطه داخل البلاد، لتلميع صورة السيسي الملطخة بدماء آلاف الأبرياء الذين سقطوا ضحية آلته القمعية طيلة السنوات التي أعقبت الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي.
يستثمر عباس في العديد من الإعلاميين، يستدعيهم متى احتاجهم للدفاع عن ولي نعمه ونظامه، وقد رصدنا ذلك في العديد من المقالات المدفوعة والبرامج التليفزيونية والإذاعية التي تمجد نظام السيسي وتزيف الحقائق.
وكانت وكالة رويترز للأنباء قد أفادت بأن اللواء كامل مدير المخابرات العامة والمدير السابق لمكتب السيسي وأحد رجاله المقربين، أصبح يعرف في الوسط الصحفي بـ”رئيس تحرير مصر” بسبب تدخله المستمر في إدارة ملف الإعلام بالبلاد.
يدير كامل شركة إعلام المصريين التي استحوذت عليها المخابرات العامة في ديسمبر/كانون الأول 2017، عن طريق صندوق الاستثمار التابع لها “إيجل كابيتال”، وأوضحت تقارير صحفية أن عباس كامل عضو في مجلس إدارة مجموعة قنوات DMC المملوكة لشركة “دي ميديا”، وهي شركة كانت زوجته تعمل مديرة مسؤولة بها قبل أن تغادر المنصب في وقت لاحق.
تضيف تقارير نشرت سابقًا أن التحكم في المضمون الذي يقدم على العديد من القنوات والصحف المصرية يتم عن طريق رسائل نصية مرسلة من مكتب المقدم أحمد شعبان مدير مكتب عباس كامل، حررها مجموعة من الضباط الصغار وعدد من شباب البرنامج الرئاسي الذين يعملون من داخل جهاز المخابرات العامة.
من حقنا أن نفتخر ونرفع القبعه لجهاز المخابرات العامة المصرية ولصقر الدولة الوزير عباس كامل .
رجال يمتلكون القدرة والحكمة ، التاريخ سيخلد مواقفهم ويجلل صفحاته بمواقفهم العظيمة،راية #مصر ستظل مرفوعه بقيادة إبن مصر البطل #عبدالفتاح_السيسي ، ولو كره الحاقدون ،
و تحيا مصر??❤️ pic.twitter.com/J7O0obPsz5
— انجازات مصر ?? This is Egypt (@engazatmasr2020) March 19, 2022
يعد أحمد شعبان همزة الوصل الأساسية بين عباس كامل والأذرع الإعلامية، إذ يوجه إليهم التعليمات ويتابع أداء عملهم اليومي، ليقدم لرئيسه تقريرًا يوميًا بذلك، ليس هذا فحسب، إذ يكتب شعبان مقالات رأي بأسماء مستعارة لتلميع النظام.
كما يستثمر “كاتم أسرار الرئيس” في مجموعات شبابية، وأشرف على صناعة جيل جديد من الإعلاميين والصحافيين الذين يدينون بالولاء التام لنظام السيسي، أبرزهم ما يعرف بمجموعة شباب الإعلاميين، وهو تشكيل يضم عددًا من المذيعين والصحافيين والكتاب الشباب.
يتم تنظيم دورات ومعسكرات تدريبية لهؤلاء، وفي مرحلة لاحقة يتم توزيعهم على القنوات الفضائية والصحف وبرامج “توك شو”، لنقل الرسائل الخاصة بمؤسسة الرئاسة وتوجيهاتها واستخدامهم كصناع رأي، بعد تراجع تأثير الوجوه الإعلامية القديمة الداعمة للنظام.
لم يتم استخدام هذه الوجوه الجديد لتلميع صورة نظام السيسي فقط، وإنما لتشويه المعارضين أيضًا والنيل من كل من يشكك في أهلية السيسي لقيادة مصر، فقد وجهت القيادات الإعلامية الجديدة أقلامها وبرامجها لتشويه المعارضين.
مجزرتي رابعة والنهضة: “اسأل عباس”
في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2013 فاضت ميادين مصر وشوارعها بالدماء، فبعد الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي، أول رئيس مصري مدني منتخب، توجه السيسي وجماعته لإبادة أنصار الشرعية ومساندي مرسي.
قُتل الآلاف في وقائع منفصلة، ووقعت أخطر وقائع القتل الجماعي للمتظاهرين يوم 14 أغسطس/آب، حين سحقت قوات الأمن الاعتصام الكبير المؤيد لمرسي في منطقتي رابعة العدوية والنهضة، وقد وصفتها منظمة هيومن رايتس ووتش بأنها “إحدى أكبر وقائع القتل الجماعي لمتظاهرين سلميين في يوم واحد في تاريخ العالم الحديث”.
فتحت قوات الأمن والجيش النيران على المعتصمين المدنيين العزل، باستخدام الذخيرة الحية، فقتل المئات بالرصاص الموجه إلى رؤوسهم وأعناقهم وصدورهم، ووجدت هيومن رايتس ووتش أيضًا أن قوات الأمن استخدمت القوة المميتة دون تمييز، إذ كان القناصة المتمركزون داخل ناقلات الأفراد وبجوارها يطلقون أسلحتهم على حشود كبيرة من المتظاهرين.
ورّط عباس كامل الرئيس مرسي وتسبب في وفاته وفق أسرة الرئيس الراحل، مع ذلك لم يُعاقب، بل العكس ما حصل
مجزرتان صب فيهما جنود السيسي النار على آلاف المعتصمين، النساء والأطفال والشيوخ، فأثخنوا قتلًا وحرقًا وعاثوا فسادًا ودمارًا، حتى ضج ميدانا رابعة والنهضة بالدماء واختلط الأموات بالأحياء، وحُرّقت الجثث وتطايرت الأشلاء وضاعت الهويات.
أنكر السيسي مسؤوليته عن هذه المجازر، لكنه ألمح إلى مسؤولية رفيق دربه وكاتم أسراره اللواء عباس كامل، ففي تسريب صوتي لأول حديث صحفي أدلى به السيسي بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، أشار السيسي لكامل، وذلك عندما سأل الصحفي المحاور السيسي عن عدد ضحايا فض اعتصامي رابعة والنهضة أجاب: “اسأل عباس”.
“اسأل عباس”، يعني أن الملف كان بيد مدير مكتب وزير الدفاع حينها، وهو الذي يملك التفاصيل كلها عن هذه المجازر التي ارتكبت بحق آلاف المصريين الأبرياء، الذي كان ذنبهم الوحيد الدفاع عن مدنية الدولة ورغبتهم في النهوض بمصر.
قتل مرسي
إلى جانب كل ذلك، تولى عباس كامل، رئاسة لجنة الخبراء المكلفة بفحص أحراز قضية “التخابر مع قطر”، المتهم بها الرئيس الراحل محمد مرسي و10 آخرين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين بتهمة تسريب وثائق الأمن القومي لدولة قطر كما أدلى بشهادته في تلك القضية عام 2015.
في شهادته التي قدمها في هذه القضية، قال اللواء كامل: “في أثناء الفحص وعمل اللجنة، تبين عدم وجود دفاتر لتسجيل أي مكاتبات سيادية (وثائق سرية) واردة من الجهات السيادية إبان فترة تولي مرسي”.
وأضاف “الثابت لدى عمل اللجنة أن كل المكاتبات الخاصة بالمخابرات العامة والداخلية كانت ترد بمظاريف مغلقة، لكنه لم يجد تلك المظاريف ليتم معرفة أرقام الصادر والوراد لها، وأن ما ثبت بالدفاتر خلال تولي مرسي الرئاسة، هو فقط المكاتبات العادية المتداولة بين الرئاسة والجهات الأخرى، أما مكاتبات الجهات السيادية لم تسجل بأي دفتر نهائيًا”.
أراد كامل من خلال هذه الشهادة التي شككت فيها هيئة الدفاع عن المتهمين، أن يورط الرئيس الراحل الذي أسندت إليه اتهامات عديدة من بينها: “ارتكاب جرائم الحصول على سر من أسرار الدفاع، واختلاس الوثائق والمستندات الصادرة من الجهات السيادية للبلاد، المتعلقة بأمن الدولة، وإخفائها وإفشائها إلى دولة أجنبية، والتخابر معها بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي، وبمصالحها القومية”.
كانت أسرة الرئيس الراحل محمد مرسي قد حمّلت، قبل وفاة مرسي، “قائد الانقلاب السفاح” عبد الفتاح السيسي المسؤولية الكاملة عن حياته، وقال نجل مرسي، أحمد: “نحمل وزير الدفاع القاتل كامل المسؤولية عن حالته وتلقيه العلاج المناسب، كما نحمل عباس كامل (رئيس المخابرات) كامل المسؤولية عما يحيكه من مؤامرات للتخلص من حياته”.
ورط عباس كامل الرئيس مرسي وتسبب في وفاته وفق أسرة الرئيس الراحل، مع ذلك لم يُعاقب بل العكس ما حصل، إذ تمت ترقيته وأصبح الرجل الأقوى والأبرز في منظومة الحكم المصرية، كأنه “الرئيس الظل”.