عنوَن الإعلامي الإسرائيلي، مجدي حلبي، مقالًا له في صحيفة “يسرائيل هيوم” بجملة “كأس العالم قطر يظهر أن إسرائيل لا تزال مكروهة”، وأضاف الإعلامي الإسرائيلي أن كأس العالم في قطر وضع “إسرائيل” وجهًا لوجه مع حقيقة غير سارّة وواقع قاسٍ مؤلم للغاية للإسرائيليين، ولأول مرة جميع الإسرائيليين الذين كانوا إلى وقت قريب متحمّسين للغاية بشأن الخليج العربي، أصبح لديهم انطباعًا مريرًا لعلامات الرفض والتجاهل التي قوبل بها الإسرائيليون في دولة عربية مسلمة.
احتفاء عربي وغربي بفلسطين في قطر، كأنها الفريق رقم 33 في المسابقة الكروية الأكبر في العالم، في المقابل، على بُعد بضعة الكيلومترات فقط، نرصد تنامي مظاهر التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، فمع فتح القطريين أبوابهم لاحتضان داعمي القضية الفلسطينية، كثف الإماراتيون من تطبيعهم مع الإسرائيليين.
حضور فلسطيني قوي في قطر
دون مبالغة، يمكن اعتبار فلسطين الفريق رقم 33 في مونديال قطر، إذ حضرت الأعلام والأهازيج الفلسطينية طيلة أيام المونديال، أكثر من رايات الدول المشاركة في كأس العالم الذي يقام لأول مرة في دولة عربية ومسلمة.
حملت الجماهير العربية، خاصة جماهير الدول الأربعة المشاركة في المونديال، رايات فلسطين وتغنّت بحبّها للأقصى والقدس وغزة والضفة الغربية، لتذكير الشعوب بأن القضية الفلسطينية حاضرة بقوة لدى العرب رغم محاولات الإلهاء.
حضرت فلسطين بقوة في قطر في الوقت الذي كثّفت فيه الإمارات من أنشطة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وأقامت فعاليات تطبيعية على جميع المستويات التعليمية والفنية والطبية
لم يكن رفع الرايات الفلسطينية حكرًا على العرب فقط، وإنما شمل أغلب جماهير المونديال التي احتفت بحبّها لفلسطين، ولم تترك فرصة إلا واغتنمتها لإثبات ذلك، فامتزج العلم الفلسطيني مع باقي رايات الدول المشاركة في ملاعب المونديال الثمانية، وامتدَّ إلى الشوارع والطرقات والساحات العامة، إذ هتفت آلاف الجماهير في الملاعب بالروح والدم نفديك يا فلسطين، وارتدوا الكوفية الفلسطينية على أكتافهم، ونزل مشجّع تونسي إلى ساحة مباراة منتخبه ضد نظيره الفرنسي حاملًا العلم الفلسطيني، حتى يذكّر العالم أجمع بالقضية المركزية لدى العرب.
سعودي يوبخ ويهين صحفي إسرائيلي ويقول له: “أنت غير مرحب بك، هنا في #قطر فقط فلسطين ولا مكان لإسرائيل”.#كأس_العالم_قطر2022 pic.twitter.com/UHTqN1Y0yl
— رضوان الأخرس (@rdooan) November 26, 2022
حضور فلسطيني كبير، قابله رفض للإسرائيليين في الدوحة، ما جعل العديد من الإعلاميين الإسرائيليين يعمدون إلى إخفاء هويتهم حتى لا يتمّ إذلالهم، فهم كانوا يظنون أن الجماهير ستستقبلهم بالورود، خاصة بعد اتفاقيات التطبيع الأخيرة مع 4 دول عربية.
لقد جن جنون الصهاينة وأصيب إعلامهم بالصدمة، بعد أن ارتجت المدرجات في مباراة قطر وهولندا بهتافات بالروح بالدم نفديك يا فلسطين ❤️ pic.twitter.com/OlyLdnESai
— جهاد حِلِّس (@jhelles) November 29, 2022
هذا الاحتفاء الكبير بفلسطين لم يحدث بمحض الصدفة، إذ فتحت قطر أبوابها للمساهمة في التعريف بالقضية الفلسطينية، وإعادتها إلى ساحة الأحداث الدولية بعد سنوات التهميش التي طالتها، ووفّرت مساحة كبيرة في منطقة المشجّعين للفلسطينيين وأنصارهم لإثارة قضية احتلال أراضيهم.
الوضع مختلف في الجارة الإمارات
يشعر الإسرائيليون وإعلامهم بالهزيمة في الدوحة، ويرون أن الفلسطينيين حقّقوا هدفًا وفوزًا كبيرَين في مونديال قطر، وهو ما لم يكن في الحسبان، فقد كان ظنهم أن اتفاقيات أبراهام قد حسّنت صورتهم لدى العرب، لكن في الوقت الذي فتحت فيه قطر أبوابها للفلسطينيين ومساندي القضية الفلسطينية من عرب وأجانب، قرر الإماراتيون زيادة نسق التطبيع مع الكيان الصهيوني ومنح الإسرائيليين مفاتيح البلاد.
آخر مظاهر هذا التطبيع كان بحضور زعيم حركة “المنعة اليهودية”، اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، حفل استقبال لدولة الإمارات العربية المتحدة في تل أبيب.
سارعت قطر لنصرة الفلسطينيين في المونديال الذي تحتضنه، وهو أمر اعتادت عليه في السنوات الأخيرة.
جرت دعوة السياسي المتطرف، المتوقَّع أن يصبح وزيرًا للأمن القومي في الحكومة المقبلة، لحضور فعاليات اليوم الوطني التي استضافها سفير الإمارات العربية المتحدة، محمد آل خاجة، في فندق هيلتون، كما حضر الحفل نفسه رئيس الوزراء الإسرائيلي المفترض، بنيامين نتنياهو، ووزراء من الائتلاف المنتهية ولايته وأعضاء كنيست من جميع الأحزاب، وقدّم السفير الإماراتي شالات احتفالية لنتنياهو وزوجته أثناء وجودهما على خشبة المسرح في حفل الاستقبال.
بطل من أبطال نادي فلسطين
في كأس العالم ????♥️♥️♥️.#مونديال_قطر_2022 pic.twitter.com/wG5P6PIwh8
— نادي فلسطين ?? (@Palestineclub22) November 29, 2022
جدير بالذكر أن بن غفير تعهّد خلال الحملة الانتخابية بطرد الفلسطينيين الذين “يحرّضون” على “إسرائيل”، وفرض حكم الإعدام على المقاومين، فضلًا عن أن البرنامج العامّ لحركته يدعو إلى تشجيع فلسطينيي الداخل على الهجرة، وأكّد بن غفير أنه سيعمل على المسّ بظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وجعلها أكثر سوءًا.
كما قاد بن غفير على مدى سنوات حملات تنكيل ضد الفلسطينيين، ما جعله محل متابعة قضائية، إذ قدمت النيابة العامة في “إسرائيل” ضده 53 لائحة اتهام بممارسة العنف ضد الفلسطينيين والتحريض عليهم.
تنامي موجة التطبيع
منذ بداية مونديال قطر، حضرت القضية الفلسطينية بقوة وكثافة بين المشجّعين واللاعبين، سواء من خلال رفع الأعلام أو الهتافات وغيرها من الفعاليات الثقافية والفنية الجانبية، في المقابل، وفي الوقت ذاته، كثّفت الإمارات من أنشطة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وأقامت فعاليات تطبيعية على جميع المستويات التعليمية والفنية والطبية.
يأتي ذلك بعد عامَين من توقيع الإمارات مع كيان الاحتلال الصهيوني على اتفاقيات أبراهام، التي توسّطت فيها الولايات المتحدة مع البحرين والسودان والمغرب أيضًا، وتضمّنت الاتفاقيات موافقة الإمارات على تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة.
تنامت المبادلات التجارية بين الطرفَين، وتظهر بيانات الأمم المتحدة أنه في فترة 2020-2021 ارتفعت الصادرات الإسرائيلية السنوية إلى الإمارات من 74 مليون دولار إلى 384 مليون دولار، كما ارتفعت الصادرات الإماراتية نحو “إسرائيل” من 115 مليون دولار إلى 632 مليون دولار.
رئيسة وزراء #كرواتيا كوليندا غرابار كيتاروفيتش تحمل وشاح #فلسطين خلال حضورها مباراة منتخب بلادها مع المنتخب البلجيكي خلال #كأس_العالم_قطر_2022 في #قطر ..#فلسطين_في_المونديال #فلسطين_تنور_الدوحة #كرواتيا_بلجيكا pic.twitter.com/xJin5TOjrm
— جابر الحرمي (@jaberalharmi) December 1, 2022
كما ألغت الإمارات التعريفات الجمركية على 96% من السلع المتداولة مع الإسرائيليين، ووقّعت معهم اتفاقيات متعلقة بالزراعة والطاقة النظيفة والأمن السيبراني والمدن الذكية، وأمضت معها صفقات أسلحة بأموال باهظة.
فضلًا عن ذلك، فتحت الإمارات أبوابها أمام الإسرائيليين لتطوير أسلحتهم الموجهة لقتل الفلسطينيين، إذ ذكر موقع Ice الإسرائيلي أن شركة إيروبوتيكس الإسرائيلية المتخصّصة في جمع المعلومات الجوية وتحليلها، باستخدام الطائرات من دون طيار، تقوم ببناء بنية تحتية لمجموعة من المسيّرات في الإمارات، في صفقة بلغ مجموعها مليونَي دولار.