ترجمة وتحرير: نون بوست
أظهرت أحدث بيانات لمؤشر مديري المشتريات أن الشركات المصرية عانت من انكماش ملحوظ في ظروف التشغيل خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر جراء تضرر الطلب والنشاط التجاري في ظل الضغوط التضخمية. انخفض الإنتاج عند أعلى معدل له منذ أول إغلاق نتيجة جائحة كورونا في أيار/ مايو 2020، حين تسبب هبوط قيمة الجنيه المصري في ارتفاع أسعار الشراء بأسرع وتيرة منذ أكثر من أربع سنوات. ورغم الانخفاض السريع في الطلبات الجديدة، توسّع نطاق مستويات التوظيف للمرة الرابعة في خمسة أشهر، بينما انتعشت الثقة في قِطاع الأعمال بشكل طفيف مقارنة بأدنى مستوياتها في تشرين الأول/ أكتوبر.
تراجع مؤشر “ستاندرد آند بورز غلوبال” لمديري المشتريات في مصر بنسبة معدلة موسميًا – وهو مؤشر مركب يهدف إلى إعطاء لمحة عن ظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير النفطي – من 47.7 في تشرين الأول/ أكتوبر إلى 45.4 في تشرين الثاني/ نوفمبر. وهذه ثاني أدنى قراءة منذ حزيران/ يونيو 2020، وهو ما يمدد التسلسل الفرعي الحالي البالغ 50.0 إلى سنتين (وأي قراءة أقل من 50.0 تشير إلى انكماش).
كان محور الركود الأساسي الانخفاض السريع في النشاط التجاري، وقد أفاد المشاركون في الاستطلاع بأن الارتفاع المتسارع في التكاليف وانخفاض الطلبات الجديدة أجبرهم على خفض الإنتاج. ويعد التراجع الذي سجله النشاط الأكثر حدةً لمدة سنتين ونصف، والأكثر حدة منذ كانون الثاني / يناير 2017 مع استثناء المرحلة الأولى من جائحة كورونا.
ظلت المخاوف بشأن ارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار الفائدة وضعف العملة وتباطؤ الاقتصاد العالمي عوامل مثبطة للمعنويات
تفاقم معدل تراجع الطلبات الجديدة في تشرين الثاني/ نوفمبر وسط تقارير عن تخفيضات في الإنفاق لدى العملاء بسبب التضخم السريع وارتفاع أسعار الفائدة. وعلى غرار الإنتاج، شهدت الأعمال التجارية الجديدة انخفاضاً إلى أقصى درجة منذ أيار/ مايو 2020. كما انخفضت مبيعات التصدير وسط تباطؤ الظروف الاقتصادية العالمية.
مثّل الانخفاض الحاد في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي أحد العوامل الواضحة وراء التراجع الأخير في الأداء التشغيلي، حيث تم تعويم العملة لنيل موافقة صندوق النقد الدولي على اتفاقية قرض جديدة. وكانت النتيجة الفورية تسارعًا حادًا في تضخم أسعار الشراء إلى أعلى مستوى لها خلال 52 شهرًا. والجدير بالذكر أن أكثر من 42 في المئة من الشركات التي شملها الاستطلاع شهدت زيادة في التكاليف الإجمالية منذ تشرين الأول/ أكتوبر، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف نسبة الشركات التي شهدت ارتفاعًا متزامنًا في أسعار البيع (14 في المئة). مع ذلك، تسارع تضخم رسوم الإنتاج مقارنة بالشهر السابق مع أن النتائج أشارت إلى بعض التردد في زيادة الرسوم مع استمرار انخفاض المبيعات.
من ناحية الشراء، دفع ارتفاع تكاليف الاستيراد وانخفاض الطلبات الجديدة الشركات إلى خفض مستويات شراء مستلزمات الإنتاج بسرعة في تشرين الثاني/ نوفمبر. أشارت بعض الشركات إلى استخدام الأسهم القديمة لتلبية الطلب مما ساهم في انخفاض طفيف في إجمالي المخزونات. كما تعرقلت الإمدادات بسبب إطالة مواعيد التسليم المتجددة.
لجأت الشركات المصرية إلى زيادة عدد موظفيها للمرة الرابعة في خمسة أشهر خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر بأسرع معدل منذ أكثر من ثلاث سنوات. مع ذلك، زاد حجم الطلبات المتراكمة مرة أخرى حيث ورد أن بعض الشركات واجهت اضطرابًا جديدًا في سلاسل التوريد بسبب قيود الاستيراد. وأبلغت الشركات عن زيادة طفيفة في الأجور في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
بالنظر إلى المستقبل، كانت الشركات المصرية أكثر تفاؤلاً بقليل بشأن الإنتاج المستقبلي في تشرين الثاني/ نوفمبر، ولو جاء ذلك بعد انخفاض قياسي في تشرين الأول/ أكتوبر. وظلت المخاوف بشأن ارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار الفائدة وضعف العملة وتباطؤ الاقتصاد العالمي عوامل مثبطة للمعنويات.
تعليق
قال ديفيد أوين، الخبير الاقتصادي في مؤسسة “ستاندرد آند بورز العالمية للبحوث التسويقية”، إن “الشركات المصرية تلقت ضربةً فورية في الطلب نتيجة الانخفاض السريع في قيمة الجنيه منذ أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إذ تشير نتائج مؤشر مديري المشتريات لشهر تشرين الثاني/ نوفمبر إلى أسوأ انخفاض في الإنتاج والطلبات الجديدة منذ أيار/مايو 2020. باستثناء مرحلة الإغلاق الأولى لكوفيد-19، فإن هذا الانخفاض في النشاط هو الأسرع منذ بداية سنة 2017”.
وأضاف الخبير أن “انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار الأمريكي أدى إلى زيادة ملحوظة في أسعار المواد الخام التي تفاقمت بالفعل بسبب قيود الاستيراد منذ أوائل سنة 2022. كما سجل تضخم أسعار الشراء أعلى مستوى له في 52 شهرًا، مما دفع 42 بالمئة من الشركات التي شملها الاستطلاع إلى الإبلاغ عن ارتفاع في إجمالي تكاليف المدخلات خلال الشهر. وقد كانت هذه النسبة أعلى بثلاث مرات من الشركات التي سجلت زيادة في أسعار البيع في تشرين الثاني/نوفمبر (14 بالمئة)، مما يشير إلى أن معظم الشركات كانت تتحمل عبء ارتفاع التكاليف مع استمرار التدهور في الطلب”.
وأوضح الخبير أن “التراجع الأخير جاء في خضم ارتفاع طارئ في أسعار الفائدة بنسبة 2 بالمئة، وسط جهود متواصلة لخفض التضخم من أعلى مستوى له في أربع سنوات عند 16.2 بالمئة. يشير أحدث تحرك في سوق العملات إلى ارتفاع آخر في التضخم في تشرين الثاني/نوفمبر، ومن المأمول أن يساهم تباطؤ الطلب وانخفاض أسعار السلع في التخفيف من ضغوط الأسعار على المدى المتوسط إلى الطويل”.
المصدر: شركة “ستاندر أند بوروز العالمية”