تتجه أنظار المغاربة والعرب والأفارقة عشية اليوم السبت، إلى ملعب الثمامة في العاصمة القطرية الدوحة، حيث تدور المباراة المرتقبة لممثل العرب في كأس العالم، منتخب أسود الأطلس ونظيره البرتغالي في إطار دور ربع النهائي.
مباراة ينتظرها الملايين، فالآمال معلقة في المنتخب المغربي لتحقيق إنجاز عربي في المونديال طال انتظاره، مباراة صعبة لكن المستحيل ليس مغربيَا؛ فأبناء المدرب وليد الركراكي يصرون على مواصلة التحدي والنجاح وررما العودة بالكأس الأغلى من الدوحة.
حصيلة يوم أمس
قبل الحديث عن مباراة المغرب والبرتغال، لا بدّ من العودة إلى حصيلة مباريات أمس الجمعة، التي عرفت تواصل المفاجآت، إذ أقصت كرواتيا البرازيل من المونديال، ما جعل آمال نيمار بمداعبة كأس العالم مستحيلة.
بدا منتخب السيليساو – الأكثر تتويجا بلقب كأس العالم برصيد خمسة ألقاب -مسيطرًا على المباراة لكن غابت النجاعة المطلوبة طيلة شوطي المباراة، إلى أن سجل نيمار من مجهود فردي في الدقيقة الأولي من الوقت بدل الضائع من الشوط الإضافي الأول (الدقيقة 105)، هدف الأسبقية.
كانت المباراة متجهة نحو فوز البرازيل، لكن برونو بتكوفيتش كان له رأي أخر، إذ أدرك التعادل في الشوط الإضافي الثاني بتسديدة غيرت اتجاهها في الدقيقة 117 لتمتد المواجهة إلى ركلات الترجيح، وتفوز كرواتيا – وصيف بطل مونديال 2018- بفضل قوة حارسها دومينيك ليفاكوفيتش الذي تألق في المباراة وسلسلة ركلات الجزاء.
We proudly present…
…your #Croatia heroes of #Qatar2022! ?#FIFAWorldCup #Family #Vatreni❤️? pic.twitter.com/wbsniX3ADP
— HNS (@HNS_CFF) December 9, 2022
بهذه النتيجة، أنهى منتخب “فاتريني” أحلام السيليساو في المونديال وأضاع منهم حلم التتويج باللقب، وحكم عليه بالرحيل مبكرًا عن قطر، كما وضع حدّا لآمال النجم نيمار بمجاورة الأساطير البرازيلية التي حملت كأس العالم في 5 مرات سابقة.
رافق منتخب الأرجنتين منتخب كرواتيا إلى دور نصف النهائي، بعد تغلبه هو أيضًا بركلات الترجيح على هولندا 4-3 بعد تعادل مثير 2-2 في مباراة شهدت أكبر عدد من البطاقات الصفراء في مونديال قطر إلى حدّ الآن.
فوز جاء بشق الأنفس ??
وجاء الآن وقت الاحتفال بالتأهل ??#كأس_العالم_FIFA | #قطر2022 pic.twitter.com/QXgMsAZ353
— كأس العالم FIFA ? (@fifaworldcup_ar) December 9, 2022
افتتح ناهويل مولينا التسجيل للأرجنتين بتمريرة حاسمة سحرية من ميسي في الدقيقة 35، وأضاف الأخير الثاني من ركلة جزاء في الدقيقة 73، إلا أن البديل فاوت فيخهورست قلّص الفارق في الدقيقة 83 قبل أن يسجل هدف التعادل في الدقيقة الحادية عشرة من الوقت بدل الضائع (90+11)، ويلجأ الفريقان إلى شوطين إضافيين ومن ثم ركلات الجزاء.
اختار مشرفو التنظيم ميسي كرجل للمباراة بتسجيله هدفًا وصناعته آخر ونجاحه بترجمة أولى الركلات الترجيحية التي فتحت الباب لفوز التانجو، لكن الحكم الإسباني ماتيو لاهوز كان نجم المباراة دون منازع.
رفع الحكم الإسباني 16 بطاقة صفراء في رقم قياسي، ولم يسلم منها اللاعبون الموجودون في الميدان أو على دكة البدلاء ولا المدربون، ما أثّر على الانسيابية في اللعب، وهو ما جعل ميسي يقول “على الاتحاد الدولي لكرة القدم ألا يعين مثل هؤلاء الحكام لإدارة هذا المستوى من المباريات”، واتهم لاهوز بأنه “تحامل على لاعبي منتخبنا بشكل واضح”.
لأنظار متجهة صوب المغرب
كما قلنا في البداية فإن الأنظار تتجه صوب ملعب الثمامة، حيث المواجهة المرتقبة بين المغرب والبرتغال، مواجهة بين أقوى خط دفاع وهو الدفاع المغربي الذي لم يقبل إلا هدفًا وحيدًا طيلة المونديال، وأقوى خط هجوم، وهو الهجوم البرتغالي الذي سجّل 12 هدفًا في 4 مباريات فقط.
يدخل أسود الأطلس هذه المباراة التي ينتظرها عشاق كرة القدم، خصوصًا في العالم العربي وأفريقيا ودول المهجر، بآمال وطموحات قوية لا حدود لها، كما أكده المدرب وليد الركراكي، الذي يطمح في مواصلة كتابة التاريخ.
يطمح المغرب إلى كتابة فصل جديد في تاريخ المونديال، والتأهل لنصف نهائي المسابقة للمرة الأولى في تاريخ مشاركاته، وفي سجلات الكرة العربية والأفريقية، لكن المهمة ليست سهلة إذ سيواجه منتخبًا عتيدًا يمتلك العديد من اللاعبين المهاريين.
ويعتبر المنتخب المغربي، أول منتخب عربي ورابع منتخب أفريقي يبلغ ربع نهائي كأس العالم عقب فوزه بركلات الترجيح أمام إسبانيا بطلة مونديال 2010 (3ـ0) بعد نهاية المباراة في 120 دقيقة من الوقتين الأصلي والإضافي دون أن تهتز فيها الشباك.
يا جمال منتخب المغرب
فعلوها الأسود
ألف مبرووك ?⚽️#المغرب#كاس_العالم#مصطفى_حسني#MustafaHosny pic.twitter.com/191GGchtol
— Mustafa Hosny (@MustafaHosny) December 6, 2022
هذا الإنجاز حققه منتخب أسود الأطلس على حساب منتخبات من العيار الثقيل عالميًا، بدأه بتعادل سلبي أمام كرواتيا وصيفة نسخة روسيا، وفوز ثمينة على بلجيكا الثالثة في نفس النسخة بنتيجة 2- 0، ثم انتصار غالي على كندا 2- 1.
يأمل المغرب في مواصلة مغامرته التاريخية وإضافة البرتغال إلى قائمة ضحاياه، وسبق أن تغلب برازيل أوروبا على أسود الأطلس بنتيجة هدف دون مقابل في الجولة الثانية من دور المجموعات في مونديال روسيا سنة 2018، وكانت تلك المواجهة الثانية بين الفريقين في تاريخهما بعد الأولى عام 1986 عندما فاز المغرب 3- 1وبلغ الدور الثاني للمرة الأولى في تاريخه وتاريخ المنتخبات العربية والأفريقية.
كما يأمل الأسود أن يصبحوا أول منتخب أفريقي يبلغ نصف النهائي، وهي المهمة التي عجزت عنها 3 منتخبات من القارة السمراء في تاريخ المونديال، وهي: الكاميرون في نسخة إيطاليا 1990، والسنغال في كوريا الجنوبية واليابان (2002)، وغانا في مونديال جنوب أفريقيا (2010).
ركائز أسود الأطلس
يمتلك وليد الركراكي لاعبين متعطشين للوصول بعيدًا وصنع التاريخ، أبرزهم الثلاثي الهجومي حكيم زياش وسفيان بوفال ويوسف النصيري، الذين يضع عليهم جماهير المغرب آمالا عريضة للفوز على رفاق كريستيانو رونالدو الحائز على الكرة الذهبية في 5 مرات.
كما يعدّ أشرف حكيمي – الذي تدرب مع منتخب إسبانيا على مستوى الشباب، قبل أن يحسم ولاءه لموطن والديه- أحد أبرز اللاعبين في صفوف منتخب المغرب دون أدنى شك، وسيعول عليه الركراكي لقيادة خط الدفاع وصدّ هجوم منتخب البرتغال الذي سجّل 12 هدفًا في مبارياته الأربعة السابقة في مونديال قطر.
إضافة إلى قوته الدفاعية، يتمتع لاعب النادي الباريسي بحضور ديناميكي ومتفجر، وهو مغرم بالانطلاقات السريعة التي تخوله الانضمام إلى الهجوم، وهو ما يحتاجه المنتخب المغربي في مباراته المرتقبة عشية اليوم.
Ma nation ❤️?? pic.twitter.com/mwWFjC655p
— Achraf Hakimi (@AchrafHakimi) December 7, 2022
من المتوقع أن يحافظ وليد الركراكي على نفس الخطة التكتيكية التي اعتمدها منذ بداية المونديال وتشكيلته المثالية، إذ سيكون حامي العرين ياسين بونو، أما رباعي الدفاع فهم سايس وأكرد والظهيرين مزراوي وأشرف حكيمي، مرورًا بخط الوسط بقيادة الرباعي سفيان أمرابط وسليم أملاح وحكيم زياش وعز الدين أوناحي، ويوسف النصيري كقلب هجوم.
ويعول أسود الأطلس في هذه المواجهة على قوته الدفاعية، حيث دخل مرماه هدفا واحدا فقط ومن نيران صديقة عندما سجل المدافع نايف أكرد في المباراة ضد كندا بالخطأ في مرمى الحارس ياسين بونو، صاحب “الملحمة” ضد إسبانيا بتصديه لركلتين ترجيحيتين.
إلى جانب قوة اللاعبين وحنكة المدرب وليد الركراكي، يعول المغرب على المؤازرة الجماهيرية داخل الملعب، ومكنت الجماهير الحاضرة بقوة في ملاعب قطر أسود الأطلس من دفع قوي طيلة مبارياتهم السابقة.
ساعات قليلة تفصل المغرب والعرب على انتصار وإنجاز طال انتظاره لسنوات أو ربما لعقود، يمكن أن يغير نظرة الغرب للاعب والمدرب العربي، ويؤكد التطور الذي وصلته الكرة العربية في السنوات الأخيرة، وله أن يدخل البسمة والفرحة في قلوب الملايين الذين ينتظرون بفارغ الصبر إنجازًا كرويًا على غفلة من أزماتهم.