ترجمة وتحرير: نون بوست
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022؛ ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن “مسؤولي المخابرات الأمريكية قاموا بتجميع تقرير سري يشرح بالتفصيل الجهود المكثفة للتلاعب بالنظام السياسي الأمريكي من قبل الإمارات العربية المتحدة، بما في ذلك المحاولات القانونية وغير القانونية لتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية بطرق مواتية للاستبداد العربي”، وهو التقرير الذي تم تجميعه من قبل مجلس الاستخبارات الوطني ومشاركته مع كبار صانعي السياسات؛ حيث يوضح باختصار ما وصل إليه تدخل الإمارات في السياسة الأمريكية الآن من مستوى أقلق الأمن القومي في مجتمع الاستخبارات.
وعلى الرغم من أن التقرير لا يزال سريًا وغير متاح للجمهور، إلا أن العديد من محاولات الإمارات للتدخل في السياسة الأمريكية معروفة جيدًا، فلقد تعاونت الولايات المتحدة مع الإمارات في عدد من قضايا السياسة الخارجية الرئيسية، حتى مع بذل الإمارات جهودًا كبيرة لتعزيز نفوذها في واشنطن، عبر الوسائل القانونية وغير القانونية، ومن أبرز الأمثلة التي تكشف ذلك؛ رجل الأعمال اللبناني الأمريكي، جورج نادر، الذي أقر بأنه مذنب في تهم ضخ ملايين الدولارات إلى الانتخابات الأمريكية نيابة عن الإمارات.
ومن أحد الأمثلة على جهود التأثير القانوني لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ تم تسليط الضوء مؤخرًا على التشابكات العسكرية الأمريكية مع الإمارات من خلال صحيفة واشنطن بوست ومشروع الكشف عن الرقابة الحكومية؛ حيث أشارت الصحيفة إلى أن 280 من الأفراد العسكريين الأمريكيين السابقين كانوا يعملون بشكل قانوني كمتعاقدين ومستشارين للإمارات، وقد شمل ذلك عددًا من الجنرالات والأدميرالات السابقين، بمن فيهم الجنرال جيم ماتيس، الذي شغل منصب وزير الدفاع خلال إدارة ترامب، بعد أن عمل مستشارًا للجيش الإماراتي. وعرضت الإمارات بشكل قانوني على هؤلاء الجنود الأمريكيين السابقين تعويضات سخية للغاية يمكن أن تتجاوز ربع مليون دولار حتى للأفراد الأقل رتبة، وهو ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الترتيبات تشكل تضاربًا في المصالح لأعضاء الخدمة، مثل ماتيس، ممن سيذهبون بعد ذلك للعمل لدى الحكومة الأمريكية مرة أخرى، وفقًا للتحقيق المنشور.
وبالإضافة إلى ذلك؛ أنفقت الإمارات مليارات الدولارات أيضًا لشراء معدات وأسلحة عسكرية أمريكية؛ إذ تعد الإمارات في الواقع ثالث أكبر متلق للأسلحة الأمريكية في السنوات الخمس الماضية، بعد أفغانستان والمملكة العربية السعودية فقط، وفقًا لتقرير معهد كوينسي الذي أعده ويليام هارتونج.
في الوقت نفسه، اتُهمت القوات الإماراتية ووكلاؤها، الذين يقاتلون في حرب اليمن المدمرة، بالتعذيب والقتل العشوائي للمدنيين بالإضافة إلى جرائم حرب أخرى. وحتى بعد سحب معظم قواتها من اليمن في عام 2020؛ واصلت الإمارات دعم العديد من الجماعات المسلحة غير الحكومية من خلال التدريب المباشر وبناء القدرات والدعم اللوجستي ودفع رواتبهم. وطوال حرب اليمن، استمرت الإمارات والسعودية – شريكتها في الصراع – في تلقي الدعم العسكري والأسلحة الأمريكية، بالإضافة إلى المشورة المدفوعة التي تلقتها الإمارات من المستشارين العسكريين الأمريكيين.
على الرغم من أن التشابكات العسكرية تشكل مكونًا رئيسيًا في العلاقة بين الولايات المتحدة والإمارات، إلا أن العلاقات الدبلوماسية أدت إلى تنفيذ اتفاقيات إبراهيم لعام 2020، والتي أدت إلى تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والإمارات والبحرين والمغرب والسودان. ففي حين وُصفت اتفاقيات إبراهيم بأنها خطوة نحو السلام في الشرق الأوسط – على الرغم من أن الموقعين لم يكونوا في حالة حرب – تم استخدام اتفاقيات “السلام” هذه لزيادة عسكرة السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط وليس تقليلها، إلا أن الإمارات هدفت من تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” إلى الضغط من أجل تحقيق مزيد من التشابكات العسكرية الأمريكية، بما في ذلك الحصول على بعض الأسلحة الأكثر تقدمًا في ترسانة الجيش الأمريكي وعقد اتفاقية أمنية رسمية مع الولايات المتحدة، كما نوقش بمزيد من التفصيل أدناه.
وقد تأثرت هذه القضايا والعديد من القضايا الاقتصادية والعسكرية التي تحرك السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط تأثرًا كبيرًا بالمصالح الإماراتية التي غالبًا ما تتعارض مع المصالح الأمريكية. وقد احتلت عدة عمليات تأثير غير مشروعة نظمتها الحكومة الإماراتية – بما في ذلك ضخ ملايين الدولارات إلى الانتخابات الأمريكية – عناوين الصحف. ومع ذلك، وخلف الكواليس، كانت كل من هذه القضايا هدفًا لعملية نفوذ قانونية كبيرة في الإمارات. وهذا يشمل قدرًا غير عادي من الضغط والعلاقات العامة ومحاولات التأثير ذات الصلة من قبل الوكلاء الأجانب الإماراتيين في الولايات المتحدة، المشار إليها هنا باسم اللوبي الإماراتي.
يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل لهذا المكون القانوني لعمليات التأثير الإماراتي في الولايات المتحدة، ولا يتعمق أكثر في عمليات الانتخابات والتدخل السياسي غير المشروع في الإمارات. ويركز هذا التقرير أيضًا على المسجلين فقط في قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA)، الذين يعملون لدى عملاء الإمارات في عامي 2020 و2021. وحتى في حدود هذا النطاق البحثي، فإن عمل اللوبي الإماراتي ملحوظ، حيث مثلت المصالح الإماراتية 25 شركة في الولايات المتحدة، خلال هاتين السنتين فقط؛ وأبلغت تلك الشركات عن اتصالها بـ 10,765 من صانعي السياسات ووسائل الإعلام ومراكز الفكر وغيرهم من العملاء الإماراتيين، وهو الرقم المذهل الذي استدعى أن تدفع لهم الإمارات أكثر من 64 مليون دولار مقابل هذا العمل. وهذا يجعل اللوبي الإماراتي واحدًا من أكثر جماعات الضغط الأجنبية تمويلا، وفقًا لأوبن سيكريتس؛ حيث تتفوق أنشطته السياسية المبلغ عنها حتى أنشطة اللوبي السعودي المعروف بالعدوانية.
لإجراء هذا التحليل؛ قمت أنا وزملائي في معهد كوينسي بتحليل كل وثيقة قدمتها المنظمات المسجلة للعمل نيابة عن العملاء الإماراتيين في عامي 2020 و2021. من هذه الوثائق؛ سجلنا كل “نشاط سياسي” تم القيام به لهؤلاء العملاء، وأي “مواد إعلامية” تم توزيعها نيابة عن هؤلاء العملاء، والأموال التي أبلغت هذه المنظمات عن تلقيها من عملاء إماراتيين، ومساهمات الحملة التي قدمتها هذه الشركات والوكلاء الأجانب المسجلين الذين يعملون لصالحهم؛ ثم قمنا بتحليل كل هذا في محاولة لمتابعة المال، وربط النقاط، من أجل تزويد الجمهور بفهم أفضل للقنوات القانونية التي استخدمتها المصالح الإماراتية للتأثير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
يتكون الجزء المتبقي من هذا الموجز من ثلاثة أجزاء؛ حيث يقدم القسم التالي “اللوبي الإماراتي بالأرقام” ملخصًا لعمل اللوبي الإماراتي، بما في ذلك الأنشطة السياسية التي أبلغوا عنها والأموال التي تبرعوا بها لأعضاء الكونغرس، ثم يتطرق قسم “القضايا” اللاحق إلى التفاصيل حول كيفية عمل اللوبي الإماراتي على تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية بشأن عدد من القضايا الرئيسية، بما في ذلك اتفاقيات إبراهيم ومبيعات الأسلحة إلى الإمارات. وأخيرا ، يقدم قسم” النتائج الرئيسية ” استنتاجًا موجزًا.
اللوبي الإماراتي بالأرقام
يقدم هذا القسم لمحة عامة عن جماعات الضغط الأمريكية والعلاقات العامة وغيرها من الشركات المسجلة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA)، والتي كانت تعمل لصالح المصالح الإماراتية في عامي 2020 و2021. ويوفر إحصاءات عن الأنشطة التي قاموا بها، والأموال التي تلقوها، وتلك التي تبرعوا بها للحملات السياسية في الولايات المتحدة. ويحاول قسم “القضايا” اللاحق توثيق كيفية تعزيز كل هذا الأعمال من أجل المصالح الإماراتية في العديد من القضايا المحددة.
لمحة عامة عن أنشطة اللوبي الإماراتي السياسية التي أُبلغ عنها
يكشف تحليل معهد كوينسي لإيداعات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب أن الوكلاء الأجانب العاملين في الإمارات كانوا مشغولين بشكل غير عادي؛ حيث أبلغوا عن 10.765 نشاطًا سياسيًا، في فترة السنتين هذه، حيث تتخطى هذه الأنشطة تلك التي يتم الإبلاغ عنها من اللوبي السعودي النشط سنويًا، وهو بالتأكيد الحد الأدنى، وليس الحد الأقصى، لجميع الأعمال التي يتم القيام بها نيابة عن مصالح الإمارات في الولايات المتحدة.
واختلفت 25 شركة مسجلة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA) للعمل لصالح عملاء إماراتيين في مستوى الشفافية التي يتطلبها ذلك القانون، فقد استوفت شركة أكين جامب شتراوس هاور فيلد للمحاماة (التي يشار إليها من الآن فصاعدا باسم شركة أكين جامب) – وهي الشركة الأعلى أجرًا والأكثر نشاطا في اللوبي الإماراتي – أعلى معايير الشفافية من خلال تقديم جميع ملفات الشركة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA).
في حين قدمت العديد من الشركات التي تعمل لصالح العملاء الإماراتيين تفاصيل قليلة أو معدومة عن أنشطتهم السياسية، على الرغم من لوائح قانون الرقابة المالية، التي تنص على ضرورة الإبلاغ عن الأنشطة “بدرجة من الخصوصية اللازمة للسماح بإجراء تقييم عام هادف لكل خطوة من الخطوات المهمة التي اتخذها المسجل لتحقيق أغراض علاقة الوكالة”. على سبيل المثال؛ أفادت مجموعة غلوفر بارك بأنها قامت بمساعدة جهاز أبوظبي للاستثمار في “بناء علاقات مع قادة الفكر وواضعي السياسات في واشنطن”، لكنها لم تقدم المزيد من التفاصيل حول من هم هؤلاء قادة الفكر، ومتى التقى عملاؤهم معهم، وما الذي ناقشوه. وعلى الرغم من هذه المحاذير، يتم سرد الشركات الأكثر نشاطًا في اللوبي الإماراتي في الجدول 1.
تم توجيه جهود التوعية هذه بشكل كبير إلى مجلس النواب (4346 نشاطًا) ومجلس الشيوخ (2905 نشاطًا) والمؤسسات الإعلامية (2889 نشاطًا). وعلى الرغم من أن اللوبي الإماراتي اتصل بكل مكتب من مكاتب الكونغرس تقريبًا، إلا أن اللجان الرئيسية كانت الهدف الرئيسي لجماعات الضغط التي تعمل من أجل المصالح الإماراتية. على وجه التحديد؛ تم الاتصال بالموظفين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب – التي تناولت عددًا من القضايا الرئيسية التي تهم دولة الإمارات، كما هو موضح أدناه – أكثر من 200 مرة من قبل جماعات الضغط العاملة في دولة الإمارات.
وكان العضو الأكثر اتصالا هو لي زيلدين (جمهوري من نيويورك)، وهو عضو في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب والرئيس المشارك لتجمع مجلس النواب الإسرائيلي، الذي كان مؤيدًا صريحًا لاتفاقية السلام الإماراتية الإسرائيلية عبر اتفاقيات إبراهيم. وكان قادة الأحزاب والأعضاء رفيعي المستوى في اللجان الرئيسية أيضًا أهدافًا رئيسية للوبي الإماراتي، وكان الأعضاء الأكثر استهدافًا هم زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وزعيم الأغلبية في مجلس النواب ستيني هوير، (ديمقراطي من ماريلاند)، ورئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب آدم سميث، (ديمقراطي من واشنطن). بالإضافة إلى هذه المكاتب الديمقراطية التي تم الاتصال بها بشكل كبير، تم الاتصال بعدد من أصحاب المناصب الجمهورية أكثر من 50 مرة بما في ذلك لي زيلدين وتود يونغ (جمهوريان من بنسلفانيا)، وتيد كروز (جمهوري من تكساس). باختصار، شمل تأثير أنشطة اللوبي الإماراتي الحزبين بشكل مؤكد.
وانتشر التواصل الإعلامي من قبل اللوبي الإماراتي بشكل مماثل على نطاق واسع؛ حيث أفاد مسجلو قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA) أنه تم الاتصال بأكثر من 500 وسيلة إعلامية مختلفة نيابة عن الإماراتيين. ومع ذلك؛ انصب النصيب الأكبر من هذه الجهود على التأثير على وسائل الإعلام الرئيسية مثل صحيفة نيويورك تايمز (95 جهة اتصال) وفوربس (61 جهة اتصال) ووول ستريت جورنال (43 جهة اتصال).
وتم الاتصال بمراكز الفكر 90 مرة على الأقل من قبل اللوبي الإماراتي، والجدير بالذكر أن مراكز الفكر الأكثر اتصالا؛ تمثلت في: معهد الشرق الأوسط، والمجلس الأطلسي، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، حيث تلقت جميعها ملايين الدولارات من التبرعات القانونية من الإمارات العربية المتحدة.
متابعة أموال اللوبي الإماراتي
كتعويض عن هذا المبلغ المميز القادم من العمل نيابة عن عملائها الإماراتيين؛ أفادت هذه الشركات المسجلة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA) بتلقيها ما يقارب 64.5 مليون دولار، وعلى الرغم من أن أكثر من عشرين شركة كانت تعمل نيابة عن عملاء إماراتيين؛ فقد تلقت خمس شركات فقط الغالبية العظمى من هذه الأموال من الإمارات العربية المتحدة. وكانت الشركات الكبرى التي استلمت أموالًا من الإماراتيين هي أكين غامب (13.5 مليون دولار)، ومجموعة برونزويك (12.2 مليون دولار)، ومجموعة كامستول (10.5 مليون دولار)، تينيو إستراتيجي (7.2 ملايين دولار)، وهاربور جروب (6.6 مليون دولار).
وكان أكبر المتلقين لأموال الإمارات هم أيضًا أكبر المانحين للحملات السياسية الأمريكية. وعلى وجه التحديد؛ فقد أعلن أكين غامب – في إيداعات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA) – أنه وحده قام بتقديم ما يقرب من 1.1 مليون دولار من المساهمات في الحملة، أي ما يقرب من ثلثي مبلغ 1.65 مليون دولار الذي قدمته جميع الشركات العاملة في اللوبي الإماراتي في سنتي 2020 و2021. وكما هو موضح أدناه< فهذا لا يوحي بأي نوع غير شرعي أو أن الأموال التي جاءت من دولة الإمارات قد استخدمت في تقديم هذه المساهمات، وهو ما يعد انتهاكًا لحظر لجنة الانتخابات الفيدرالية على المساهمات الأجنبية. بالنظر إلى هذا التوضيح؛ تم ذكر أكبر المتلقين للتبرعات السياسية من الشركات التي تعمل نيابة عن المصالح الإماراتية في الجدول 2.
أكبر المستفيدين من مساهمات الحملة من المسجلين في قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA) الذين يعملون من أجل المصالح الإماراتية
تيري ماكوليف |
205,500 دولار |
تشاك شومر |
19,300 دولار |
ستيني هوير |
17,150 دولار |
ليز تشيني |
16,300 دولار |
ريتشارد بلومنتال |
14,450 دولار |
جريجوري ميكس |
14,013 دولار |
مارك وارنر |
11,350 دولار |
كيلي لوفلر |
11,050 دولار |
ماركو روبيو |
10,900 دولار |
كريس كونز |
10,250 دولار |
وكما يوضح الجدول 2، كان المستفيد الأكبر من المساهمات من اللوبي الإماراتي تيري ماكوليف (ديمقراطي من فيرجينيا)، الذي تلقى مساهمة بقيمة 200000 دولار من شركة تراكيت في 31 أغسطس/ آب 2021، وفقًا لإيداع قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA) الخاص بالشركة. وانضم تيري ماكوليف إلى قائمة من قبل عدد من كبار السياسيين الديمقراطيين الآخرين، بما في ذلك زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وزعيم الأغلبية في مجلس النواب ستيني هوير (ديمقراطي من ماريلاند). في حين أن الجدول 2 عبارة عن سياسيين ديمقراطيين في المقام الأول، إلا أن الشركات التي تعمل لصالح العملاء الإماراتيين كانت بالتأكيد تقدم منحها لكلا الحزبين، وفي الواقع تبرعت هذه الشركات ووكلائها الأجانب لأكثر من 450 حملة من كلا الجانبين.
في كثير من الحالات؛ ذهبت هذه المساهمات إلى نفس أعضاء الكونغرس الذين كانت هذه الشركات تتصل بهم نيابة عن عملائهم الإماراتيين؛ حيث أفادت شركة أكين جامب أنها ووكلائها الأجانب المسجلين، بمفردهم؛ قاموا بتقديم مساهمات في الحملة الانتخابية لـ104 من أعضاء الكونجرس الذين اتصل بهم وكلاء الشركة الأجانب نيابة عن الإمارات. وإجمالًا؛ أفادت شركة أكين غامب بأنها تبرعت بمبلغ 528,461.06 دولارًا أمريكيًا لحملات المسؤولين المنتخبين الذين اتصل بهم وكلاء الشركة الأجانب نيابة عن الإمارات. وفي بعض الحالات؛ تم إجراء هذه الاتصالات والمساهمات بفارق أيام فقط. على سبيل المثال؛ عقد السناتور تود يونغ لقاءً شخصيًا مع شركة أكين غامب في 15 أبريل/ نيسان 2021. وبعد أسبوع، تبرعت شركة أكين غامب بمبلغ 5000 دولار للجنة حملته.
وبينما قد يرى البعض هذه الممارسات على أنها سياسة “الدفع مقابل اللعب”، إلا أنها ليست غير قانونية؛ حيث توضح البيانات التكميلية بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA) – والتي تم الحصول على هذه المعلومات منها – أن هذه المساهمات لا يتم تقديمها نيابة عن الإمارات أو أي عميل أجنبي آخر، ولكنها تحمي جماعات الضغط هذه من الاتهامات بأنهم مذنبون بمساعدة الإماراتيين، وأن العملاء ينتهكون حظر لجنة الانتخابات الفيدرالية على المساهمات الانتخابية من الرعايا الأجانب. وتستمد هذه الشركات وجماعات الضغط التي تعمل لديها إيرادات من العملاء المحليين أيضًا، والتي يمكن استخدامها، جنبًا إلى جنب مع مصادر الدخل الأخرى، لتقديم هذه المساهمات. وعلى الرغم من أنه لا يمكن استخدام الموارد الرسمية، بما في ذلك مكاتب الكونغرس، لجمع أموال الحملة، فلا يوجد قانون يمنع عضوًا في الكونجرس من قبول مساهمة الحملة من إحدى جماعات الضغط في نفس اليوم الذي التقوا به، حتى لو كان العمل نيابة عن قوة أجنبية.
القضايا
يحاول هذا القسم توثيق كيف عملت الجهود غير العادية للوبي الإماراتي على تعزيز المصالح الإماراتية في الولايات المتحدة. وعلى وجه التحديد؛ يبحث هذا القسم في عمل اللوبي الإماراتي المتعلق بمبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات واتفاقية أبراهام والحرب في اليمن ومعرض دبي إكسبو 2020.
مبيعات الأسلحة
تتمتع الإمارات العربية المتحدة بسمعة طيبة كقوة عسكرية كبرى في الشرق الأوسط؛ حيث اكتسبت لقب “سبارطة الصغيرة” في أوساط الجيش الأمريكي. وكما كتب يوسف العتيبة، سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة – في ملف وزعته شركة أكين غامب على المسؤولين الحكوميين – فإن الإمارات هي “الدولة العربية الوحيدة التي قاتلت إلى جانب الولايات المتحدة في ستة تحالفات عسكرية منذ عام 1990، من كوسوفو إلى الصومال للحملة ضد تنظيم الدولة”.
وتم تعيين العديد من الجنرالات الأمريكيين المتقاعدين من قبل الإمارات العربية المتحدة في صفقات استشارية مربحة، بما في ذلك وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس، الذي كان أول من أطلق تسمية “سبارطة الصغيرة” على الإمارات. وتم تسجيل بعض كبار الضباط العسكريين لتمثيل السفارة الإماراتية بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA)، ومن بين هؤلاء تود هارمر، العقيد المتقاعد بالقوات الجوية الأمريكية الذي ضغط على الكونجرس للموافقة على مبيعات الأسلحة الكبرى للإمارات؛ حيث حصل هارمر على راتب سنوي أساسي قدره 180 ألف دولار من منظمة الدفاع الأمريكية الدولية، وهي إحدى جماعات الضغط في الإمارات العربية المتحدة.
ويمكن القول إن الشراكة العسكرية الأقوى – التي تتضمن المزيد من الالتزامات الأمنية ومبيعات الأسلحة – هي العمود الفقري لجهود الضغط في الإمارات العربية المتحدة؛ فهي القضية التي يحاول فيها الوكلاء الأجانب المسجلون عن دولة الإمارات – بشكل صريح – التأثير على العملية التشريعية، وذلك وفقًا للإقرارات المفصح عنها. لكن العلاقة العسكرية الدافئة بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة لم تخلُ من النقاد في الكونجرس؛ وعلى هذا النحو، غالبًا ما يتعين على اللوبي الإماراتي أن يلعب دور الدفاع بدلاً من الهجوم لمنع التعديلات التي تحد من عمليات نقل الأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة.
على سبيل المثال؛ تُظهر الإيداعات أنه في يوليو/ تموز 2020، أجرت منظمة الدفاع الأمريكية الدولية أكثر من عشرة اتصالات حول التعديلات المقترحة في قانون إقرار الدفاع الوطني ومشروع قانون الدولة والعمليات الخارجية والبرامج ذات الصلة (إس إف أوه بي إس SOFPs) الذي من شأنه أن يحد من عمليات نقل الأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة؛ حيث قدم النائب توم مالينوفسكي (ديمقراطي من نيوجيرسي) تعديلاً على ذلك القانون ينص على أن لا يمكن استخدام الأموال المنصوص عليها في مشروع القانون “لتنفيذ البيع أو التحويل أو الإذن بالتحويل إلى حكومة السعودية أو حكومة الإمارات”، وذلك فيما يخص بعض الذخائر؛ بما في ذلك الصواريخ المضادة للدبابات والصواريخ والقنابل.
والتقى تود هارمر، العقيد المتقاعد بالقوات الجوية الأمريكية والذي مثل منظمة الدفاع الأمريكية الدولية، بلجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في سبتمبر من ذلك العام “للتعبير عن مخاوفه بشأن قيود معينة” وهي تلك المنصوص عليها في مشروع قانون الاستخبارات السنوي؛ حيث تشير هذه القيود إلى القسم 804 من مشروع القانون، الذي يتطلب من مجتمع الاستخبارات تقديم تقرير إلى الكونغرس حول انتشار الطائرات بدون طيار في دولة الإمارات؛ بما في ذلك وصف أي تعاون بين الكيانات التي تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقرًّا لها والكيانات الروسية والصينية. كما أشار إلى القسم 807، الذي وجه مجتمع الاستخبارات إلى تقديم تقرير إلى لجان المخابرات بالكونغرس لتقييم جهود السعودية والإمارات وقطر “للتأثير على العمليات السياسية أو السياسات أو صناع السياسات أو النقاش العام في الولايات المتحدة (دون اعتبار إلى شرعية هذه الجهود).
وبعد منع النقاد في الكونجرس؛ تم الإعلان عن حزمة بقيمة 23 مليار دولار بما في ذلك الطائرات الموجهة عن بعد والذخيرة بمليارات الدولارات وربما الأهم من ذلك الإعلان عن 50 مقاتلة من طراز “جوينت سترايك فايترز إف-35” في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020؛ حيث جاء البيع المحتمل بعد وقت قصير من اتفاقيات إبراهيم، مما دفع البعض إلى القول بأن التطبيع كان في جوهره عبارة عن صفقة أسلحة.
في نفس اليوم الذي تم فيه الإعلان عن إحتمالية البيع، أصدرت السفارة الإماراتية “مستند إف-35 التقني”، وهو تقرير مفصل يوضح سبب استحقاق الإمارات لطائرات إف-35 المقاتلة، قالت فيه: “الولايات المتحدة هي الشريك المفضل لدولة الإمارات العربية المتحدة – في الأمن والتجارة التطلعات. والطائرة إف-35 التي قدمتها الولايات المتحدة هي الجيل القادم من المقاتلات الإماراتية المختارة”، كما قامت شركة أكين غامب بتوزيع الورقة على العشرات من مكاتب مجلس الشيوخ ومجلس النواب.
العقبة التالية التي سعى اللوبي الإماراتي للتغلب عليها عندما تولت إدارة بايدن السلطة وتعهدت بمراجعة حزمة الأسلحة البالغة قيمتها 23 مليار دولار؛ حيث كان الشاغل الرئيسي لإدارة بايدن هو الأمن السيبراني
لكن صفقة الأسلحة الضخمة قوبلت مرة أخرى ببعض المقاومة في الكونجرس، فقد قدم أعضاء مجلس الشيوخ بوب مينينديز (ديمقراطي – نيوجيرسي) وراند بول (جمهوري-كنتاكي) وكريس مورفي (ديمقراطي – كونيتيكت) أربعة قرارات مشتركة منفصلة برفض البيع، بحجة أن إدارة ترامب قد تحايلت على عملية المراجعة غير الرسمية للكونغرس. وقال السناتور مورفي: “إن الإماراتيين هم شريك أمني مهم، لكن سلوكهم الأخير يشير إلى أن هذه الأسلحة قد تُستخدم في انتهاك لقوانين الولايات المتحدة والقانون الدولي”.
ولدفع عملية البيع؛ اتجهت الإمارات إلى عملية الضغط، فاتصلت منظمة الدفاع الأمريكية الدولية وشركة أكين غامب بأعضاء مجلس الشيوخ عشرات المرات بشأن قرارات الرفض المشتركة في محاولة للتأثير على الأصوات، وشارك السفير العتيبة في ذلك شخصيًّا، حيث اتصل بالسيناتور تيد كروز (جمهوري من تكساس) وكريس فان هولين (ديمقراطي من ماريلاند) لمناقشة “حزمة الدفاع الإماراتية وقرارات الرفض المعلقة”. وسعت منظمة الدفاع الأمريكية الدولية أيضًا إلى تهدئة أي مخاوف قد تكون لدى المشرعين بشأن كيفية تأثير ذلك على علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل. في أواخر نوفمبر/ تشرين، وزعوا بيانًا من وزير الخارجية الإسرائيلي حول كيف أن بيع إف-35 لن يؤثر على اتفاقيات إبراهيم.
في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني؛ اندلعت قصة هددت بإلغاء التصويت على صفقة الأسلحة؛ حيث زُعم أن البنتاغون اكتشف أن الإمارات تمول عمليات مجموعة فاغنر الليبية، وهي منظمة مرتزقة روسية غامضة. ونفت الإمارات بشدة هذه المزاعم، وانخرط السفير العتيبة مرة أخرى بشكل شخصي؛ حيث كتب رسالة إلى محرر مجلة فورين بوليسي، التي نشرت القصة، موضحًا أن “الإمارات العربية المتحدة لا تمول ولم تمول مجموعة فاغنر أبدًا على النحو الذي اقترحته قصة فورين بوليسي الأخيرة”، ثم قامت منظمة الدفاع الأمريكية الدولية بمشاركة الرسالة مع المحرر والمسؤولين المنتخبين قبل التصويت على مبيعات الأسلحة.
في الساعة الحادية عشرة قبل التصويت، وزعت أكين غامب خطابًا يجمع كل نقاطها معًا:
“أولًا؛ لكي نكون واضحين، فإن الإمارات العربية المتحدة لا تمول ولم تمول مجموعة فاغنر كما اقترح تقرير المفتش العام لوزارة الدفاع وقصة السياسة الخارجية … ثانيًا؛ اليمن موضوع صعب للجميع… حررت الإمارات أجزاء كبيرة من البلد من سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران في الغرب، وبالعمل مع الولايات المتحدة، قللت من تهديد القاعدة في شبه الجزيرة العربية في الشرق… أخيرًا؛ لن تتراجع الإمارات العربية المتحدة عن تحالفها الطويل الأمد والقوي مع الولايات المتحدة”.
واختتمت الرسالة بدعوى ضد قرارات الرفض المشتركة؛ حيث قالت: “مرة أخرى، مع توقع تصويت هذا الأسبوع على القرارات المشتركة بالرفض التي قدمها أعضاء مجلس الشيوخ مينينديز ومورفي وبول، أحثكم على إرسال رسالة دعم قوية إلى أقرب شركاء الولايات المتحدة والحلفاء في المنطقة”.
كانت العقبة التالية التي سعى اللوبي الإماراتي للتغلب عليها عندما تولت إدارة بايدن السلطة وتعهدت بمراجعة حزمة الأسلحة البالغة قيمتها 23 مليار دولار؛ حيث كان الشاغل الرئيسي لإدارة بايدن هو الأمن السيبراني، فقد طالبت الإمارات بعدم نقل أي تكنولوجيا عسكرية أمريكية إلى الصين وعدم استخدام الأسلحة للتدخلات في اليمن وليبيا.
افقت إدارة بايدن على مبيعات أسلحة إلى الإمارات بقيمة تقل قليلا عن 3.5 مليارات دولار، أي أكثر من مبيعاتها للمملكة المتحدة وفرنسا مجتمعتين، ويشمل ذلك صواريخ نظام الدفاع عن المناطق المرتفعة (ثاد)، ودعم طائرات سي-17
في اليوم الذي تم فيه الإعلان عن المراجعة؛ أجرى رئيس شركة الدفاع الأمريكية الدولية، مايكل هيرسون، مكالمة هاتفية مع مسؤول في وزارة الخارجية حول مراجعة إدارة بايدن لسياسة نقل الأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة. بعد بضعة أيام؛ أجرى هيرسون مكالمة مماثلة مع آدم سميث (دي واش)، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، كما نظمت منظمة الدفاع الأمريكية الدولية اجتماعات شخصية حول عمليات نقل الأسلحة مع أعضاء رئيسيين آخرين في الكونغرس بما في ذلك مايكل ماكول (جمهوري من تكساس) ومايك روجرز (جمهوري من ألاسكا) وبوب مينينديز (ديمقراطي من نيوجيرسي).
ومع استمرار المفاوضات؛ كثف اللوبي الإماراتي تواصله الإعلامي أيضًا. فعلى سبيل المثال؛ اتصلت مجموعة هاربور، التي تمثل السفارة الإماراتية، بالعديد من الصحفيين في شبكات سي إن إن، وإن بي آر، وبلومبرج، وأماكن أخرى حول الصفقة، كما أبلغت مجموعة هاربور عن “اتصالات متعددة” – على الرغم من أن التواريخ غير محددة – مع بلال صعب وفراس مقصد من معهد الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث تموله الإمارات العربية المتحدة، لمناقشة صفقة الـ طائرات إف-35، من بين بنود أخرى. وطوال هذا الوقت؛ شعرت الإمارات العربية المتحدة بالإحباط بشكل خاص من المفاوضات والشروط التي وضعتها إدارة بايدن.
وفي أيلول/ سبتمبر 2021؛ قدمت النائب إلهان عمر (ديمقراطية من مينيسوتا) تعديلًا على مشروع قانون الدفاع الوطني كان من شأنه أن يمنع بيع طائرات إف–35 وغيرها من الأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة. وأرسلت شركة أكين غامب عدة رسائل بريد إلكتروني إلى مجلس الأعمال الأمريكي الإماراتي حول تعديلات إلهان عمر، والتي لم تدخل في مشروع قانون الدفاع. ثم – في أواخر عام 2021 – انهارت عملية البيع حيث علقت الإمارات المحادثات، مشيرة إلى “المتطلبات الفنية، وقيود العمليات السيادية، وتحليل التكلفة/الفائدة”؛ اليوم، لا يزال بيع الصفقة العملاقة مجمدا.
وحتى مع توقف بيع الأسلحة بقيمة 23 مليار دولار؛ أمطرت إدارة بايدن الإمارات بمعدات عسكرية أخرى. في المجموع؛ وافقت إدارة بايدن على مبيعات أسلحة إلى الإمارات بقيمة تقل قليلا عن 3.5 مليارات دولار، أي أكثر من مبيعاتها للمملكة المتحدة وفرنسا مجتمعتين، ويشمل ذلك صواريخ نظام الدفاع عن المناطق المرتفعة (ثاد)، ودعم طائرات سي-17، وقطع غيار للصواريخ. وجعلت هذه الشراكة العسكرية الوثيقة دولة الإمارات العربية المتحدة ثالث أكبر متلق للأسلحة من الولايات المتحدة في السنوات الخمس الماضية؛ حيث جاءت خلف أفغانستان والمملكة العربية السعودية فقط؛ وفقا لتقرير معهد كوينسي المعد من قبل بيل هارتونغ.
اتفاقات إبراهيم
كانت اتفاقيات إبراهيم مبادرة بدأت خلال إدارة ترامب أدت في النهاية إلى تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والإمارات والبحرين والمغرب والسودان، واستفادت بعض هذه الدول من دعمها للاتفاقيات في مقابل تنازلات مختلفة، مثل اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. وهو ما فعلته الإمارات أيضًا؛ حيث تستفيد من تطبيع العلاقات مع إسرائيل للضغط من أجل الحصول على بعض الأسلحة العسكرية الأمريكية الأكثر تقدمًا.
ومن الأمور التي قد لا يثير الدهشة؛ أن اتفاقيات إبراهيم كانت موضوع حملة ضغط محمومة. ففي المجموع؛ تحدث أكثر من 1000 نشاط سياسي أبلغ عنها اللوبي الإماراتي صراحة اتفاقيات أبراهام، وجاء الجزء الأكبر من هذا – أكثر من 600 نشاط سياسي تم الإبلاغ عنها في إيداعات الشركات العاملة في الإمارات – بعد توقيع اتفاقيات إبراهيم، وعادة ما يتم ذكرها جنبا إلى جنب مع مبيعات الأسلحة، مما يشير إلى أن الإمارات استخدمت توقيع اتفاقيات إبراهيم كوسيلة لتأمين المزيد من الأسلحة من الولايات المتحدة.
بدأت هذه الحملة بشكل جدي في 13 آب/أغسطس 2020، وهو اليوم الذي تحدث فيه القادة الأمريكيون والإسرائيليون والإماراتيون ووافقوا على تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والإمارات. في اليوم نفسه؛ أفادت جماعات الضغط الإماراتية بأنها قامت بإجراء أكثر من مائة اتصال مع أعضاء مجلس الشيوخ والنواب وأعضاء اللجان الرئيسيين الذين يطلبون عقد اجتماعات لمناقشة اتفاقيات إبراهيم، بما في ذلك مع نانسي بيلوسي (ديمقراطية من كاليفورنيا)، وبوب مينينديز (ديمقراطي من نيو جيرسي)، وجاك ريد (ديمقراطي من رود آيلاند)، وعندما قدم العديد من أعضاء مجلس الشيوخ تشريعا يشيد بالاتفاقات، اتصلت شركة أكين غامب بالجميع باستثناء واحد “لمناقشة التشريع الأخير الذي يشيد باتفاقات إبراهيم”.
واستخدم اللوبي الإماراتي الاتفاقات لتبرير زيادة مبيعات الأسلحة إلى ما سموه “سبارطة الصغيرة”، كما يطلق على الإمارات في الأوساط العسكرية الأمريكية. ففي تقرير أعدته السفارة الإماراتية ووزعه عملاء الإمارات الأجانب بعنوان “الإمارات العربية المتحدة والإف–35″؛ قالوا إنه “مع اتفاقيات التطبيع التاريخية الأخيرة، سيتم إضفاء الطابع الرسمي على التعاون الأمني والدفاعي وتسريعه”.
وأوضحت الورقة التي تدعو إلى بيع الأسلحة – والتي شاركها عشرات النواب وأعضاء مجلس الشيوخ من قبل شركة أكين غامب – أن الاتفاقات كانت نذيرًا للسلام؛ حيث قالت: “كان توقيع الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل بمثابة تذكير مدمر بأن الإماراتيين وإسرائيل، وكل شعوب الشرق الأوسط قد سئمت من الصراع”، ومع ذلك؛ فإن الورقة تمضي إلى اقتراح العكس تماما، حيث تؤكد على أن على التهديدات الأمنية المستمرة في المنطقة؛ تعني الحاجة إلى دعم عسكري أمريكي أكبر. وقالت الصحيفة إن الاتفاق “كان لحظة محفزة للمعتدين والمتطرفين في المنطقة المعارضين للتقدم والتحديث والتسامح والتغيير، وخاصة التهديد الأكثر خطورة؛ وهو نشر إيران للصواريخ الباليستية الهجومية والصواريخ الدقيقة والطائرات المسلحة بدون طيار”. باختصار؛ الحجة هي أن السلام الذي توفره اتفاقيات إبراهيم يستلزم بيع أسلحة الحرب.
كانت هذه الفكرة التي ساعدت اتفاقيات إبراهيم على التمييز بين أصدقاء وأعداء الولايات المتحدة في المنطقة موضوعا مشتركا للوبي الإماراتي؛ ففي 15 كانون الأول/ ديسمبر 2020، كتبت إليانا روس ليتينن عضوة الكونغرس السابقة، (جمهورية من فلوريدا)، مقالا لصحيفة جيروزاليم بوست بعنوان “اتفاقيات إبراهيم تكشف عن حلفاء الولايات المتحدة الحقيقيين في الشرق الأوسط”؛ حيث جادل المقال الذي وزعته شركة أكين غامب، بأن “اتفاقيات إبراهيم الرائدة” تجسد “نظامًا جديدًا” للتحالف الثابت بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة، وسجِّلت روس ليتينن كجماعة ضغط لدولة الإمارات مع شركة أكين غامب بعد شهر واحد فقط من ذلك المقال.
وفي الإيداع الذي قدمته بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA) لاحقًا؛ اعترفت روس ليتينن، بأنها عندما دخلت الكونغرس كانت “متشككة” بشكل صريح في الإمارات، موضحة موقفها من خلال إعلانها أنها في النهاية “تقدر تماما أهمية الإمارات العربية المتحدة لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة”. وانضم أيضا زميل روس ليتينن السابق؛ النائب لامار سميث (جمهوري من تكساس–تي إكس) إلى الفريق في شركة أكين غامب الذي يمثل السفارة الإماراتية لإجراء اتصالات حول “ضوابط التصدير والعقوبات والسياسات التجارية وحقوق الإنسان في الولايات المتحدة. السياسات الخارجية والدفاعية، إلخ”.
أول مبادرة تشريعية للكتلة الحزبية هي الحصول على مشروع قانون من شأنه أن يشجع الولايات المتحدة على اتباع بنية دفاع صاروخي مشتركة في مشروع قانون الدفاع السنوي
في أوائل عام 2021؛ واجهت اتفاقيات إبراهيم أول اختبار حقيقي لها مع اندلاع القتال بين “إسرائيل” وحماس؛ حيث انتهت الأزمة بوقف إطلاق النار في 21 أيار/مايو، ولكن ليس قبل أن تخلف أكثر من 200 فلسطيني و11 إسرائيليًّا.
وفي وقت مبكر من عام 2020؛ حذر تقرير لوزارة الأمن الداخلي إنتل من أن الاتفاقات ستؤجج التوترات بين “إسرائيل” وفلسطين بدلًا من إحلال السلام، ومن المؤكد أنه على الرغم من العنف غير المتناسب تجاه الفلسطينيين؛ اختارت الإمارات التقارب مع “إسرائيل”، حتى أنها دعت “إسرائيل” إلى إنشاء متجر في منطقة تجارة حرة في الثاني من حزيران/ يونيو، وفي ذلك الشهر أيضًا، كثفت شركة أكين غامب من عمليات الضغط المحيطة باتفاقات إبراهيم، ونظمت عدة اجتماعات شخصية ومكالمات هاتفية مع موظفي المسؤولين المنتخبين لمناقشة التطبيع مع “إسرائيل”.
وفي الذكرى السنوية الأولى لاتفاقات إبراهيم؛ أبلغت شركة أكين غامب عن مكالمات متعددة مع المدير التنفيذي لمعهد إبراهيم لاتفاقات السلام، وهي منظمة أسسها جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب؛ حيث اتصلت كل من شركة أكين غامب ومجموعة هاربور بالمنظمة، التي تتمثل مهمتها في “تنفيذ وتوسيع اتفاقيات إبراهيم”، لتنسيق فعالية في الذكرى السنوية الأولى للتوقيع الأولي؛ حيث تحدث السفير العتيبة في فعالية معهد اتفاقات إبراهيم للسلام، كما فعل كوشنر وسفيري البحرين و”إسرائيل”.
بالإضافة إلى تسليط الضوء على الاتفاقية نفسها، عزز عملاء الإمارات بشكل مباشر التشابكات العسكرية الأمريكية المتزايدة التي نتجت عن اتفاقيات إبراهام. ففي تشرين الثاني / نوفمبر 2021، على سبيل المثال؛ تم توزيع بريد إلكتروني على موظفي الكونغرس للاحتفال بأول مناورات بحرية مشتركة في البحر الأحمر بين الولايات المتحدة والإمارات والبحرين و”إسرائيل”. ويوضح البريد الإلكتروني – الذي تم نسخه من عضوة الكونغرس السابق روس ليتينن – أن التمرين “يأتي مع استمرار العدوان الإيراني في المنطقة”.
في كانون الثاني/يناير 2022؛ أسس ثمانية أعضاء في الكونغرس مجموعة اتفاقيات إبراهيم، والتي تصف نفسها بـ”فرقة التشجيع الخاصة بالاتفاقات”. وكانت أول مبادرة تشريعية للكتلة الحزبية هي الحصول على مشروع قانون من شأنه أن يشجع الولايات المتحدة على اتباع بنية دفاع صاروخي مشتركة في مشروع قانون الدفاع السنوي. وفي تموز/يوليو 2022؛ ضغطت منظمة الدفاع الأمريكية الدولية على لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب لصالح مشروع القانون، المعروف باسم قانون الدفاع ، بما في ذلك مناقشة شخصية مع رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب آدم سميث. وفي المجموع؛ تم الاتصال بأعضاء تجمع اتفاقيات أبراهام وموظفيهم 180 مرة من قبل جماعات الضغط الإماراتية على مدار هذا التحليل.
الحرب في اليمن
وجدت دراسة أجراها معهد كوينسي عام 2021 أن الإمارات العربية المتحدة هي واحدة من أكثر القوى تدخلا في الشرق الأوسط. وفي العديد من هذه التدخلات قاتلت الولايات المتحدة إلى جانب الإمارات؛ مثل العمليات التي يقودها الناتو في أفغانستان وليبيا. ومع ذلك؛ ومع انخفاض الشهية العامة للتدخل في الولايات المتحدة، أصبحت هذه قضية علاقات عامة للإمارات، لا سيما فيما يتعلق بعملياتها العسكرية في حرب اليمن المدمرة.
منذ عام 2015؛ لعبت الإمارات دورًا مهمًا – في المرتبة الثانية بعد المملكة العربية السعودية – في التدخل في اليمن؛ حيث ساهمت بنحو 10000 جندي بري. وحتى بعد سحب معظم قواتها في عام 2020؛ واصلت الإمارات دعم العديد من الجماعات المسلحة غير الحكومية من خلال التدريب المباشر وبناء القدرات والدعم اللوجستي ودفع رواتبهم. وتحتفظ دولة الإمارات العربية المتحدة بالسيطرة على العديد من المناطق الرئيسية في اليمن مثل سقطرى، وهي جزيرة تعتبر أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو. وطوال الوقت؛ دعمت الولايات المتحدة هذه العمليات ضمنيًّا؛ فقامت ببيع الأسلحة مرة بعد مرة إلى السعودية والإمارات.
وبناء على ذلك؛ فإن اليمن هو محور التركيز الرئيسي للوبي الإماراتي. فعلى وجه التحديد؛ تم ذكر اليمن أكثر من مائة مرة في الاتصالات السياسية من قبل الشركات التي تمثل الإمارات، وفي كثير من الأحيان كانت هذه الاتصالات من أجل تصوير الإمارات كلاعب إنساني في اليمن، على الرغم من الأدلة على أن المتحاربين المدعومين من الإمارات في الصراع قد قاموا بعمليات تعذيب، كما قاموا بإعطاء الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة إلى تنظيم القاعدة الموجود هناك.
ومنذ نيسان/ أبريل 2015 حتى شباط/فبراير 2019؛ قدمت الإمارات أكثر من 5.2 مليارات دولار كإغاثة للشعب اليمني، كما جاء في مذكرة أرسلتها مؤسسة إستراتيجيات الإمارات نيابة عن سفارة الإمارات، وتظهر تصريحا بأنه بعد اجتماعات مع أعضاء الكونغرس، قامت شركة هجير العواد – التي تمثل السفارة الإماراتية – في كثير من الأحيان بإرسال رسائل البريد الإلكتروني للمتابعة مع مكاتبهم مع مرفق بعنوان “الإمارات العربية المتحدة اليمن ورقة المعلومات الإنسانية. وفي أواخر عام 2020؛ مع وجود حزمة أسلحة بقيمة 23 مليار دولار على المحك؛ عالجت شركة أكين غامب المخاوف بشأن الحرب في اليمن في رسالة قالت فيها إن الإمارات “سهلت توزيع المساعدات الإنسانية ودفعت الحوثيين إلى الدخول في حوار سياسي”.
تم تضمين اقتباسات عن كونز وميكس وآخرين في التقرير، بطريقة تشير بشكل مضلل إلى أنهم يدعمون موقف السفارة الإماراتية. ويبدو أن هذه الجهود، مهما كانت خادعة، قد فشلت لأن إدارة بايدن لم تُعد تصنيف حركة الحوثيين على أنها منظمة إرهابية أجنبية
يتمحور الطموح المركزي لعمليات النفوذ الإماراتية حول التصنيف الإرهابي للحوثيين في اليمن؛ حيث تقاتل حركة الحوثيين، المعروفة رسميًّا باسم أنصار الله، الحكومة اليمنية منذ عام 2004، وهي متهمة بدعم إيران. وفي إحدى تحركاتها الأخيرة؛ صنفت إدارة ترامب حركة الحوثيين على أنها منظمة إرهابية أجنبية، مما جعل جهود المساعدات الإنسانية والأمل في وقف إطلاق النار أكثر صعوبة. وقد نددت 22 منظمة إغاثة عاملة في اليمن بهذه الخطوة، وقالت إن “أي تعطيل لعمليات إنقاذ الأرواح والواردات التجارية من الغذاء والوقود والأدوية والسلع الأساسية الأخرى سيعرض حياة الملايين للخطر”. وهذا التصنيف يعني أن الطرق الرسمية للتحويلات المالية، التي تمثّل شريان الحياة بالنسبة لـ20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ستتوقف تمامًا.
عند وصولها إلى السلطة؛ ألغت إدارة بايدن تصنيف الحوثيين كإرهابيين، وسعى اللوبي الإماراتي على الفور إلى التراجع عن هذا القرار في أعقاب هجوم منسق من قبل الحوثيين في أبو ظبي أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين؛ حيث وجّهت شركة الدفاع الأمريكية الدولية رسالة بريد إلكتروني إلى أعضاء الكونغرس تحثهم على التوقيع على خطاب بقيادة النائب سيث مولتون يطلب فيه من إدارة بايدن إعادة تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية.
وشملت الرسالة النص التالي: “يرسل النائب مولتون الرسالة المرفقة إلى إدارة بايدن لحثها على إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية. سأكون ممتنًا لو قمتم بتوقيع على هذه الرسالة. والموعد النهائي سيكون مع انتهاء الدوام يوم الخميس 3 شباط/فبراير”.
في المجمل؛ أجرت شركة الدفاع الأمريكية الدولية 32 اتصالًا، بما في ذلك نقاشات شخصية ومكالمات هاتفية ورسائل نصيّة ورسائل بريد إلكتروني، مع أعضاء الكونجرس لحشد الدعم للرسالة. في الوقت نفسه؛ سعت شركة الدفاع الأمريكية الدولية إلى إقامة مأدبة عشاء تجمع السفير العتيبة وآدم سميث، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب.
وبحلول الوقت الذي تم فيه إرسال الرسالة، كان قد وقع عليها 17 فردًا، وهذا ما ورد في الرسالة: “إنني أحثكم على إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية. أنا أتفهم أن إلغاء التصنيف كان يهدف إلى تدارك الوضع الإنساني المزري في اليمن، لكنه لم يحقق الكثير عدا تشجيع الحوثيين على تصعيد هجماتهم وعرقلة جهود المصالحة في البلاد”. واتصلت شركة الدفاع الأمريكية الدولية بالعديد من الموقعين من أجل مناقشة الرسالة، وإجراء نقاش مباشر مع مولتون ومكالمة هاتفية مع النائب دونالد نوركروس.
ثم قامت شركة أكين غامب، ممثلة السفارة الإماراتية، بتعميم تقرير مفصل بطلب مماثل، وقد تضمن التقرير قسمًا بعنوان “الكونجرس يوافق: الحوثيون إرهابيون” مع اقتباسات عن أعضاء الكونغرس الذين يُفترض أنهم كانوا يرغبون في أن تتراجع إدارة بايدن عن قرارها، وكانت العقبة الوحيدة هي أن العديد من أعضاء الكونجرس لم يعلنوا في الواقع عن دعمهم لإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية.
تضمن التقرير، على سبيل المثال، تغريدة من جريجوري ميكس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، على الرغم من دعم ميكس لقرار بايدن علنًا، كما شمل أيضًا اقتباسًا عن السناتور كريس كونز (ديمقراطي من نيوجيرسي)، على الرغم من إدانته للتصنيف الذي اعتمدته إدارة ترامب، قائلًا إنها “تقوض المصالح والقيم الأمريكية في اليمن ومنطقة الخليج”.
ومع ذلك؛ تم تضمين اقتباسات عن كونز وميكس وآخرين في التقرير، بطريقة تشير بشكل مضلل إلى أنهم يدعمون موقف السفارة الإماراتية. ويبدو أن هذه الجهود، مهما كانت خادعة، قد فشلت لأن إدارة بايدن لم تُعد تصنيف حركة الحوثيين على أنها منظمة إرهابية أجنبية.
إكسبو 2020 دبي
على الرغم من تركيز اللوبي الإماراتي الكبير على المخاوف الأمنية الصعبة مثل مبيعات الأسلحة واليمن، فقد بذل وكلاء الإمارات أيضًا جهدًا كبيرًا في الترويج لصورة إيجابية للدولة الخليجية، بما في ذلك تسليط الضوء على الإنجازات الاقتصادية والثقافية والعلمية. وفي البيانات الصحفية التي تم توزيعها على المسؤولين الحكوميين ووسائل الإعلام، تتحدّث الشركات الممثّلة للحكومة الإماراتية بشكل متكرر عن المعارض الفنية واستكشاف الفضاء ومتاحف الأطفال وغيرها من النجاحات التي تعزز صورة الإمارات في الولايات المتحدة.
على سبيل المثال؛ يظهر متحف اللوفر في أبو ظبي، الذي اشترت الإمارات العربية المتحدة حقوق الترخيص له مقابل 525 مليون دولار، بشكل بارز من خلال هذه المواد الإعلامية. ويروج بيان صحفي بعنوان “أبوظبي تطالب بلقب موسوعة جينيس للأرقام القياسية!” لـ”الحدث الذي حطم الرقم القياسي” من خلال عرض أكثر عدد من أنواع الآيس كريم الموجودة.
مثّل إكسبو 2020 دبي الجوهرة الرئيسيّة في هذه الحملة من أجل تلميع سمعة البلاد. وقد ذُكِرَ المعرض العالمي – الذي تم تأجيله حتى عام 2021 بسبب كوفيد-19 – قرابة 900 مرة خلال الاتصالات السياسية التي أجرتها الشركات التي تمثل الإمارات.
وعمل أعضاء اللوبي التابعين لهم بجد لحشد تمويل وزارة الخارجية لجناح الولايات المتحدة في معرض إكسبو العالمي، والذي لم يكن بالأمر الهين نظرًا لأنه على مدار 25 عامًا، كانت الأجنحة الأمريكية في المعارض العالمية تعتمد على التمويل الخاص بدلا من الأموال الفيدرالية.
وتظهر الملفات المقدّمة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA) أن شركة سانيتاس الدولية، وهي شركة استأجرها إكسبو 2020 دبي، اجتمعت مع رئيس موظفي النائب دين فيليبس (ديمقراطي من مينيسوتا) في تشرين الأول/أكتوبر 2018 لمناقشة “إتش أر 4842″، والمعروف أيضًا باسم قانون إكسبو لعام 2019، الذي تم تقديمه رسميًا بعد عام من قبل النائب فيليبس. لقد كان التشريع بسيطًا؛ من شأنه أن يسمح لوزارة الخارجية بـ”توفير الأموال لجناح الولايات المتحدة في إكسبو 2020 دبي”.
تم تمرير التشريع من خلال مجلس النواب بعد أسبوع، ثم انتقل إلى مجلس الشيوخ حيث عمل اللوبي الإماراتي على ربط المسؤولين الإماراتيين بأعضاء مجلس الشيوخ الرئيسيين. وفي غضون ثلاثة أيام في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2019 على وجه التحديد، عقد وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة خمسة اجتماعات شخصية منفردة مع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي لمناقشة معرض إكسبو الدولي، وقد حضر بعضها أيضًا السفير العتيبة.
وجاء في تحذير قدّمته إحدى رسائل البريد الإلكتروني المرسلة من قبل شركة الإمارات للإستراتيجيات: “كما تعلم، فقد نفد الوقت بشكل أساسي لبناء المبنى الفعلي، وبينما تقدمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الأمام في بناء جناح الولايات المتحدة، فإننا نقوم بذلك على أمل أن يأتي التمويل”.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أنه لم يتم تمرير قانون إكسبو لعام 2019 أبدًا.
وبسبب رفض الكونغرس؛ أخذت الحكومة الإماراتية بزمام الأمور من خلال الموافقة على دفع فاتورة الجناح الأمريكي في المعرض. وصرّحت وزارة الخارجية في بيان لها، أن مشاركتها في المعرض العالمي كان ممكنًا “بفضل سخاء الحكومة الإماراتية”.
في 26 أيار/مايو، أرسلت شركة أكين غامب رسالة إخبارية إلى المئات من مكاتب المسؤولين المنتخبين للترويج للمعرض العالمي؛ حيث أعربت النشرة عن أسفها بشأن وباء كوفيد-19 الذي تسبب في تأجيل تاريخ انطلاق المعرض إلى عام 2021، لكنها انتهزت الفرصة للإشادة بالسياسات الداخلية والخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ وقالت: “هذه الجهود تتماشى مع المبادئ التأسيسية لبلدنا المبنية على التضامن الإنساني. نحن نتخذ هذه الخطوات في بلدنا لأننا وكيل مسؤول، ونتخذها في الخارج لأننا صديق مسؤول وممثل دولي ملتزم”.
وبمشاركة 192 دولة – بما في ذلك الولايات المتحدة – انطلق المعرض دون عوائق. ومع ذلك؛ أثار الحدث انتقادات من جماعات حقوق الإنسان بشأن محاولات لـ”تبييض” الانتهاكات. على سبيل المثال؛ يوضح تقرير منظمة فريدوم هاوس لعام 2022 يشكل مفصّل كيف يتم استغلال العمال الأجانب في كثير من الأحيان وتعريضهم لظروف عمل قاسية، حتى أن الحكومة استولت على جوازات سفرهم.
النتائج الرئيسية
سعى هذا الموجز إلى تقديم لمحة عامة عن جهود التأثير التي يمارسها اللوبي الإماراتي في أمريكا. بناءً على تحليل شامل لجميع مستندات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA)، التي قدمتها المنظمات المسجلة للعمل نيابة عن عملاء الإمارات العربية المتحدة في عامي 2020 و2021، يقدم هذا الملخص مجموعة من النتائج الرئيسية، والتي تشمل:
• تسجيل 25 منظمة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA) للعمل نيابة عن العملاء الإماراتيين في عامي 2020 و2021.
• أفادت تلك المنظمات بإجراء 10765 اتصالا نيابة عن عملائها الإماراتيين، وهو رقم مرتفع مقارنة باللوبيات المماثلة الأخرى مثل لوبي المملكة العربية السعودية.
• دفع العملاء الإماراتيون أكثر من 64 مليون دولار للشركات التي تمثلهم.
• أفادت هذه الشركات ووكلائها الأجانب المسجلين بتقديم مساهمات سياسية تزيد قيمتها عن 1.65 مليون دولار.
• خُصّص أكثر من نصف مليون دولار لأعضاء الكونغرس الذين اتصلت بهم هذه الشركات نيابة عن عملائهم الإماراتيين.
يهدف هذا الموجز أيضًا إلى توفير فهم أعمق لجهود اللوبي الإماراتي للتأثير على العديد من قرارات السياسة الخارجية الأمريكية الرئيسية التي يمكن القول إنها أدت إلى ظهور سياسة خارجية أمريكية عسكرية أكثر في الشرق الأوسط؛ حيث لعب اللوبي الإماراتي – على وجه التحديد – دورًا في دفع عجلة اتفاقات إبراهيم واستخدامها كمبرر لإتمام المزيد من مبيعات الأسلحة الأمريكية والتشابك العسكري مع الإمارات العربية المتحدة. كما شارك اللوبي الإماراتي بشكل وثيق في جهود متضافرة لدفع الولايات المتحدة لبيع ما قيمته 23 مليار دولار من بعض الأسلحة الأكثر تقدمًا في ترسانة الجيش الأمريكي.
ويواصل اللوبي الإماراتي الترويج لرواية مفادها أن الإمارات هي قوة تسعى لتحقيق الخير في اليمن، على الرغم من تجاوزاتها العديدة في الصراع المدمر هناك.
اليوم؛ اللوبي الإماراتي مزدهر وحتى زمن كتابة هذه السطور في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 كان هناك ثمانية عشر وكيلا مسجلا على قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (إف إيه آر إيه FARA) يعملون لصالح العملاء الإماراتيين، بما في ذلك جميع الشركات الكبرى المذكورة في هذا التحليل. وقد استمروا في مساعدة الإمارات على ممارسة الضغط من أجل التسبب في المزيد من التشابكات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط.
في الواقع، طلبت الإمارات والسعودية في ربيع عام 2022 إبرام معاهدة أمنية رسمية مع الولايات المتحدة. ووفقا لما ورد، فقد وافقت إدارة بايدن هذا الصيف على إبرام اتفاقية أمنية مع الإمارات العربية المتحدة من شأنها أن تمثّل “تعهدًا للأمريكيين بالقتال والموت من أجل المملكة”، وفقًا لأحد المحللين.
على الرغم من أن هذا الأمر قد يخدم المصالح الإماراتية، إلا أن قيمة هذه التشابكات الأجنبية بالنسبة للولايات المتحدة مشكوك فيها على الأقل. وفي حين أن شركات الضغط، التي تجني بشكل قانوني ملايين الدولارات من عملائها الإماراتيين، تستفيد بالتأكيد من هذا الاتفاق؛ حيث يقدم دافعو الضرائب الأمريكيون فاتورة السياسة الخارجية الأمريكية العسكرية في الشرق الأوسط التي يدعمها اللوبي الإماراتي، بما في ذلك تسديد تكلفة أكثر من 30 ألف جندي أمريكي يتمركزون في الشرق الأوسط.
وفي النهاية؛ إذا نجحت الإمارات ووكلائها في اللوبي الإماراتي في تأمين اتفاق أمني رسمي مع إدارة بايدن، فإنه سيُطالب أعضاء الجيش الأمريكي بالقتال، وربما الموت، من أجل الإمارات. ولهذا السبب تحديدًا، هناك حاجة إلى مزيد من التحليل للوبي الإماراتي، من أجل تحديد الطريقة التي مكّنت عملية التأثير الموسعة هذه من تبجيل المصالح الإماراتية على حساب المصالح الأمريكية، وكيف يمكنها أن تسفر في نهاية المطاف عن ترتيب أمني من شأنه أن يزيد من التكاليف التي تتحملها الولايات المتحدة، وأن يعرض حياة القوات الأمريكية للخطر.
المصدر: معهد كوينسي