عرف العالم الطاقة البديلة قبل آلاف السنين، فقد كانت الشمس والهواء وحتى الحيوانات البرّية في الزراعة والحصاد مصادر الطاقة الأساسية التي استغلتها الشعوب القديمة في التدفئة والطهي وحتى الحروب، كما كانوا الفراعنة أول من استخدم طاقة الشمس بشكل بدائي، فقد صمّموا بيوتهم بطريقة تسمح لهم تجميع حرارة الشمس في الجدران خلال النهار، وتخرجها في ساعات الليل.
وفي القرن الثالث قبل الميلاد سار الإغريق على نهج المصريين، ويرجِّح مؤرّخون أنهم استخدموا الطاقة النظيفة كسلاح لتدمير سفن الأعداء، حيث تمكّنوا من صناعة دروع معدنية مصقولة كالمرايا تركَّز فيها أشعة الشمس، ثم توجهها تجاه سفن العدو المتقدمة لإشعال النيران فيها.
في ملف “وقود الكوكب” نتساءل: هل تعوِّض هذه الطاقة عن مصادر الطاقة الحالية؟ وهل هي فعلًا طاقة نظيفة كما يدّعي المختصون؟ وألسنا ندمّر البيئة باستخدام وسائل الطاقة البديلة؟
البديل الواقعي لأزمة الطاقة
من المتوقع أن ينمو عدد سكان العالم من 8 مليارات في عام 2022 إلى ما يقرب من 10 مليارات في عام 2050، ومن المتوقع أن ينمو إجمالي الطلب على الطاقة بنحو 2% سنويًّا لمواكبة مستوى المعيشة المرتفع، إذ يستخدم هذا العدد الهائل من البشر كل عام 35 مليار برميل من النفط، تتسبّب هذه الكمية الضخمة من الوقود الأحفوري في تلوُّث الأرض، كما أنه لن يدوم أبدًا.
يقدِّر العلماء أننا استخدمنا حوالي 40% من النفط في العالم، ووفقًا لهذا المعدل سينفد النفط والغاز الطبيعي بعد 50 عامًا أو ما يقرب من ذلك، وسينفد الفحم بعد حوالي قرن.
استغلال الشمس بالطريقة المثالية لساعة واحدة فقط قد يمدّ العالم باحتياجاته لمدة عام
من ناحية أخرى، لدينا الكثير من الشمس والماء والرياح والمدّ والجزر، وكلها مصادر طاقة متجددة، تمنحنا كمّيات ضخمة من الطاقة، وتعمل من حولنا دون توقف، بمعنى أنها لن تنفد باستخدامنا لها مع الوقت.
يُطرح هنا سؤال: ماذا لو كنا نستطيع أن نستبدل اعتمادنا على الوقود الأحفوري باعتمادنا فقط على المصادر المتجددة؟ وفقًا لدراسة أجرتها جامعة لابينرنتا للتكنولوجيا في فنلندا ومجموعة مراقبة الطاقة (Energy Watch)، وهي مؤسسة ألمانية غير ربحية، فإن الإجابة: “نعم”.
تحاكي الدراسة التي استمرت 5 سنوات تقريبًا تحوُّلًا عالميًّا إلى طاقة متجددة بنسبة 100% بحلول عام 2050، عبر جميع القطاعات من الطاقة والتدفئة والنقل والصرف الصحي وتحلية المياه، وأظهرت أن نظام الطاقة المستدامة أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة من نظام الطاقة الحالي.
بينما سيتمّ تغطية إمدادات الطاقة بالكامل بمزيج من المصادر، فإن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ستقود التحول، وسيشكّلان 88% من إجمالي إمدادات الطاقة، وسيدعم نظام الطاقة العالمي المتجدد بالكامل ما يقدَّر بـ 35 مليون وظيفة محلية، مع توفير فرص عمل رائدة في مجال الطاقة الشمسية.
لو كانت الطاقة الشمسية أفضل من ناحية الكفاءة، لكان تركيز القوى العظمى في وسط أفريقيا والصحراء الكبرى.
الخبر السعيد أن التكنولوجيا حاليًّا متقدمة بما يكفي للحصول على كل الطاقة من المصادر المتجددة، وهناك إمداد وافر منها، فالشمس تطلق باستمرار ما يقرب من 173 ألف تيراواط من الطاقة إلى الأرض، وهذا يساوي 10 آلاف ضعف احتياجاتنا الحالية تقريبًا، ومن المتوقع أن تصبح الطاقة الشمسية مصدر طاقة العالم الرئيسي بحلول عام 2050.
استغلال الشمس بالطريقة المثالية لساعة واحدة فقط قد يمدّ العالم باحتياجاته لمدة عام، فميزتها أنها توجد في جميع أنحاء العالم وبشكل دائم، وهي مجدية اقتصاديًّا للمستهلك الذي يستطيع خفض فاتورة الكهرباء بنحو 90% في بعض الحالات، وأحيانًا قد يمحو الفاتورة بأكملها.
وبالنسبة إلى الرياح، فإن توربينة هواء واحدة تستطيع مدّ 1000 منزل باحتياجاتها، ومع ذلك ما زالت الطاقة المتجددة تمدّ العالم بـ 12% فقط من احتياجاته الأساسية، هذا بسبب أن توليد الطاقة اللازمة لتشغيل العالم بنسبة 100% يحتاج إلى توفير طاقة متجددة عالية الكفاءة وغير مكلفة وسهلة الوصول إليها، وهذا يمثّل تحديًا ضخمًا.
الشمس لا تشرق دائمًا
الفحم الأحفوري هو الأسوأ من ناحية انبعاثات الكربون، وأكثر دولة تعتمد عليه هي الصين، ويليه الغاز الطبيعي ومشتقات البترول، لكن مع ذلك هذه أكثر مصادر الطاقة كفاءة، ولم تصل التكنولوجيا حتى اليوم إلى استغلال مصادر الطاقة البديلة بالكفاءة نفسها.
إذا ركزنا على الكهرباء، العنصر الأكثر شيوعًا في الحياة اليومية، نجد أن 10% من كهرباء العالم تأتي من الشمس والرياح، وفي عام 2021 قامت 10 دول بتوليد أكثر من 25% من طاقتها الكهربائية من مصادر بديلة متنوعة، وبحلول عام 2030 ستصل النسبة إلى 36%، وستسهم بنمو اقتصاد العالم بنحو 1.3 تريليون دولار.
خطوط الكهرباء الحالية تفقد حوالي 6-8% من الطاقة التي تحملها خلال النقل والتوزيع
رغم ذلك، فإن الاستفادة من هذه الطاقة الهائلة غير ممكنة لعدة أسباب، أهمها أن هناك جزءًا كبيرًا من الطاقة لا يصل إلى سطح الأرض بسبب الغلاف الجوي، بالإضافة إلى عدم توفير مخازن بكميات كافية وبكفاءة عالية لحفظ الطاقة الشمسية لاستخدامها لاحقًا.
يُقدَّر أن وجود سطح يمتدّ إلى العديد من الآلاف من الكيلومترات هو ما نحتاجه لإمداد البشرية بالطاقة اللازمة، طبقًا لمستويات استخدامنا الحالية، لكن ثمة معوقات أخرى مثل الكفاءة ونقل الطاقة، تقف في وجه الاستغلال الأمثل لمثل هذه الطاقة.
لكي نعظّم الكفاءة، يجب أن تكون المصانع الشمسية في مناطق بها الكثير من الشمس الساطعة طوال العام، مثل الصحاري، لكن هذه المناطق بعيدة جدًّا عن المناطق المأهولة بالسكان، والتي بها احتياج عالٍ للطاقة، لهذا السبب، فإن الصراع العالمي الحالي حول سُبل تأمين أكثر مصادر الطاقة كفاءة، ولو كانت الطاقة الشمسية أفضل من ناحية الكفاءة، لكان تركيز القوى العظمى في وسط أفريقيا والصحراء الكبرى.
بالنسبة إلى ألواح الطاقة الشمسية، والتي هي من أكثر المصادر البديلة شعبية، تسبّب هي الأخرى كوارث بيئية، فهذه الألواح تحتوي على مواد مسرطنة مثل الكادميوم والرصاص والكروميوم.
هناك أشكال أخرى للطاقة البديلة التي يمكن أن نستمدَّ منها الطاقة، مثل الطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية والكتل الحيوية، لكن هناك قيودًا عليها أيضًا في الكثير من دول العالم بناءً على الكفاءة والوفرة والموقع.
نظريًّا، إن شبكة طاقة كهربية متصلة تمكّن من نقل الطاقة من مكان إنتاجها إلى موقع احتياجها، لكن بناء نظام بهذا الحكم يكلف مبالغ ضخمة، ويمكن تقليل التكلفة عن طريق تطوير تقنيات متقدمة للحصول على الطاقة بكفاءة أكبر.
كما يجب تغيير البنية التحتية لنقل الطاقة بشكل جذري، فخطوط الكهرباء الحالية تفقد حوالي 6-8% من الطاقة التي يحملها خط النقل والتوزيع، لأن المادة المصنوع منها السلك تبدّد الطاقة، وخطوط أطول تعني فقدانًا أكبر للطاقة.
قد تكون الموصّلات الجيدة للكهرباء أحد الحلول، فهذه المواد يمكنها نقل الكهرباء من دون تبديدها، لكن هذه المواد تعمل فقط إذا تمَّ تبريدها لدرجات حرارة منخفضة، الأمر الذي يحتاج طاقة، وبذلك يعاكس الهدف الأساسي.
معضلة الطاقة البديلة
أثّر الرأي العام على عمل السياسيين في العديد من الدول، حيث وضعت بعض الدول المتقدمة أجندتها للاعتماد أكثر على الطاقة البديلة، لكن يبدو أن هناك فاتورة يجب أن تُدفع حتى مع محاولة الحدّ من آثار التغيرات المناخية وتلوث الهواء الناجم عن حرق الوقود الأحفوري.
ألمانيا هي الرائدة في هذا المجال، حيث تحصل اليوم على 50% من طاقتها من المصادر المتجددة، كالرياح في الدرجة الأولى ثم تليها الشمس، تهدف إلى تلبية جميع احتياجاتها من الكهرباء بإمدادات من مصادر متجددة بحلول عام 2035، في محاولة للوصول إلى الاستقلالية بشتى الطرق.
أهم استثماراتها اليوم في توربينات الرياح التى تولد الطاقة الكهربائية، وتخلو من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، إلا أن هذه هي الفائدة الوحيدة، فهذه التوربينات تشكّل خطرًا حقيقيًّا على الحياة البرّية، إذ تموت آلاف الطيور كل سنة بسببها، وبعض منها مهدد بالانقراض.
وتكشف دراسة علمية نشرتها دورية Nature: Ecology & Evolution، أن مزارع الرياح تحدث خللًا في السلسلة الغذائية وتؤثر على التنوع الأحيائي وتغيّر سلوك الكائنات وخصائصها الفسيولوجية، مُقارنة بالنوع نفسه من الحيوانات التي تعيش في بيئات خالية من مزارع الرياح.
تموت آلاف الطيور كل سنة بسبب توربينات الرياح
أما بالنسبة إلى ألواح الطاقة الشمسية، والتي من أكثر المصادر البديلة شعبية، تسبّب هي الأخرى كوارث بيئية، فهذه الألواح تحتوي على مواد مسرطنة مثل الكادميوم والرصاص والكروميوم، كل هذه العناصر قد تتسرّب إلى التربة وتتراكم، وهذه المواد لا تتحلل، والخطر يأتي من ترسُّبها في المياه التي نشربها.
الألواح ذات النوعية الجيدة يصل عمرها إلى 25 عامًا، لكن ليست جميع الألواح المتوفرة جيدة، دائمًا نجد النوعية الرخيصة، بعض منها لا يتجاوز عمره الـ 5 سنوات، وسواء كانت هذه الألواح جيدة أم لا فإن تسرُّب مثل هذه المعادن إلى التربة أمر لا مفرّ منه.
مهما كانت جودة ونوعية هذه الأجهزة، فإن الحقيقة المرّة أن هذه المصادر لا تنتج الطاقة إذا لم تكن هناك رياح أو شمس، والشيء الوحيد الذي يجب أن ندركه هو أنه لا يمكن التنبُّؤ بالطقس، ومن النادر أن تعمل جميع الأجهزة بكامل كفاءتها.
غالبًا ما تعمل الألواح أو المراوح بسعة كفاءة أقل من 30%، لذلك فإن الاعتماد الكلي على مصادر الطاقة المتجددة أمر ليس ممكنًا كما يرى البعض، ليس الآن ولا في المستقبل القريب، وهو ما يتعارض مع سعي أنصار الطاقة المتجددة إلى إثبات أن الاقتصادات يمكن أن تعمل فقط على طاقة الرياح والطاقة الشمسية دون تكلفة كبيرة لمواطنيها.
المشكلة الكبيرة الأخرى التي تحصل مع الاستثمار المفرط في وسائل الطاقة البديلة هي الهدر الذي يحصل مع المساحات الشاسعة من الأرض، التي يجب أن تُخصص، والتي لا تقلّ عن 5 آلاف متر، لإنتاج طاقة كهربائية كافية لتغذية قرية صغيرة، وهو ما ينتج عنه ضرر بيئي واقتصادي واجتماعي.
ويُقال إن أي دولة إذا أرادت الاعتماد كليًّا على الطاقة المتجددة، عليها تخصيص مساحة تصل إلى 25% من مساحة أراضيها لهذه المشاريع، وفي سبيل ذلك يجب قطع الأشجار التي تساعد على تنظيف الهواء، وهو ما يؤثّر سلبًا على الحياة البرّية ومساحات شاسعة من الأرض صالحة للزراعة التي توفّر الطعام للبشر.
الشبكة الكهربائية التي تعتمد على الشمس والرياح ستعاني باستمرار من تقطع الطاقة المولَّدة منهما، ما يخلق تحديًا في موازنة العرض والطلب على الشبكة.
وفيما يخص الكفاءة، فإن الطاقة الشمسية في أحسن الأحوال تنتج 200 واط لكل متر مربع، أما طاقة الرياح فتنتج 250 واطًا لكل متر مربع، هذا إذا كانت الشمس ساطعة والرياح قوية.
بمقارنة هذا مع المفاعلات النووية التي تنتج 1000 واط لكل متر مربع، وتعمل على مدار اليوم بلا توقف، يمكن أن نصل مقدار الهدر في الأرض المسخّرة لهذا الغرض.
حتى أن الطاقة الكهرومائية لا تخلو من بعض جوانب القصور، ومنها أن كثرة بناء السدود سيؤثر سلبًا على الأسماك والكائنات التي تعيش في الماء بسبب اختلال التيارات المائية والأنهار.
تقنيات لا تخلو من القصور
رغم التقدم الهائل الذي سجّلته الطاقات الشمسية وطاقات الرياح على صعيد الأداء والكلفة خلال العقد الأخير، إلا أن مشكلتهما الأساسية ما زالت عالقة، ألا وهي تقطُّع إمدادات الطاقة من كلال المصدرَين، فالشمس لا تشرق دائمًا، والرياح لا تهبّ دومًا.
بالتالي، فإن الشبكة الكهربائية التي تعتمد على الشمس والرياح ستعاني باستمرار من تقطُّع الطاقة المولَّدة منهما، ما يخلق تحديًا في موازنة العرض والطلب على الشبكة التي قد تشهد نقصًا في إمدادات الطاقة المتجددة في بعض الأوقات، كما يمكنها أن تجد فائضًا في أوقات أخرى.
بالنسبة إلى الوقود السائل المشتقّ من البترول، فإن التحدي العلمي هنا هو تخزين الطاقة المتجددة في شكل سهل النقل، وهنا يبرز دور حلول تخزين الطاقة، حيث يمكن تجميع الطاقة الفائضة، ومن ثم توزيعها عند الحاجة، وهذا يتم عبر عدة مقاربات، منها التخزين الميكانيكي أو الكيميائي أو الكهروكيميائي أو الحراري.
لكن لا يخلو تخزين الطاقة حراريًّا من بعض التحديات، فهذه التقنية تتمتّع بكفاءة عالية عند تفريغ الطاقة المخزنة كطاقة حرارية تصل نسبة الكفاءة إلى نحو 95% من حجم ما تمَّ تخزينه في الأصل، إلا أن هذه النسبة تنخفض بشكل واسع عند تفريغ الطاقة المخزّنة على شكل طاقة كهربائية لتتراوح نسبة الكفاءة بين 50-70%، وهذا يُقارن مع كفاءة خزانات الطاقة الكهرومائية المُضخَّة التي تتراوح بين 70-85%، مع كفاءة بطاريات الليثيوم أيون التي تترواح ما بين 80-90%.
واحد من أكبر التحديات في مجال التكنولوجيا النظيفة هو مسألة التخزين
ربما أصبح العالم أفضل في إنتاج بطاريات الليثيوم، وهي خفيفة الوزن ولديها كثافة عالية من الطاقة، ويمكنها تخزين الطاقة المنتجة بكفاءة لكي تعوّض غياب الشمس أو سكون الرياح، لكن أفضل هذه البطاريات تخزِّن حوالي 2.5 ميغاغول لكل كيلوغرام، هذا أقل 20 مرة من الطاقة الموجودة في كيلوغرام من البنزين.
بالتالي يرى الخبراء أن البطاريات ستبقى الحل الأمثل من حيث الكفاءة والتكلفة لتخزين الطاقة، عندما يكون الهدف تفريغها واستهلاكها على مدى عدة ساعات متواصلة، بينما سيكون التخزين الحراري الحل الأمثل عندما نحتاج إلى تفريغ الطاقة على مدى عدة أيام متتالية، في حين أن خزّانات الطاقة الكهرومائية المُضخَّة والهيدروجين الأخضر سيشكّلان الحلول الأفضل عندما تمتدّ فترات التفريغ المطلوبة لأكثر من ذلك.
ربما يكون البديل الأخير هو الطاقة النووية، لكن هذا المجال يتعرّض للكثير من الانتقادات، وهو الأسوأ في نظر الرأي العام من هيروشيما إلى تشيرنوبل وفوكوشيما، في حين لا تعترف الإحصاءات بالأعراض، وتؤكد أن الطاقة النووية اليوم هي البديل الأنظف والأكثر سلامًا على البيئة.
تمتلك فرنسا اليوم 58 مفاعلًا نوويًّا، يغطي 75% من احتياجاتها من الطاقة، وهي الدولة الأكثر اعتمادًا على الطاقة النووية في العالم، وما يعكس هذا على أرض الواقع أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أقل من النصف مقارنة بألمانيا، وكذلك تكلفة فاتورة الكهرباء، حيث لا تتجاوز 17 سنتًا لكل كيلوواط في الساعة مقارنة بـ 30 سنتًا في ألمانيا.
لكن ماذا عن النفايات النووية الضارّة؟ ألا تبقى هذه النفايات المشعّة لآلاف السنين؟ تشير التقديرات إلى أن 370 ألف طن من الوقود النووي عالي الإشعاع مخزّنة في منشآت مؤقتة حول العالم، كمية النفايات مقارنة بكمية الطاقة التي تنتجها أقل بكثير، لذلك فإن الطرق المعتمَدة حاليًّا في تخزينها ومنع تسرُّبها إلى البيئة المحيطة على درجة عالية من التشديد، حيث لم تحدث أي تسرُّبات في أي دولة.
رغم ذلك، تبقى نقطة ضعف الطاقة النووية في الإعلام، ومفاعل تشيرنوبل وفوكوشيما دائمًا ذريعة للمعارضين، وتلك حالات خاصة إذا ما قُورنت بالفوائد التي تأتي من الطاقة النووية، لكن الأوضاع السياسية تعيق حصول العديد من الدول على “يورانيوم-235” لأغراض سلمية.
ويبقى التحول إلى استخدام الطاقة المتجددة فقط مشكلة معقدة، تتضمن التكنولوجيا والاقتصاد والسياسة، لكن هناك سببًا قويًّا يدعو إلى التفاؤل حول الوصول إلى الحل، وهو أن أعظم العلماء حول العالم يعملون على هذه المشكلة ويحدثون تقدمًا ملحوظًا طوال الوقت، كما أن الكثير من الحكومات والأعمال تستثمر في التقنيات التي تستغلّ الطاقة الموجودة حولنا في كل مكان.