استهلَّ المغاربة عام 2022 بمأساة وفاة الطفل ريان الذي ظلَّ عالقًا في قاع البئر لمدة 5 أيام، حيث تواصلت جهود الإنقاذ وحبسَ العالم أنفاسه في انتظار لحظة سحبه حيًّا يرزق، وعلى طرف النقيض كان الختام مسكًا، إذ لا تزال الفرحة مستمرة بالإنجاز التاريخي الذي حقّقه أسود الأطلس في مونديال قطر.
ريان.. جمعَ العالم ورحل
حدث ذلك في مطلع فبراير/ شباط، حين كان الطفل ريان ذي الـ 5 أعوام على قيد حياته، لكن اختفى عن أنظار والدَيه، وبعدما بحثا في كل مكان سارعا إلى إبلاغ الدرك الملكي عن اختفائه، ليتبادر إلى الأذهان ذلك السيناريو المرعب، أن يكون سقط في البئر العميقة المحاذية للمنزل، وهي بئر جافة في قعرها علق الطفل، وباءت جميع محاولات إنقاذه الأولى بالفشل.
وصلت فرقة استغوار، وتمَّ اختيار أكثرهم رشاقة، لكنه لم يستطع الوصول إلى الطفل بعد محاولتَين، وعلى الجانب الآخر كانت الجرّافات تحفر عموديًّا بموازاة البئر، واستمرت في ذلك 5 أيام بلياليها، إذ كانت الخطة في النهاية حفر نفق باتجاه الطفل لسحبه سالمًا، لكن التربة كانت رملية، بين حين وآخر يحدث انهيار يُوقف عملية الحفر لبعض الوقت.
كانت أولى مقاطع الفيديو التي اُلتقطت للطفل وهو يتنفّس متوجعًا، وأخرى كان يتحرك من مكانه ويأكل الطعام ويشرب الماء، انتشرت هذه الصور بسرعة، وحبست العالم في البئر مع ريان، فملايين الناس كانوا يتابعون عملية الإنقاذ لحظة بلحظة، ويرجون خروجه حيًّا.
بكى العالم ريان وشيّعه الجميع، ولم يكن من أصحاب الجاه والسلطان، كان طفلًا يرتع ويلعب ما بين الجبال، شأنه شأن ملايين الأطفال حول العالم الذين يعيشون في قرى نائية وفقيرة.
الغلاء يبعث حركة 20 فبراير
في ذكرى حركة 20 فبراير الـ 11، تظاهر آلاف المغاربة في العاصمة الرباط و50 مدينة أخرى احتجاجًا على غلاء المعيشة، بما في ذلك أسعار الوقود والمواد الغذائية الأساسية التي عرفت صعودًا صاروخيًّا، كما طالب المحتجون بالإفراج عن معتقلي حراك الريف ومعتقلي الرأي.
ولم تمضِ سوى أشهر على تعيين حكومة جديدة تحت رئاسة رجل الأعمال عزيز أخنوش، الذي يعدّ مالك المحروقات بامتياز من خلال شركته القابضة “أكوا”، وكجواب على احتجاجات المواطنين، اكتفت الحكومة بتبرير هذه الزيادات بالوضع الدولي الصعب، والركود الاقتصادي الذي فرضته جائحة كوفيد-19.
الجفاف هو الأسوأ منذ 40 عامًا
انقضت أشهر الشتاء ولا قطرة مطر جادت بها السماء، وعطشت الأرض فلم تنبت أي كَلأ للمواشي التي كانت تُباع في الأسواق بأثمنة بخسة للغاية، حيث تداول نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يوثّق فلاحًا باع 5 نعجات مقابل 100 درهم، أي أقل من 10 دولارات.
يعد هذا الجفاف هو الأشد خطورة منذ 4 عقود، وانتشرت صور مرعبة لموت الأشجار والواحات ونضوب منابيع المياه والمسطحات والأنهار، بما في ذلك سدّ المسيرة الذي هو ثاني أكبر سدّ في المغرب، كما أن نسبة ملء السدود لم تتجاوز نصف إجمالي الحقينة.
أعلنت الحكومة المغربية حالة طوارئ مائية، إذ قامت بمنع الأنشطة التي تبذّر المياه، بما في ذلك إغلاق ورشات غسل السيارات والتوقف عن سقي ملاعب الغولف، في حين أن سياسة الري الجديدة أدّت إلى استنزاف مخزون المياه، حيث إن الأراضي المسقية أصبحت مخصّصة لمنتجات لا يحتاجها المغاربة ولا تستهدف الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وإنما هي موجّهة للتصدير مثل الفراولة والبطيخ الأحمر والأفوكادو والحمضيات.
مسلسل التطبيع يتواصل
منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، نهاية عام 2020، عن اختراق تاريخي، بموافقة المغرب على إعادة تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، تمَّ توقيع عدة اتفاقات بين تل أبيب والرباط، شملت جميع المجالات بما في ذلك المجال الأمني والعسكري والاستخباراتي.
زعمت “إسرائيل” رسميًّا أن المغرب يعتزم سفارة له في “إسرائيل”، حسب ما صرّح به وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، بأن نظيره المغربي، ناصر بوريطة، “من المقرر أن يزور “إسرائيل” لافتتاح السفارة المغربية في الصيف”، لكن هذا لم يحدث بعد.
أبدى المغرب اهتمامه بإقامة مشاريع مشترَكة مع “إسرائيل” في مجال الصناعات الدفاعية، وكان التعاون العسكري هو ثمرة عامَين من التطبيع، ففي خطوة غير مسبوقة قام المفتش العام للقوات المسلحة المغربية، بلخير الفاروق، بزيارة “إسرائيل” للمشاركة في مؤتمر دولي حول الابتكار في المجال العسكري.
تصاعدت المعارضة الشعبية ضد التطبيع، إذ يطالب المواطنون بإسقاط التطبيع، لينتهي هذا العام باحتجاجات في 30 مدينة مغربية، دعت إليها الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع، وهي منظمة تضمّ 15 تنظيمًا حقوقيًّا ونقابيًّا وسياسيًّا، ذات توجهات يسارية وإسلامية.
احتدام الأزمة مع الجزائر
مؤخرًا، هددت الجامعة المغربية لكرة القدم بمقاطعة منافسات بطولة أفريقيا للاعبين المحليين التي ستستضيفها الجزائر، ما بين 13 يناير/ كانون الثاني و4 فبراير/ شباط 2023، في حال لم تسمح الجزائر للفريق المغربي برحلة جوية مباشرة من الرباط إلى قسنطينة.
وأغلقت الجزائر مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية منذ سبتمبر/ أيلول 2021، أي مباشرةً بعدما أعلن قصر المرادية تجميد العلاقات الدبلوماسية مع البلد الجار، بسبب ما وصفها بـ”أعمال عدائية متواصلة” من المغرب ضد الجزائر، ولم تفلح محاولات الوساطة من دول عربية لرأب هذا الصدع، آخرها كانت مبادرة الأردن، إلا أن الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، أعرب عن امتناعه، معتبرًا أن “الأزمة مع المغرب تجاوزت مستوى الوساطات”.
وكان من المرتقب أن يصل العاهل المغربي، الملك محمد السادس، إلى الجزائر للمشاركة في القمة العربية المنعقدة خلال 1 و2 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلا أنه اعتذر في آخر لحظة عن الحضور لـ”اعتبارات إقليمية”، وفقًا لما صرح به وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، الذي بدوره احتجَّ في اجتماع لوزراء الخارجية العرب على نشر قناة جزائرية رسمية لخريطة المغرب من دون إقليم الصحراء، فاضطرت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية إصدار بيان توضيحي.
دبلوماسيًّا.. نهاية أزمة وبداية أخرى
في ربيع هذا العام، أعلنت الرباط ومدريد عن مصالحة تاريخية بعد أزمة دبلوماسية دامت عدة شهور، سببها استقبال إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، قصد إجراء عملية جراحية.
وقرر الطرفان بدء صفحة جديدة، كما جددت إسبانيا تأييدها لمبادرة الحكم الذاتي، واعتبرته “الحل الواقعي لتسوية نزاع الصحراء”، وعبّرت البوليساريو آنذاك عن استغرابها من الموقف الإسباني بخصوص قضية الصحراء، فيما أعلنت حليفتها الجزائر استدعاء سفيرها في مدريد للتشاور بخصوص ما وصفته بـ”الانقلاب المفاجئ” في موقف إسبانيا.
على النقيض من ذلك، دخلت العلاقات بين المغرب وفرنسا منعطفًا غير مريح، إذ طفت على السطح أزمة التأشيرات، بعدما أعلنت باريس تقليص التأشيرات الممنوحة لمواطني الجزائر والمغرب إلى النصف، مبررة ذلك برفض البلدَين استعادة مهاجرين غير نظاميين تريد باريس ترحيلهم.
هذا القرار وصفته الرباط بأنه “غير مبرر”، وأثار سخطًا في البلاد، خاصة بعد توالي رفض منح التأشيرات لجميع المغاربة، بما فيهم رجال أعمال ومغاربة فرنكفونيين عاشوا في فرنسا لفترة طويلة.
في الأخير، وصلت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، إلى الرباط تمهيدًا لزيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للمغرب مطلع عام 2023، وأعلنت الوزيرة حينها عن انتهاء أزمة التأشيرات.
مونديال قطر.. الحق في الحلم
كان مغاربة كثر غير متفائلين بقدرة منتخبهم على تجاوز دوري المجموعات، لقد حصل هذا قبل 36 عامًا، وكان أفضل إنجاز بعده هو الذي حققوه في مونديال فرنسا 1998، حيث تعادلوا مع النرويج بهدفَين، وخسروا أمام البرازيل بثلاثية نظيفة، وربحوا المباراة الأخيرة مع إسكتلندا، لكن هزيمة البرازيل أمام النرويج عجّلت بإقصاء المنتخب المغربي، الذي حضي لاعبوه حينذاك باستقبال جماهيري وتكريم ملكي لقاء أدائهم الجيّد.
لكن مونديال قطر منح المغاربة والأفارقة والعرب الحق في الحلم، “أعتقد أنه أصبح من حقنا أن نحلم بكأس العالم” كما قال وليد الركراكي في إحدى الندوات الصحفية عقب النصر الأول، وتلى ذلك أن أقصى أسود الأطلس كلًّا من إسبانيا والبرتغال، وجُلّها منتخبات لها باع طويل في المستديرة الساحرة، وانتهت الرحلة في قطر في نصف النهائي ضد فرنسا التي سجّلت ثنائية نظيفة، التي دافع لاعبوها حينها باستماتة عن لقبهم.