قررت الهيئة المنظمة للانتخابات الرئاسية في تونس إقامة الجولة الثانية من السباق الرئاسي بين المرشح المحسوب على الثورة “منصف المرزوقي” والمرشح المحسوب على النظام السابق “الباجي قائد السبسي” يوم 21 من الشهر الحالي، وذلك بعد أن رفضت الطعون المقدمة من قبل المرزوقي والتي أثار من خلالها شكوكًا في نزاهة الانتخابات.
وفي حديث لوسائل إعلام محلية، قال رئيس الهيئة المنظمة للانتخابات “شفيق صرصار” إن الهيئة قررت أن تبدأ الحملات الانتخابية غدًا الثلاثاء وأن تستمر إلى يوم 19 من هذا الشهر، مشيرًا إلى أن المحكمة الإدارية رفضت ثمانية طعون تقدمت بها حملة المرزوقي بعد رصدها ما قالت إنها “مخالفات” وصفت بعضها بالخطيرة بالجولة الأولى التي أُقيمت يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
منافسة غير شريفة:
نشرت إحدى القنوات التلفزية التونسية الخاصة وثائقًا خاصة تكشف بالأرقام والتفاصيل نفقات رئاسة الجمهورية التونسية خلال فترة الرئيس الحالي منصف المرزوقي، مدعية أن مجموعة “آنونيموس” العالمية حصلت عليها بعد اختراقها لأجهزة رئاسة الجمهورية.
ورغم أن الأرقام المتعلقة بمصاريف رئاسة الجمهورية والواردة في الوثائق المسربة تعتبر عادية ومنخفضة نسبة إلى مصاريف رؤساء الجمهوريات في العالم ومنخفضة جدًا نسبة إلى مصاريف رئيس الجمهورية الأسبق زين العابدين بن علي، الهارب الآن في المملكة العربية السعودية، فإنها قد عنيت بتغطية إعلامية واسعة واُستخدمت من قبل معارضي المرزوقي لتشويه صورة الرئيس البسيط المتواضع التي حاول رسمها طيلة سنوات توليه للرئاسية.
وقد علق رئيس الحملة الانتخابية للمرزوقي ورئيس ديوانه سابقًا “عدنان منصر” على الوثائق المسربة، مؤكدًا استحالة أن تكون مجموعة “آنونيموس” خلف تسريب الوثائق، مبررًا ذلك بأن الوثائق المسربة ليست وثائق إلكترونية وإنما وثائق ورقية تم نسخها من داخل أحد مكاتب إدارة قصر قرطاج، ملمحًا إلى أن قياديين في حزب نداء التونسي (حزب السبسي) هم من قاموا بتسريب هذه الوثائق.
النهضة ماضية في الحياد:
في المقابل، أعلنت حركة النهضة، ثاني أكثر حزب تمثيلاً في البرلمان التونسي الجديد، أنها تدعو أنصارها إلى التزام الحياد خلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وأنها ستقوم خلال الأيام القليلة القادمة بدراسة موقفها النهائي فيما يخص دعم أحد المترشحين أو البقاء على موقف الحياد الذي اختارته الحركة منذ الجولة الأولى.
وفي البيان الصادر عن مجلس شورى حركة النهضة، حثت الحركة كل التونسيين على المشاركة بكثافة في جولة الإعادة، ودعت إلى الحرص على سلامة العملية الانتخابية حتى تعبر عن إرادة التونسيين، داعية الطرفيْن المتنافسيْن إلى تجنب خطابات التقسيم، مؤكدة التزامها بالتعاون مع الرئيس الذي سيتم انتخابه أيا كان.
وقال المتحدث الرّسمي باسم حركة النهضة “زياد العذاري” في حديث لصحيفة “العربي الجديد”، إن “الحركة تعتزم عقد مزيد من المشاورات خلال هذه الأيام لبلورة موقف نهائي من الرئاسيات”، في حين قال رئيس الحركة “راشد الغنوشي”، إن مجلس الشورى يتجه نحو التزام الحياد في الغالب، مشددًا على “حرص الحركة على المصلحة العليا للبلاد وتمسّكها بالوحدة الوطنيّة، وتثبيت السلم المجتمعي ودعوة الجميع إلى الابتعاد عن كلّ ما قد يقسّم التونسيين أو يكرّس الاستقطابات والتجاذبات الحادة، والتزام الحركة بالتعاون مع الرئيس الذي سينتخبه التونسيون خدمة للمصالح العليا لتونس”.
العرب يصلحون للديمقراطية:
في حفل أقامته مؤسسة “ابن رشد” للفكر في ألمانيا لتكريم الغنوشي كأبرز مفكري سنة 2014، قال الغنوشي: “هناك نوع من الشماتة ونوع من ترذيل للعرب والمسلمين على أنهم لا يصلحون للديمقراطية، كأن في جيناتهم شيء مغروس ضد الحرية والديمقراطية، بينما الواقع أن العرب بذلوا فعليًا من أجل الحرية أكثر مما بذله غيرهم، ولكن لأسباب كثيرة فإن كواهل العرب مثقلة، لذلك دفعوا أثمانًا باهظة من أجل الحرية، ولم يصلوها بعد”.
وتحدث الغنوشي عن الجغرافية والدين، وأهمية الموقع، وأهمية وجود الثروات في المنطقة، قائلاً: “أنا على يقين بأن الثورة التونسية أدخلت العالم العربي في عصر جديد، هو عصر الحرية، كما فعلت الثورة الفرنسية في أوروبا عندما أدخلتها في عالم جديد من الحرية”، مضيفًا: “إلى أن تفرز الحرية نظامًا ديمقراطيًا، هناك أرواح ستسقط ودماء ستسيل وتضحيات ستبذل، ولكن في النهاية كما يقول المثل (العفريت خرج من القمقم)”، مشيرًا إلى أن الثورة لن تفشل مهما تعثرت.