ترجمة حفصة جودة
قال وزير المالية الإسرائيلي الجديد – زعيم الحزب الصهيوني الديني اليميني المتطرف في البلاد والمدافع بشكل صريح عن ضم أجزاء من الضفة الغربية على الأقل – إنه يخطط لإنفاق مليارات الدولارات لتأسيس بنية تحتية والاستثمار في مستوطنات يهودية بالأراضي المحتلة.
قال بتسئليل سموتريتش في أثناء أداء الحكومة اليمين الدستورية الأسبوع الماضي، مستخدمًا الأسماء التوراتية للضفة الغربية: “سنقود التطور ونعزز قبضتنا على هذه المناطق من بلادنا الأصلية يهودا والسامرة”.
يشكل أفراد الحزب الصهيوني الديني – معظمهم ينحدرون من مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية – كتلة مهمة في حكومة نتنياهو الجديدة ويسيطرون الآن على مناصب تشرف على عناصر أساسية في الوجود الإسرائيلي الحاليّ.
تهدف هذه الكتلة إلى تمهيد الطريق لمليون مستوطن يهودي آخر وإنهاء أي اختلافات بين الحياة في المستوطنات والحياة داخل الحدود الإسرائيلية الرسمية تدريجيًا، فهدفهم النهائي كما يقولون منع أي احتمالية مستقبلية لتأسيس دولة فلسطينية.
يقول حسام زملط، سفير السلطة الفلسطينية في المملكة المتحدة: “الفرق الآن هو الوضوح التام لسياسة الحكومة الإسرائيلية العامة، إنها طعنة في قلب مفاوضات حل الدولتين التي ترعاها الولايات المتحدة”.
تؤكد رؤية سموتريتش للضفة الغربية التحديات التي سيواجهها نتنياهو في أثناء محاولة الحفاظ على تماسك الحكومة اليمينية والحفاظ على علاقات جيدة بالولايات المتحدة وأوروبا والحلفاء العرب، الذين يعارضون جميعًا خطط الضم، فقد قالت إدارة بايدن إنها ستحارب أي محاولات للضم تحت الحكومة الجديدة.
كان نتنياهو قد تعهد بعدم ضم الضفة الغربية، لكن جهود حكومته الجديدة لتوسيع السلطة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة بمثابة اختبار لعلاقته بالولايات المتحدة، كما أنها قد تضر بأحد أهم أهداف نتنياهو الطموح في السياسة الخارجية: وهي التوسع في التطبيع مع المملكة العربية السعودية.
تقول بنينا شارفيت باروخ – التي قادت سابقًا قسم القانون الدولي في الجيش الإسرائيلي – إن ضبابية الفرق بين “إسرائيل” والضفة الغربية قد تجعل من الصعب على القادة الإسرائيليين القول إن الاحتلال الإسرائيلي مؤقت، وتضيف باروخ “وحتى لو لم يكن الضم قانونيًا، بل مجرد ضم بحكم الأمر الواقع، سيكون من الأصعب توقع الدعم حتى من الحلفاء”.
كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد صوتت يوم الجمعة لصالح محكمة العدل الدولية لإصدار رأي استشاري يقول إذا ما كانت السياسات الإسرائيلية على الأرض قد غيرت الوضع القانوني لاحتلالها أم لا، ووافقت 87 دولة على القرار بينما عارضت 26 دولة من بينها الولايات المتحدة.
أما نتنياهو فقد وصف القرار بأنه “مهين” وينتهك حقوق الشعب اليهودي في المنطقة.
دافع سموتريتش عن قيام “إسرائيل” ذات يوم بضم الأراضي المحتلة رسميًا دون إعطاء 2.6 مليون مواطن فلسطيني حقوقهم السياسية الكاملة، وهو ما انتقده اليسار الإسرائيلي قائلًا إنه يعني انتهاء الديمقراطية الإسرائيلية.
قال الحزب الصهيوني الديني في برنامجه إن عملية تغيير الواقع في الضفة الغربية ببطء تعني تجنب معارضة الولايات المتحدة لضم “إسرائيل” الرسمي للأراضي المحتلة، وأضاف في برنامجه لعام 2021 “إن إعلان السيادة على كامل المنطقة سيواجه معارضة من الولايات المتحدة، لذا يجب أن نعزز سيادتنا بحكم الأمر الواقع”.
احتلت “إسرائيل” الضفة الغربية في أثناء حرب 67، وتعد المنطقة قلب الوجود اليهودي القديم في الأرض المقدسة ولها دلالة روحية بارزة لليهود المتدينين مثل سموتريتش.
يعيش في الضفة الغربية ملايين الفلسطينيين الذين عاشوا تحت حكم الجيش الإسرائيلي لعقود، والآن يعيش غالبيتهم في مناطق خاضعة لإدارة السلطة الفلسطينية التي تأسست في التسعينيات كجزء من عملية السلام التي كانت تهدف لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وما زالت عملية السلام بين الطرفين متوقفة منذ 2014.
لم تضم “إسرائيل” أراضي الضفة – ما يعني تحمل مسؤولية السكان الفلسطينين بشكل كامل – ولم تنسحب منها، بدلًا من ذلك تدير “إسرائيل” احتلالًا عسكريًا يعيش في رعايته نحو 500 ألف مستوطن إسرائيلي الآن، يرى غالبية المجتمع الدولي أن جميع المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية.
بالنسبة للمستوطنين الإسرائيليين فالجيش الإسرائيلي ما زال يتعامل مع قرارات التخطيط الحاسمة مثل بناء وحدات سكنية جديدة في المستوطنات، لكنهم يخضعون للقانون المدني الإسرائيلي ويمكنهم التصويت في الانتخابات.
أما بالنسبة للفلسطينيين، فالجيش الإسرائيلي يدير كل شيء حتى النظام القضائي العسكري الذي يستطيع الفلسطينيون من خلاله الحصول على تصريح لدخول “إسرائيل”، ومع ذلك لا يمكنهم التصويت في الانتخابات الإسرائيلية.
كجزء من اتفاقية التحالف مع نتنياهو، يملك سموتريتش السيطرة على الهيئة العسكرية الإسرائيلية التي تنظم التخطيط للمستوطنات ولمباني الفلسطينيين في أجزاء الضفة الغربية التي ما زلت تحتفظ فيها “إسرائيل” بالحكم المدني، لكن نتنياهو قال إنه يملك حق النقض لأي تغييرات قد يجريها سموتريتش.
قال عضو الكنيست عن الحزب الصهيوني الديني عوهاد تل إن الخطوة الرئيسية ستكون النقل التدريجي للسلطة الحاليّة التي تحكمها الهيئة العسكرية بقيادة جنرال إسرائيلي، إلى وزارات مدنية.
على سبيل المثال، يقول تل إنه إذا أراد مستوطن تصريحًا لإغلاق شرفته فيجب عليه أن يتقدم بطلب من خلال عملية عسكرية، لكن الجيش ليس معنيًا بالتعامل مع الشؤون المدنية، لذا يتلقى المستوطنون خدمةً سيئةً، لكن تل لم يرد على التساؤلات بشأن الهيئة التي ستتعامل مع الطلبات الفلسطينية المشابهة.
يقول المستوطنون الإسرائيليون إنهم يدفعون نفس الضرائب مثل المواطنين الإسرائيليين، لكنهم يقودون في طرق سيئة ويواجهون بيروقراطية إضافية، يقول حنانيل دوراني زعيم المستوطنين الإسرائيليين في مستوطنة كدوميم: “نريد أن نُعامل مثل بقية المواطنين ونحصل على نفس الحقوق مثل سكان رعنانا وهرتسليا”.
يرى حزب الليكود بزعامة نتنياهو أن مقترحات سموتريتش ستحسن من خدمات الحكومة للمواطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية دون تغيير الوضع السياسي الراهن، لكن بعض المسؤولين الإسرائيليين السابقين يقولون إن هذه الخطوة ستترك “إسرائيل” عرضة للاتهام بتأسيس نظام فصل عنصري من الكثيرين بما في ذلك الولايات المتحدة.
يقول جيورا إيلاند مستشار الأمن القومي السابق في حكومة آريل شارون: “إذا كان هناك 500 ألف إسرائيلي في منطقة يحصلون على جميع حقوقهم بينما لا يحصل 2.5 مليون فلسطيني يعيشون في نفس المنطقة على هذه الحقوق، فإن الكثير من الدول ستطلق علينا دولة فصل عنصري”.
المصدر: وول ستريت جورنال