ترجمة وتحرير: نون بوست
أدت الحكومة الإسرائيلية الجديدة اليمين الدستورية الأسبوع الماضي، وتولى بنيامين نتنياهو – الذي أصبح أطول رئيس وزراء إسرائيلي بقاءً في المنصب – رئاسة الوزراء للمرة السادسة، وقام نتنياهو بتشكيل الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، مع مناصب بارزة للقوميين المتطرفين: إيتامار بن غفير، وزير الأمن القومي الجديد (وهو منصب يشرف على الشرطة)، وبتسلئيل سموتريتش، الذي ستكون له صلاحيات واسعة في السلطة على المستوطنات الإسرائيلية بالإضافة إلى دوره كوزير للمالية. ووعدت الحكومة من الآن بتوسيع تلك المستوطنات وإضعاف سلطة القضاء، كما أدلى أعضاء التحالف الجديد بتعليقات ضد المجتمع “الميم” ودعوا إلى صرامة أكثر في التعامل مع من يمكن اعتباره يهودي فعلًا.
ولتوضيح رؤيتها الأكبر، أصدرت الحكومة الأسبوع الماضي، مبادئ توجيهية للسياسة أعلنت فيها “حق الشعب اليهودي الحصري وغير القابل للمساومة في جميع أجزاء أرض إسرائيل”.
وللحديث عما ستعنيه الحكومة الجديدة للفلسطينيين؛ أجريتُ مؤخرًا حديثًا عبر الهاتف مع رجاء شحادة، الكاتب والمحامي والناشط الفلسطيني الذي شارك في تأسيس منظمة حقوق الإنسان المسماة “الحق”.
وسيصدر كتاب شحادة الأخير، الشهر المقبل، بعنوان “كان بإمكاننا أن نصبح أصدقاء، والدي وأنا: مذكرات فلسطيني“. وخلال حديثنا؛ الذي تم تعديله من أجل الحجم والوضوح؛ ناقشنا ما سيتغير وما لن يتغير بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية، والتمييز المتزايد الذي من المحتمل أن يواجهه الفلسطينيون في إسرائيل، وكيف ينظر إلى حكومة نتنياهو في في سياق حركات اليمين المتطرف الأخرى حول العالم.
ما هي مخاوفكم على وجه التحديد بشأن العلاقات مع الفلسطينيين، في ظل هذه الحكومة الجديدة؟
أعتقد أن الحكومة الجديدة ستؤثر تأثيرًا ضارًّا بشكل أكبر على إسرائيل أكثر من تأثيرها على الضفة الغربية والفلسطينيين. لكنْ، قبل كل شيء، دعونا لا نتحدث عن الفلسطينيين بشكل عام، لأن هناك فلسطينيين في غزة، وفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية، وآخرين في الضفة الغربية، والتأثير يختلف على كل منطقة. لنبدأ بغزة، فإن أسوأ شيء هو أن هذه الحكومة قد تشن حربًا – أو من المحتمل جدًا – وهذا بالطبع سيؤثر على غزة.
بالنسبة للفلسطينيين في إسرئيل؛ سيكون التأثير قويًّا لأنهم سيكونون عرضة لمزيد من المواقف العنصرية؛ حيث تخطط الحكومة بالفعل لزيادة عدد المستوطنين اليهود واليهود الإسرائيليين في الجليل ووتخفيض أعداد الفلسطينيين. ويمكن أن يتأثر الفلسطينيون أيضًا بمخصصات الميزانية لمجالسهم المحلية، ويمكن أن يتأثروا أيضًا بالمخصصات الموجهة للوظائف، والمقاعد في كليات الطب وغيرها. فالتمييز ضد الفلسطينيين في إسرائيل متوقع جدًا، وهناك مخاوف بالفعل من أن الوضع سيصبح أسوأ مما هو عليه الآن.
أما بالنسبة للضفة الغربية، فإن الوضع – كما أعتقد – أقل من الناحية الهيكلية وأكثر من ناحية المخاوف، لأن لدينا منذ سنة 1979، تغييرات في هياكل حكومة المنطقة؛ حيث تم فصل المستوطنين عن الفلسطينيين الذين تم وضعهم تحت نظام مختلف ملحق بإسرائيل، لذلك فإن أي تمييز سيكون ضد الفلسطينيين وليس المستوطنين الإسرائيليين.
هذه الهياكل موجودة حاليًا، وهذه الحكومة الجديدة لن تنشئ هياكل جديدة ولكنها ستستخدم سلطاتها في الإدارة المدنية لزيادة العراقيل التي يواجهها الفلسطينيون. فبموجب القواعد الحالية؛ فإن التخطيط في المنطقة “ج”، التي تشكل حوالي 60 بالمئة من الضفة الغربية يخضع للإدارة المدنية الإسرائيلية. زسوف يتولى سموتريتش السلطة على هذه الإدارة وسوف يطبق قواعد أكثر صرامة فيما يتعلق بما هو مسموح وما هو ممنوع وعدد المستوطنات والبؤر الاستيطانية التي سيتم تقنينها وما إلى ذلك. وبالطبع؛ فإن وضع وزارة المالية أيضًا بين يديه، سيجعله يمنح المزيد من الأموال لبناء مستوطنات جديدة.
هناك أيضَا مخاوف من طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة، وقد كان أعضاء التحالف اليميني صريحين للغاية بشأن الحاجة إلى طرد الفلسطينيين، المتطرفين – في نظرهم – من أرضهم، وسوف ينتهزون أي فرصة للقيام بذلك، وستكون الحرب واحدة من أكبر الفرص بالتأكيد، لكن يمكن فعل ذلك دون الحرب وذلك بإجراء تغييرات في اللوائح حيث يمكن طرد الفلسطينيين غير المرغوب فيهم إلى الأردن أو من الضفة الغربية إلى غزة.
فيما يخص الضفة الغربية أولًا؛ يبدو أنك تقول إن هذه الحكومة الجديدة ستستخدم الهياكل الحالية لتفاقم السياسات السارية بالفعل، لكن بعيدًا عن الحرب أو ما شابه، تعتقد أنه سيكون تغييرًا في الدرجة وليس تغييرًا في النوع، لأن الوضع الراهن سيء للغاية أصلًا. هل من توضيح أكثر؟
نعم هذا ما أعتقده، وهذا ما أؤمن به؛ فالهياكل القائمة متحيزة للغاية وتمييزية للغاية وتخوّل إسرائيل صلاحيات كبيرة، لذلك فهي لا تحتاج حقًا إلى تغييرها، وطالما هذه السلطة موجودة بالفعل، سيستخدمونها على نطاق أوسع وأكثر ليبرالية لصالح المستوطنين وضد الفلسطينيين.
عندما تفكر في الأربعين سنة الماضية؛ هل تشعر أن التغيير في الحكومات في إسرائيل كان له تأثير كبير بطريقة أو بأخرى على حياة الفلسطينيين؟ أم أن إسرائيل تقوم فقط بترشيح رئيس وزراء جديد وتشكل حكومة جديدة، وحتى حكومة بقيادة حزب العمل أو بقيادة الليكود، لكن الأمور في الأساس لا تتغير؟
حسنًا لنبدأ بسنة 1967؛ عندما قرر مجلس الوزراء الإسرائيلي شطب الخط الأخضر من الخريطة الرسمية لإسرائيل – في اجتماعات سرية تم الكشف عن محاضرها الآن – كان الخط الأخضر هو الخط الفاصل الذي تم رسمه نتيجة لاتفاقيات الهدنة التي أعقبت الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1948 والذي استخدم بشكل أساسي كحدود بين الضفة الغربية وإسرائيل. وبحذف هذا الخط؛ وبجعل جميع الخرائط الرسمية تشمل “إسرائيل الكبرى”، فإن ذلك يعني أنهم كانوا يقصدون توسيع إسرائيل لتشمل الضفة الغربية.
الآن، لم يحدث هذا بشكل مباشر، لأنهم – في وقت من الأوقات – اعتقدوا أنهك قادرين على إجراء نوع من الترتيبات للفلسطينيين، وكانت هناك مراحل مختلفة في العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبين إسرائيل والدول المجاورة، لذا فهي مراحل غير متسقة، والشيء الوحيد المتسق هو أنها سعت بشكل متزايد نحو الضم، لكن مدى الضغط الممارس على الفلسطينيين اختلف على مر السنين؛ حيث مع بعض الحكومات كان أقل، ومع أخرى كان أسوأ.
وأيضًا، فبعض الأشخاص من الإدارة المدنية كانوا مختلفين، وقد تعاملت مع الكثير من هؤلاء الأشخاص. فعلى سبيل المثال إفرايم سنيه، وهو واحد من أوائل من تولوا الإدارة المدنية في الضفة الغربية، وكان شخصًا يمكن أن تتجادل معه، وكان يعتقد أحيانًا أنه من الأفضل منح الفلسطينيين مزيدًا من الفسحة والمزيد من الامتيازات والمزيد من الفرص لتوسيع مناطقهم، بمعنى أنه كان معتدلًا. لكنْ لاحقًا تم استبداله بشخص أقل اعتدالًا وعقلانية، أما الآن فلا يوجد أشخاص عاقلون على الإطلاق، وحيث إن سموتريش هو الذي سيعين رئيس الإدارة المدنية، فمن المرجح أن يعين أكثر الأشخاص تطرفًا والذين لن يقدموا أي تنازلات للفلسطينيين، وهذا سيحدث فرقًا سيئًا في حياة الفلسطينيين بالطبع.
أدخلت الحكومة الأخيرة – التي كانت عبارة عن ائتلاف من بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة وغير اليمينية المتطرفة – أحزابًا عربية إلى الحكومة. لا أعرف ما إذا كان ذلك يبعث على الكثير من الأمل، لكنه كان شيئًا جديدًا في التاريخ الإسرائيلي الحديث، وأنا أشعر بالفضول، كيف سارت هذه التجربة برأيك؟ وهل تعتقد أن هناك أي دروس يمكن استخلاصها منها؟
كنت أراجع سجل تلك الحكومة من حيث العنف في الضفة الغربية (معاملة المدنيين وعمليات القتل وهدم المنازل وما إلى ذلك)، والسجل فظيع ورهيب ومروّع، وباعتقادي أسوأ من أي حكومة أخرى، فوزير الدفاع كان متوحشًا تجاه الفلسطينيين. الآن، وبالسؤال عما إذا كان الفلسطينيون في إسرائيل نفسها يتوقعون أفضل قليلًا في ظل الحكومة الجديدة؛ فلا يمكنني الجزم حقًا، فربما كان وجود الفلسطينيين داخل الحكومة قد منحهم بعض الفرص للضغط من أجل تقديم تنازلات في أوقات معينة، وهذه هي الطريقة التي تعمل بها السياسة: يمكنك ممارسة بعض الضغط والحصول على بعض التنازلات.
لكن تلك التنازلات كانت ستظهر داخل إسرائيل نفسها، وليس في الضفة الغربية؟
نعم؛ بالتأكيد. والشيء المحزن، إسحاق؛ أنه لم تكن هناك حكومة في إسرائيل من أجل التعايش والحل السلمي للصراع، وهذا واضح حتى في المناهج التربوية، فإذا كنت تريد أن تصنع السلام مع الجار أو مع العدو أو مع الخصم، عليك أن تبدأ بتعليم الأطفال في المدرسة عن تلك الجنسية أو تلك المجموعة، حيث تخبر الأطفال عنهم وتحاول تحسين صورتهم وتحاول تعليم اللغة، القليل جدًا من ذلك حدث، معظم الناس في المدارس الإسرائيلية الذين تعلموا اللغة العربية – على حد علمي – كانوا من المهتمين بالالتحاق بالأجهزة الأمنية، فالحكومة السابقة لم تكن حكومة تميل نحو السلام والعلاقات السلمية مع الفلسطينيين.
من المثير للاهتمام سماعك تقول ذلك؛ لأن أحد الانتقادات الموجهة للفلسطينيين هو: “إذا كنت تريد أن تعرف لماذا لا يريدون السلام، أنظر في كتبهم المدرسية، إنهم يعلِّمون أطفالهم أن يكرهوا اليهود”.
ليس على الفلسطينيين تعليم أطفالهم كره الإسرائيليين، إنهم يكرهونهم بسبب الطريقة التي يرون فيها كيف يعاملهم الإسرائيليين بعنف، وهذا أقوى بكثير من التدريس في الكتب المدرسية. والحقيقة هي أنه يوجد الآن جيل كامل، إن لم يكن جيلين، اختبروا الإسرائيليين فقط كجنود أو مستوطنين، وعنف كلا الطائفتين.
للحصول على علاقات، بين إنسان وإنسان، فإن الفرص تكاد تكون معدومة الآن، وهو ما لم يكن كذلك من قبل. ففي الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، كان هناك تفاعل أكبر بكثير، حيث عرف الناس بعضهم البعض على المستوى الشخصي أكثر من ذلك بكثير، ولكن الآن هم المستوطنون والجنود فقط، والذين لا يرون سوى العنف في الجانب الآخر.
لنعد قليلاً إلى الوراء؛ كيف تعتقد بالضبط أن حياة الفلسطينيين داخل إسرائيل من المحتمل أن تتغير في ظل هذه الحكومة الجديدة؟
هناك خطط – كما ذكرت – لزيادة عدد اليهود الإسرائيليين في الجليل، لأنه يوجد الآن في بعض المناطق أغلبية من الفلسطينيين. وللقيام بذلك؛ سوف يصعّبون على الفلسطينيين التوسع في هذه المناطق في حين يزيدون الحوافز لليهود الإسرائيليين للانتقال إلى هناك. ولا يبدو أن هناك – مع هذه السياسات الجديدة – محاولة لإقامة علاقات حسن جوار، بل إنها سياسات معادية للأسف، ومن المحزن جدًا رؤية الأمور على هذا النحو، ولا يجب أن ننسى أن الفلسطينيين مضطرون للاعتماد على النظام الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية في معيشتهم ورفاهيتهم وتقدمهم، ويمكن للحكومة الإسرائيلية أن تتحكم في ذلك على عدة مستويات وفي مجالات عديدة.
تمت مقارنة هذه الحكومة الإسرائيلية الحالية بالحركات اليمينية الأخرى التي رأيناها تتشكل في السنوات العشر الماضية في جميع أنحاء العالم. هل هذه طريقة مفيدة للتفكير فيما يجري في إسرائيل والأراضي الفلسطينية الآن؟
أعتقد ذلك؛ لكنني أظن أن المخاطر أكبر بكثير في إسرائيل والفلسطينيين. ففي أمريكا أو في أوروبا؛ في البلدان التي كانت توجد فيها حكومات يمينية، الخطر على الديمقراطية قوي بالطبع وهذا شيء يدعو للقلق، والشيء نفسه صحيح في إسرائيل، لكن في إسرائيل هناك دائما خطر من أن الحكومة اليمينية، من خلال عدم اهتمامها بالطرف الآخر، قد تخلق العنف وردود الفعل العنيفة. فمثلًا؛ يقول سموتريتش إن الفلسطينيين هنا عن طريق الخطأ، وأن بن غوريون أراد التخلص منهم ولم يفعل، وكان ذلك خطأََ سنة 1948، وعندما يسمع الفلسطينيون شيئًا كهذا فإنه يثير غضبهم، والمزيد من هذه التصريحات من قبل المسؤولين في الحكومة والسياسات الأكثر تقييدًا من قبل الحكومة ستخلق ردود فعل، ويمكن أن يعني رد الفعل إلى انفجار الوضع. نحن في مكان يجب أن نعمل فيه من أجل السلام والتعايش، والحكومات اليمينية تفعل العكس تمامًا.
من ناحية؛ أنت تقول إن الوضع مع إسرائيل والفلسطينيين سيء للغاية لدرجة أن وجود حكومة يمينية متطرفة يخلق مخاطر أكبر مما هو عليه في الولايات المتحدة أو في أي مكان آخر. وفي نفس الوقت، كنت تقول في بداية حديثنا أن الأمور بالفعل سيئة للغاية بحيث لا شيء قد يتغير بشكل أساسي. هل يوجد توتر بالفعل؟
نعم، فهمت. أعني؛ ليس هناك أي تغيير هيكلي أساسي، لكن التغيير الهيكلي ليس هو الشيء الوحيد، فسيكون هناك المزيد من السياسات الأكثر تقييدًا وستخلق التوترات. ومن المرجح أن نقطة الاشتعال مع بن غفير المسؤول عن الأمن، هي المسجد الأقصى، ومن المرجح جدًا أن يؤدي أي نقض لحقوق العرب والفلسطينيين على هذا الموقع الديني المهم إلى رد فعل هائل. (يوم الثلاثاء، بعد مقابلتنا، زار بن غفير حرم المسجد الأقصى، الذي يعتبره كل من المسلمين، واليهود الذين يسمونه جبل الهيكل، مقدسًا. وقد ندد الفلسطينيون بالزيارة، وأيضًا وزعيم المعارضة الإسرائيلي يائير لبيد، ووصفوها بأنها استفزاز).
أنا قلق أيضًا بشأن المزيد من النقاط الاستيطانية غير القانونية التي يتم إضفاء الشرعية عليها، واستعادة المستوطنين للبؤر الاستيطانية والمستوطنات التي تم إخلاؤها بقرار من المحكمة العليا الإسرائيلية، وتغيير قواعد التدخل للجيش بما يضر بسلامة الفلسطينيين، وزيادة الدعم الحكومي للمستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة، وزيادة في أوامر نقل مجتمعات فلسطينية بأكملها، واستكمال تطبيع المستوطنات – كما في حالة جامعة آرييل وعلاقاتها الثقافية الوثيقة مع إسرائيل – ومصادرة الأراضي على نطاق واسع ودمجها في إسرائيل في منطقة وادي الأردن (غور الأردن).
هناك أيضا حقيقة أن وزير الدفاع لم يعد مسيطرًا على شرطة الحدود التي تعمل في الضفة الغربية المحتلة. (فوفقًا لصفقة أبرمت بين نتنياهو وبن غفير، سيتم نقل هؤلاء الضباط إلى اختصاص وزارة الأمن القومي)، وسيحرص وزير الدفاع دائمًا على ألا تتجاوز الأمور نقطة معينة، وتتوقف عند خط أحمر، حتى عندما تحدث انتهاكات حقوق الإنسان، عادة ما يكون هناك حساب من قبل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المسؤول أمام وزير الدفاع إلى أي مدى يمكن للجيش أن يذهب قبل أن يحدث انفجار من قبل الفلسطينيين، لأنه إذا حدث مثل هذا الانفجار، فإن الجيش هو المسؤول في النهاية عن التعامل معه، وبدون هذا النفوذ، لا بد لنا من رؤية أشكال أكثر تطرفًا من ردود فعل قد تؤدي إلى تنفيذ هجمات من طرف الفلسطينيين الذين يشعرون بالظلم، وسيكون لها وقع أكبر، لذلك لا ينبغي الاستهانة.
ما هي التغييرات السياسية التي تتوقعها من الفلسطينيين، في الضفة الغربية على وجه الخصوص، إذا بدأت هذه الحكومة في القيام بالأشياء التي تقلقك؟
حسنًا، قد تكون هناك انتفاضة أخرى، فالناس قد يتسامحون ويتسامحون ويتسامحون، لكن إذا رأوا كل السبل مغلقة ولا مخرج، وإذا لم يكن هناك مخرج ولا يمكن أن يكون أسوأ، فحينه يبرز ميلهم لتنفيذ هجمات، ويمكننا حينها رؤية على كل أنواع الهجمات والمقاومة. في الوقت الحالي؛ على الرغم من أن الوضع كان سيئًا، إلا أن القوى السياسية في إسرائيل تحتفظ بالسيطرة على مدى هذا السوء.
الحكومة قلقة من انفجار الوضع، وفي نقاط معينة؛ لا يريدون الحرب. إنهم لا يريدون أن تسوء العلاقات مع أمريكا والغرب بسبب رؤيتهم لوضع متفجر هناك، ولذلك فهم يخففون الأمور، لكنْ لا يبدو أن هذه الحكومة مهتمة بذلك وليس هناك الكثير لردعهم، ولا يبدو أنهم يهتمون بنظرة الغرب، فهم يعلنون سياساتهم العنصرية علانية.
كان اهتمام دول الجوار بالفلسطينيين متقطعًا على مدى العقود الماضية، ولكن يبدو أن إسرائيل قد أقامت شراكات اقتصادية وأمنية مع هذه الدول؛ مثل الإمارات العربية المتحدة. يبدو أنه من غير المرجح أن تثير هذه الحكومات الكثير من الجلبة حول إساءة معاملة الفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى في فترة ما بعد 1948، وبالتأكيد حقبة ما بعد 1967. هل يبدو هذا الأمر بالنسبة لك أيضًا؟
نعم بالتأكيد. إنهم يعتقدون أن منظمات حقوق الإنسان هي العدو، كما قال سموتريتش أيضًا. وتحاول إسرائيل تقييد تمويل هذه المنظمات والضغط عليها وما إلى ذلك، وسيحدث ذلك أيضًا فرقًا، لأن منظمات حقوق الإنسان مهمة جدًا على الأقل في إعلام الناس في العالم بما يحدث هنا. وإذا تم التضييق عليها، فلا يوجد أحد لإيصال أصوات معاناتهم.
يبدو أن الحكومة الحالية لديها أفكار خاصة للغاية ومتشددة حول اليهودية وما يجب أن تكون عليه اليهودية، ولديها طموحات لجعل إسرائيل دولة أكثر تدينًا. وحتى لو لم يتسبب ذلك في تغيير هيكلي فوري؛ فماذا تعتقد أنه قد يعني على المدى الطويل للتعايش بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟
لا أعتقد أن لها تأثيرًا كبيرًا علينا، لأن إسرائيل – فيما يتعلق بنا – منحازة وتمييزية تجاه غير اليهود من حيث المبدأ وفي الهياكل. لكنني أعتقد أنه مع توجه إسرائيل بشكل أكبر في هذا الاتجاه فإنهم سيخسرون، لأن قوة إسرائيل وما جعلها تنجح حتى الآن هو الديمقراطية التي كانت تمنحها للإسرائيليين، والقدرة على جعل الناس يشعرون بالسعادة في محيطهم وأكثر تسامحًا وما إلى ذلك. والآن، مع تضييق الخناق عليهم وومارسة صرامة أكبر – مثل إيران تمامًا – لن ينجحوا أبدًا، ولن يكون ذلك في صالح إسرائيل، لكن يمكن أن يحدث على المد الطويل.
لطفًا؛ شكرا لك على حديثك.
هناك شيء آخر؛ كنت أتحدث اليوم إلى شخص أثق به، وهي صحفيَّة إسرائيليَّة، وقلت: “ما هي فرصة أن يكون هناك رد فعل في إسرائيل ضد هذه الأشياء ومقاومتها؟” فقالت: “قليل جدا”، وقد خاب أملي كثيرًا، وسألتها عمّا إذا كانت تعتقد أنه ستكون هناك مقاومة مدنية حقيقية، والمقاومة ستكون مفيدة لنا بالطبع، لكنها اعتقدت أن هناك فرصة ضئيلة للغاية، وقد أزعجني هذا.