ترجمة وتحرير: نون بوست
حذّر مركز “مساواة” الذي يُعنى بالدفاع عن “عرب إسرائيل”، في تقريره المنشور حديثًا، من أن الاتفاقيات الائتلافية بين أحزاب الحكومة الإسرائيلية الجديدة من شأنها تعميق العنصرية ضد المواطنين العرب الفلسطينيين وتوسيع رقعة الاستيطان اليهودي على الأراضي الفلسطينية في الجليل والنقب والضفة الغربية.
يتضمن القانون الإسرائيلي بالفعل عشرات التشريعات التي تمنح حقوقًا جماعية للأغلبية اليهودية بينما تقصي الأقلية العربية الفلسطينية في “إسرائيل”. ويشير جزء كبير من البنود المدرجة في الاتفاقيات بين أطراف الائتلاف إلى سياسات تدعو إلى توسيع رقعة المستوطنات التي تمولها الحكومة في مناطق مختلفة، بما في ذلك في الضفة الغربية المحتلة والجليل والنقب التي تتعامل معها الحكومة على أنها منطقة واحدة. وبعد فحص الاتفاقات الائتلافية، تطرّق مركز مساواة إلى النقاط الرئيسية التالية على أجندة الحكومة الجديدة.
الإصلاحات التشريعية
ستُجري الحكومة الجديدة بموجب (المادة 30) إصلاحات تشريعية شاملة ستشمل سن قانون أساسي يسمى “التشريع وبند التغلّب”، [سيمنحها شرعيةً شبيهة بالدستور في البلاد]. وستُعطى القوانين الأولوية المطلقة والكاملة تحت أي ظرف من الظروف وبموجب أحكام أي تشريع آخر”.
أما المادة (66) فتنص على أن “الحكومة ستعمل على تعزيز القوانين الأصلية بما في ذلك القوانين التي تخص الصهيونية وقضايا التراث”. وتشير (المادة 89) إلى أن “الحكومة ستعمل على تعزيز الهوية اليهودية للبلاد من خلال سن التشريعات وتخصيص الموارد عبر تطبيق جملة من الإجراءات المختلفة على النحو المفصّل في هذه الاتفاقية.
وافقت الحكومة على تعزيز مكانة المحكمة الدينية ورفع معايير القضاة والمسؤولين وإنشاء مرافق مطابقة للمحاكم
ورد في “قوانين الهجرة والتجنس” حسب المادة (المادة 91) أنه “بالنظر إلى ضرورة تحقيق أهداف قانون العودة وهجرة اليهود إلى إسرائيل، وفي ضوء توزيع المهاجرين وآليات الهجرة في السنوات الأخيرة، والصعوبات والثغرات التي أحدثها قسم الأحفاد في قانون العودة والحاجة إلى وقف الاستيعاب في إسرائيل ومنع انتهاك الحقوق التي تمنحها الدولة للمهاجرين الذين يعودون إلى بلدهم الأصلي بعد وقت قصير من هجرتهم إلى إسرائيل، سيتم الاتفاق على تخصيص ميزانية تموّلها الدولة يتم الاتفاق عليها في غضون 60 يومًا ضمن لجنة سيتم تشكيلها بمشاركة ممثلين عن جميع أحزاب الائتلاف”.
ستعمل الحكومة على تعديل قانون حظر التمييز في تقديم الخدمات ودخول أماكن الترفيه والفضاءات العامة الذي يعود لسنة 2000، بحيث يمكن إقامة أي فعاليات أو دراسات للحريديم والمتدينين الذين يرغبون في ذلك، سواء كانت موجهة إلى الجمهور عام أو أصحاب التوجهات الدينية، مع مراعاة معتقداتهم الدينية واحتياجاتهم بما في ذلك الفصل بين الجنسين. ستقوم الحكومة كذلك بإحداث تغييرات تشريعية تهدف إلى منع تعريف هذا الفصل على أنه تمييز محظور، وذلك من خلال تعديل القانون بطريقة تسمح بإنشاء مجتمعات سكنية قائمة على أسس دينية والحفاظ عليها.
تم الاتفاق على أن تقوم الحكومة بسن تشريعات متعلقة بالحاخام العسكري الرئيسي.
لن تصادق الحكومة على اتفاقية إسطنبول لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف الأسري، التي توضّح أن العنف ضد المرأة والعنف الأسري ليستا مشكلتين فرديتين وإنما ظاهرتان يجب على الدولة القضاء عليهما.
وافقت الحكومة على تعزيز مكانة المحكمة الدينية ورفع معايير القضاة والمسؤولين وإنشاء مرافق مطابقة للمحاكم وإلغاء خضوعها للمحاكم في بعض الأمور مثل التحكيم.
ميزانيات المستوطنين
تعتزم وزارة البعثات القومية بموجب (المادة 103) من خلال إدارة الهوية اليهودية صياغة خطة لتعميق الهوية اليهودية لمجموعة متنوعة من السكان تشمل الطلاب والقادة الروحانيين في الجامعات والقادة في الخدمة العامة وما إلى ذلك، وبناء مراكز دراسات التراث والهوية الدينية، وإنشاء صناديق لتشجيع الإبداع اليهودي في السينما والموسيقى والتراث. وستشمل هذه الخطة تعزيز تماسك وحدة الأسرة من خلالها تخصيص الحكومة ميزانية إضافية على الميزانية الأساسية على النحو التالي: في سنة 2023 ما مجموعه 700 مليون شيكل (200 مليون دولار)، وفي سنة 2024 ما مجموعه 800 مليون شيكل (227 مليون دولار)، وابتداءً من سنة 2025 سيبلغ إجمالي الميزانية الإضافية 950 مليون شيكل (270 مليون دولار). وستُعرض الخطة على الحكومة للتصديق عليها عند الضرورة.
في إطار تعزيز الحركة الصهيونية الدينية، سيتم بموجب (المادة 114) تخصيص ميزانية إضافية على الميزانية الأساسية بقيمة 174 مليون شيكل (50 مليون دولار) للقضاء على العجز في الميزانية في نظام التعليم ورفع مستوى التعليم في قرى الشباب الزراعية من أجل تقوية الأطر التعليمية المختلفة، وكذلك لتعزيز التراث الصهيوني الديني وأنشطته، التي تشمل البيت الصهيوني الديني وإرث الحاخام كوك متعدد الثقافات وإرث غوش قطيف (وهي كتلة من 17 مستوطنة إسرائيلية تقع جنوب قطاع غزة أزيلت بالقوة من قبل “إسرائيل” بعد انسحابها أحادي الجانب من قطاع غزة)، إضافة إلى الميزانية الأساسية البالغة 110 ملايين شيكل (31 مليون دولار) لتمويل بعثات الحركة الصهيونية حاباد في الخارج.
ستعمل الحكومة على إثراء المناهج الدراسية حول تاريخ الصهيونية والتراث اليهودي، وإنشاء جامعة أرئيل في الضفة الغربية المحتلة والترويج لها
من أجل تعزيز حركة “غارين توراني” (التي تضم مجموعات من الصهاينة المتدينين من أفراد وعائلات يستقرون في مجتمعات ذات تعداد ديني منخفض من أجل تعزيز ارتباطهم باليهودية الدينية) ستدير الحكومة بموجب (المادة 152) برنامج مساعدات بقيمة 25 مليون شيكل (7 ملايين دولار) في المدن المعنية ستشمل زيادة الأمن وتعزيز المرونة وزيادة استيعاب السكان وتنمية المجتمعات الشابة وتطوير الثقافة والبنية التحتية لدعم الحياة المجتمعية.
مزايا إضافية للجنود والضباط
من الواضح أن الحكومة غير راضية عن الميزانية العسكرية الضخمة بالفعل، وستخصص أموالاً إضافية من شأنها تعميق التمييز ضد المواطنين الذين لم يخدموا في الجيش. ويطالب زعيم الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، الذي سيشغل منصب وزير المالية في النصف الأول من الولاية ووزير الداخلية في النصف الثاني، بزيادة في الميزانية لرفع الأجور للخدمة الإلزامية ورفع أجور الجنود بنسبة 20 بالمئة.
ستُخصص منح دراسية لقدامى المحاربين العسكريين وستموّل السنة التحضيرية للجامعات بشكل مجاني، مع تقديم منحة دراسية كاملة مدتها سنة واحدة لكل سنة من سنوات الخدمة العسكرية. وستعمل الحكومة على التمييز ضد المرشحين العرب وإعطاء الأفضلية لقدامى المحاربين في مجالات الطب والقانون وعلوم الحاسوب والمحاسبة والهندسة.
التعليم
ستعمل الحكومة على إثراء المناهج الدراسية حول تاريخ الصهيونية والتراث اليهودي، وإنشاء جامعة أرئيل في الضفة الغربية المحتلة والترويج لها، مع التركيز على مجال البحث والتدريس من أجل تعويض استبعادها من الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي والدول الآسيوية والصناديق الدولية. وهذا جزء من قرار الحكومة بتحويل أرئيل إلى مدينة جامعية وإنشاء جامعة في الجليل. سيتغيّر اسم وزارة الاستيطان إلى وزارة البعثات الوطنية. كما تم الاتفاق على تحقيق أهداف قانون العودة بضمان هجرة اليهود إلى “إسرائيل”، وإحداث إصلاحات في إجراءات اعتناق اليهودية من خلال هيئة الدولة لاعتناق اليهودية.
تعميق الاحتلال
بالنسبة للمستوطنات في الأراضي المحتلة، فإن الحكومة تتعامل معها كما تتعامل مع ترحيل اليهود إلى النقب والجليل. وستتخذ الحكومة الجديدة قرارًا بشأن تنظيم مستوطنة جديدة في غضون 60 يومًا من تشكيلها. وفي خطوة من شأنها تعميق الاحتلال، ستعمل الحكومة على تنظيم “الجوانب المطلوبة لتشغيل مجمع قبر راحيل بما في ذلك الجوانب المالية”، وذلك بموجب (المادة 117).
بالإضافة إلى ذلك، ستعمل الحكومة على تطوير التشريعات لتنظيم ربط المستوطنات غير القانونية في الأراضي المحتلة بالبنية التحتية تحت تعريف “الاتصال الإنساني بالكهرباء والمياه والبنية التحتية العامة الأساسية”، مع “تطوير الخدمات المقدمة في يهودا والسامرة [الضفة الغربية المحتلة] وفقًا للقرار عدد 106 لسنة 1981”.
ستشجع الحكومة على نقل مراكز إعادة التأهيل والصيانة التابعة للجيش الإسرائيلي إلى منطقة تسيبوريت الصناعية مع إقامة مستوطنة أربيل في الجليل
سينظم قسم الاستيطان التابع للحكومة موقعه ودوره في التشريع بمخصصات قدرها 750 مليون شيكل (213 مليون دولار) سنويًا سيتم تثبيتها في الميزانية الأساسية. وسيتم تخصيص وإقرار الميزانيات لتنمية وتقوية المستوطنات وفقًا للخطة الخمسية.
ستعمل الحكومة على ضمان وجود وسلامة وإقامة مستوطنة يهودية في الخليل. وستُمنح مزايا ضريبية للمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وفي المناطق ذات المخاطر الأمنية العالية ابتداءً من سنة 2023.
سيتم الانتهاء من إجراءات نقل قواعد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، مع التركيز على مستوطنتي بيت إيل وكريات أربع.
النقب والجليل
سيتم تحويل الميزانيات لتعزيز “الاستيطان اليهودي في عراد”، وهي مدينة يهودية في النقب، وستتسارع الإجراءات المستمرة للتخطيط لمدينة “كاسيف”، المدينة الأرثوذكسية المتطرفة المزمع إنشاؤها مستقبلاً في منطقة النقب، بالإضافة إلى استمرار وتسريع إنشاء ما يقارب 14 مستوطنة في النقب ستخصص لها 800 مليون شيكل (227 مليون دولار) سنويًا.
ستكون خطة بناء جامعة إحدى محركات النمو في الجليل. وستشجع الحكومة على نقل مراكز إعادة التأهيل والصيانة التابعة للجيش الإسرائيلي إلى منطقة تسيبوريت الصناعية مع إقامة مستوطنة أربيل في الجليل. وستصدر الحكومة قانونًا لتطوير الجليل، وتخطط أيضًا لزيادة الميزانيات المخصصة لسلطة البدو في النقب، التي تنفذ عمليات هدم وإخلاء في القرى غير المعترف بها.
التخطيط والبناء
ستعدّل الحكومة “قانون لجنة القبول” في المستوطنات الصغيرة في النقب والجليل والضفة الغربية المحتلة، الذي يقنن لجان القبول التي تعمل في المئات من المحليات الصغيرة ويمنحها السلطة التقديرية الكاملة لقبول أو رفض المتقدمين، وبالتالي التحكم في من هو مؤهل للإقامة هناك، وذلك بموجب (المادة 147.2)
ستلغي الحكومة قانون الكهرباء الذي سُن السنة الماضية، الذي أتاح لآلاف الأسر الفلسطينية-العربية الحصول على الكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، ستقوم الحكومة بـ”إحباط مشروع السيطرة على المناطق المفتوحة بمساعدة أطراف دولية” لحماية المصالح الإسرائيلية، وتعزيز المستوطنات الحدودية الشمالية بـ 2000 أسرة جديدة.
ستنقل الحكومة السلطة الإشرافية على قوانين التخطيط والبناء إلى وزارة الأمن الداخلي، التي يرجح أن تزيد بشكل كبير من أوامر الهدم ضد آلاف المنازل المبنية في بلدات فلسطينية عربية.
السلطة الفلسطينية والقدس
سيتم استثمار الأموال في “تأسيس القدس وتطويرها كعاصمة لإسرائيل من خلال إطلاق أشغال البناء على نطاق واسع، وإنشاء البنى التحتية للتوظيف، ووضع الميزانيات”. وستعمل الحكومة على الحفاظ على سيادتها وتعزيز حكمها في المدينة، مع إحباط أنشطة السلطة الفلسطينية فيها.
ستصوغ الحكومة سياسات وتدابير ضد السلطة الفلسطينية وأفعالها، إلى المدى الذي تدفع به السلطة الفلسطينية إلى اتخاذ إجراءات ضد “إسرائيل” في لاهاي وفي المحاكم الدولية. ستعمل الحكومة بكل وسيلة لمنع تحويل الأموال من مختلف المصادر إلى السلطة الفلسطينية، التي ستحولها بدورها إلى الأسرى وعائلاتهم.
بالإضافة إلى ذلك، ستدرس الحكومة توظيف المعلمين المدربين في مؤسسات السلطة الفلسطينية، وسبل التعامل مع ما تسميه بـ “قانون السلطة الفلسطينية المعادي للسامية، الذي يحظر بيع الأراضي لليهود ويفرض عقوبة الإعدام على البائعين”.
العنف في المجتمع العربي
وفقًا للاتفاقات الائتلافية، سيكون لوزير الأمن القومي الجديد وزعيم حزب “القوة اليهودية” إيتمار بن غفير سلطات موسعة على الشرطة، وسيؤدي ذلك – مع ما هو معروف عن مواقفه العنصرية تجاه العرب – إلى تفاقم عنف الشرطة ضد المواطنين العرب الفلسطينيين والفئات المهمّشة.
ستوجه الحكومة الشاباك (جهاز الأمن الداخلي) للتعامل مع الجرائم القومية (وليس الإرهاب فقط) بين المواطنين العرب الفلسطينيين في “إسرائيل” من حيث المراقبة، ومنع التحريض، وقمع الاحتجاجات، ومنع تدخل المنظمات الدولية، والتحقيق والملاحقة. وستضغط الحكومة من أجل سن قانون يحرم الإرهابيين والمتواطئين من الجنسية والإقامة.
ستحل الحكومة المنظمات التي تمولها جهات خارجية وصناديق دولية مما سيؤدي إلى إلحاق ضرر جسيم بالمجتمع المدني الفلسطيني العربي
تعتبر الحكومة مشكلة تصاعد الجريمة والعنف في المجتمع العربي الفلسطيني قضية رئيسية يجب التعامل معها كأولوية لصالح السلامة الشخصية ونوعية حياة المواطنين العرب الفلسطينيين في “إسرائيل”، وكذلك جميع المواطنين في البلاد، لذلك ستخصص بموجب (المادة 32) الموارد والأدوات لغرض منع واستئصال الجريمة والنشاط غير المشروع في المجتمع العربي.
منظمات حقوق الإنسان
امتثالاً لمطالب سموتريتش فيما يتعلق بجمعيات حقوق الإنسان، ستحل الحكومة المنظمات التي تمولها جهات خارجية وصناديق دولية مما سيؤدي إلى إلحاق ضرر جسيم بالمجتمع المدني الفلسطيني العربي، وسيزيد من ترسيخ انتهاكات حقوق الإنسان والحقوق المدنية ضد الأقليات في البلاد.
هيئة التنمية الاقتصادية في المجتمع العربي
ستُنقل هيئة التنمية الاقتصادية في المجتمع العربي من وزارة المساواة الاجتماعية إلى مكتب رئيس الوزراء بناءً على طلب مركز الحكم المحلي، بهدف منع إلحاق الضرر بالميزانيات المخصصة للمجتمعات العربية الفلسطينية. وستعمل الحكومة أيضًا بموجب (المادة 28) على “توسيع سوق العمل الإسرائيلي من خلال دمج السكان في التوظيف، والاستثمار في برامج التوظيف للقطاعات الأرثوذكسية المتطرفة والعربية، وبرنامج لتعزيز رأس المال البشري، وتحسين مهارات التكنولوجيا الفائقة”.
يؤكد مركز “مساواة” أن الحكومة الجديدة هي أكثر حكومة يمينية تطرفًا منذ قيام الدولة، فهي تدعو إلى إلغاء القواعد الديمقراطية، وإلغاء الرقابة القضائية، والتمييز ضد مواطنيها على أساس العرق والجنس والدين، ولا تترك مجالًا للأقليات من خلال التعدي على حقوقهم الأساسية. والحقيقة التي لا يمكن التقليل من شأنها أن الأشهر والسنوات المقبلة لهذه الحكومة ستشهد اضطرابًا في حياة جميع سكان المنطقة.