مع هبوب رياح الحرية على شعوب البلقان، ثار الشعب الألباني بكوسوفو في وجه آلة الإبادة التي صنعتها القوات الصربية في حروب التطهير العرقية والثقافية التي قادتها في الفترة ما بين 1989 – 1999، لم تعترف القوات الصربية بحق ألبان كوسوفو في الحياة، ولم تكتف بعمليات النهب والاغتصاب والإعدام والتخويف والمقابر الجماعية والطرد القسري الجماعي، التي شردت فيها أكثر من مليون ألباني من ديارهم إلى البلدان المجاورة بهدف تطهير الإقليم عرقيًا.
وبينما كانت القوات الصربية تقوم بحملة إرهاب واسعة ضد ألبان كوسوفو، كانت في الوقت نفسه تدمر التراث الثقافي الغني لكوسوفو من خلال عمليات الإبادة المتعمدة للمؤسسات والمعالم الثقافية والدينية التاريخية، في واحدة من أبشع عمليات تدمير التراث الثقافي في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
شمل التدمير الثقافي الممنهج، الهجمات على المكتبات والمتاحف والأرشيفات والمساجد ودور المحفوظات والمخطوطات والمؤسسات المخصصة للتعليم الديني والعمل الخيري، وحرق البنايات الثقافية والدينية القديمة، وبالأخص تراث الفترة العثمانية.
عواقب الماضي
تقع كوسوفو في شبه جزيرة البلقان بجنوب شرق أوروبا، بمساحة مقاربة للبنان، حيث تبلغ 10 آلاف و887 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها نحو المليوني نسمة، وتصل نسبة المسلمين فيها إلى 95%، ويتبعون المذهب الحنفي، وهو المذهب الشائع في كل البلقان.
كوسوفو هي منطقة ذات تاريخ عريق وتراث ثري، مميزة جدًا في مختلف الخصائص السياسية والجغرافية والتاريخية والاجتماعية والثقافية، إذا تشكلت منذ أكثر من 8 آلاف عام، ويرتبط تاريخها ارتباطًا وثيقًا بالمناطق المجاورة، ففي القرن الأول الميلادي كانت تعرف باسم “دردانيا” وكانت جزءًا من مقاطعة مويسيا الرومانية، ثم بحلول العصور الوسطى، تبعت كوسوفو للعديد من الإمبراطوريات، مثل: البلغارية والبيزنطية والألبانية ودول العصور الوسطى الصربية.
اعتنق بعض الكوسوفيين الإسلام قبل وصول العثمانيين، وذلك عن طريق التجار الذين اختلطوا بألبان كوسوفو، ثم في منتصف القرن الثالث عشر، سافر معلم صوفي من الأناضول، يدعى ساري سالتوق Sari Saltuk، المتوفى عام 1298م، وكان برفقة هذا الصوفي مجموعة من الدراويش وارتحلوا معًا إلى منطقة البلقان، ووصلوا إلى كوسوفو بهدف دعوة الناس إلى الإسلام، وذلك قبل قرن من وصول العثمانيين.
ثم في يونيو/حزيران من العام 1389م اندلعت أشرس معارك القرن بين مملكة صربيا التي تحالفت مع عدد من جيوش البلقان ضد الجيش العثماني المندفع بقوة نحو البلقان، دارت المعركة في سهل كوسوفو بالقرب من مدينة بريشتينا، واستمدت المنطقة اسمها من هذه المعركة التي انتهت بخسائر كبيرة للطرفين، وقتل فيها القائدان: السلطان العثماني مراد الأول متأثرًا بجراحه، والأمير لازاروس قائد القوات الصربية، لكن هذه المعركة شكلت بداية الفتح العثماني لجنوب شرق أوروبا.
جذبت كوسوفو أنظار العثمانيين ووقعوا في حبها، جالبين إليها مظاهر حبهم لدينهم، فعمروها بالمساجد والمدارس والأسبلة والكتاتيب والخانات والتكايا (زوايا عبادات الدراويش) ومطابخ الحساء الخيرية، كما بنوا العديد من البيوت السكنية والمكتبات الإسلامية والحمامات والأسواق والطرق والجسور البديعة، لتتحول كوسوفو إلى مدينة زاهرة وعامرة بالحياة وواحدة من أجمل مدن أوروبا، وأكبر الولايات العثمانية في البلقان.
ومع الوقت ترك العثمانيون بصماتهم على المجتمع الألباني بكوسوفو، ولعبت مؤسسات الوقف دورًا حيويًا في نشر الإسلام ومساعدة المؤسسات التعليمية والمجتمعية، فقد كان للوقف دور بارز في بناء وتطوير الكثير من المدن الألبانية، ونادرًا ما وجد تجمع سكاني من دون أن يكون فيه أوقاف إسلامية.
من الجدير بالإعجاب أن العثمانيين وهبوا الأموال لبناء الأوقاف ليس فقط في موطنهم الذي ولدوا وعاشوا فيه، لكن في مناطق أخرى من الحكم العثماني، وخلال القرنين السادس عشر والنصف الأول من القرن السابع عشر، حصد العثمانيون ما بنوه طيلة ما يزيد على قرنين من الزمن، إذ كان هذا تحديدًا هو الوقت الذي اعتنق فيه ألبان كوسوفو الإسلام طواعية على نطاق واسع، وأصبح غالبية سكان كوسوفو مسلمين.
يشير الباحث فهيم جعفر دراغوشا – إمام وخطيب مسجد برذوش بكوسوفا – في دراسته “الأديان والحركات التبشيرية في كوسوفا” إلى أن الألبان قبل مجيء العثمانيين لم يعيشوا حياة الأمن والحرية، لأن الرومان والبيزنطيين كانوا يضطهدونهم، بعكس الحال عند العثمانيين، حيث اتسم حكمهم بالتسامح – خصوصًا مع الأديان – في وقت كان الغربيون غارقين في التعصب الديني، إضافة إلى أن الكوسوفيين بعدما رأوا أفعال العثمانيين معهم، أحبوهم وأحبوا دينهم، ومن ثم اعتنقوا الإسلام رويدًا رويدًا، وعن رغبة في أنفسهم بلا جبر ولا سيف ولا جيش، خلافًا للسابقين من الرومان والبيزنطيين الذين أجبروا شعوب البلقان على الانصهار في ديانتهم.
كما يذكر أستاذ التاريخ بجامعة العلوم العالمية الإسلامية بالأردن الدكتور محمد م. الأرناؤوط في كتابه “كوسوفو ما بين الماضي والحاضر” أن الإدارة العثمانية لم تمارس سياسة الأسلمة لشعب دون آخر طوال فترة حكمها، وتركت مسألة اعتناق الإسلام حرية بيد الأفراد، والدليل على ذلك أن الإسلام لم يجد قبولًا بين الصرب والكروات والبلغار واليونان إلا قليلًا، فيما وجد قبولًا وانتشارًا وسط الألبان والبشناق، وهذا يوضح أن الإسلام لم ينتشر بالسيف كما يدعي مؤرخو الصرب، فلو كان مثلما يقولون لانتشر الإسلام بين كل شعوب البلقان على حد سواء.
انضم الكثير من الألبان إلى الجهاز الإداري للدولة العثمانية، ولعبوا أدوارًا مهمة في الجيش والإدارة المدنية والدينية، بل إن بعضهم وصل إلى أعلى المناصب الدينية والسياسية في الدولة العثمانية، فبين عامي 1453 و1912، كان ما يقرب من 40 فردًا ممن شغلوا منصب الصدر الأعظم – رئيس الوزراء في الدولة العثمانية – من أصل ألباني، وأيضًا شغل منصب المفتي العام للدولة العثمانية – شيخ الإسلام – ثلاثة علماء ألبان، إضافة إلى أن بعض الألبان تولوا أيضًا مناصب عليا في الجيش والسياسة بالشام وفلسطين.
لكن هذا الوجود العثماني في كوسوفو لم يدم، وبعد خمسة قرون، انتزعت كوسوفو من جسد الدولة العثمانية إثر هزيمتها في الحرب البلقانية، انتزعتها مملكة صربيا عام 1912، ودخل الصرب كوسوفو بمباركة من الكنيسة الصربية التي رفعت شعار “الرب معكم والموت للبرابرة الكفار”.
ثم بعد سلسلة من المؤتمرات الدولية، وجد ألبان كوسوفو أنفسهم أقلية في دولة صربية، لتبدأ المعاناة الحقيقة للألبان، حيث قررت أوروبا قبول “لعبة الخرائط” أي نتائج انتزاع الأراضي الألبانية التي وزعت على دول الجوار، وأصبح تشريد وشتات الألبان أمرًا مشروعًا، يقول الباحث الألماني بيتر بارتيل في كتابه “حركة الاستقلال القومي للمسلمين الألبان”:
“في مؤتمر برلين أخذت بعين الاعتبار مصالح كل شعوب البلقان باستثناء الألبان، ولم يقتصر الأمر على أن الألبان لم يجدوا قوة كبرى تدافع عنهم، بل إن وجودهم القومي كله لم يتم الاعتراف به، ويمكن أن يكون السبب الحاسم في ذلك، هو أن معظم الألبان ارتدوا عن المسيحية وكانوا عنصرًا مؤسسًا للدولة العثمانية، حيث إنهم كانوا في صف الدولة العثمانية خلال حروبها مع الشعوب المسيحية”.
عدّ الصرب أن كل ما هو إسلامي في كوسوفو امتداد للعثمانيين ويجب القضاء عليه، ويذكر المراسل الصحفي ليون تروتسكي المذابح التي ارتكبها الصرب بحق آلاف الألبان في كوسوفو وحرق قراهم وتدمير مؤسساتهم الدينية، فأكد أن الصرب منذ عام 1912 كان لديهم هاجس لتغيير التركيبة الديموغرافية، أي تصريب كوسوفو في أسرع وقت، فأوغلوا في إبادة منظمة للسكان المسلمين، حسب ما يعرض إريك لوران في كتابه “حرب كوسوفو الملف السري”.
خضعت كوسوفو في الحرب العالمية الثانية لألبانيا التي كانت تحت الاحتلال الإيطالي، ثم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، خرج جوزيف تيتو وحزبه من الحرب ليعلنوا سيطرتهم على يوغوسلافيا التي ضمت ست جمهوريات وإقليمين، ورغم أن كوسوفو تاريخيًا كانت جزءًا من ألبانيا، فإنها فصلت بالقوة عن بلدها الأم وأصبحت جزءًا من يوغوسلافيا التي يحكمها الصرب بالحديد والنار.
كان إقليم كوسوفو يتمتع بدرجة نسبية من الحكم الذاتي في عهد الاتحاد اليوغوسلافي، لكن الصرب كانوا مسيطرين بشكل فعلي على الإقليم، وكان نمط الحياة الذي فرض في كوسوفو غير ملائم لطبيعة الألبان الاجتماعية والسياسية وكذلك لحياتهم الدينية، حيث حاول الصرب إزالة الشخصية الذاتية لمسلمي كوسوفو وقطع صلاتهم بتاريخهم وبتراثهم، فألغوا المحاكم والمدارس الدينية، وصودرتْ الأوقاف التي وهبها أصحابها على مر القرون، وكانت فعليًا شريان الحياة للمجتمع، في الحقيقة، سلب المجتمع الكوسوفي حقه في أن ينتمي إلى هويته!
وكان أهم برنامج صربي تم تنفيذه في كوسوفو، هو القضاء على الهوية المعمارية العثمانية لكوسوفو، إذ نظروا إلى هذه الآثار باعتبارها مرتبطة بالماضي العثماني، فبدءًا من أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، حولت العديد من مساجد كوسوفو إلى مستودعات ودور للهو والمقاهي، كما بدأ تدمير التراث المعماري العثماني في المراكز الحضرية الرئيسية في كوسوفو كجزء من مخططات هدم التراث العثماني.
وخلال الخمسينيات من القرن الماضي نفذ معهد التخطيط الحضري (Urbanistički zavod) في بلغراد، مشروع تغيير هوية كوسوفو، فهدم سوق بريشتينا العثماني الذي احتوى على 200 دكان يملكها ألبان، إضافة إلى أنه كان يضم مباني تاريخية ومسجدًا كبيرًا يقع في الوسط، كما تم هدم ثلاثة مساجد تاريخية في مدينة بريشتينا عاصمة كوسوفو.
فقدت كوسوفو الكثير من جوهرها التاريخي في عصر تيتو، ثم بعد وفاته في الثمانينيات، بدأت يوغوسلافيا في التفكك، ونمت المشاعر الأصولية الصربية المطالبة بكوسوفو الأرض المقدسة وموطن الأجداد حسب زعم الصرب، كما تشكلت علاقات جديدة بين الكنيسة الأرثوذكسية الصربية وحكومة بلغراد، ومن مؤشرات ذلك، بدء برنامج جديد لبناء الكنائس في كوسوفو، فتم إنشاء الكثير من الكنائس الأرثوذكسية الصربية الجديدة في التسعينيات بشكل بارز في مراكز المدن مثل بريشتينا ودياكوفيتشا، كما تم أيضًا بناء العشرات من الكنائس في البلدات والقرى الأصغر.
لم تكن المنشآت الأثرية الإسلامية في كوسوفو محمية بالتشريعات الصربية، فكان الحفاظ عليها وحمايتها يتم من السكان المحليين، وفي حين أدرج الصرب 210 كنائس وأديرة ومقابر صربية كآثار تاريخية محمية، بما في ذلك أكثر من أربعين كنيسة تم بناؤها بين ثلاثينيات وتسعينيات القرن الماضي، في المقابل، تم إدراج 15 مسجدًا من أكثر من 600 مسجد في كوسوفو باعتبارهم آثارًا تاريخية، رغم أن غالبية هذه المساجد الـ600 يعود تاريخها من القرن الرابع عشر حتى القرن التاسع عشر.
ظل الصرب ينظرون بعدوانية إلى الأرث الثقافي لألبان كوسوفو، فقد عدوه إثباتًا قويًا على الوجود الحضاري والمادي لألبان كوسوفو، فالمساجد والمنشآت التي هدمها الصرب كانت تؤدي وظيفة الشاهد والحارس على ذاكرة الألبان ضد الدعاوى المزيفة التي تبناها الصرب، لذا اعتقد الصرب بوجوب محو هذا التراث لأنه عائق أمام أحلامهم ومزاعمهم التاريخية الخيالية، فصاحب غزوهم للأراضي وإخضاع السكان، تدمير التراث وهدم أي مؤسسة ثقافية أو فكرية أو دينية قد تساند ذاكرة الألبان أو تضفي شرعية على المقاومة.
يبدو أن التراث الثقافي الألباني كان حرًا في أعين الصرب، إلى درجة النظر إليه على أنه هدف عسكري بحد ذاته! فالصرب لم ينظروا إلى المكتبات والمنشآت التراثية على أنها ترمز فقط إلى الأشخاص الذين يجب تدميرهم ومحوهم من الحياة، لكن نظروا إليها باعتبارها شكلًا من أشكال الحياة يجب منعه من التكون من جديد، يجب طمسه دون أن يترك أثرًا، يجب تدمير كل الجذور التي تؤكد أن هؤلاء الأشخاص حمل آباؤهم الإسلام، يجب تدمير كل المنشآت التراثية للكوسوفيين، حتى ينسوا ما كان موجودًا في تلك الأماكن يومًا ما.
وحين يكون هدف المعركة تدمير الجذور واستئصال الذاكرة، لا بد أن تتجه نيران الحقد والكراهية نحو أي شيء يرمز إليهما، حتى لو كان شاهد قبر!
محرقة المعرفة
اهتم العثمانيون ببناء المكتبات في كوسوفو لأن وظيفتها آنذاك كانت مرتبطة بشكل أساسي بتعليم المجتمعات، وكانت معظم الجوامع القديمة تحتوي على مكتبات وقفية، واستمر هذا التقليد حتى أوائل القرن العشرين.
ومن بين أقدم المكتبات الإسلامية في كوسوفو، مكتبة “عتيق” في جيلان التي بنيت عام 1516، ومكتبة “محمد خير الدين” بنيت عام 1535، ومكتبة الشيخ العالم والشاعر “سوزيو بريزرني” بنيت في العام 1543، وكذلك مكتبة “محمد باشا” في بريزرن التي بنيت في العام 1573.
كما كانت تنتشر المكتبات الخاصة بكوسوفو، ومن أشهرها: مكتبة عائلة جينولي ومكتبة مفتي بريشتينا الشيخ حسين صادق ومكتبة أسرة يونس في بريشتينا ومكتبة الحاج حافظ عبد الله أفندي في بريزرن، وكانت هذه المكتبات تحتوي على كتب في شتى الفنون، وبعضها لعلماء محليين، ما يعد كنزًا للثقافة الإسلامية الألبانية.
بدأت معاناة مكتبات كوسوفو عندما قام الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش بإلقاء مسرحية عاطفية في 28 يونيو/ حزيران 1989 بمناسبة مرور 600 عام على معركة كوسوفو، حين حشد أكثر من مليون صربي ليذكرهم بهذه المعركة، مطالبًا إياهم بألا ينسوا ما حدث قبل 6 قرون، وأثار في الجماهير روح الانتقام وجيش مشاعرهم الدينية لاسترداد الحق التاريخي المقدس المتمثل في كوسوفو – أورشليم الصرب -، وبغض النظر عن وجود أغلبية ألبانية مسلمة منذ عدة قرون! والعجيب أن نظرة الصرب لألبان كوسوفو كانت كأنهم الجنود العثمانيون الذين هزموهم في المعارك السابقة!
ثم أعلن ميلوسيفيتش إلغاء الحكم الذاتي لكوسوفو، ليبدأ مسلسل الإبادة ومحاكم التفتيش التي تواصلت لعشر سنوات، يقول بايزيد نوشي رئيس مجلس حماية الحريات وحقوق الإنسان: “في عهد ميلوسيفيتش، اعتبرت كوسوفو بمثابة الأرض المحروقة الصادر في حقها حكم بالإعدام، لأن كل ما فيها كان مقدر له أن يحترق وأن يختفي وأن يصير إلى العدم”.
ففي عام 1989 تعرضت المكتبات في كوسوفو إلى عمليات نهب واسعة من الصرب، حيث فرض النظام الصربي أولًا تدابير قسرية على أكبر وأهم مكتبة في كوسوفو، وهي المكتبة الوطنية والجامعية، طرد الصرب 99 شخصًا من الموظفين التقنيين وأمناء المكتبة بمن فيهم المدير – 93 ألبانيًا و3 بوسنيين وتركيين وكرواتيًا – وحل محلهم الموظفون الصرب، كما تعرضت باقي المكتبات للتميز والعنصرية الصربية.
ثم في 26 يونيو/حزيران 1990 طردت الشرطة الصربية الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين هم من أصل ألباني من جميع المدارس الابتدائية والثانوية في كوسوفو، فتم فصل ما يقرب من 6000 معلم مدرسة، وفرض منهج صربي موحد على جميع مؤسسات التعليم، كما تم حظر اللغة الألبانية كلغة تدريس في جميع مستويات المدارس والجامعات، ومنعت من أي تعامل رسمي حتى في وسائل الإعلام (صربنة كوسوفو)!
أصبحت جامعة بريشتينا – الجامعة الوحيدة بكوسوفو – هي الأخري مؤسسة فصل عنصري محجوزة للصرب فقط، حيث تم حل مجلس الجامعة وفصل 260 أستاذًا جامعيًا من أصل ألباني، وألغت بلغراد أكاديمية العلوم والفنون الكوسوفية والمسرح الشعبي وغيرها من المؤسسات المجتمعية والتعليمية، كما حظر على القراء الألبان دخول المكتبات المركزية في جميع مناطق كوسوفو، فلم يسمح لألبان كوسوفو – وهم غالبية سكان كوسوفو – بدخول مكتباتهم، والأسوأ من ذلك أن الصرب أعطوا أجزاءً من مبنى المكتبة الوطنية والجامعية في بريشتينا لكنيسة صربية.
في ظل هذه الإجراءات القسرية التي فرضت بقرار من برلمان صربيا، سرق الصرب مجموعة من المتاحف الأثرية في كوسوفو ودور المحفوظات والعديد من المكتبات ونقلوها إلى صربيا، واستولوا عليها بأمر من وزارة الثقافة الصربية.
على سبيل المثال، سرق موظفون بوزارة الداخلية اليوغوسلافية محفوظات معهد حماية الآثار بكوسوفو من مبنى المعهد في بريشتينا، كما سرقت أيضًا مئات القطع الأثرية الأكثر قيمة من متحف كوسوفو ومتحف البلدية في ميتروفيتسا والمتحف الأثري في بريزرن ومتاحف أخرى، ونقلت هذه الآثار إلى بلغراد، ولم تتم إعادة هذه القطع الأثرية إلى موطنها.
كما شهدت المكتبات سياسة تطهير الكتب أو ما أطلق عليه الصرب “تنظيف العناوين الألبانية”، أي مصاردة الكتب الألبانية النادرة ومواد الأرشيف المهمة جدًا، ففي يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط من العام 1992، سرق نحو 100.000 كتاب، وأكثر من 8000 مجلة وصحيفة، ونقلوا إلى بلغراد.
ثم حدث المشهد الأسوأ خلال الفترة من 1991 إلى 1995، حين دمر الصرب ما يزيد على 100.000 ألف عنوان باللغة الألبانية من المكتبة الوطنية وحدها، وبدلًا من حرقها، نقلت هذه الكتب بواسطة الشاحنات العسكرية إلى مطاحن الورق في “Lipjan ليبليان”، لإعادة تدويرها كورق عادي! كانت هذه الحلقة الأولى من مسلسل إبادة الكتب والمكتبات.
نظمت الدولة الصربية كل شيء لسرقة وتدمير التراث الثقافي والتاريخي لشعب كوسوفو، فبعد أن نهب الكثير من محتويات المكتبات والمتاحف ودور المحفوظات، بدأت الكارثة الأسوأ خلال عامي 1998/ 1999، في هذه الفترة فقط، أحرقت القوات الصربية 175 مكتبةً بالكامل في كوسوفو، وحول الجيش الصربي بعض مرافق المكتبات في كوسوفو إلى استخدامات عسكرية.
حرقت 65 مكتبةً عامةً في كوسوفو، وقدرت الخسائر الإجمالية لهذه المكتبات بنحو مليون مجلد، إضافة إلى حرق 14 مكتبةً خاصةً بها 145.105 كتاب، وأكثر من ثلث المكتبات المدرسية في كوسوفو جرى تدميرها بالكامل، فقد أبيدت 86 مكتبة مدرسة ابتدائية بها 325.415 كتاب، و10 مكتبات مدرسة ثانوية كانت تحتوي على 226.743 كتاب.
أما مكتبة بلدية “غلوفوفاتش Glogovac” التي كانت تمتلك 6 فروع عامة بإجمالي 73.000 كتاب، أحرقها الصرب بفروعها، وتم تدمير ما مجموعه 66.500 كتاب، ثم قتلت القوات الصربية أمين المكتبة عزت الشاني Izet Elshani وهو أب لأربعة أطفال، كما أحرق الصرب منزله بعد قتله ثم طردوا عائلته بالقوة.
في الواقع، استهدفت القوات الصربية بشكل متعمد الأمناء والعاملين في المكتبات وقتلت في الفترة 1998-1999، 6 من أمناء المكتبات الألبان الذين حاولوا إنقاذ تراثهم.
واستمرارًا لمسلسل المحرقة، وجه الصرب نيرانهم الشيطانية نحو مكتبة “بيا Peja”، فتم حرق أربعة فروع لها: “فيتوميريتش Vitomiricë” و”باران Baran” و”تورستينك Tërstenik” و”زهاق Zahaq”، وخسرت المكتبة 20171 كتابًا.
وأيضًا كان لدى بلدية “سكندراج – Skenderaj” سبع مكتبات عامة بإجمالي 68000 كتاب، هدم الصرب جميع الفروع في الريف، ونجا مبنيان فقط، كما كان لدى بلدية “ماليشيفا Malisheva” خمس مكتبات عامة، بها ما يقرب من 41.000 كتاب، وخلال 1999 تم تدميرها بشكل كامل.
كانت الخسارة الكبرى من هذه المحرقة، حرق مكتبات الدراويش في جاكوفا وميتروفيتسا وبيا، وبالأخص حرق مكتبة “Bektashi Tekke – تكية البكتاشية” الأكبر والأقدم في مدينة Gjakova جاكوفا، حيث كانت تحتوي على مخطوطات إسلامية نادرة، تعود إلى القرن الثاني عشر، وأتى الحريق على 250 مخطوطةً وأكثر من 2000 كتاب نادر، وعلق ريدلماير – البروفيسور بجامعة هارفارد – على هذا التدمير البشع بالقول: “لقد هلكت خمسمئة عام من تاريخ وثقافة بكتاشي في هذه المنطقة”.
كذلك أحرق الصرب مكتبة “أتيك مدريس – Atik Medrese”، في “Peja بيا” التي تعود إلى العهد العثماني، لم يتبق منها إلا بقايا من جدرانها الخارجية، وفقدت 2000 كتاب نادر و100 مخطوطة، كما تم حرق مكتبة “خادم سليمان آغا” التي تأسست عام 1594 في بلدة جاكوفا، أحرقتها القوات الصربية في مارس/آذار 1999، وفقدت كل محتوياتها التي تعود إلى مئات السنين، وكان أهم ما فقدته هذه المكتبة الثمينة: 1300 كتاب نادر و200 مخطوطة قديمة مكتوبة بلغة الجاميادو (الألبانية بالحروف العربية) وأيضًا مخطوطات بلغات عربية وتركية عثمانية.
وكانت الخسارة الأخرى التي لا يمكن تعويضها بأي حال، هي حرق الصرب لأرشيف المخطوطات التاريخية للمشيخة الإسلامية الكوسوفية، الذي احتوى على وثائق شديدة الندرة ومخطوطات وسجلات مجتمعية للحياة الثقافية والدينية، توثق 6 قرون من عمر المنطقة، أحرقتها القوات الصربية بالكامل في 1999، 6 فروع من أرشيفات المشيخة الإسلامية الكوسوفية تعرضت للهجوم والتدمير، من بينها أرشيف بيا وسوهاريكا وسكندراي، إضافة إلى حرق الأرشيف المركزي في وسط بريشتينا، الموجود في مبنى مجاور لمسجد السلطان مراد، بجانب ذلك، دمرت أكثر من %40 من البنية التحتية للمشيخة الإسلامية الكوسوفية.
لم تتوقف المأساة عند هذا الحد، فقد استهدفت القوات الصربية في عام 1999، سجلات البلديات والمباني التابعة لمختلف محافظات كوسوفو العامة التي كانت تشكل القاعدة الوثائقية للحكومة والمجتمع في كوسوفو، وبالتالي حرم مئات الآلاف من وثائقهم الشخصية والتصرف في ممتلكاتهم، فقد تركوا عالقين في مأزق قانوني، لكن اللافت أن وزراة العدل في بلغراد بررت هذه الإبادة بقولها: “السجلات العامة في كوسوفو نقلت إلى صربيا لمنع الانفصاليين الألبان من حرقها أو تزويرها”.
كارستن فريدريكسن Carsten Frederiksen وفرود باكن Frode Bakken، باحثان ذهبا إلى كوسوفو لإجراء بحث ميداني عن واقع المكتبات، ويقولان في بحثهما “المكتبات في كوسوفو” الصادر عام 2000 عن الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات (IFLA):
“المكتبة الوطنية والجامعية والمكتبات الأخرى في حالة تدهور تام، والتراث الثقافي المطبوع معرض للاندثار، حيث تمت إزالة أجزاء كبيرة من المجموعات القيمة في المكتبة الوطنية والجامعية، وتم تدمير بعضها الآخر خلال الفترة 1990 – 1999.. لقد تم حرق العديد من المكتبات العامة ومكتبات المدارس، خاصة في الريف، فقدت جميع مكتبات كوسوفو ما يقدر بنصف مخزونها، كما أن جزءًا كبيرًا من الكتب المتبقية لا صلة لها بالسكان المحليين، بسبب طابعهم الأيديولوجي أو اللغوي أو العرقي المختلف عن هذه الكتب الموجودة”.
هجمات المساجد
وفقًا لإحصاء عام 1993، فقد كان بكوسوفو 607 مساجد، وخلال حرب 1998 – 1999 أحرق الصرب 225 مسجدًا، حيث كان للمساجد النصيب الأكبر من المحرقة الصربية، ومن أشهر المساجد التي دمرها الصرب: مسجد السوق في بلدة فوشتري الذي بني عام 1471 ومسجد خليل أفندي بني عام 1526 وجامع الدفتردار بني عام 1570 وجامع الرصاص بني عام 1577 ومسجد حسن باشا بني في العام 1702 ومسجد إبير في ميتروفيتسا بني عام 1878 وذروة العمارة الإسلامية جامع خادم آغا بني في العام 1595، وكان يمثل مركزًا ثقافيًا وتعليمًا لمدينة جاكوفا، دمر الصرب كل هذه المساجد وأكثر خلال 1998 – 1999.
لقد جاء الهجوم على هذه المساجد التاريخية ضمن أعمال منسقة ومخطط لها مسبقًا، فقد كان الصرب يستخدمون المتفجرات داخل المساجد، أما المآذن فكانت تقصف بالمدفعية، وفي العديد من الحالات كان الصرب يقومون بنقش صليب ورسومات وكتابات فجة ومعادية للألبان على ما تبقى من جدران المساجد المهدمة، كما كانوا يتعمدون تمزيق أغلفة القرآن الكريم وتدنيس المصاحف بالفضلات البشرية! يمكن رؤية أمثلة من هذا النوع بمسجد “جيلفاتين Gjylfatyn” في بيا، ومسجد “كاراليفا Carraleva”، وفي عدد من المساجد الأخرى.
وفي بعض الأماكن، كان الصرب يستخدمون الجرافات لإزالة آثار حرق المساجد التي دمروها، لمنع إعادة بنائها مرة أخرى، ومن الأمثلة على ذلك، تدمير جامع “الإكرامية” Ikramije الذي بني عام 1878 في فوشتري، ومسجد “إبري Ibri” الذي بني عام 1878 في ميتروفيتسا.
وقد لاحظ الباحثان أندرو هيرشر Andrew Herscher وأندراس ريدلماير Andras Riedlmayer في تحقيقهما الميداني في كوسوفو، أن المساجد هي المباني الوحيدة التي استهدفها الصرب في بعض البلدات.
ومع الأسف فإن عشرات المساجد التي دمرها الصرب لم تتم إعادة بنائها حتى الآن، ومع ذلك، فإن الخسائر تتجاوز كل ما ذكرناه بكثير، يشير الدكتور صبري بايغورا مدير معهد البحوث والدراسات الإسلامية بكوسوفو، في كتابه الذي وثق فيه هجمات الصرب على المساجد “Destruction of Islamic Heritage in the Kosovo War – تدمير التراث الإسلامي في حرب كوسوفو 1998-1999” إلى أن في الفترة 1998- 1999 دمر الصرب ما يقارب %40 من مساجد كوسوفو! كما أضاف بايغورا بناءً على بحث ميداني أجراه:
“كان تدمير الصرب للمقدسات الإسلامية واسع النطاق ومنهجيًا، فالدمار الذي لحق بالمساجد كان مصحوبًا بحرق المنازل المحيطة للسكان الألبان المحليين، وكانت المنطقة الشمالية الغربية من “بيا Pejës” هي الأكثر تدميرًا، حيث تم الهجوم على كل واحد من 49 موقعًا إسلاميًا فيها بين عامي 1998 و1999، ومن بين المواقع المستهدفة 36 مسجدًا في المنطقة، يعود نصفها إلى القرنين الخامس عشر والثامن عشر، إضافة إلى مدرسة تاريخية، وحمام تركي من القرن الخامس عشر، وتسعة مدارس لتعليم القرآن (كتاتيب)، ودور للدراويش (تكية)، والعديد من مكتبات المساجد، ومكتبة ودار المحفوظات التابعة للمشيخة الإسلامية في “بيا Pejës”.
أمين مكتبة جامعة هارفارد أندراس ريدلماير ذهب أيضًا إلى كوسوفو وأجرى تحقيقًا ميدانيًا عن أضرار الحرب التي لحقت بالمواقع الثقافية والدينية في كوسوفو، استمر التحقيق لمدة عامين، فقد كلفته به محكمة الأمم المتحدة، وأدلى بشهادته ضد 14 شخصًا من المسؤولين الصرب المتهمين بارتكاب جرائم حرب، وثق ريدلماير شهادته المهمة، وفيها يقول:
“ما لفت انتباهي في أثناء وجودي بكوسوفو، هو وجود كومة من الأوراق في أحد أركان مسجد بقرية صغيرة تسمى “كاراليفا Carraleva” في وسط جبال كوسوفو… كانت أرضية المسجد مليئة بسجاد الصلاة المحترق جزئيًا، وأكوام الجص المتساقطة، وزجاجات الخمور الفارغة، وعلب الطعام التي تركتها القوات الصربية التي أقامت معسكرًا داخل المسجد في أثناء الحرب، وجدت فوق هذه الفوضى، عشرات الأوراق المتناثرة، وعندما جال نظري إليها، ميزت أنها صفحات من القرآن والكتب الدينية، وكانت ممزقة من أغلفتها باليد، وملوثة بالفضلات البشرية، فبدأت في تجميع هذه الأوراق ووضعتها في كيس بلاستيكي، ثم عند الفحص الدقيق لهذه الصفحات، وجدت أن بعضها قد تم تمزيقه من مصحف قديم مكتوب بخط اليد بشكل مدهش منذ أكثر من قرن، كما كانت هناك أيضًا صفحات من الكتب الدينية المطبوعة باللغات التركية العثمانية والعربية والألبانية والبوسنية، ثم اتضح لي أن هذه القرية الفقيرة والمكونة من 20 منزلًا في جبال كوسوفو، كان لها تاريخ وثقافة وحياة روحية نشطة، وأن مسجدهم هذا كان به مكتبة قبل أن تدمره القوات الصربية”. صـ 94- 95.
إضافة إلى تدمير المساجد، فقد قتلت القوات الصربية 37 إمام مسجد، وكان شيوخ الطرق الصوفية هدفًا للصرب، حيث قتل شيخ الطريقة الكاراباشية في مدينة “أوراهوفاتس” الشيخ محيي الدين شيهو، وكان يبلغ من العمر 76 عامًا، كما قتلت القوات الصربية الشيخ سعدي، شيخ طريقة “الدرويشدانا” في مدينة “دجاكوفيتش”.
تدمير البيوت الأثرية
انتشرت في كوسوفو نماذج عديدة للبيوت الألبانية القديمة، التي تأثرت بشكل كبير بالثقافة الإسلامية في تصميمها، ومن أشهر هذه البيوت، “الكولا kullas”: وهو عبارة عن بيت حجري يعود أصله إلى منطقة البلقان، ويعني “البرج” باللغة الألبانية، تم بناء معظم بيوت الكولا خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، وسكنتها أجيال من نفس العائلات.
أما “الكوناك konak” فهو أيضًا نوع آخر من المباني السكنية التقليدية التي انتشرت في العصر العثماني، وكان ينظر إليها على أنها رمز للثقافة والهوية، إضافة إلى أن معظم هذه البيوت التاريخية بناها الحرفيون والبناة الألبان الذين لديهم خبرة كبيرة في بناء مثل هذه المنازل المعمارية، ويلاحظ أن تأثير الثقافة الإسلامية واضح في تصميم هذه البيوت، ويتجلى بوضوح في الفصل بين الرجال والنساء في المساحات الاجتماعية وعند المداخل.
نظر الصرب إلى هذه البيوت الجميلة على أنها مرتبطة بثقافة ودين الأغلبية الألبانية في كوسوفو، فقبل العام 1999 كان في كوسوفو ما لا يقل عن 500 منزل من الكولا فقط، ومئات من الكوناك، كانت تعيش في هذه البيوت أسر كاملة، لكن بكل أسى عانت هذه البيوت الأثرية الموجودة في جاكوفا وفوشتري وبيا من دمار شديد خلال الهجوم الصربي عليها عامي 1998 1999، حيث دمر الصرب أكثر من 90% من منازل الكولا التقليدية التي تنتمي إلى عائلات ألبانية بارزة، وللأسف فإن هذا النوع المعماري الفريد مهدد بالانقراض.
قام الأستاذ بجامعة هارفارد أندراس ريدلماير بعمل بحث ميداني عن أضرار الحرب التي لحقت بالبيوت التقليدية في كوسوفا، وبناءً على دراسته التي أجراها مع المهندس المعماري واختصاصي البلقان أندرو هيرشر خلصت الدراسة إلى أن ثلاثة من أصل أربعة أحياء حضرية ترجع إلى العهد العثماني قد دمرت تمامًا، كما يذكر التقرير أن الشرطة الصربية وقوات الجيش الصربي والمدنيسن الصرب استهدفوا المباني السكنية الألبانية التقليدية المسماة الكولا والكوناك بشكل متعمد وليس نتيجة وقوع تبادل لإطلاق النار.
عبّرت حروب الصرب على كوسوفو عن مدى الكراهية والانتقام الكامنين في نفوسهم، ومحاولتهم معاقبة الألبان على ماضيهم، وبدلاً من التخلي عن الأعمال العدائية تجاه كوسوفو والاعتذار للشعب الألباني عن الإبادة الجماعية بحقهم وتدمير تراثهم الثقافي، يواصل الصرب أعمالهم العدائية ضد كوسوفو ويحاولون إخفاء جرائمهم حتى بعد مرور أكثر من عشرين عامًا على نهاية الحرب التي يبدو أنها لم تضع أوزارها بعد.