قالت مصادر مطلعة في جماعة الإخوان المسلمين بمصر إن الأنشطة الخيرية للجماعة توقفت بعد أن شرعت في تقديم أموال “الواجب المالي” والتبرعات الإخوانية الداخلية إلى لجنة دعم المعتقلين وأسر الشهداء والجرحى في الأحداث الأخيرة.
والواجب المالي هو حصة مالية يقدمها كل عضو في جماعة الإخوان بحسب قدرته المالية، ولا تتجاوز 8% من إجمالي دخل الفرد.
وبحسب مصدر قانوني في الجماعة فإنها “ترعي حتى الآن ما يقرب من عشرة آلاف أسرة شهيد ومعتقل وجريح بإصابات تحتاج للمكوث لاشهر دون عمل بجانب مصاريف الكفالات واتعاب المحاماة”.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن “هذا يتطلب أموالا باهظة شهريا على مستوى المحافظات التي يواجه الإخوان فيها قمعا”، بحسب قوله.
وبررت مصادر إخوانية تحول الجماعة إلى رعاية أسر الشهداء والمعتقلين والجرحى بحملة الاعتقالات الموسعة التي استهدفت قيادتها، وعلى رأسهم مرشدها العام محمد بديع، بعد فض اعتصامي مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية (شرقي القاهرة) ونهضة مصر (غرب العاصمة) يوم 14 أغسطس/ أب الماضي.
وقالت المصادر إن لجنة البر في الجماعة، وهي المعنية بتفعيل النشاط المجتمعي، اكتفت بدور الجمعيات الخيرية المحسوبة على بعض أفرادها غير المطلوبين أمنيا في تقديم أنشطتها الطبيعية.
وعلى مدار تاريخها في العمل الخيري، واجهت الجماعة اتهامات باستغلال الأعمال الخيرية والمجتمعية في التأثير على شرائح مجتمعية لجذب أصواتها في الانتخابا، وهو ما نفت الجماعة صحته في وقت سابق.
ونظرا للظروف الأمنية والملاحقات، ألغت لجنة البر مؤقتا جميع المعارض الخيرية التي كانت تتواكب مع بدء العام الدراسي والجامعي ومعارض الملابس التي كانت تتزامن مع الأعياد، بجانب “حقيبة الخير” التي كانت تضم بعض البقوليات وقطع اللحم والخضروات والفواكه وكانت توزع على الفقراء، إضافة إلى مشروع الأضحية ومشروع تجهيز العرائس وحفلات الزفاف الجماعي لغير القادرين، وفقا لمصادر إخوانية.
وأرجعت المصادر ذاتها قلة النشاط والتأثير إلى العمل اللامركزي الذي تنتهجه المكاتب الادارية للإخوان بالمحافظات بحسب الوضع الأمني بها، وإمكانية إقامة النشاط من عدمه، بجانب اعتقال أبرز رجال الاعمال الداعمين لهذه الأنشطة الخيرية في الجماعة.
وكان عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، المنبثق عن الجماعة، أكد في رسالة وجهها إلى أعضاء الحزب وقياداته أمس الأحد على أهمية رعاية أسر الشهداء والمصابين والمعتقلين وتشكيل لجان نوعية لتقديم كل صور الدعم المعنوي والمادي والإنساني والاقتصادي لهم.
وخلت أغلب المواقع الالكترونية التابعة لجماعة الاخوان المسلمين من الحديث عن المعارض الخيرية والانشطة الاجتماعية.
واعتذرت صفحة رسمية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) تابعة للإخوان في محافظة المنوفية (دلتا نيل مصر) عن عدم إقامة 15 معرضا لسلع استهلاكية ومستلزمات المدراس قبل بدء العام الدراسي الجديد.
وقالت الصفحة: “يعتذر لكم إخوان المنوفية عن عدم الاستطاعة في المساهمة في تخفيف العبء المادي عنكم هذا العام بمعارض خيرية مخفضة لمستلزمات المدارس السلع الغذائية والتموينية؛ لأننا إما شهداء أو مصابين أو معتقلين أو مطاردين”.
ووصفت هدي عبد المنعم القيادية في جماعة الإخوان المسلمين تلك الرسالة بأنها “إعلام لأفراد الشعب المصري، اللذين لم نكن نتأخر عليه في أي وقت من العام، بأنه على عكس كل عام أصبحت الملاحقات الامنية سببا رئيسيا في عدم قدرتنا على التواصل مع شرائح عديدة”.
وحول تقديم الدعم إلى أسر المعتقلين والشهداء والمصابين كبديل عن الانشطة الخيرية، قالت عبد المنعم، في تصريحات لوكالة الأناضول للأنباء: “هذا أقل ما يمكن أن يقدم لمثل هذا الاسر التي تحملت وتتحمل ضريبة غالية”.
ومضت قائلة إن “الانشطة الخيرية لن تتوقف نهائيا، الخير موجود والمجتمع المصري يحمل الكثير من أصحاب مبادرات أعمال الخير”.
وحول تقبل المجتمع لمعارض خيرية يقيمها الإخوان المسلمون هذه الفترة بعد تعرض مقار الجماعة وحزبها الحرية والعدالة ومحال تجارية مملوكة لقيادات إخوانية للحرق، قالت عبد المنعم: “هؤلاء ليسوا كل الشعب المصري”.
ومنذ الإطاحة بمرسي يوم 3 يوليو/تموز الماضي، تلقت جماعة الإخوان، التي ينتمي إليها، ضربات أمنية موجعة باعتقال عدد من قياداتها، وزادت وتيرة تلك الاعتقالات بعد فض قوات الأمن لاعتصامي مؤيدي مرسي.
وتقول السلطات المصرية إنها تقوم بهذه المداهمات والضبط والإحضار في إطار حملتها لمواجهة ما أسمته بـ”الإرهاب والتحريض على العنف”، وهو ما تنفيه جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة ورافضو عزل مرسي المنتمين للجماعة، مؤكدين تمسكهم بسلمية تظاهراتهم وفعاليتهم ضد ما وصفوه بـ “الانقلاب العسكري”.
ويؤيد قطاع من الشعب المصري ما أقدم عليه وزير الدفاع، القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، بمشاركة قوى سياسية ودينية، من الإطاحة بمرسي؛ بدعوى أنه فشل في إدارة شؤون البلاد على مدار عام من حكمه.
وفي المقابل، يرفض قطاع آخر من المصريين عزل أول رئيس مدني منتخب منذ إعلان الجمهورية في مصر عام 1953، ويرى أن ما حدث “انقلاب عسكري”، ويشارك هؤلاء الرافضون في مظاهرات يومية تطالب بعودة مرسي، الذي يتحفظ عليه الجيش في مكان غير معلوم منذ عزله، إلى الحكم.
المصدر: الأناضول