“إننا اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة من دون شروط، ونحن نغير ذلك، نعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول بالفعل إننا بحاجة إلى رؤية إصلاحات.. نفرض ضرائب على شعبنا ونتوقع من الآخرين فعل الأمر نفسه وأن يبذلوا جهدًا، نريد المساعدة لكننا نريد منكم الاضطلاع بدوركم”.. بهذا التصريح الصادر عن وزير المالية السعودي محمد الجدعان في 18 يناير/كانون الثاني الماضي، خلال مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، كشف الوزير السعودي عن تغير إستراتيجية بلاده في تقديم المساعدات لحلفائها والخاصة بتقديم منح مباشرة وودائع دون شروط.
ورغم أن التصريح جاء في صيغته العمومية، ولم يتحدث بشكل مباشر عن دولة بعينها، فإن كل التكهنات أشارت إلى أن المستهدف الرئيسي هو مصر بصفتها أحد أكبر زبائن المملكة في خريطة الدعم خلال السنوات الأخيرة، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات بشأن دوافع هذه الخطوة وما تحمله من دلالات عن العلاقات المصرية والسعودية التي يبدو أنها تمر بمنعطف من التوتر وغياب التناغم.
لم تكن تصريحات الجدعان هي المؤشر الوحيد على احتمالية توتير الأجواء بين القاهرة والرياض، إذ تزامن معها وسبقها بعض الإرهاصات التي حاول البعض التقليل من شأنها والذهاب بها إلى قراءات بعيدة نسبيًا عن تلك النقطة، من بينها عدم حضور ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، القمة الخليجية العربية التي استضافتها أبو ظبي في 18 يناير/كانون الثاني الماضي، التي شارك فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والشيخ محمد بن زايد رئيس الإمارات، والسلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، والملك حمد بن عيسى ملك البحرين، والشيخ تميم بن حمد أمير قطر، والملك عبد الله الثاني ملك الأردن.
وقبلها في 23 أغسطس/آب 2022 غاب ابن سلمان كذلك عن قمة العلمين التي استضافتها مصر وحضرها قادة الإمارات والبحرين والأردن، التي ناقشت الجهود الرامية لترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، وكان ولي العهد السعودي على رأس الحضور وفق بعض وسائل الإعلام، لكنه لم يحضر.
غياب ولي العهد السعودي عن قمتي أبو ظبي والعلمين، وتصريحات وزير ماليته التي فسرت على أنها تستهدف القاهرة تحديدًا، أثار الكثير من التساؤلات عن طبيعة العلاقات المصرية السعودية وما آلت إليه رغم التنسيق والتناغم الكبير الذي كانت عليه قبل سنوات.. فما الذي تغير الآن؟
سياق فوضوي
الأيام القليلة الماضية شهدت الساحة السعودية المصرية أجواءً غماميةً غير معهودة منذ سنوات، سجال إعلامي ورسائل مبطنة وانتقادات مباشرة بين إعلاميين محسوبين على النظامين هنا وهناك، في تحول يعكس حالة من المسكوت عنه في تلك العلاقة، ويكشف عن توتر مكتوم وإن لم يصل بعد إلى الشكل الرسمي لأسباب عدة.
الكاتب السعودي المقرب من دوائر صنع القرار في المملكة، تركي الحمد، شن مؤخرًا من خلال سلسلة تغريدات على حسابه الشخصي على تويتر، حملة هجوم واسعة على القاهرة، وسياسة نظام السيسي بشكل عام الذي حمله مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية في مصر.
الحمد استعرض – بحسب وجهة نظره – الأسباب التي أدت إلى تحول مصر إلى أسيرة صندوق النقد الدولي “مشرئبة العنق لكل مساعدة من هنا أو هناك وهي أرض اللبن والعسل” على حد تعبيره، وأولها “هيمنة الجيش المتصاعدة على الدولة، خاصة الاقتصاد، بحيث لا يمر شيء في الدولة المصرية إلا عن طريق الجيش وبإشراف الجيش، ومن خلال مؤسسات خاضعة للجيش، ولصالح متنفذين في الجيش” ثم “البيروقراطية الهرمة المقاومة للتغيير، التي تقف حجر عثرة في وجه أي استثمار اقتصادي ناجح، سواء كان داخليًا أم خارجيًا، رغم أن مصر عبارة عن كنز لا ينضب من الفرص الاستثمارية”.
تصريحات بتلك النبرة وهذا المستوى غير المسبوق من الهجوم على نظام السيسي والجيش المصري لا يمكن أن تكون مبادرة من تركي الحمد وبسام عطية دون الحصول على ضوء أخضر بذلك، وهما المقربان من ابن سلمان
وقبل تلك الانتقادات بستة أشهر تقريبًا شن الإعلامي المقرب من دوائر السلطة السعودية هجومًا مشابهًا على الإعلامي المصري عماد الدين أديب بسبب مقال كتبه الأخير تحت عنوان “مصر: من يعوض الفاتورة المؤلمة للحرب الروسية الأوكرانية”، حيث اعتبر أن أديب يبتز دول الخليج عبر التلويح بورقة تصاعد النفوذ التركي الإيراني في المنطقة بسبب عدم دعم الخليج لمصر، موجهًا إليه رسالة قال فيها: “كان المفروض على هذا الكاتب أن يتساءل: ولماذا لا تستطيع بلاده (مصر) حل أزماتها المزمنة بنفسها بدل أن تصبح عالة على هذا وذاك”.
5)بل هي عدة عوامل لعل من أبرزها،أولا:هيمنة الجيش المتصاعدة على الدولة،وخاصة الاقتصاد،بحيث لا يمر شيء في الدولة المصرية إلا عن طريق الجيش،وبإشراف الجيش،ومن خلال مؤسسات خاضعة للجيش،ولصالح متنفذين في الجيش،كما يرى بعض المراقبين مكامن الأزمة وجذورها،وكل ذلك على حساب مؤسسات المجتمع..
— تركي الحمد T. Hamad (@TurkiHAlhamad1) January 26, 2023
وقبل شهر تقريبًا شن مستشار رئاسة أمن الدولة السعودي، والمقرب من ابن سلمان، اللواء بسام عطية، خلال مشاركته في ندوة في القصيم (وسط) هجومًا ساخرًا على الدولة المصرية، قائلًا بشكل مباشر: “احمدوا ربنا أننا مش زي مصر”، وتابع “من يستجدي قوت يومه على أبواب وأروقة دول العالم” وعقد مقارنة بين الوضع المصري الحاليّ والوضع السعودي.
لا بد من الإشارة إلى أن تصريحات بتلك النبرة وهذا المستوى غير المسبوق من الهجوم على نظام السيسي والجيش المصري لا يمكن أن تكون مبادرة من تركي الحمد وبسام عطية دون الحصول على ضوء أخضر بذلك، وهما المقربان من ابن سلمان، لا سيما أنه لم يعقبها أي تراجع أو اعتذارات أو اتخاذ أي رد فعل بشأنهما.
الظن ازداد يقينًا مع الخطاب الذي تبناه الإعلامي عمرو أديب، مؤخرًا، عبر برنامجه اليومي “الحكاية” على قناة MBC السعودية (من أحضره إلى القناة هو تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه ومستشار ابن سلمان وذراعه اليمني) حيث انتقاد الوضع الاقتصادي لمصر، ما زاد من مخاوف الناس على أنفسهم وأبنائهم، وهو الذي حذر قبل فترة بأن الأمور في البلاد ستنحدر إلى مستويات أكثر صعوبة وأن القادم ليس بالأفضل، الأمر الذي دفعه لأن يكون هدفًا في مرمى الإعلاميين المصريين المقربين من النظام.
حيث شن الكاتب الصحفي محمد الباز، الأكاديمي ورئيس مجلس تحرير صحيفة “الدستور” المملوكة لشركة “المتحدة للخدمات الإعلامية” التابعة لجهاز المخابرات المصرية، هجومًا عنيفًا على أديب، ووصفه بأنه “عميل سعودي” يعمل لصالح أجندة سعودية من خلال القناة التي يعمل بها، وهو الهجوم الذي رافقه فيه إعلاميون آخرون محسوبون على السلطة المصرية.
وكما قيل في شأن تركي الحمد وعمرو أديب من أن كليهما لا يمكنه الحديث في مثل تلك الأمور التي قد تهدد العلاقة مع الحليف المصري دون الحصول على إذن وضوء أخضر، فإن الوضع كذلك مع الباز وأقرانه، فهو أحد الأذرع الإعلامية الرئيسية للسلطات المصرية الحاليّة، وعليه لا يمكن الاقتراب من تلك النقطة الحساسة وأن يتهم المملكة بأن لها أجندة داخل مصر، دون إذن وتنسيق مسبق.
توتر مكتوم.. 3 ملفات تعكر الأجواء
تتصدر 3 ملفات رئيسية بورصة القراءات المتباينة لتفسير هذا التوتر الذي تفوح روائحه دون ضجيج رسمي، أولها: الاستثمارات السعودية في مصر، التي أثرت بشكل كبير في مستوى العلاقات بين البلدين خلال الأيام الأخيرة، فالمملكة ترغب في توسيع نفوذها الاستثماري داخل السوق المصري، عبر مسارين: الاستثمار المباشر والاستحواذ على أصول وممتلكات الدولة، لكن وفق شروط خاصة بها، سواء في حجم التغلغل الرأسي وقاعدته التوسعية.
الرياض ووفق السياسة التي تتبعها القاهرة خلال الأشهر الماضية في ضوء “وثيقة سياسة ملكية الدولة” تريد شراء العديد من الأصول، وفي مجالات معينة، بما يعزز نفوذها داخل مصر من جانب، ويدر أرباح عليها من جانب آخر، وهو ربما ما لم يجد قبولًا من السلطات المصرية لا سيما المؤسسة العسكرية التي تتحفظ نسبيًا عن إستراتيجية المملكة في الاستثمار التي تعتمد على شراء الكيانات الرابحة بالفعل ومن ثم تحقيق الأرباح السريعة وتحويل عوائدها للخارج، ما يفقد الاقتصاد المصري المكاسب المتوقعة.
وهنا تستشعر الرياض أن هناك وصاية حكومية عليها في خريطة استثماراتها في مصر، وهو ما يفسر عدم ضخ السعودية إلا أقل من مليار ونصف دولار فقط في السوق المصري رغم تعهدها بضخ 10 مليارات دولار وفق الاتفاقية الموقعة بين البلدين التي أقرها مجلس الشيوخ السعودي في أبريل/نيسان 2022.
ثانيًا: ملف تيران وصنافير، وهو الملف الأكثر حساسية في مسار العلاقات بين البلدين خلال العامين الماضيين تحديدًا، في ضوء الجدل الذي يخيم على الشارع المصري منذ إبرام اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية في 2018، فهناك بون شاسع بين المزاج العام الشعبي المصري والتوجه السلطوي الرسمي بشأن هذا الملف الذي حسمه السيسي والبرلمان لصالح المملكة.
تلكؤ الجانب المصري في تسليم الجزيرتين رغم إنهاء كل الإجراءات القانونية والإدارية كان مثار تساؤل لدى الشارع السعودي، فيما تعللت القاهرة بالجزء المقتطع من المعونة الأمريكية والبالغ 130 مليون دولار بسبب وضع حقوق الإنسان، مشترطة أن تفرج واشنطن عنه نظير تسليم الجزيرتين، بجانب بعض المسائل الفنية، وهو السبب المعلن بحسب موقع “AXOIS” الأمريكي الذي نقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن مصر بدأت في الأسابيع الأخيرة تتقدم بتحفظات على بنود في الاتفاق، معظمها فنية، ومنها تركيب كاميرات في الجزر التي تتعلق بها الاتفاقية، فيما يفترض أن تستعين القوة متعددة الجنسيات الموجودة بالجزيرتين بتلك الكاميرات لمراقبة النشاط الجاري فيهما، وكذلك في مضيق تيران، بعد مغادرة الجزيرتين.
فيما يذهب آخرون أن الأمر أكبر من مجرد الـ130 مليون دولار، وكاميرات المراقبة، إذ كانت تعول السلطات المصرية على المملكة في إنقاذها من الأزمة الاقتصادية الحاليّة بالمنح والمساعدات المستمرة، التي أصبحت الملف الثالث في توتير العلاقات بين البلدين.
جاءت تصريحات وزير المالية السعودي في منتدى دافوس الأخير لتزيد الطين بلة، وتؤكد أن تلكؤ المملكة إزاء دعم مصر لم يكن سوى التزام بسياسة جديدة تنتوي الرياض تبينها مع الدول التي تحصل على دعمها ومنحها
ثالثًا: المنح والمساعدات السعودية.. تحيا مصر هذه الأيام أزمة اقتصادية طاحنة، جانب منها بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية والجانب الأكثر حضورًا جراء السياسات المتبعة التي حولت القاهرة إلى واحدة من أكثر بلدان العالم استدانة، إذ تبلغ حجم ديونها الخارجية فقط حاجز الـ154 مليار دولار، بخلاف خدمة الدين التي تستنزف الجزء الأكبر من الموازنة العامة للدولة حتى 2030.
الوضع تفاقم مع الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير/شباط 2022 وأحدثت هزة عالمية في السوق العالمي كانت نتيجتها خروج أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة من السوق المصرية في مارس/آذار العام الماضي، وهنا عول النظام المصري على حلفائه الخليجيين في انتشاله من هذا الوحل والعبور إلى بر الأمان، لكنه فوجئ بتلكؤ الرياض في تنفيذ تعهداتها السابقة بضخ 15 مليار دولار لمصر (منها 5 مليارات دولار وديعة في البنك المركزي المصري كانت المملكة قد جددتها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي و10 مليارات دولار استثمارات يفترض أن تضخهم السعودية في السوق المصري من خلال شراء أملاك الدولة وحصص من شركات القطاع الخاص).
ثم جاءت تصريحات وزير المالية السعودي في منتدى دافوس الأخير لتزيد الطين بلة، وتؤكد أن تلكؤ المملكة إزاء دعم مصر لم يكن سوى التزام بسياسة جديدة تنتوي الرياض تبينها مع الدول التي تحصل على دعمها ومنحها، بحيث يكون الدعم مشروطًا بحزمة محددات على الدول الممنوحة الالتزام بها أولًا قبل الحصول على الدعم، في علاقة أشبه بعلاقة صندوق النقد الدولي مع الدول المقترضة.
ما الذي تغير في قواعد اللعبة؟
التحول في الموقف السعودي من دعم القاهرة وتصاعد الخطاب الإعلامي المصري الذي يستهدف الرياض، ليس من قبيل المصادفة، ولا عنترية جوفاء من هنا أو هناك، بل هو تطور طبيعي لتوازنات المعادلة بين البلدين، فالأوضاع التي كانت تحكم تلك المعادلة قبل 5 سنوات مثلًا ليس كما هي حاليًّا.
منذ تولي السيسي مقاليد الحكم في 2014 كانت المملكة – مع الإمارات والبحرين – أحد الأضلاع الرئيسية في إنجاح هذا النظام إقليميًا عبر دعمه اقتصاديًا ومساعدته في عبور المأزق الدولي الذي كان يعاني منه بسبب انقلابه على نظام الرئيس الراحل محمد مرسي، خشية انتقال عدوى ثورات الربيع العربي إلى أنظمة الخليج الحاكمة.
ومع تولي ابن سلمان ولاية العهد تلاقت المصالح مع النظام المصري رغم تباين وجهات النظر بين ولي العهد السعودي والسيسي في كثير من الملفات، لكن البرغماتية كانت لغة الحوار الأكثر حضورًا، فدولة الثالث من يوليو/تموز 2013 بحاجة إلى المال الخليجي، لذا ليس هناك حرج من تقديم التنازلات أيًا كان مستواها، وعليه كان التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير وفتح الباب أمام النفوذ السعودي للتغلغل داخل مفاصل الدولة المصرية سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا.
وعلى الجهة الأخرى كانت المملكة في أمس الحاجة لدعم القاهرة لولي العهد الشاب الذي كان يعاني من استهدافات داخلية وخارجية تهدد مستقبله السياسي، لذا كان الاحتياج للجيش المصري وقوة النفوذ المصري الإقليمي مسألة حيوية لدعم الموقف السليماني في مواجهة سهام النقد الأمريكية والتركية والأوروبية بسبب الأوضاع الحقوقية والسياسية في المملكة.
في تلك الأثناء، لم تفكر القاهرة في حجم ومستوى التنازلات المقدمة للمملكة، إذ كان الهدف (الدعم الاقتصادي) مقدم على المرتكزات الوطنية، الوضع نفسه لدى الرياض التي لم تتوان عن تقديم الدعم لنظام السيسي دون أي شروط مسبقة، رغم سياساته الاقتصادية التي أقر الجميع بفشلها وورطت مصر وحولتها لإحدى الدول الأكثر استدانة في العالم.
في تلك الأجواء الضبابية وفي حالة السيولة السياسية والاقتصادية والأمنية التي تشهدها الساحة العالمية من الصعب التكهن بمستقبل العلاقات المصرية السعودية، وما إذا كان سيتصاعد إلى مستويات متطرفة أم يتجمد عند هذا الحد
لكن اليوم تغير الوضع بصورة كبيرة، فتراجعت الحاجة السعودية للدعم المصري بعد النجاحات التي حققتها الرياض في مسار توسيع نفوذها الإقليمي والدولي، وترسيخ أركان حكم ولي العهد، مستغلة الأوضاع والمستجدات الدولية الأخيرة، لتخرج الأصوات الإعلامية والأمنية التي تهاجم القاهرة بهذا الشكل، كذلك انخفض نسبيًا الاحتياج المصري للمال السعودي رغم الأزمة، في ظل تعدد نوافذ الاقتراض الأخرى، لتُوصف المملكة على لسان إعلاميين موالين للسيسي بأنها دولة صاحبة أجندة ولها أهداف أخرى تريدها من مصر، وعليه تغير الخطاب بين البلدين، سجال وتناطح يعكس حجم التوتر الدفين بين القوتين طيلة السنوات الماضية.
المشهد الراهن يثير الكثير من التساؤلات التي من الصعب الإجابة عنها، منها: إلى أي مدى ستواصل الرياض – عبر أذرعها الإعلامية – هجومها على الدولة المصرية؟ وما إذا كانت ستستخدم سلاح المنح والاستثمارات للضغط على الجانب المصري؟ وهل تقبل القاهرة ابتزاز الرياض لها والرضوخ لشروطها للحصول على مساعداتها؟
في تلك الاجواء الضبابية وفي حالة السيولة السياسية والاقتصادية والأمنية التي تشهدها الساحة العالمية من الصعب التكهن بمستقبل العلاقات المصرية السعودية، وما إذا كان سيتصاعد إلى مستويات متطرفة أم يتجمد عند هذا الحد، حال ما تدخلت سلطات البلدين، حفاظًا على الأرضية المشتركة بينهما في مواجهة التحديات الإقليمية وحزمة الملفات التي تجبر الطرفين على عدم توسعة الهوة بينهما.