يكشف تقرير التعذيب الذي أصدره مجلس الشيوخ الأمريكي أكثر كثيرًا مما يوحي به عدد صفحاته! السبب في ذلك هو أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA لم يكن لديها فقط برنامج تعذيب خاص بها نفذته في مواقع سوداء سرية للاعتقال والتعذيب، لكن أيضًا لأنها استخدمت شبكة واسعة من الدول الأخرى للمساعدة في القبض على، واحتجاز، ونقل، و- نعم – تعذيب المعتقلين.
شبكة الدول تلك تظهر بوضوح في برنامج التسليم الاستثنائي الذي تعتمده السي آي إيه، وهو البرنامج الذي بموجبه تحتجز الوكالة وتنقل “الإرهابيين المشتبه بهم” بمساعدة حكومات أجنبية.
وفي كل ذلك، شاركت 54 دولة في برنامج الترحيل السري للمخابرات الأمريكية، تظهرهم هذه الخريطة:
وبحسب الخريطة فإن الأغلبية الساحقة من الدول العربية قد شاركت في برنامج المخابرات الأمريكية، وهي: المغرب، موريتانيا، الجزائر، ليبيا، مصر، الأردن، لبنان، سوريا، السعودية، اليمن، الإمارات، جيبوتي والصومال.
كما أن الخريطة تُظهر عددًا من الدول التي تعاونت معها المخابرات الأمريكية كذلك، مثل تركيا وإيران، وهو أمر مستغرب في ظل العلاقات الحادة بين الولايات المتحدة وطهران، وكذلك أشارت تقارير إلى وجود سجون سرية في دول مثل المغرب وأفغانستان والعراق.
ومن بين الدول العربية التي لم تشارك في عمليات التعذيب أو نقل المعتقلين أو اعتقالهم، دول مثل تونس، عُمان، الكويت، قطر والسودان.
وبينما يمكن النقاش حول كل بلد من تلك البلدان، ومعرفة عما إذا كانت متواطئة في التعذيب أم لا، فإن البرنامج يمكن أن يتم التعاون من خلاله عبر عدد من الطرق المختلفة، فكل من هذه الدول تدعم برنامج الترحيل السري للسي آي إيه، لكن ربما ليست كل تلك البلاد شاركت في التعذيب بشكل مباشر.
وفي بعض الأحيان، تم القبض على المعتقلين من قبل وكالة الاستخبارات المركزية بمساعدة حكومات أجنبية، وأحيانًا كان يتم القبض عليهم من قبل الحكومات الأجنبية، التي بدورها تقوم بتسليم المعتقلين للمخابرات الأمريكية، وفي بعض الأحيان، يتم نقل المعتقلين إلى المواقع السوداء التي تشغلها المخابرات الأمريكية في البلدان الأجنبية، وأحيانًا يتم تسليمهم إلى أجهزة مخابرات أجنبية لتقوم الأخيرة بتعذيب المعتقين واحتجازهم في مرافقهم الخاصة.
لكن النقطة الهامة التي تبرزها الخريطة هي أنه على الرغم من الغموض والحجم الكبير لبرنامج التعذيب، إلا أن العلاقات الدولية لهذا البرنامج هي أوسع وأكثر غموضًا، وهذا يعني أن الكثير من برامج وكالة الاستخبارات التي قامت بها بعد 11 سبتمبر لا تزال مجهولة، وربما ستظل كذلك إلى الأبد.