ترجمة وتحرير: نون بوست
حذّر المغرب منذ فترة طويلة من تنامي نفوذ إيران والجماعات التابعة لها مثل حزب الله في شمال إفريقيا. وقد تمكنت طهران والتنظيم الشيعي اللبناني من اختراق المنطقة من خلال الروابط التي تجمعهم بجبهة البوليساريو، وهو ما حذّر منه كبار المسؤولين المغاربة على غرار الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال ووزير الخارجية ناصر بوريطة. وقد وضع الممثلون الأوروبيون، مثل النائب أنطونيو لوبيز إستوريز وايت، التهديد الذي تشكله إيران في المنطقة المغاربية وإرسال طائرات إيرانية مسيّرة إلى البوليساريو على جدول الأعمال الأوروبي.
كشف تحقيق أجرته قناة “أي 24 نيوز” الإسرائيلية مؤخرا عن العلاقات بين الجماعة الصحراوية الانفصالية و”حزب الله”. وحسب هذا التحقيق، فإن التنظيم اللبناني متورط في شبكة مالية واسعة لجبهة البوليساريو. ومن خلال تحويل الأموال عبر وسطاء، نظمت البوليساريو “شبكة واسعة النطاق لغسيل الأموال غير القانوني في إسبانيا”. وقد امتدت هذه المؤامرة المالية من تندوف إلى أوروبا والإمارات والسعودية وبالطبع لبنان عبر “حزب الله”. ومن بين البلدان الأوروبية التي يشملها هذا المخطط، ذكرت صحيفة “دي فيلت” الألمانية بلجيكا وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا.
يسلط التحقيق الضوء بشكل خاص على رجل أعمال تابع للذراع المالي للجماعة الشيعية مؤسسة “القرض الحسن”. وتشير تقارير من وكالات استخبارات غربية إلى أن أحمد عبد الرحمن هو زعيم هذه الشبكة، الذي كان سيجتمع مع رجل الأعمال اللبناني في دولة أوروبية بعد أن أعلن ولاءه لـ”حزب الله”. وفي إحدى المناسبات، صرح قائلا “لقد أظهروا قوتهم في حرب سنة 2006 ضد “إسرائيل” وأوفوا بعهدهم”.
إن توغل “حزب الله” وإيران في شمال إفريقيا لن يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة فحسب، بل يشكل أيضا تهديدا لأوروبا. وحسب تصريحات عميل مخابرات سابق من القارة للقناة الإسرائيلية فإنه “إذا لم يدرك الأوروبيون هذه المشكلة اليوم، فغدًا سيكون قد فات الأوان”. ولعل هذا السبب الذي دفع المغرب لقطع علاقاته الدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية في سنة 2018.
وقبل سنوات، كان بوريطة قد سلط الضوء بالفعل على العلاقات بين حزب الله والبوليساريو بعد زيارة قام بها وفد عسكري من الجماعة الشيعية إلى تندوف في سنة 2016.
وفي سنة 2017، اعتقلت السلطات المغربية قاسم تاج الدين في مطار الدار البيضاء بناء على مذكرة توقيف دولية صادرة عن الولايات المتحدة. ويعتبر تاج الدين، المتهم بغسل الأموال والإرهاب، أحد كبار المسؤولين الماليين في حزب الله في إفريقيا.
وحسب بوريطة، فإن التنظيم اللبناني “بدأ في التهديد بالانتقام” بعد اعتقال تاج الدين، الذي بدأ من أجله إرسال “أسلحة وعسكريين إلى تندوف” بهدف “تدريب عناصر البوليساريو والتحضير لعمليات عدائية ضد المغرب.
لهذه الأسباب، أشار الوزير المغربي إلى أن المغرب “يعاني من تبعات التدخل الإيراني” واتهم إيران “برعاية الانفصالية والإرهاب” في المنطقة. كما ذكر المحلل الإيراني والأستاذ بجامعة نيويورك أراش عزيزي أنه “منذ ثورة 1979، حافظت إيران على علاقات وثيقة مع جبهة البوليساريو، مما تسبب في توترات مع الرباط”. ومن جانبهم، حاول دبلوماسيون إيرانيون تسوية مثل هذه الخلافات على الرغم من أن ذلك أصبح “مستحيلاً على مر السنين، خاصة بعد انضمام المغرب لاتفاقات إبراهيم وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، على حد تعبير عزيزي.
إيران تركز على المغرب العربي والساحل
تحاول إيران منذ فترة طويلة توسيع نفوذها في المنطقة المغاربية سواء من خلال الدبلوماسية أو الجماعات المسلحة التابعة لها مثل “حزب الله”. وهي تسعى إلى تعزيز العلاقات مع دول المنطقة مثل موريتانيا والجزائر التي دولة زارها مؤخرا وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد الله. كما دعا الرئيس إبراهيم رئيسي مؤخرا نظيره الجزائري عبد المجيد تبون إلى طهران.
في نواكشوط استقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني رئيس الدبلوماسية الإيرانية للنظر في العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف القطاعات. ونقلت الصحيفة البريطانية “ذي إندبندنت” عن بعض المحللين أن موريتانيا تحتل مكانة هامة ضمن أولويات إيران بفضل موقعها.
إلى جانب أهميته الجيوستراتيجية، يعتبر المغرب الكبير أيضًا بوابة إلى الساحل، وهي منطقة تستغل فيها قوى مثل روسيا عدم الاستقرار والمشاعر القوية المعادية لفرنسا لتعزيز نفوذها. في هذه الحالة، يمكن لطهران أيضًا الاستفادة من هذا الوضع لترسيخ نفوذها في المنطقة.
وفي الأسابيع الأخيرة، أرسل النظام الإيراني وفودا إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهي دولة تسعى طهران لتعزيز علاقاتها معها في مجالات مختلفة، مثل الاقتصاد أو السياسة أو الصحة، وهو ما أكده نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي باقري كاني. كما أعلن الدبلوماسي أن إيران ستعين سفيرا في واغادوغو وستقدم منحا دراسية لطلاب بوركينا فاسو في الجامعات الإيرانية.
بهدف تأجيج رفض الغرب في البلاد، انتقد باقري كاني الإجراءات الغربية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل. وهي انتقادات وصلت إلى حد اتهام فرنسا بدعم الجماعات الإرهابية، وفق ما أوردته جريدة “الشرق الأوسط”.
حسب عزيزي، يلعب الحرس الثوري دورا بارزا في إفريقيا، خاصة في الدول التي تعاني من عدم الاستقرار. وبهذه الطريقة يُمهد الطريق لإيران لاختراق القارة”. وأضاف قائلا: “تحت قيادة قاسم سليماني، وسّع فيلق القدس نطاق تحركاته في سلسلة من الحروب الأهلية في إفريقيا جنوب الصحراء، خاصة في جمهورية إفريقيا الوسطى”. في المقابل، يؤكد المحلل الإيراني أن القوات الإيرانية استُبدلت جزئيا بمجموعة فاغنر المدعومة من الكرملين.
المصدر: أتلايار