ترجمة وتحرير: نون بوست
بعد ثلاثة أيام من الزلزالين المدمرين اللذين ضربا تركيا وسوريا؛ حذر أستاذ جيوفيزياء تركي مرموق من أن “مشكلة أمن قومي” تلوح في الأفق: اللاجئون السوريون.
وكتب البروفيسور أوفغون أحمد إرجان على تويتر “ظهرت مشكلة أمن قومي في مدن مثل كيليس وهاتاي وأضنة وغازي عنتاب وشانلي أورفا، حيث يتركز اللاجئون”، وأضاف “عندما يبدأ النزوح من هاتاي، والتي أصبح نصفها مدمّراً، سيحكم السوريون مدنًا مثل هاتاي وكيليس. [ينبغي] نشر الجيش”.
لم يكن إرجان، الخبير في الزلازل والكوارث، وحده الذي حذر من الوجود السوري في جنوب تركيا ووجه أصابع الاتهام إليهم، فقد عبر سكان المناطق المنكوبة عن غضبهم بسبب بطء الاستجابة لحالات الطوارئ في أول 48 ساعة بعد زلزال يوم الإثنين الذي خلف حتى الآن أكثر من 22 ألف قتيل في كل من تركيا وسوريا.
ولجأ الكثير إلى وسائل التواصل الاجتماعي لانتقاد حالات نهب قوافل المساعدات وسرقة المقتنيات الثمينة من المنازل والمتاجر المنهارة التي تم تصويرها ومشاركتها عبر الإنترنت.
في هذا الفيديو يظهر أن عمليات النهب مستمرة؛ هذه المرة يسرقون غسالة.
سارع البعض إلى القول إن السوريين كانوا وراء عمليات النهب، على الرغم من قلة الأدلة التي تشير إلى ذلك، وزعم آخرون أن السوريين يتلقون مساعدات أفضل في حالات الكوارث على الرغم من عدم وجود دليل مرة أخرى.
قال أوميت أوزداغ؛ زعيم حزب الوطن اليميني المتطرف المعادي للاجئين، يوم الأربعاء: “منذ اللحظات الأولى لأكبر كارثة في تركيا، كان اللاجئون والهاربون من العدالة ينهبون المدن. هذا عار! أنت سبب هذه المتاعب يا أردوغان وسوف يذهبون، وأنت أيضا!”.
يقود أوزداغ حملة شعبية ضد السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الأرض منذ وقوع الزلزال أثناء زيارته للمناطق المتضررة ويدير حزبه منصة لإعادة ملايين اللاجئين قسراً إلى سوريا.
لا تقدم لقطات أعمال النهب التي تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي أي دليل على أن من يسرقون البضائع والمساعدات هم سوريون، ويبدو في العديد من مقاطع الفيديو تظهر أشخاص يتحدثون بالتركية السليمة أثناء قيامهم بنهب المتاجر الكبرى المحلية.
“كلنا ضحايا الزلزال هنا، ولا ينبغي لأحد أن يمارس التمييز ضد الناس على أساس عرقهم”.. سليمان صويلو وزير الداخلية التركي
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، الذي يخوض معركة مريرة ضد أوزداغ بسبب خطابه المناهض للمهاجرين، يوم الخميس إنه ثبت أن 99 في المائة من تقارير عمليات النهب مزيفة.
وأضاف صويلو في بيان متلفز “قد تكون هناك حوادث سرقة وجنايات خلال هذه الفترة كما يحدث في الأوقات العادية”، مؤكدًا “نحن جميعًا ضحايا الزلزال هنا. لا ينبغي لأحد أن يميز ضد الناس على أساس عرقهم. هؤلاء الناس لم يسرقوا بالأمس. هل انتظروا الزلزال حتى يسرقوا؟”
زعمت المزيد من المعلومات المضللة التي نشرها معلقون على وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع أن الحكومة كانت تنقل فقط الناجين السوريين من الزلزال إلى سكن للنساء فقط في مرسين، مما يعتبر تمييزاً ضد الأتراك.
حتى أن بعض الأشخاص شاركوا لقطات لم يتم التحقق منها تظهر أشخاصًا يمارسون الجنس على ما يبدو ويدخنون النرجيلة في المبنى، مما يشير إلى أنهم سوريون.
وقال علي ماهر باشارر، عضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري، إنه فتش المبنى واكتشف أن هناك العديد من الناجين من الزلزال الذين تم نقلهم من أجزاء مختلفة من منطقة الكارثة، ونفى أن يكون المبنى يستضيف سوريين فقط، وقال: “مشيت بين الغرف؛ هناك مواطنون قادمون من صمانداغ وملاطيا وكهرمان مرعش، وكذلك بالتأكيد بعض المواطنين السوريين”، وأضاف “لا يوجد نرجيلة أو صور جنسية في المبنى، وتصميمات الغرف مختلفة عن اللقطات التي تمت مشاركتها؛ إنها مقاطع فيديو قديمة”.
تؤوي تركيا أكثر من 3.6 ملايين سوري بالإضافة إلى ما يقرب من 320 ألف لاجئ من جنسيات أخرى، مما يجعلها أكثر دولة مضيفة للاجئين في العالم، وفقًا للأمم المتحدة. وبعد عقد من اندلاع الحرب السورية، توترت العلاقة بين المجتمعات المحلية.
السوريون يساعدون في جهود الإغاثة
وقال إسماعيل تشوكتان، وهو صحفي تركي متخصص في الشؤون السورية، لموقع “ميدل إيست آي” إنه من المتوقع أن يتوجه الغضب إلى السوريين في مثل هذا الوقت الذي يشهد كارثة وطنية كبيرة، الأمر الذي يزعج الرأي العام”.
وأضاف: “بسبب مشكلة اللاجئين، التي تؤججها منذ فترة طويلة مختلف الأحزاب القومية المتطرفة، يمكن [لغضب] الناس أن ينقلب على اللاجئين السوريين”.
وذكر تشوكتان أنه ليس فقط في كارثة الزلزال، ولكن في أي حادثة بالغة الخطورة في تركيا، فإن أوساط اليمين المتطرف تلوم السوريين في المقام الأول على أي شيء.
وأشار إلى أن “بعض السوريين شاركوا في نهب بعض المحلات التجارية في هاتاي إلى جانب مواطنين أتراك آخرين، لكن هذه الجماعات القومية المتطرفة تتصرف وكأن كل السوريين أصبحوا الآن لصوص. هذا يمكن أن يحدث أثناء أي كارثة”.
على عكس الصورة التي رسمتها بعض الأصوات اليمينية المتطرفة؛ انضم اللاجئون السوريون في المنطقة المتضررة وفي جميع أنحاء تركيا إلى جهود الإغاثة الطارئة، وقال تشوكتان إنهم كانوا يتطوعون لأنهم يعتبرون أنفسهم جزءًا من المجتمع التركي وتضرروا بشكل مباشر من الزلازل.
هناك ما يقرب من 1.9 مليون لاجئ سوري يعيشون في 10 ولايات تضررت من الزلازل.
“Gelsinler portakal var, elma var, her şey var. Alsınlar abi Allah rızası için”
5 yıldır #Kahramanmaraş’ta yaşayan manav #Suriyeli Ömer Ali, dükkanındaki meyve sebzeleri kaldırım kenarına koyarak ihtiyacı olanlara ikram ediyor.#depremsondakika #deprem pic.twitter.com/8d0DNBw3GR
— 10’lar (@10larMedya) February 9, 2023
قال: “ليأتوا .. يوجد برتقال .. يوجد تفاح .. يوجد كل شيء .. فليأخذوه يا أخي في سبيل الله”.
وقال بولنت يلدريم، رئيس منظمة الإغاثة الإسلامية IHH إن السوريين في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية شمال سوريا كانوا يخبزون 300 ألف رغيف خبز يوميًا لشحنها إلى المناطق المنكوبة بالزلزال، وأضاف: “كلا الجانبين يساعدان بعضهما البعض”.
المصدر: ميدل إيست آي