منذ أن سقط الجيش الروسي في أكثر من اختبار بالحرب الروسية الأوكرانية، بات يعتمد بشكل متزايد على تجنيد المرتزقة لتعزيز قواته في الخطوط الأمامية، وتعويض الخسائر الفادحة التي تكبّدتها القوات النظامية الروسية.
في الواقع، لعبت روسيا دورًا خفيًّا في تجنيد المقاتلين الأجانب للقتال بصفّها في أوكرانيا، وشكّل الصرب إحدى أكبر المجموعات القتالية الأكثر أهمية بالنسبة إلى موسكو، فقد شاركوا بنشاط منذ بداية الصراع، وأثبتوا حتى الآن إخلاصهم وشراستهم الشديدة في القتال، إذا لا يزال الصرب إلى حد كبير من المتحمّسين لغزو أوكرانيا.
مهامّ قذرة وبنادق مأجورة
تولي موسكو اهتمامًا كبيرًا لـ”عسكرة الشباب”، كردّ فعل على ما تعتبره انحلالًا أخلاقيًّا وماديًّا للغرب، حيث قامت السلطات الروسية مؤخرًا بإدراج روايات مضلّلة في المناهج الدراسية، والتي هدفت إلى تقوية المشاعر المعادية لأوكرانيا والمناهضة للغرب.
كذلك يذهب المقاتلون الصرب في الجيش الروسي إلى المدارس في المناطق المحتلة بأوكرانيا، ويشرحون للطلاب الدوافع والأسباب التي جعلتهم يخوضون الصراعات، وبجانب ذلك تنظّم موسكو معسكرات عسكرية للشباب والمراهقين في أنحاء منطقة البلقان، وأحد هذه المعسكرات أُقيم بدعم كامل من السفارة الروسية في صربيا وبعلم من وزارة الدفاع الصربية.
فقد أقامت روسيا معسكرًا في منطقة زلاتيبور غرب صربيا وعلى بُعد 10 أميال من الحدود البوسنية، تتراوح أعمار المتدرّبين الصرب ما بين 14 و23 عامًا، يتعلمون في المعسكر مجموعة واسعة من المهارات العسكرية، كالتعامل مع مختلف الأسلحة والمتفجرات، والإسعافات الأولية، وكيف يصبحون محاربين حقيقيين.
اعتبر منظمو المعسكر، وهم من قدامى المحاربين الروس والصرب، أن ما يقومون به هو “تنشئة وطنية”، في حين أثار المعسكر ردة فعل سلبية من بعض شرائح المجتمع الصربي، بسبب ما اعتبروه إساءة معاملة الأطفال والمراهقين، واضطرت وزارة الداخلية في نهاية المطاف إغلاق المعسكر، وفي الحقيقة يعدّ معسكر زلاتيبور مجرد حلقة واحدة من سلسلة لا تحصى من الحوادث المماثلة في أنحاء منطقة البلقان.
في الواقع، لدى صربيا المئات من المنظمات والحركات والقادة الموالين لموسكو، حيث توفّر بلغراد أرضًا خصبة للمرتزقة، وتعدّ البيئة الأكثر تساهلًا مع التجنيد الروسي في منطقة البلقان.
فعندما اندلعت المرحلة الأولى من الصراع المسلح في أوكرانيا بين الانفصاليين الموالين لروسيا في الشرق والمقاتلين الأوكرانيين عام 2014، سافر عدد كبير من الصرب للقتال بجانب الوحدات شبه العسكرية الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا، ومعظم هؤلاء الصرب جاؤوا من بلغراد، والبعض الآخر جاؤوا من الجبل الأسود ومن جمهورية صربسكا المتمتّعة بالحكم الذاتي.
العديد من هؤلاء المقاتلين الصرب هم من قدامى المحاربين في الحروب اليوغوسلافية، يجلبون خبرتهم ومهاراتهم السابقة في القتال إلى أوكرانيا، كما أن لديهم وحداتهم القتالية الخاصة بهم، حيث تشمل الوحدات الصربية داخل القوات الموالية لروسيا اللواء الدولي، اللواء السابع، فوج الحصار الصربي، وحدة الأورال، الوحدة السلافية الأولى، وحدة باتمان، وحدة ريزانج وكتيبة يوفان شيفيتش، إضافة إلى المرتزقة الصرب الذين يقاتلون كجزء من مجموعة فاغنر.
وينتمي العديد من المقاتلين الصرب إلى ميليشيا شيتنيك (Chetniks)، وهي حركة قومية صربية متطرّفة تعمل بنشاط في أوكرانيا، وكان يقودها براتيسلاف زيفكوفيتش (Bratislav Zivkovic) الذي ارتكب جرائم حرب غمرت الأرض بالدماء في كل من كرواتيا والبوسنة وكوسوفو.
يرى زيفكوفيتش أن الصرب والروس ساعدوا بعضهم دائمًا في الحروب على مرّ العصور، ولذا يرى أن الدور الذي يقوم به في أوكرانيا هو شيء طبيعي، كما يذكر أنه شاهد بنفسه الكثير من المتطوّعين الروس في حرب البوسنة تحت قيادة الصربي سلافكو أليكسيتش (Slavko Aleksic)، وفي الحقيقة كشفت الحرب الروسية الأوكرانية عن قصص الروابط الروسية مع أمراء الحرب المحليين ومجرمي الحرب والمرتزقة.
شاركت الوحدات العسكرية الصربية بأوكرانيا في عدد من المعارك والاشتباكات القتالية، بما في ذلك معارك شاختارسك وإيلوفيسك وفوهليهيرسكا، ومعركة مطار دونيتسك ومعركة دبالتسيف، وكانوا مسؤولين بشكل أساسي عن حراسة نقاط التفتيش العسكرية على حدود دونيتسك وجمع المعلومات الاستخباراتية، كما اشتهر عدد من القنّاصة الصرب الذين تمركزوا بالقرب من المركز الحادي والثلاثين على طريق باخموت السريع، ولا يزالون حتى الآن يخوضون المعارك نيابة عن روسيا.
ومن المهم الإشارة إلى أن هناك دورًا ملحوظًا يقوم به المتقاعدون العسكريون الروس في أوكرانيا، إذا يعملون على تأسيس وحدات عسكرية خاصة من خلال توظيف المرتزقة الأجانب، وهذه الظاهرة تطوّرت بشكل كبير، حيث ظهرت مؤخرًا على خط المواجهة كتيبة سودوبلاتوف بافل، التي يقودها الضابط في أجهزة استخبارات الاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية، فقد ذكرت وكالة الأنباء الروسية في أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي أن مقاتلين صربًا جددًا انضموا إلى كتيبة سودوبلاتوف.
حبل مشدود.. الإخوة السلافيون
لكن ما هي الأسباب التي دفعت أولئك الصرب إلى الدخول في حرب خارج حدود وطنهم والموت في أرض بعيدة؟ في الواقع تعدّ الروابط التاريخية مع روسيا والانتماءات الدينية والعرقية عاملًا رئيسيًّا في انضمام الصرب إلى القوات الأجنبية الموالية لروسيا، حيث يقول العديد من المتطوعين الصرب إنهم انضموا إلى جانب الجيش الروسي بدافع الشعور بالدم السلافي المشترَك، والتعاطف العميق مع المسيحيين الأرثوذكس الروس.
بجانب المصلحة المشتركة في العداء تجاه الناتو والغرب، حيث يشترك الصرب أيضًا مع روسيا في الاستياء والشكوى ضد الغرب والكره العميق تجاه الناتو، فلم ينسوا الغارات الجوية التي شنّها التحالف عليهم لوقف الإبادة الجماعية لسكان ألبان كوسوفو.
ولذا يعتبر العديد من الصرب أن ما يفعله الجيش الروسي في أوكرانيا يمثّل نوعًا من الانتقام والعدالة لهم، بعبارة أخرى “الغرب الآن يواجه ما فعله بصربيا في التسعينيات”، حيث يقول أحد المقاتلين الصرب: “لقد جئت إلى أوكرانيا لمحاربة الفاشية والناتو وأمريكا والإمبريالية”.
يبدو أن قصف الناتو لبلغراد في التسعينيات فتح جرحًا لا يندمل أبدًا، إذ إن الحدث متأصّل بعمق في وعي غالبية الصرب، إضافة إلى أن بلغراد لم تقُم بإصلاح المؤسسات العسكرية والمباني التي قصفها الناتو في التسعينيات، إذ أرادت الاحتفاظ بها كشهادة وأن لا ينسى الشعب الصربي ما فعله الناتو بحقّهم.
ولذا يعتقد الصرب أن حروب التسعينيات انتهت بشكل سيّئ بالنسبة إليهم، وبالتالي سيرحّبون بأي فرصة لتغيير وضعهم، رغم أنهم غير متّفقين على كيفية القيام بذلك، قد يفسّر هذا الأمر آمال الصرب في فوز بوتين في أوكرانيا، لأنه سيمكّنهم بطريقة ما من استعادة السيطرة على كوسوفو وأجزاء أخرى من البلقان.
أحد المقاتلين الصرب في أوكرانيا والمعروف باسم رادومير (Radomir)، وهو جزء من مجموعة تسمّى “الفرسان الصربيون”، يقول: “نحن والروس دماء واحدة، ودين واحد، وعائلة واحدة، ولولا روسيا لما ظهرت صربيا كدولة”.
وصرّح مقاتل صربي آخر ملقّب بـ”دانوب” أن السبب الذي جعله ينضم إلى الجانب الروسي بأوكرانيا هي المظالم التي لحقت بصربيا من الناتو فيما يتعلق بكوسوفو، كما زعم مقاتل صربي آخر يُدعى بوكوكا أنه ذهب لمساعدة الأشقاء الروس في صربيا كتعويض عن دعم روسيا لصربيا في النزاع حول إقليم كوسوفو.
الأمر الجديد تمامًا في قصة الحرب هي قصة أحد القنّاصة الصرب المشهورين في أوكرانيا، يُدعى ديان بيريتش، يتمتّع بتاريخ طويل من القتال مع مجرمي الحرب، إذ شارك في الحروب الصربية في التسعينيات منذ كان في الـ 18 من عمره.
ويذكر أنه خلال حروب البوسنة وكوسوفو كان يقاتل برفقة عدد من المتطوعين الروس الذين جاؤوا لمساعدة الصرب، لذلك أراد ديان أن يردَّ جميل الشرف لروسيا، فسافر للقتال بصفها في أوكرانيا بعد أن تلقى دعوة منها على حد قوله، وحاليًّا يقوم بتدريب الجنود على القنص.
ويعتبر ديان الناتو منظمة إرهابية بسبب ما فعلته بصربيا، كما يظهر بشكل متكرر في وسائل الإعلام الروسية، إذا يتم تقديمه كبطل ومدافع عن السلاف، إضافة إلى قناته على يوتيوب وتليغرام، حيث يصوّر فيهما تفاصيل أيامه في الحرب وهو يمارس عمله في القتل ببرود وهدوء.
ويدعو ديان الشباب الصربي للانضمام إليه، ومؤخرًا قام بتوثيق قصته في فيلم وثائقي شرح فيه أسبابه للقتال بجانب الروس، كما يذكر أن روسيا كافأته وحصل مؤخرًا على الجنسية الروسية وتمَّ تكريمه كبطل.
لكن هناك صربًا آخرين انضمّوا إلى الحرب الأوكرانية بدافع المال، حيث يذهب بعض المحللين إلى أن الوضع الاقتصادي الصعب لصربيا سهّل حركة المرتزقة، وكشفت بعض التقارير حصول المتطوعين الصرب على ما يقارب 10 آلاف دولار شهريًّا أثناء القتال في دونباس، رغم أن الراتب انخفض لاحقًا بشكل كبير، ووفقًا لبعض المصادر يدفع الروس الآن للمرتزقة الصرب ما بين 2500 إلى 10 آلاف دولار، وأحيانًا أكثر حسب المهمة الموكلة إليهم.
لكن، ما هي الطرق التي يسلكها الصرب للانضمام إلى صفوف القوات الروسية؟ هناك عدة منظمات في صربيا تقوم بترتيبات ودفع تكاليف السفر، وفي الواقع يمكن لمن أراد القتال أن يسافر بكل سهولة إلى أي مكان في روسيا ثم يدخل إلى أوكرانيا عبر الحدود الروسية الأوكرانية، لكن عملية تجنيد الصرب تعتمد بشكل كبير على منظمتَين، الأولى “حركة 1389” التي تناصر بشكل أساسي إعادة توحيد صربيا مع كوسوفو.
أما الثانية فهي الجبهة المحورية في قصة المقاتلين الصرب بأوكرانيا، “جبهة كوسوفو (Kosovo Front)”، وهي منظمة قومية مسجَّلة كمنظمة إنسانية في روسيا، وتعمل بنشاط مكثَّف في منطقة البلقان، حيث تتنوّع أنشطتها ما بين تنظيم الأحداث الجماهيرية والثقافية، ومساعدة الصرب الذين يريدون الالتحاق بصفوف الجيش الروسي.
ويقود المنظمة ألكسندر كرافشينكو، الذي شارك في الحروب اليوغوسلافية في التسعينيات، وفي عام 2011 شارك كرافشينكو في إقامة المتاريس في شمال كوسوفو، وألّب الصرب القاطنين في الإقليم على تحدي حكومة بريشتينا.
وبدلًا من منع مواطنيها من القتال خارج الوطن، غضّت الحكومة الصربية النظر عن ملف مقاتليها في صفوف الروس، حيث بدا موقفها متساهلًا، رغم أن بلغراد أصدرت عام 2014 قانونًا يحظر على المواطنين القتال في صفوف الجيوش الأجنبية خارج الوطن، ما لم يكن ذلك جزءًا من مهمة رسمية.
وفي الواقع، أثار ملف المقاتلين الصرب في أوكرانيا توترًا بين كييف وبلغراد خلال الشهور الماضية، حيث صرّح سفير أوكرانيا في صربيا، ألكساندروفيتش، أن بلغراد لا تفعل ما يكفي لمنع مواطنيها من القتال في أوكرانيا، في حين ردّت وزارة الخارجية الصربية على السفير الأوكراني بأن صربيا لم تقُم بلوم المرتزقة الأوكرانيين الذين قاتلوا إلى جانب كرواتيا، في إشارة منها إلى مساندة الأوكرانيين للكرواتيين في الصراع الصربي الكرواتي أوائل التسعينيات.
ورغم صعوبة تقدير عدد المتطوعين الصرب الذين يقاتلون في أوكرانيا بدقّة، لكن وفقًا لسفارة أوكرانيا في بلغراد، فقد ذهب أكثر من 300 صربي إلى أوكرانيا للمشاركة في الحرب إلى جانب المسلحين الروس قبل عام 2019، ثم تزايد وصول المتطوعين الصرب إلى الجبهات الروسية بأوكرانيا بعد الغزو الروسي عام 2022.
تقول صربيا أن عدد المتطوعين الصرب في أوكرانيا مسجّل بعناية، لكن مع ذلك لم تقُم حتى الآن بنشر أي بيانات رسمية حول عدد مواطنيها الذين تطوعوا للقتال بجانب الروس في أوكرانيا منذ عام 2014.
وحتى الآن أصدرت المحكمة العليا في بلغراد أكثر من 30 حكمًا ضد مقاتلين صرب قاتلوا مع الجانب الروسي في أوكرانيا، ورغم أن أحكام القضاء تراوحت بالسجن من 6 أشهر إلى 5 سنوات، لم يمنع هذا المنظمات اليمينية المتطرفة من مواصلة تجنيد الصرب وحشد الدعم للقتال بجانب الجيش الروسي.
التحوُّل في اللهجة
في أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي، نشرت مجموعة فاغنر، التي أصبحت الآن ذراعًا للدولة الروسية وواحدة من أكبر حركات المرتزقة المنظَّمة في العالم، مقطع فيديو إعلانيًّا باللغة الصربية على نطاق واسع في بعض وسائل الإعلام الرسمية في بلغراد، وأذاعته أيضًا بوابة الدعاية الروسية قناة “روسيا اليوم”.
أظهر الفيديو مقاتلين من فاغنر وهم يدرّبون مجموعة من المرتزقة الصرب في وحدات روسية بأوكرانيا، تحدّث المقاتلون الصرب باللغة الصربية عن التدريب الذي تلقّوه وأسباب انضمامهم إلى الحرب، ثم قاموا بدعوة مواطني صربيا إلى التطوع للقتال بجانب الجيش الروسي في أوكرانيا، ووعدوهم بالحصول على رواتب عالية.
في الواقع، هذا الفيديو الأخير ليس أول فيديو دعائي يحثّ الصرب على القتال بجانب الجيش الروسي، إذ إن الأمر تكرر كثيرًا على مدى الشهور السابقة، كما تنتشر فيديوهات فاغنر الدعائية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت مكانًا رئيسيًّا لنشر القصص وتوفير النصائح حول كيفية الوصول إلى جبهات القتال.
ومن المعروف أن مجموعة فاغنر تعمل في صربيا على مدار السنوات الماضية، وأن بعض أعضائها يتمركز في بلغراد، كما تنتشر رسومات جدارية في أنحاء بلغراد تمجّد فاغنر، فهذه المجموعة سيئة السمعة تتمتع بشعبية كبيرة في صربيا.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي أعلنت فاغنر أنها افتتحت مركزًا ثقافيًّا في بلغراد، قبل أن تنفي الخبر لاحقًا، كما تفاخرت بوجودها في الدولة الأوروبية الوحيدة إلى جانب بيلاروسيا التي لم تنضم إلى العقوبات الدولية ضد موسكو.
لم يعجب الإدارة الصربية فيديو فاغنر الأخير، وكان ردّها هذه المرة غير متوقع، حيث حرص الرئيس ألكسندر فوتشيتش على الردّ بشكل شخصي وظهر على التلفزيون الوطني، وردَّ بغضب على فاغنر لإساءة استخدامها حسن نيته.
وأكّد على أن نشاطها في صربيا غير قانوني، لأن البلاد قد حظرت قتال المرتزقة، كما طلب من روسيا إنهاء تجنيد الصرب في حرب أوكرانيا، وانتقد وسائل الإعلام الروسية ومواقع التواصل الاجتماعي لنشرها مواد باللغة الصربية تدعو الصرب للانضمام إلى فاغنر.
كذلك حذّر وزير الدفاع أي صربي يقاتل من أجل فاغنر، وبعد إدانات بلغراد حذفت فاغنر الإعلان من على جميع المواقع الإلكترونية، وهو ما يشير إلى تحوُّل في لهجة الإدارة الصربية تجاه موسكو، وقد لقيت هذه التصريحات ترحيبًا من الغرب وإشادة من كريستوفر هيل السفير الأمريكي في بلغراد، وبحسب خبراء فإن ردة الفعل الصربية تجاه موسكو تمثّل نجاحًا غريبًا لعزل روسيا.
لكن في الواقع، يأتي حنق صربيا الأخير على موسكو بسبب ازدياد نفوذ فاغنر وأنشطتها الأخيرة في صربيا، والتي أظهرت قدرتها على التأثير، بجانب أن هناك حالة قلق كبيرة من الإدارة الصربية تجاه تزايد ظاهرة المقاتلين الصرب في صفوف الجيش الروسي.
وبات المسؤولون والسلطات المحلية في بلغراد يشعرون بالقلق من مصير ومستقبل هؤلاء المقاتلين الصرب بعد الحرب، أو في حالة عودتهم في أي وقت وقيامهم بأي نشاطات ضد الدولة، خصوصًا أن العديد منهم ينتقد بشكل علني بعض مواقف الحكومة الصربية.
لم يردَّ الكرملين على تصريحات الإدارة الصربية الأخيرة، ويبدو أن لا شيء جديد سيتغير على أرض الواقع.