ترجمة حفصة جودة
هناك تصور عام سائد بأن كل ما يفعله الأشخاص ذوو الإعاقة يشكل تحديًا، في بعض الأحيان يكون هذا التصور صائبًا، وفي هذه المرات ربما نوافق على عرض المساعدة اللطيف والمحترم، لكن في كثير من المرات نمارس حياتنا اليومية ببساطة عندما يقحم شخص عادي نفسه فجأة لعرض المساعدة.
من النادر أن يقصد أي شخص التمييز عندما يعرض مساعدة ذوي الإعاقة، لكن توجه المجتمع لا يزال أمامه شوط كبير.
كانت أنشطة حقوق ذوي الإعاقة تحدث في الشوارع أو في المباني الحكومية، لكن عصر وسائل التواصل الاجتماعي أوجد فرصًا لذوي الإعاقة لاستكشاف وممارسة نشاطهم الحقوقي بطرق جديدة.
فقد كتبت الناشطة زوي سيمونز مؤخرًا على تويتر عن تجربة السفر الجوي وكيف يُعامل ذوو الإعاقة كأنهم “أمتعة”، مما يكشف الحواجز السلوكية التي يواجهها ذوو الإعاقة عندما يقرر الآخرون “المساعدة”.
هناك الكثير من الأسباب التي تجعل ذوي الإعاقة يرفضون عروض المساعدة، يعكس ذلك البحث الحديث لـ”مشروع الكرامة” في جامعة جريفيث تجربة سيمونز، ويكشف أنه لا توجد طريقة واحدة مناسبة للجميع يمكن التوصية بها.
في عالم مثالي، سيُقدرّ كل شخص أن الإعاقة هي عدم توافق بين الشخص والبيئة، وسيتحرك في ذلك من منظور حقوق الإنسان
لكن التوقف عن عرض المساعدة تمامًا ليس الحل كذلك، لذا ما أفضل طريقة لعرض المساعدة على ذوي الإعاقة إذا كانوا يرغبون في ذلك؟
الإعاقة تتعلق بالبيئة وليست تشخيصًا مرضيًا
يعيش أكثر من 1.3 مليار شخص من ذوي الإعاقة في جميع أنحاء العالم، وتنص اتفاقية حقوق ذوي الإعاقة على أن الإعاقة ليست ناتجة عن تشخيص مرضي أو علة، لكنها تحدث عندما يواجه الشخص بيئات وأنظمة ومواقف غير مرنة أو قليلة الكفاءة أو لا يسهل الوصول إليها.
في عالم مثالي، سيُقدرّ كل شخص أن الإعاقة هي عدم توافق بين الشخص والبيئة، وسيتحرك في ذلك من منظور حقوق الإنسان.
لكن في الواقع، لا تزال المجتمعات متأخرة في فهم ذوي الإعاقة وسلوكها نحوهم، يشعر الكثير من الناس بالحيرة وعدم الثقة بشأن معاملة ذوي الإعاقة، ما يؤدي إلى تزايد الإقصاء والحواجز التي يواجهونها.
هذه الحواجز التي يواجهها ذوو الإعاقة قد تكون واضحة تمامًا مثل وجود بناء دون مصعد، أو خفية مثل ربتة على الظهر من أحد المارة.
تأثير الحواجز
شارك المشاركون في برنامج البحث العلمي لمشروع الكرامة، تأثير مواجهة الحواجز بشكل متكرر ومتتابع على الصحة النفسية والسلوكية للأشخاص، هذه التفاعلات غير الكريمة تؤدي إلى شعور ذوي الإعاقة بأنهم أشخاص ذوو استحقاق وثقة أقل، وأنهم أشخاص حزينون ومحبطون وغاضبون ولا حق لهم ولا صوت.
يقول أحدهم من ذوي الإعاقة “في البداية اسألني: هل تحتاج المساعدة؟ ويجب أن تقبل أنني قد لا أحتاجها، وسأطلب المساعدة عندما أحتاج إليها”
نتيجة لذلك، قد يتجنب هؤلاء الأشخاص المواقف الاجتماعية وينعزلون عن المجتمع، وبمرور الوقت، يُحرم ذوو الإعاقة من دورهم في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهم، لذا من المهم أن نفكر بشأن 4 جوانب لتقديم المساعدة.
1. اعترف بهم وبحقوقهم
تساهم المعلومات المغلوطة والمجازات المحدودة والمبسطة للأمر، المنتشرة في الإعلام، في التحدي الذي يواجه تغيير هذه التوجهات، يُطالب المشاركون في مشروع الكرامة بالاعتراف والتسليم بأن ذوي الإعاقة بشر لهم نفس الأبعاد الشخصية والحقوق الإنسانية للأشخاص العاديين.
وصف المشاركون الحالات القليلة التي يحتاجون فيها للمساعدة، لكن التجربة الكريمة تتم من خلال الاعتراف بذلك، فقد قال أحدهم: “في البداية اسألني: هل تحتاج المساعدة؟ ويجب أن تقبل أنني قد لا أحتاجها، وسأطلب المساعدة عندما أحتاج إليها، بعد ذلك اسألني عن أفضل طريقة للمساعدة وقم بالأمر كما طلبته منك، وليس بالطريقة التي تعتقد أنت أنني أحتاجها”.
2. انتبه للاستجابة
يملك ذوو الإعاقة حقوقًا من بينها الحق في الرأي وحرية التعبير واحترام الخصوصية، لذا استمع إلى رد الشخص عندما تسأله عن حاجته إلى المساعدة، إذا كان الرد سلبيًا فتقبل ما لا قد تفهمه بالضرورة، وإذا كان الرد مقتضبًا أو غاضبًا فتقبله دون غضب، لأنه على الأغلب نتيجة تاريخ من التمييز وسوء التقدير.
تعتمد طريقة تقديم المساعدة للشخص على السياق والعلاقة، ويجب أن نضع في اعتبارنا عند تقديم الدعم والمساعدة تنوع التجارب والمواقف وعلاقتنا بالشخص وعواقب المساعدة أو غير المساعدة.
حتى إذا كان قصدك طيبًا تجنب التعليقات التي تسلط الضوء على الجانب السلبي لإعاقة الشخص ووجوده
ورغم أن المساعدة تبدو بالأمر الملائم والمهذب، فإنه قد يكون من غير المناسب عرضها، خاصة إذا كان القيام بها عملًا عامًا يلفت الانتباه للشخص.
3. تعرف على ما لا يجب القيام به
هناك بعض الرسائل الواضحة بشأن ما لا يجب القيام به، وهي متكررة في بحثنا وفي تغريدة زوي سيمونز، أولها؛ لا تلمس أحدهم أو الأداة التكنولوجية المساعدة أو حيوان الدعم دون سؤاله مطلقًا.
من غير المناسب أن تسأل ذوي الإعاقة عن تشخيصهم أو علتهم إذا لم يكن للحديث علاقة بالأمر، وتأكد من استخدام لهجة محترمة، وحتى إذا كان قصدك طيبًا تجنب التعليقات التي تسلط الضوء على الجانب السلبي لإعاقة الشخص ووجوده، كأن تقول “إنك تدير حياتك بشكل جيد رغم الصعوبات” أو “إنك في غاية الشجاعة”.
4 فكرّ بشكل أوسع
تستغرق التغيرات الاجتماعية وقتًا كبيرًا، فالتدقيق في تحيزاتك الاجتماعية بينما تتفاعل مع شخص من ذوي الإعاقة وفي الوقت نفسه إدارة مزيج من المشاعر التي تثيرها الإعاقة؛ هي مهارة اجتماعية معقدة.
لكن بناء مجتمع متضامن سيضمن تفاعل ذوي الإعاقة والأشخاص العاديين بشكل مريح في هذا العالم معًا، وقد يكمن الشكل الإيجابي للمساعدة في أن تكون البيئة والتوجهات التي تؤثر عليها، شاملة وسهل الوصول إليها دائمًا.
المصدر: ذي كونفرسيشن