ترجمة وتحرير نون بوست
“هذا عقاب قاسٍ”، هكذا عبر “منذر أبو جبة” مدير محطة غاز في شرق مدينة غزة، واصفًا الحصار الإسرائيلي المصري على قطاع غزة، وأزمة الغاز الحالية التي تضرب قطاع غزة الذي يسكنه 1.8 مليون نسمة، ويضيف: “إسرائيل تعلم وترى أننا بحاجة إلى الغاز، وهم يعطوننا كمية تكاد تكفي لحاجتنا الأساسية فقط، وفي اللحظة التي قد نصل فيها إلى نهاية الأزمة، يعودون لقطع الغاز مرة أخرى”.
تاريخيًا، غاز الطبخ المحلي في غزة يأتي من إسرائيل، إذ تُكلف كل اسطوانة ما متوسطه 66 شيكلاً إسرائيليًا ( 17 دولارًا)، إذ يصل غزة عبر معبر “كرم أبو سالم”، المعبر التجاري الوحيدة بين قطاع غزة وإسرائيل، الذي يقع تحت سيطرة السلطات الإسرائيلية.
ومع دخول فصل الشتاء تتوقع غزة نقصًا حادًا في مادة الغاز، حيث إن العديد من الفلسطينيين لا يستطيعون توفير الحاجات الأسياسية اليومية مثل غاز الطهي وتدفئة منازلهم.
الحاجة أمينة تقول إنها لم تطبخ طوال الشهر الماضي بسبب نقص الغاز، وبدلاً من ذلك تقوم بجمع بقايا الكرتون المقوى من المحال القريبة منها للتدفئة، مضيفة: “خيارنا الوحيد للطعام هو الطعام المعلّب، مما يعني أنه لا يوجد طعام ساخن هذا الشتاء”.
وقبل إنشاء السلطة الفلسطينية في الـ 1993، كان المصدر الوحيد الذي يأتي منه الغاز هو إسرائيل، وبشكل أو بآخر فإن الغاز كان يُهرب عبر الأنفاق من مصر، كان أهل غزة قادرين على شراء أنبوبة الغاز بـ 10 شكيلاً ( 2.5 دولارًا).
وفي يوليو 2013، بعد الانقلاب العسكري في مصر، أغلقت معظم الأنفاق؛ وبالتالي فالغزيون الآن ليس لهم بديل سوى الاعتماد على الغاز القادم من إسرائيل، والذي يكون سعره عندما يصل مرتفعًا لدرجة أن الكثيريين لا يقدرون على شرائه.
وحسب “محمد العبد الله” الناطق باسم جمعية أصحاب محطات الغاز في غزة، فإن غزة تحتاج 350 طن يوميًا من غاز الطهي لتلبية الاحتياجات اليومية لسكان القطاع، إلا أن إسرائيل تسمح بـ 200 طن يوميًا فقط من الغاز، دون العطل اليهودية ونهاية الأسبوع، إذ تغلق الحدود تمامًا وينقطع الغاز.
العبد الله قال إن جمعيته على اتصال مع السلطات الفلسطينية في رام الله، على أمل الضغط على إسرائيل للسماح بمرور مزيد من كميات غاز الطهي.
ويضيف العبد الله: “إسرائيل تسمح بغاز يكفي لمليون شخصًا، وهو تعداد سكان قطاع غزة من قبل، الآن أصبح في غزة 1.8 مليون نسمة؛ لذلك نحن بحاجة لضعف الكمية القديمة”.
تجار الغاز في غزة يقولون في الوقت ذاته إنهم دفعوا لموردي الغاز في إسرائيل، إلا أن تسليم الغاز لم يحصل كما وعدوا، يقول أبو جبة في ذلك: البارحة كنا على علم بأن إسرائيل سوف تسمح بدخول 14 شاحنة من الغاز، إلا أنه في الواقع سُمح بـ 3 شاحنات فقط”، ويضيف أنه لم تحصل محطته على أي غاز من تلك الشاحنات، وعلى أي حال كونه مزود محلي في غزة فإن محطته تحتاج 250 طنًا من الغاز في الشهر، ولكنه يحصل على أقل من 100 طنًا .
“كيف يفترض أن نوزع أقل من نصف الكمية على الناس والمطاعم ومزارع الدواجن”، يقول أبو جبة موضحًا محاولاته لإقناع الزبائن بأنه لا يوجد لديه غاز لبيعه.
وفي الشتاء، عندما تنخفض درجات الحرارة وتصل إلى 5 درجات مئوية، فإن سكان غزة يعتمدون على غاز الطهي للحصول على الدفء، وبالرغم من نقص الوقود فإن بعض سائقي سيارات الأجرة قاموا بتحويل محركات سياراتهم للعمل على الغاز، الأمر الذي تقوم شرطة القطاع بملاحقته للتأكد من أن الغاز لا يستخدم لوسائل النقل العام، وإنما فقط للاستخدامات المنزلية.
بعض فلسطيني غزة يقولون إن حقول الغاز الطبيعي في البحر، والتي تمنع إسرائيل والغرب من استخدامها، قد تكون حلاً لهذه المعضلة.
وفي عام 2000، اكتشفت شركة “بريتش جاز” احتياطات من الغاز الطبيعي تقدر بـ 1.3 تريليون قدم مكعب تحت المياه الإقليمية في غزة، بما تقدر قيمته بـ 4 مليار دولارًا.
ومنذ 2006، عندما فازت حماس في الانتخابات الفلسطينية، توقف لفترة طويلة مشروع بين إسرئيل والسلطة الفلسطينية والشركة البريطانية لتطوير حقل الغاز الطبيعي المتاخم لشواطئ غزة.
في قطاع غزة، يحرق الناس أي شيء للتدفئة، قطعة قماش أو كرتون، حتى الأحذية القديمة؛ الأمر الذي يتسبب بكميات كبيرة من الدخان الأسود المتصاعد.
أبو جبة قال إنه يتمنى أن يصل الغاز بشكل أفضل لمزارع الغاز في القطاع، وإلا فإن الطيور سوف تموت من البرد، وكنتيجة لنقص الغاز فقد ارتفع سعر الكيلو جرام الواحد من الدجاج من 11 شيكلاً إلى 20 شكيلاً (من 2.7 إلى 5 دولارًا).
“أبو أيوب” موزع غاز في منطقة الشجاعية من مدينة غزة، قال إن العديد من الناس مازالوا بانتظار الغاز، وأن الكمية التي يوزعها لا تتناسب مع حاجة زبائنه، ويضيف: “الناس بدأت تفقد صبرها، اللعب بمصادر حياتها وطعامها قد ينجح لبعض الوقت، لكنها على المدى الطويل لن تبقى صامتة تجاه سجانيها (مشيرًا إلى إسرائيل)”.
“محمد جندية”، والذي يبلغ من العمر 51 عامًا كان يجادل موزع الغاز الذي يدعى “المشهراوي” لمدة شهر للحصول على الغاز، والإثنين الماضي قرر التوجه مع ابنه الصغير إلى محطة أبو جبة.
يقول جندية: نريد حلاً، نحن عوائل ولدينا أطفال، ولا نستطيع العيش دون غاز”، ويضيف: “نحن محرومون من الغاز الذي يبعد عنا أقل من ساعة ونصف (يقصد المسافة)، ولكننا نعيش في عصر الطغيان، إذ إن (البلطجية) يتحكمون بمواردنا”.
المصدر: ميديل إيست آي