لم يجد الروس طريق التغلغل في القارة الأفريقية معبّدًا، فالمطبّات كثيرة والعراقيل عديدة والمنافسة كبيرة، خاصة أنهم ابتعدوا لسنوات طويلة عن هذه القارة الاستراتيجية التي تمثّل هدفًا لأغلب القوى العالمية، لما تحمله من ثروات ولمكانها الاستراتيجي.
نتيجة ذلك، كان على موسكو اتّباع استراتيجية مُحكمة لتسهيل عملها والوصول إلى أهدافها المسطّرة في القارة السمراء بأسرع وقت وأقل خسائر، حتى لا تجد نفسها من “المتخلّفين” عن قطار الأفارقة وتضمن لها مكانًا ذا قيمة هناك.
تقوم هذه الاستراتيجية على عديد النقاط، من بينها “البروباغندا” و”التضليل”، وهما سلاح السوفيت سابقًا لمحاربة الغرب والسيطرة على مواطنيه، أي أن نظام بوتين امتهن مهنة الآباء نفسها، لكن هذه المرة للترويج للنظام الروسي في القارة الأفريقية.
اعتمد الكرملين البروباغندا للتغلغل في أفريقيا، وذلك من خلال تبييض صورة الروس وضرب صورة الغرب، مستغلًّا الإرث السوفيتي لإنجاح خططه، وتعاون الأنظمة الأفريقية القمعية معه، فغاية تلك الأنظمة العمل مع “حليف” قوي.
سنحاول التركيز على هذه الزاوية في هذا التقرير الجديد لـ”نون بوست” ضمن ملف “روسيا تتسلل إلى إفريقيا“، لمحاولة فهمها وكيفية عملها والأهداف الحقيقية التي تقف وراءها ومدى إمكانية نجاحها من عدمه.
البروباغندا الروسية في أفريقيا
في الوقت الذي علّق فيه الاتحاد الأوروبي بثّ قنوات “سبوتنيك” و”روسيا اليوم”، بسبب الحرب الروسية ضدّ أوكرانيا، كانت قناة “روسيا اليوم” تتطلع إلى جمهور جديد في القارة الأفريقية، خاصة في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية.
تأسّست شبكة آرتي (روسيا اليوم) عام 2005، وهي شبكة إخبارية تلفزيونية عالمية متعددة اللغات مقرّها موسكو، وتدير الشبكة قنوات متعدّدة منها “آرتي أمريكا”، وعملت الشبكة كواحدة من أكبر مكبّرات الصوت للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في جميع أنحاء العالم.
عملت هذه القناة التي يموّلها الكرملين على تدعيم وجودها في البلدان الأفريقية الناطقة بالفرنسية، إذ قامت بنشر مراسل إقليمي في تونس، كما قامت بتعزيز تغطيتها للأخبار الأفريقية لهذا الجمهور المحتمل، وذكرت تقارير أن الشبكة تسعى لفتح مكتب في أفريقيا الفرنكوفونية، إما في مالي وإما غينيا وإما جمهورية أفريقيا الوسطى.
في السياق نفسه، بدأت الشبكة بتشكيل مشروع لإنشاء غرفة أخبار في العاصمة الكينية، نيروبي، إذ تحاول الآن إيجاد الصحفيين والمحررين والمتخصصين في الشبكات الاجتماعية والعاملين لحسابهم الخاص، في هذه المدينة المفتوحة لوسائل الإعلام والصناعات الرقمية.
صوّرت الحملة التضليلية للكرملين روسيا على أنها دولة تهتم بشدة بالقضايا الإنسانية.
كما قرّرت “روسيا اليوم” فتح مكتب في جنوب أفريقيا، على أن يكون هذا المكتب بمثابة المحور الجديد للمنافذ الروسية في أفريقيا الناطقة بالإنجليزية، كجزء من استراتيجية روسية أكبر تجاه أفريقيا، تهدف إلى التغلغل في القارة.
فضلًا عن القنوات التلفزيونية، بعث الروس عديد المواقع الإلكترونية لبثّ الدعاية الخاصة بهم في الدول الأفريقية، تديرها وكالة أبحاث الإنترنت، وهي مؤسسة روسية مقرّها سانت بطرسبرغ، تعمل في عمليات التأثير عبر الإنترنت من أجل المصالح التجارية والسياسية الروسية.
من المهم الإشارة إلى أن وكالة أبحاث الإنترنت استخدمت حسابات مزيفة مسجّلة على مواقع التواصل الاجتماعي الرئيسية، ومواقع الصحف الرقمية على الإنترنت، وخدمات استضافة الفيديو لتعزيز مصالح الكرملين الداخلية والخارجية.
هذه الوكالة قامت باستهداف عديد الصحفيين ومؤثري الرأي العام للعمل معها، إذ تقدّم لهم أموالًا كثيرة لنشر وبثّ أخبار تخدم مصالح الكرملين في القارة الأفريقية، خاصة في مناطق النزاع والدول التي تدخّلت فيها روسيا عسكريًّا، كالسودان وليبيا وأفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو.
تبييض صورة الروس وضرب صورة الغرب
تقوم الدعاية الروسية على تبييض صورة موسكو لدى الأفارقة وتشويه صورة الغرب، وهو ما يفسِّر الحملة الروسية المستمرة على وسائل التواصل الاجتماعي المعادية لأوروبا، خاصة فرنسا في أفريقيا، ضمن سياسة كاملة تعكس تصورات موسكو الجديدة للقارة.
إدراكًا لحجم الظاهرة المعادية لأوروبا، تلعب موسكو الآن دورًا نشطًا واستفزازيًّا في تضخيمها، لذلك عملت على استهداف وتمويل قادة الرأي لخلق أرضية تكون مضيافة للمصالح الروسية ومعادية للمصالح الأوروبية.
ضمن هذه الاستراتيجية، ركّز الإعلام الموالي لروسيا -سواء التقليدي والجديد- على نقل الاحتجاجات المناهضة لفرنسا في القارة الأفريقية، على غرار ما حصل في تشاد ومالي والنيجر، حتى أنها جعلت من بعض الاحتجاجات “البسيطة” حركات شعبية “قوية”.
نشطت مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي لتأجيج الاحتجاجات في دولة القارة الأفريقية، خاصة الدول التي سبق ذكرها في الأعلى، وتبدو هذه الصفحات التي تُدار من قبل جمعيات خيرية ومجموعات مجتمعية محلية مختلفة، منسَّقة لتقديم روسيا كبديل عن الغرب.
ركّزت بعض المجموعات مثلًا على رفع شباب في مالي لعلم روسيا وبنت عليها الروايات، وصوّرتها على أنها استدعاء للروس لتعويض الفرنسيين في بلادهم، ولم تنسَ هذه المجموعات نشر صور لحرق الشباب أنفسهم للعلم الفرنسي لتأكيد روايتها.
رفع علم #روسيا خلال تظاهرات في العاصمة التشادية انجمينا مع مطالبات بطرد القوات #فرنسا من #تشاد، واضح ان الغضب من فرنسا في غرب افريقيا انتقل من #مالي وبوركينا فاسو و غينيا الي تشاد. https://t.co/9HP9LJyLg8
— Ahmed Shoair | أحمد شعير (@_ahmedshoair_) February 27, 2022
كانت الدعاية المناهضة للفرنسيين من قبل الروس قد أُعدّت بشكل كامل، إذا جاز التعبير، فقد تمَّ استغلال كلّ التحركات الشعبية المناهضة للفرنسيين وخلق تحركات أخرى من فراغ، كما صوّرت حملة التضليل التي قادها الروس مجموعةَ فاغنر العسكرية على أنها وسيلة لمواجهة التهديد الإرهابي، وليست داعمًا عسكريًّا لتأمين قبضة المجلس العسكري على الحكومة المالية، كما صوّرت الحملة الفرنسيين على أنهم سبب تنامي الضربات الإرهابية في القارة الأفريقية.
في سبتمبر/ أيلول 2021، عندما بدأ مرتزقة فاغنر بالوصول إلى مالي، بدأت صفحات في الترويج للمجموعة كبديل للجنود الفرنسيين، وهو السيناريو الذي تمَّ تنفيذه لاحقًا بشكل مثالي، عندما أمرت القوات الفرنسية بمغادرة مالي.
تعدّدت جرائم فاغنر في مالي، ما دفع موسكو إلى إنكار صلتها بها، إذ زعمت روسيا -عبر حملتها التضليلية- أنها لا تربطها علاقات رسمية بمرتزقة فاغنر المنتشرين في عدة دول أفريقية، وقد قبل المسؤولون الغربيون ظاهريًّا هذه الفكرة الكاذبة، وذلك لتجنُّب الاحتكاك مع روسيا على ما يبدو.
تكرر الشيء نفسه تجاه الوسائل الإعلامية الفرنسية، إذ قادت روسيا حملة تضليلية بهدف مقاطعة الشركات الفرنسية وإلغاء اعتماد وسائل الإعلام الفرنسية في مالي، وهو ما حصل بالفعل، حيث تمَّ اتهام وسائل إعلام فرنسية بنشر أخبار كاذبة عن مذابح ارتكبها الجيش المالي، وتمَّ عقب ذلك تعليق بث قناة “فرانس 24″ و”إذاعة فرنسا الدولية” في البلاد.
لم يركّز الروس في حملتهم التضليلية على ما يحصل في القارة الأفريقية فقط، إنما ركّزوا على الحرب الروسية ضد أوكرانيا أيضًا، لكن وفق رؤية تخدم مصالحهم، ما يعني أنهم عملوا على “تزييف” عديد الحقائق في خصوص هذه الحرب.
تقول روسيا، عبر شبكتها الدعائية، إنها لا تملك أي رهانات أو دوافع خفية لمساعدة الدول الأفريقية، عكس الغرب الطامع في خيرات القارة.
غضّت موسكو الطرف عن الضرر الذي تسبّبت فيه قواتها أثناء محاولتهم السيطرة على أوكرانيا، وعوضًا عن ذلك صوّروا الروس على أنهم “ضحايا” وأنهم يواجهون “عداء الدول الغربية” وأنهم يدافعون عن بلادهم، وصوّرت الحملة روسيا على أنها دولة أُجبرت من قبل حلف الناتو على شنّ “عملية عسكرية” محدودة في أوكرانيا للدفاع عن نفسها.
صوّرت الحملة التضليلية للكرملين روسيا على أنها دولة تهتم بشدة بالقضايا الإنسانية، إذ بثّت شبكات تابعة لها قصة حول كيفية ترحيب روسيا بأطفال المدارس الذين شردتهم الحرب في دونباس، وأظهرت عددًا من الأطفال للتعبير عن مدى امتنانهم والقول إن روسيا مستعدة للترحيب بالعديد منهم.
في المقابل، عملت الحملة على تشويه الغرب وتصويره على أنه تهديد لحرية الشعوب، وأنه سبب الدمار في أوكرانيا، وركزت على بثّ حملتها في أغلب الدول الأفريقية، لدفع الشعوب على الاحتجاج ضدّ الوجود الغربي في بلدانها.
استغلال الروس للإرث السوفيتي لإنجاح خططه
في حملتهم التضليلية، استغلَّ الروس الإرث السوفيتي لإنجاح خططهم، خاصة أن السوفيت لم يتورط في أفريقيا وشعوب القارة يكنّون كرهًا كبيرًا للقوى الاستعمارية القديمة، وإذا علمنا أن موسكو لم تكن من القوى الاستعمارية التقليدية في أفريقيا، فإن الروس عملوا على استغلال ذلك.
وتظلُّ العلاقات بين الاتحاد السوفيتي وجماعات المقاومة الأفريقية ورقة قوية تستغلّها موسكو لدعم دعايتها في القارة الأفريقية وإنجاحها، وأصبح افتقار روسيا إلى الماضي الاستعماري في أفريقيا ميزة تستخدمها موسكو بمهارة.
لعب الاتحاد السوفيتي دورًا في النضال من أجل استقلال العديد من الدول الأفريقية، إذ منح السوفيت -في إطار بحثه عن حلفاء محتملين في أفريقيا- مساعدات مالية وعسكرية لقوى التحرر هناك، وفتح لها اعتمادات للقيام بعمليات الشراء من الكتلة السوفيتية.
ويتجلّى هذا الدعم أيضًا في إعلان السوفيت التاريخي داخل أروقة الأمم المتحدة عام 1960، عن مبادرة منح الاستقلال للبُلدان والشعوب المستعمَرة، والتي صوّتت لها 89 دولة مقابل اعتراض 9 كان من بينها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
روسيا تغرس بذور عدم الثقة في الغرب بنشر المعلومات المضللة في الانتخابات ولقاحات كورونا
قال وزير الخارجية البريطاني،دومينيك راب،لرويترز،إن مجموعة الدول السبع ستبحث مقترحا بإنشاء آلية لمواجهة الدعاية الروسية والتضليل، والعمل على توحيد الصف للخروج بآلية تفنيد لمواجهة التضليل الروسي. pic.twitter.com/r2hyGo4sQ6— AlRasid1 (@_AlRasid1_) May 4, 2021
بعد موجة الاستقلال، أقام السوفيت علاقات قوية مع عدة دول أفريقية مثل أنغولا وأثيوبيا، ففي الحرب الأهلية التي شهدتها أنغولا والتي تضمّنت تدخلات خارجية، تمَّ توجيه المساعدات العسكرية السوفيتية إلى الحركة الشعبية لتحرير أنغولا، وبحلول عام 1976 كان الميدان العسكري يشكّل محور العلاقات السوفيتية الأنغولية.
كما أقام السوفيت علاقات قوية مع المؤتمر الوطني الأفريقي في تنزانيا، وحكومات جنوب أفريقيا، وحكومات ناميبيا وأنغولا والجزائر ومصر وليبيا والسودان، وذلك لمواجهة تزايُد التأثير الأمريكي في النظام الدولي.
مساندة قوى وحركات التحرر من الاستعمار، ومدّها بالسلاح والعتاد والدعم المادي والإعلامي والمعنوي، فضلًا عن الدعم الأيديولوجي، مكّن السوفيت من الحصول على مكانة مهمّة لدى الشعوب الأفريقية، يريد الروس استثمارها في هذا الوقت.
مساعي الروس للتغلغل في أفريقيا عن طريق البروباغندا
عقب موجة الاستقلال التي عرفتها القارة الأفريقية منتصف القرن العشرين، كانت هناك أحزاب عقائدية (الأحزاب الشيوعية والقوى الاشتراكية)، حيث كانت تلك الأحزاب تشكّل قواعد ومنارات سياسية قوية وراسخة تؤيّد وتدعم الوجود السوفيتي في المنطقة، إلا أن هذا الوضع تهدّم في الألفية الثانية.
تُريد روسيا -وريثة السوفيت- العودة إلى ذلك الوضع والتغلغل مجدّدًا في القارة الأفريقية عبر اتّباع سياسة التضليل والدعاية، وتستند روسيا في الترويج لسياستها في وسائل الإعلام الأفريقية على حقيقة مفادها أن روسيا لم تكن أبدًا قوة استعمارية في القارة السمراء، ولم يكن لها طموحات إمبريالية.
تقول روسيا، عبر شبكتها الدعائية، إنها لا تملك أي رهانات أو دوافع خفية لمساعدة الدول الأفريقية، عكس الغرب الطامع في خيرات القارة، وقد تمَّ الترويج لهذه الرواية كثيرًا في دولة مالي، ما يفسّر خروج بعض المظاهرات المساندة للوجود الروسي هناك.
تعدّ الدعاية الإعلامية لروسيا في أفريقيا جزءًا من استراتيجية الرئيس فلاديمير بوتين لتعزيز نفوذ بلاده في القارة السمراء وكسب المزيد من القوة على الساحة الدولية.
الشيء نفسه في تشاد والنيجر وبوركينا فاسو، إذ رأينا رفع الأعلام الروسية وحرق الأعلام الفرنسية، فضلًا عن التهجُّم على مصالح باريس في تلك الدول، مثلما حصل في بوركينا فاسو، إذ تمَّ استهداف السفارة الفرنسية بالعاصمة واغادوغو، وآخر أمام المعهد الفرنسي في بوبو ديولاسو في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، تزامنًا مع انقلاب نفّذه أصدقاء موسكو.
عقب هذه الأحداث، سارع رجل الأعمال ومؤسّس شركة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، يفغيني بريغوجين، للتعبير عن دعمه للضابط إبراهيم تراوري على وسائل التواصل الاجتماعي، بالطريقة نفسها التي عبّر بها عن دعمه للانقلاب القائد العسكري بول هنري سانداوغو داميبا.
هذا الدعم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كان بهدف فتح المجلس العسكري في بوركينا فاسو الباب لفاغنر، كما فعل المجلس العسكري المالي بعد قرار طرد القوات الفرنسية من البلاد، وهو ما حصل بالفعل، ما يعني أن حملات التضليل قد نجحت.
وسبق أن حذف فيسبوك عام 2020 بعض الحسابات المزيفة المرتبطة بوكالة أبحاث الإنترنت الروسية، التي تروّج لسياسات روسيا وتستهدف في المقام الأول جمهورية أفريقيا الوسطى، وبدرجة أقل مدغشقر والكاميرون وغينيا الاستوائية وموزمبيق وجنوب أفريقيا.
كما أزال تويتر عام 2021 حسابات مرتبطة أيضًا بوكالة أبحاث الإنترنت، والتي اعتمدت على مزيج من الحسابات غير الأصيلة والحقيقية لتقديم وجهة نظر مؤيدة لروسيا في جمهورية أفريقيا الوسطى، وفي نيجيريا والكاميرون وغامبيا وزيمبابوي وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
تعاوُن القادة الأفارقة مع الروس لإنجاح خططهم
تفتقر روسيا إلى أدوات توليد النفوذ المتاحة للقوى الدولية مثل الولايات المتحدة أو أوروبا أو الصين، لذلك ركّزت على الدعاية وحملات التضليل للتغلغل في أفريقيا، مستعينة في الكثير من الأحيان بتعاون بعض القادة الأفارقة لإنجاح خططها.
بالنسبة إلى الأنظمة غير الديمقراطية في أفريقيا، التي يتألّف الكثير منها من قادة عسكريين، فإن موسكو تمثل شريكًا مثاليًّا، فهي تشجّع المشاعر المناهضة للاستعمار، ولا تهتم كثيرًا بحقوق الإنسان أو بناء الديمقراطية، لذلك فتحوا لها الطريق وساعدوها في حملاتها التضليلية، ليس هذا فحسب، بل اعتمدوا عليها في كثير من الأحيان للوصول إلى غايتهم.
سمح هؤلاء القادة غير الديمقراطيين للروس بالعمل بأريحية في بلدانهم، إذ منحوهم حقّ البث من هناك كما منحوهم كلّ التسهيلات، مقابل التضييق على وسائل الإعلام الغربية وتعليق بثّ عدد منها، بهدف الاستفادة من هذه الحملات التضليلية.
النائب في الدوما الروسي اندريه غوروليف يقترح إنشاء وزارة للإعلام و”البروباغندا”
تراث غوبلز النازي يُبعث في #روسيا من جديد(البروباغندا: هي الدعاية الموجهة التي تستخدم التضليل للتأثير على مواقف الاشخاص و ايجاد رأي عام موجه)
غوروليف هو جنرال سابق كان نائب قائد المنطقة الغربية pic.twitter.com/D1I05iR2Wl
— Feras Ziad? (@Aboziad812) November 3, 2022
من الواضح أن البروباغندا الروسية على وسائل التواصل الاجتماعي أعطت ثمارها على أرض الواقع في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو، وكذلك في السودان (تزايُد مشاركة فاغنر في تصدير الذهب) والسنغال (المزيد من المظاهرات المناهضة لفرنسا في داكار وأماكن أخرى في السنغال في الأشهر الأخيرة).
تعدّ الدعاية الإعلامية لروسيا في أفريقيا جزءًا من استراتيجية الرئيس فلاديمير بوتين لتعزيز نفوذ بلاده في القارة السمراء وكسب المزيد من القوة على الساحة الدولية، مستغلًّا حالة الفراغ الكبيرة في القارة وتنامي المشاعر المناهضة للغرب هناك.
الأصداء الأولية للحملة تقول إنها نجحت وتمكّنت من تحقيق أغلب أهدافها، نتيجة تعاون العسكر معها، أيضًا نتيجة تعاون قادة الرأي الأفارقة الذين درسوا في روسيا وقبلها في الاتحاد السوفيتي، وعددهم ليس بالقليل.