ترجمة وتحرير: نون بوست
كانت هناك ضجة مؤخرًا بين السياسيين الذين طالبوا باستقالة أميرة الغوابي، أول ممثلة خاصة لكندا لمكافحة الإسلاموفوبيا. أنشئ هذا المنصب في كانون الثاني/يناير 2023 لمعالجة مشكلة التمييز العنصري طويل الأمد وجرائم الكراهية والتعصب الذي تواجهه المجتمعات المسلمة في جميع أنحاء البلاد.
في السنوات الأخيرة؛ شهدت كندا أكبر عدد من القتلى المسلمين في هجمات بدوافع الكراهية من بين جميع دول مجموعة السبع. وتبلور هذا الجدل بسبب انتقاد الغوابي في عام 2019 لمشروع قانون كيبيك 21، الذي يحظر على الموظفين العموميين ارتداء الملابس والأشياء الدينية مثل الحجاب والعمامة والكبة والصليب.
وتعرض مشروع القانون لانتقادات لتأثيره غير العادل على المجتمعات المسلمة – لا سيما النساء المسلمات، كما كانت هناك انتقادات لتصريحات أدلت بها الغوابي ردا على مقال رأي ورد فيه أن الكنديين الفرنسيين هم أكبر مجموعة في كندا وقعت ضحية للاستعمار البريطاني. ردا على ذلك، دعا زعيم الكتلة الكيبيكية، إيف فرانسوا بلانشيت، الحكومة الفيدرالية إلى إلغاء منصب الممثل الخاص المعني بمكافحة الإسلاموفوبيا من الأساس.
ومع ذلك؛ فإن بحثنا حول المعاملة التي تتعرّض لها الجاليات المسلمة الكندية من قبل جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي، يكشف مدى أهمية معالجة مسألة الإسلاموفوبيا داخل المؤسسات.
في دراستنا الأخيرة؛ أجرينا مقابلات مع 95 قائدًا من قادة المجتمع المسلم الذين يعيشون في خمس مدن كندية كبرى للاطلاع أكثر على تجاربهم مع جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي. هذه الدراسة هي الأولى من نوعها لتحديد التكتيكات المعادية للمسلمين التي يستخدمها جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي في مراقبته العنصرية للمجتمعات المسلمة.
المسلمون يواجهون مراقبة جماعية
لقد وجدنا أن جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي يتبنى ممارسات مراقبة محددة مبنية على استعارات الإسلاموفوبيا، وعلى هذا الأساس فإن الإسلام وأي تعبير عن الإخلاص الديني له يمثل إرهابًا محتملًا. وبالتالي؛ ينخرط جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي في مراقبة جماعية تضع مجتمعات مسلمة بأكملها تحت الشبهات، كما يعتمد على افتراضات راديكالية مغلوطة تصور المجتمعات الإسلامية على أنها بؤر للتطرف يجب احتواؤها من خلال إستراتيجيات المراقبة العدوانية.
ويشارك جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي في المراقبة الجماعية مخلفا آثارًا مدمرة وطويلة الأمد على المجتمعات الإسلامية؛ حيث وجدنا أنه قد تم تحويل المساجد إلى مواقع مراقبة بدلا من مكان آمن للعبادة الدينية والتجمعات المجتمعية. ويعامل مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية المساجد على أنها مواقع حاضنة للتطرف من أجل إضفاء الشرعية على عمليات الشرطة والتسلل المكثفة. كذلك؛ يراقب جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي جميع من يدخلون المساجد ويخرجون منها، ويخضع الأعضاء وخاصة الأئمة للاستجواب ويجبرون على تقديم معلومات استخبارية عن أتباعهم، كما كشفنا عن انتشار مستمر لعناصر جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي في المساجد.
ويعدّ الشباب المسلم على وجه الخصوص مستهدفا بشدة من قبل جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي، وكثيرا ما يتم استجواب أولئك الذين يرتادون المساجد، ويشاركون في المنظمات الطلابية الإسلامية، ويحضرون التجمعات الإسلامية أو المعسكرات الصيفية من قبل جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي، وغالبا دون إذن والديهم.
وأبلغَنَا طلاب الجامعات المسلمون، الذين قابلناهم، بأنهم عثروا على أجهزة تسجيل في أماكن الصلاة في الحرم الجامعي، كما يتم تفقد وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، ونتيجة لذلك فإن الشباب المسلم يتعرض لأشكال متطرفة من المراقبة من طرف الدولة. في جامعة تورنتو؛ أنشأ أعضاء هيئة التدريس والمحامون خطًّا هاتفيًّا لدعم ومساعدة الطلاب المسلمين وتمثيلهم في حال تواصل معهم جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي.
يعتمد جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي على أساليب قسرية
تتمثل الإستراتيجية التكتيكية الرئيسية لجهاز الاستخبارات الأمنية الكندي في استخدام الأساليب القسرية للضغط على المواطنين العاديين ليصبحوا مخبرين، فقد تم إبلاغنا أن جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي يهدد بالذهاب إلى مقر عمل الأفراد الذين قد يرفضون التحدث إليهم، وأنهم يبحثون بشكل خاص عن اللاجئين أو أولئك الذين لديهم وضع هجرة هش، كما أنهم يستخدمون أساليب عدوانية مثل القيام بزيارات مفاجئة إلى منازل الناس في منتصف الليل؛ مما أرهب عائلات بأكملها، بما في ذلك الأطفال. ولقد تم إبلاغنا أن هذه ممارسة شائعة الحدوث وأنه يتعذر على الأفراد الوصول إلى مستشار قانوني أو دعم مجتمعي في مثل هذه الأوقات.
استهداف النشاط السياسي
ووجد الناشطون السياسيون ومنتقدو الدولة الكندية أنفسهم أكثر عرضة للاستجواب. ومن خلال دراستنا وجدنا أن أولئك الذين ينتقدون سياسات الدولة – لا سيما فيما يتعلق بالسياسة في الشرق الأوسط – يخضعون لمراقبة مشددة. إلى جانب ذلك؛ لقد تم إبلاغنا بالأثر المخيف العميق الذي يحدثه هذا على المجتمعات الإسلامية، حيث تحدث الأفراد الذين قابلناهم عن مدى خوفهم من التعبير عن مخاوفهم بشأن ممارسات الدولة، لأنهم يعتقدون أن هذا من شأنه أن يجعلهم تحت مراقبة جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي.
ينتهك هذا المستوى من القمع السياسي بشكل مباشر قانون جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي، الذي يحظر التحقيق في الدعوة القانونية والمعارضة، مما يولد لدى المجتمعات المسلمة ثقافة الشك والخوف الداخلي. وتم إبلاغنا أيضا بأن هناك شكوكا شائعة بأن الآخرين في المجتمع يعملون لصالح جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي. علاوة على ذلك؛ أخفى البعض حقيقة تواصل جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي معهم لأنهم يعتقدون أنه قد يجعلهم منبودين داخل مجتمعاتهم.
الإسلاموفوبيا مترسّخة داخل مؤسسات كندا
جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي هو مجرد مؤسسة واحدة تستهدف المسلمين عنصريًا، فهناك مجموعة من قوانين وممارسات مكافحة الإرهاب الأخرى التي تعمل أيضًا على إعادة ترسيخ التصورات والافتراضات العنصرية عن المسلمين. على سبيل المثال، لقد وثق بحثنا السابق كيف تعمل قائمة حظر الطيران والممارسات الأمنية في كندا عند المعابر الحدودية الكندية كممارسات مستوطنة للعنصرية المؤسسية؛ حيث يستهدفون المسلمين الكنديين ويزيدون من التنميط العرقي ويعرضون الناس لمعاملة مهينة.
على عكس المطالبة بإقالة الغوابي، يركّز عملنا على الحاجة الحيوية لوجود ممثل خاص لمكافحة الإسلاموفوبيا ولجعل معالجة مسألة الإسلاموفوبيا أولوية عاجلة.
المصدر: ذا كونفرسيشن