أعلنت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية التابعة لوزارة البترول المصري في بيان لها مساء الأربعاء 1 مارس/آذار 2023، عن زيادة جديدة في أسعار الوقود تشمل أنواع البنزين الثلاث، 80 و92 و95 بمقدار 0.75 جنيه، وجنيهًا و0.75 جنيه على التوالي، لتصل إلى 8.75 جنيه للتر البنزين 80 و10.25 جنيه للتر البنزين 92 و11.50 جنيه للتر البنزين 95، فيما ثُبّت سعر السولار عند 7.25 جنيه، ويبدأ العمل بتلك الأسعار الجديدة بداية من الخميس 2 مارس/آذار 2023.
وتعتمد لجنة التسعير في تحديد أسعار المحروقات على مؤثرين أساسيين: الأول تغير سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، والثاني متوسط السعر العالمي لبرميل خام برنت في الأشهر الثلاث السابقة لقرار لجنة التسعير، على ألا تزيد نسب الزيادة على 10%، ارتفاعًا وانخفاضًا، كل ربع عام.
تأتي تلك الزيادات في وقت يعاني فيه المصريون من أوضاع معيشية صعبة، جراء تراجع سعر العملة المحلية أمام الأجنبية وما ترتب عليه من ارتفاع جنوني في أسعار السلع والخدمات وقفزات كبيرة في معدلات التضخم والبطالة وتراجع حجم المدخرات، فضلًا عن توجيه معظم موارد الدولة لخدمة الدين الذي وصل إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة في ظل غياب خطط التنمية الشاملة.
ومع قدوم شهر رمضان المبارك، الذي يحتل مكانة كبيرة لدى المصريين تحديدًا، تزداد المعاناة وتتفاقم لما اعتاده أبناء المحروسة خلال هذا الشهر من طقوس وعادات وتقاليد غذائية واجتماعية ستتأثر بلا شك بالزيادات الجديدة التي شهدتها المحروقات التي تتشابك مع كل مجالات الحياة اليومية للمواطن، ما قد يُفقد الكثيرون فرحة الشهر وتقلص مظاهر الاستعداد له وسط قلة الحيلة التي يعاني منها معظم الشعب.
لجنة التسعير التلقائي تعلن زيادة أسعار #البنزين مجددًا لتصبح 8.75 جنيه للتر البنزين 80 و10.25 جنيه للتر البنزين 92 و11.50 جنيه للتر البنزين 95 pic.twitter.com/xevehB7u4y
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) March 1, 2023
9 أضعاف في 8 سنوات
بالزيادات الأخيرة تبلغ نسبة ارتفاع أسعار المحروقات في مصر منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم عام 2014 مستويات لم تشهدها من قبل، حيث ارتفع بنزين 80 المسمى بـ”بنزين الفقراء” كونه الأكثر استخدامًا بين الشرائح المتوسطة، بنسبة بلغت 872%، من سعر 0.90 جنيه للتر عام 2014 إلى 8.75 جنيه للتر اليوم، فيما زاد بنزين 92 بنسبة 454%، وبنزين 95 بنسبة 96%، كما ارتفع سعر السولار من 1.1 جنيه للتر عام 2014 إلى 7.25 جنيه للتر الآن بزيادة قدرها 559%، الأمر كذلك مع غاز السيارات الذي قفز بنسبة 1025% للمتر المكعب خلال الفترة ذاتها.
ومنذ 2014 وحتى مارس/آذار 2022 زادت أسعار المحروقات في مصر 11 مرة متتالية، فقبل الزيادة الأخيرة كانت هناك أخرى في 4 فبراير/شباط 2022، حين زادت أسعار البنزين بكل أنواعه بنسب تتراوح بين 2.7% إلى 3.6% على اختلاف أنواعه، وصلت كالآتي: 7.25 جنيه للتر نوع 80 و8.50 جنيه للتر نوع 92 و9.50 جنيه للتر نوع 95، وتثبيت سعر السولار عند 6.75 جنيه للتر.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021 زادت أسعار البنزين، لتصبح 7 جنيهات للتر البنزين 80، و8.25 جنيه للتر البنزين 92، و9.25 جنيه للتر البنزين 95، ومن قبلها في يوليو/تموز من نفس العام زادت الأسعار 25 قرشًا في اللتر دون المساس بالمازوت والسولار، ومن قبلها كانت هناك زيادة أخرى في أبريل/نيسان بقيمة 25 قرشًا لأنواعه الثلاث، ليصبح 6.5 جنيه لبنزين 80، و7.75 جنيه لبنزين 92، و8.75 جنيه لبنزين 95.
وشهد عام 2019 زيادة أخرى في يوليو/تموز حين ارتفع سعر لتر بنزين 95 ليصل إلى 9 جنيهات بدلًا من 7.75 جنيه، مقابل 8 جنيهات للتر بنزين 92 بدلًا من 6.75 جنيه، أما بنزين 80 فارتفع سعر اللتر 6.75 جنيه بدلًا من 5.50 جنيه، كذلك السولار وصل سعره 6.75 جنيه بدلًا من 5.50 جنيه، وأسطوانة الغاز 65 جنيهًا بدلًا من 50 جنيهًا للاستخدام المنزلي ومن 110 جنيهات إلى 130 جنيهًا للاستخدام التجاري، نظير 3.5 جنيه للمتر المكعب من غاز السيارات بدلًا من 2.75 جنيه للمتر المكعب.
أول زيادة في أسعار المحروقات أعلنها السيسي كانت بعد توليه السلطة بأيام قليلة؛ إذ أعلنت حكومته في يونيو/حزيران 2014 زيادة قدرها 50% على البنزين والسولار
وفي يوليو/تموز 2018 زاد سعر بنزين 80 من 3.65 جنيه إلى 5.5 جنيه للتر الواحد، أي بنسبة 50%، كما زاد سعر بنزين 92 من 5 جنيهات إلى 6.75 جنيه، في حين وصل سعر بنزين 95 من 6.6 جنيه إلى 7.75 جنيه، بجانب ارتفاع سعر أسطوانات البوتاجاز المنزلي من 30 جنيهًا إلى 50 جنيهًا، وسعر الأسطوانة التجاري من 60 جنيهًا إلى 100 جنيه، أي بنسبة 66%.
وقبل ذلك بعام أعلنت لجنة التسعير عن زيادات جديدة في كل المشتقات، بنزين 80: 3.65 جنيه للتر بدلًا من 235 قرشًا، بنزين 92: 5 جنيهات للتر بدلًا من 350 قرشًا، السولار: من 235 قرشًا إلى 3.65 جنيه، البوتاجاز: من 15 جنيهًا إلى 30 جنيهًا للأسطوانة.
أما الزيادة الكبرى فكانت في 2016 التي تزامنت مع قرار تعويم الجنيه أمام الدولار في 4 نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام تماشيًا مع إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها الدولة المصرية استجابة لسياسات صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض جديد، حيث ارتفع سعر بنزين 80 من 1.6 جنيه للتر إلى 2.35 جنيه للتر، بزيادة قدرها 75 قرشًا، وبنزين 92 من 2.6 جنيه إلى 3.5 جنيه للتر، بزيادة 90 قرشًا، والسولار من 1.6 جنيه إلى 2.35 جنيه للتر، بعد زيادة 55 قرشًا، فيما ارتفع غاز السيارات من 1.1 جنيه إلى 1.6 جنيه للتر، بزيادة 50 قرشًا.
جدير بالذكر أن أول زيادة في أسعار المحروقات أعلنها السيسي كانت بعد توليه السلطة بأيام قليلة، إذ أعلنت حكومته في يونيو/حزيران 2014 زيادة قدرها 50% على البنزين والسولار، ليرتفع سعر لتر بنزين 80 من 90 قرشًا إلى 160 قرشًا، وبنزين 92 ارتفع سعر اللتر إلى 180 قرشًا، فيما زاد سعر بنزين 95 حينها إلى 6.25 جنيه، علمًا بأن أسعار الوقود قد شهدت استقرارًا ملحوظًا عقب ثورة يناير/كانون الثاني 2011.
مديرة صندوق النقد الدولي تقول إن أوضاع الاقتصاد المصري في تدهور ومصر بحاجة للاستقرار ماليًا ومواصلة الإصلاحات بحسب وكالة “رويترز” pic.twitter.com/hINPzgpmbK
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) April 20, 2022
رضوخًا لشروط الصندوق
تأتي الزيادات المتلاحقة في أسعار المحروقات في مصر استجابة للشروط المذعنة التي فرضها صندوق النقد الدولي على القاهرة ضمن برنامج الإصلاح المزعوم كأحد الاشتراطات لحصول المصريين على القروض التي أرهقت الميزانية المصرية وحولت معظم مخصصتها لخدمة الدين، فوائد وأقساط.
وكان الصندوق قد وافق في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، على منح مصر قرض جديد بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرًا، وفي المقابل طالب بضرورة فرض إصلاحات إقتصادية قاسية كان على رأسها تقليص الدعم الحكومي المقدم للعديد من السلع، وفي مقدمتها مختلف أنواع الوقود.
ومنذ 2016 وحتى اليوم تسعى الحكومات المصرية المتعاقبة لتصفير الدعم الذي ترى الدولة أنه يلتهم الجزء الأكبر من الموارد، وعليه كان الدفع نحو تحريك الأسعار خاصة الطاقة التي كانت تحتل المرتبة الكبرى في قائمة أولويات الدعم، بما يتناسب مع الأسعار العالمية، وهو ما أدى بالفعل إلى تراجع حجم الميزانية المخصصة لدعم السلع والخدمات الضرورية، ما انعكس بشكل أو بآخر على المواطن.
ورغم ما يدعيه الصندوق في برنامجه الإصلاحي بضرورة التخفيف من تداعيات تلك الإجراءات على المواطنين خاصة متوسطي ومحدودي الدخل من خلال تقديم العائد من سياسة تقليص الدعم عبر آليات أخرى مثل برنامج “تكافل وكرامة” أو زيادة حدود الإعفاء من ضريبة الدخل للأفراد، لكن الأمور لم تختلف كثيرًا في ظل اتساع رقعة الفقر والعوز بين المصريين التي بلغت قرابة 30% دون حد الفقر اليومي (1.5 دولار).
الحكومة تعلن في منتصف الليل زيادة جديدة في أسعار #الوقود في #مصر …ثم يلومون التجار ويدعون أن سبب #الغلاء جشعهم. #التضخم #الجنيه #البنزين
— Mourad Aly د. مراد علي (@mouradaly) March 2, 2023
معاناة المصريين تتفاقم.. السير عكس الاتجاه
“إن كنا في الظروف الحاليّة لا نستطيع التعايش في ظل جنون الأسعار التي التهمت ميزانية الأسر المصرية وجردتها من معظم ضرورياتها فكيف يكون الحال مع زيادات جديدة في سعر البنزين.. الأمور تزداد صعوبة والشعب ما عاد يتحمل”، بهذه الكلمات عبر “مصطفى” (37 عامًا ويعمل محاسب) عن استنكاره للزيادات الأخيرة في المحروقات.
وفي حديثه لـ”نون بوست” أضاف الشاب المصري “بدلًا من تقديم معونات ومنح والتخفيف عن المواطن قبل قدوم شهر رمضان ها هي الحكومة تزيد من المعاناة وإرهاق الناس بارتفاع في أسعار البنزين، ما يحدث لم نره من قبل في أي أنظمة أو حكومات حكمت هذا البلد”، موجهًا حديثه للمسؤولين قائلًا: “الناس على حافة الهاوية ولا يفصل بينهم وبين لحظة الانفجار إلا بضعة سنتميترات”، على حد قوله.
واعتاد المصريون مع كل زيادة في أسعار البنزين يقابلها زيادة موازية في أسعار السلع والخدمات، حتى إن لم يكن هناك علاقة بينهما، فمثلًا لم يرتفع سعر السولار في الزيادات الأخيرة، لكن أسعار الأجرة في المواصلات سترتفع رغم أن سيارات النقل والحافلات تعمل بالسولار وليس بالبنزين، الأمر كذلك على كل المجالات الأخرى، في ظل عدم وجود الرقابة الكافية من الأجهزة المعنية.
وبينما كان المصريون يؤملون أنفسهم بنفحات حكومية قبيل شهر رمضان، تخفف عنهم آلامهم وتلطف الأجواء في هذا الشهر المبارك، إذ بالرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، لتزداد الأوجاع وتتفاقم المعاناة ويواصل المصريون الدوران في دوامة من الضغوط لا تتوقف أبدًا.