خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، استقلت أغلب الدول الإفريقية، وخرجت القوى الاستعمارية من القارة – على غرار فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا – إلا أن نفوذ هذه الدول استمر في أغلب تلك المستعمرات السابقة.
نتيجة ذلك، منحت هذه القوى الاستعمارية نفسها – دون الرجوع إلى أحد – حق التدخل العسكري في تلك الدول لحماية مصالحها هناك، لكن بمرور الوقت لم يظل توزيع مناطق النفوذ على حاله، في ظل تراجع العديد من القوى ودخول أخرى على الخط.
دخلت الولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند واليابان وأخيرًا روسيا إلى حلبة الصراع والتنافس على مناطق النفوذ، فكل دولة تسعى للحصول على امتيازات أكثر في القارة السمراء لما تملكه من ثروات تسيل لعاب أغلب القوى الدولية والإقليمية.
في هذا التقرير الذي يأتي ضمن ملف “روسيا تتسلل إلى إفريقيا”، نحاول رصد خريطة النفوذ في القارة، والتركيز على المناطق التي تنشط فيها روسيا والأسباب التي دفعت موسكو لاختيار تلك المناطق التي لا يربطها بها أيّ ماضٍ استعماريّ، ثمّ نتطرق إلى المخاوف الغربية من تزايد النفوذ الروسي في القارة.
خريطة النفوذ في إفريقيا
فرنسا
يمتد النفوذ الفرنسي من المغرب في الشمال الغربي إلى مدغشقر في الجنوب الشرقي، فرغم خروج باريس الرسمي من القارة الإفريقية ومنح فرنسا الاستعمارية الاستقلال للدول الإفريقية، ظلت علاقتها بمستعمراتها السابقة قوية، ثقافيًا وعسكريًا واقتصاديًا.
لا نتحدث عن علاقة صداقة إنما علاقة نفوذ وهيمنة، حتى أصبحنا أمام استعمار جديد، نظرًا لطبيعة العلاقة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في القارة التي تعيد إنتاج الممارسات العميقة للعهد الاستعماري، وتخدم مصالح باريس هناك.
تمتلك فرنسا 49 بعثة دبلوماسية في القارة الإفريقية، لكنها تركز على منطقة إفريقيا الفرنكوفونية، أي شمال القارة وغربها، وشرقًا في جيبوتي، وفي الجنوب الشرقي في جزر القمر ومدغشقر، مع تفاوت في مستوى النفوذ ونوعيته وتركزه، خدمةً لمصالحها السياسية والثقافية والاقتصادية والعسكرية، فدون إفريقيا فرنسا لا تساوى شيئًا كما عبّر عن ذلك الإليزيه.
تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية 48 بعثة دبلوماسية في إفريقيا، لكن عددًا منها ما زال شاغرًا إلى الآن منذ عهد ترامب
إن أردت التخصيص أكثر فإن التركيز الفرنسي الفاعل في غرب القارة، إذ بقيت دول غرب إفريقيا الـ14 – التي تشكل أغلبية مجموعة دول الإيكواس – مرتبطة بفرنسا بشكل خاص، حيث فرضت باريس اتفاقيات تربط اقتصادات هذه الدول بالاقتصاد الفرنسي ولا تزال تدفع ضريبة الاستعمار، وتضخ 85% من احتياطاتها النقدية الأجنبية في البنك المركزي الفرنسي، ولا تستطيع الحصول إلا على 15% منها إذا احتاجت إلى ذلك.
نشرت باريس قواعدها العسكرية في كل من الكاميرون وإفريقيا الوسطى وتشاد وجيبوتي والغابون وجزر القمر والسنغال، وأبرمت اتفاقيات تعاون عسكري مع 25 دولة إفريقية، ما مكنها من التحكم في القرار السيادي لأغلب هذه الدول.
الولايات المتحدة الأمريكية
فقدت الولايات المتحدة جزءًا كبيرًا من نفوذها في إفريقيا خلال فترة حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، إذ ظلت بعض المناصب الدبلوماسية الأمريكية الأكثر أهمية في العواصم الإفريقية شاغرة منذ تولي ترامب الرئاسة، لكن مع وصول جو بايدن للحكم عاد الاهتمام، وسعت الدبلوماسية الأمريكية في القارة السمراء لتغيير هذا الوضع واستعادة النفوذ الأمريكي، ونفهم ذلك من التحركات الدبلوماسية الكبيرة في دول القارة.
هذا الاهتمام ظهر أيضًا في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2022 حين عقدت قمة أمريكية إفريقية في واشنطن شارك فيها إلى جانب الرئيس بايدن زعماء وممثلو 50 دولة إفريقية في خطوة هدفت لاستعادة دور الولايات المتحدة الأمريكي في القارة السمراء.
في تلك القمة، تعهدت الإدارة الأمريكية بضخ 55 مليار دولار في اقتصادات البلدان الإفريقية خلال السنوات الثلاثة المقبلة، إذ ترى أن تطوير العلاقات مع الأفارقة يتم في المقام الأول عبر إستراتيجية تجمع بين التعاون الاقتصادي والاستثماري.
???#اجتجاجات حاشدة ضد #ماكرون.. #إفريقيا بدون #فرنسا أفضل pic.twitter.com/nixsPIBWpj
— tanjaoui (@tanjaoui_ma) March 3, 2023
يظهر الدور الأمريكي المتنامي في القارة، من خلال سماح الرئيس بايدن لنحو 500 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأمريكية بإعادة الانتشار في الصومال، بعد سحب إدارة ترامب ديسمبر/كانون الأول 2020، القوات المتمركزة في البلاد والبالغ عددها 700 عنصر.
كما تنشط الإدارة الأمريكية في بعض مناطق النزاع لإيجاد حل لبعض الأزمات كما هو الشأن بالنسبة إلى ليبيا وأيضًا الصراع بين الحكومتين الإثيوبية والإريترية لحملهما على وقف حملتهما العسكرية على إقليم تيغراي شمال إثيوبيا، لكن جهودها لم تحقق المرجو بعد.
تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية 50 بعثة دبلوماسية في إفريقيا، لكن عددًا منها ما زال شاغرًا إلى الآن منذ عهد ترامب، ما يعني أن تحركات إدارة بايدن في القارة ما زالت ضعيفة، حيث غرقت إدارته في عدة ملفات داخلية وخارجية.
الصين
أكثر الدول التي تملك بعثات دبلوماسية في القارة الإفريقية هي الصين، حيث تمتلك 53 بعثة من جملة 54 دولة في القارة، ما يؤكد قوة الانتشار الدبلوماسي لبكين في هذه المنطقة والاهتمام الكبير بها، الأمر الذي أثار حفيظة القوى التقليدية هناك.
لم تكن الصين قوة استعمارية في القارة الإفريقية، لكنها تحولت خلال العقدين الأخيرين من مجرد مستثمر صغير في إفريقيا إلى لاعب أساسي متحكم في القارة السمراء بفضل استثماراتها الكبرى وصورتها الجيدة لدى الأفارقة (السياسة الناعمة).
رغم كونها دولة استعمارية، فإن نفوذ بريطانيا في القارة الإفريقية تراجع بشكل كبير خاصة مع خروجها من الاتحاد الأوروبي سنة 2016.
سعت امريكا لضم دول آسيان ودول امريكا الجنوبية وايضا دول عربية في تحالف لمواجهة الصين وروسيا ولكنها لم تنجح، والان تجمع قادة افريقيا في قمة امريكية افريقية بواشنطن لذات الهدف وستفشل، ففجوة الثقة كبيرة وشراكات الصين الاقتصادية مع افريقيا بلغت ٢٢٠ مليار دولار وتجاوزت خط الرجعة! pic.twitter.com/nePcqgD0p4
— د. حيدر اللواتي (@DrAl_Lawati) December 15, 2022
بعيدًا عن النفوذ العسكري، تركز بكين على الاستثمار والتجارة، ما مكنها من أن تكون الشريك التجاري الأول للدول الإفريقية خلال السنوات الأخيرة، وذلك بفضل استثماراتها المنتشرة في أغلب دول القارة، واعتمادها سياسة المصالح المتبادلة وعدم التدخل في شؤون الآخرين.
تبنت بكين سياسة القروض الميسرة والمساعدات غير المشروطة بحقوق الإنسان أو الحريات وغيرها من الشروط التي تضعها الدول الغربية عادة في هذا الصدد، وذلك لمزيد من التمكين وبسط نفوذها في القارة في ظل المنافسة الكبرى هناك.
ويظهر الاهتمام الصيني بإفريقيا من خلال الزيارات الدبلوماسية المتبادلة واحتضانها لقادة الدول الإفريقية وكبرى الشركات في العاصمة بكين، في أكثر من مرة، فضلًا عن تركيز الحزب الشيوعي الصيني الحاكم على تمتين التعاون مع الأفارقة.
بريطانيا
رغم كونها دولة استعمارية، فإن نفوذها في القارة الإفريقية تراجع بشكل كبير خاصة مع خروجها من الاتحاد الأوروبي سنة 2016، مع ذلك شرعت بريطانيا بالسنوات الأخيرة في استعادة حضورها في القارة الإفريقية.
يظهر ذلك، من خلال الزيارات المكثفة التي قام بها وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان لعدد من الدول في شرق القارة وغربها في النصف الأول من سنة 2022، تم خلالها التوقيع على العديد من الاتفاقيات شملت مجالات كثيرة أبرزها المجال الأمني والعسكري.
كما عينت بريطانيا في 21 يونيو/حزيران 2022، الدبلوماسية سارة مونتجمري، مبعوثة خاصة لمنطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، ما يعني أن تركيز لندن سينصب على منطقة البحر الأحمر نظرًا لإستراتيجية المنطقة والمنافسة الكبيرة هناك.
1️⃣
بعد سنوات من تغلغل الصين في افريقيا، صحت ادارة امريكا من النوم، وقررت عقد قمة امريكية افريقية في واشنطن خلال الأيام القادمة
وهنا سؤال للأخوة المعلقين العرب، الذين يرددون أن امريكا تخطط لعقود قادمة: أين كانت امريكا، عندما كانت الصين تتمدد في طول العالم وعرضه، خصوصا في افريقيا
— أحمد الفراج (@amhfarraj) December 12, 2022
إلى جانب هذه الدول، تنشط الكثير من القوى الإقليمية الأخرى في القارة الإفريقية لكن بدرجة أقل، إذ نجد أيضًا تركيا التي ازداد نشاطها بصفة ملحوظة في السنوات الأخيرة، نتيجة الإستراتيجية الجديدة التي ينتهجها الرئيس رجب طيب أردوغان منذ توليه السلطة.
نجد أيضًا ألمانيا، التي رغم كونها دولة استعمارية سابقة في إفريقيا، فإن نفوذها ضعيف في القارة، وفي السنوات الأخيرة كثفت برلين تحركاتها رغبةً في بناء نفوذ سياسي واقتصادي في القارة الإفريقية، والتموقع كقوة دافعة للسياسة الأوروبية في تلك المنطقة.
المنافسة الروسية للغرب
برزت في العقد الأخير أيضًا، روسيا كدولة إقليمية صاعدة في القارة الإفريقية، فموسكو تسعى إلى تحقيق ما تقدر عليه من مكاسب في القارة، مثلها مثل باقي القوى النافذة هناك، إلا أنها تستثمر في الفوضى التي لا يمكن إيجاد حل لها إلا عبر الشركات العسكرية الخاصة وأسلحتها.
امتد النفوذ الروسي، المباشر وغير المباشر، إلى العديد من الدول، خاصة في منطقة الساحل والصحراء وشمال القارة وشرقها، فدول القارة مرتاحة من الوجود الروسي الذي لا يتدخل في قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويوفر تسهيلات مهمة في مجال نقل الموارد المالية.
أصبحت روسيا منافسًا جديًا للدول الغربية، إدراكًا منها بالأهمية الجيوسياسية والاقتصادية للقارة السمراء، إذ تمكنت من خلال زيادة نشاطها العسكري والدبلوماسي خلال وقت قصير في القارة السمراء، عبر المجموعات الأمنية الخاصة، على رأسها مرتزقة فاغنر، ومؤسسات الضغط التي تشرف على العلاقات العامة، فضلًا عن بعض الشركات الاستثمارية، في تعزيز قوتها ونفوذها هناك، وإضعاف خصومها في بعض المجالات الإستراتيجية.
تؤكد العديد من المؤشرات أن روسيا لاعب إستراتيجي ناشئ ذو قوة متنامية في القارة الإفريقية، مستغلة وجودها العسكري في سوريا الذي منحها قوة إضافية للتمدد أكثر في القارة السمراء، خاصة في مناطق النزاع مثل ليبيا وموزمبيق ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى.
تبدو موسكو شديدة الاهتمام بالقارة الإفريقية، لما تتمتع به من امتيازات جيوسياسية واقتصادية كثيرة، إذ تمتلك دول القارة ثروات باطنية متعددة – على غرار النفط والغاز والذهب واليورانيوم والنحاس والحديد – تجعلها محل أطماع الكثير من القوى العالمية والإقليمية.
المناطق التي تنشط فيها روسيا
شهدت السنوات الأخيرة كما قلنا محاولات روسية مكثفة لبناء مواقع نفوذ جديدة في أنحاء متفرقة من إفريقيا، لكن تركيزها الأبرز كان على دول شمال القارة وشرقها ومنطقة الساحل والصحراء، أي مناطق نفوذ باريس.
تركز روسيا على ليبيا والجزائر وتونس في شمال القارة، فضلًا عن دول مالي وموريتانيا والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو، دون أن ننسى غينيا وإفريقيا الوسطى والسنغال ونيجيريا ومدغشقر وجمهورية الكونغو الديمقراطية، بالإضافة إلى السودان وموزمبيق وأنغولا وسيراليون وإثيوبيا.
وتعتبر هذه الدول الأكثر هشاشة في المنظومة الأمنية، ما مهد الطريق أمام الروس للتغلغل في القارة السمراء، وإحكام سيطرتها على بعض المفاصل والمؤسسات الحيوية في القارة متحدية القوى التقليدية.
يقوم الروس في هذه الدول بأدوار متعددة تجمع بين حماية النخبة الحاكمة وممتلكاتهم واستثماراتهم، والانخراط في بعض النزاعات التي تهدد بقاء القادة الأفارقة في السلطة، والدعم الاقتصادي وتقديم خبرات التحكم في الأمراض والأوبئة، وبعض التدريبات في مجال التعليم والتكنولوجيا، كل ذلك من أجل تهيئة الطريق أمامها لمد نفوذها وتقوية شوكتها هناك.
من خلال الدول التي ذكرنا، نفهم أن روسيا اختارت التركيز على مناطق نفوذ فرنسا التقليدية في القارة الإفريقية لأسباب عديدة، فموسكو تحاول التمركز على البحر الأحمر والبحر المتوسط والمحيط الأطلسي والهادي، وبناء قواعد عسكرية في مناطق إستراتيجية بالشواطئ الإفريقية للولوج أولًا إلى القارة، ومن ثم منافسة التحالفات الغربية المنتشرة في المنطقة والحصول على حصص لها من الموارد هناك.
?يبدو أن ايمانويل #ماكرون ?? أصبح مصدر انزعاج لكل شعوب #افريقيا ? حتى رؤساؤها ???
#افريقيا_بدون_فرنسا_افضل#DRCongo #MacronLaHonte #MacronDEGAGE pic.twitter.com/Y1lXOlzsEJ
— ۞⛥Kęñzā⛥۞ (@Knizakenzaa) March 4, 2023
فضلًا عن الاقتراب من القارة الإفريقية والقارتين الأمريكيتين وآسيا، فالموقع الإستراتيجي للقارة الإفريقية التي تتوسط جميع قارات العالم مغرٍ، والتحكم في الشواطئ هناك يعني التحكم في الملاحة الدولية، أي الحصول على نفوذ عالمي قوي.
من الأسباب التي دفعت روسيا إلى التركيز على هذه المناطق، تراجع النفوذ الفرنسي فيها، نتيجة فشل باريس في جلب الاستقرار هناك بل وتسببها في تزايد النشاط المسلح، رغم الحملات العسكرية المتكررة التي تدعي باريس أن الهدف منها القضاء على الإرهاب والجريمة المنظمة.
وظهر جليًا للأفارقة أن فرنسا منشغلة بمصالحها على حساب مصالح دولهم، ما سمح بتمدد الجماعات المسلحة وتدهور الوضع الاقتصادي وبقاء الأنظمة الديكتاتورية في السلطة، ما دفع جزءًا منهم للترحيب بقوى أجنبية أخرى وطلب تدخلهم.
وشوهدت مظاهرات في بعض العواصم الإفريقية مناهضة للوجود الفرنسي في القارة، وترفع شعارات تطالب بمغادرة باريس لدولهم وتم خلالها أيضًا تمزيق العلم الفرنسي ورفع أعلام دول أخرى مثل روسيا، كما تم الاعتداء على المصالح الفرنسية في بعض الدول.
لم يكن الرفض شعبيًا فقط، إذ عبرت أنظمة إفريقية حاكمة عديدة عن تذمرها من الوجود الفرنسي داخل دولها، وطردت قواتها كما حصل في مالي وإفريقيا الوسطى، وأقامت شراكات جديدة مع دول إقليمية أخرى.
استغل الروس تراجع النفوذ الفرنسي في هذه الدول، وأججوا الوضع هناك، حتى يضعوا أقدامهم بأريحية تامة، فالجميع منشغل في كيفية إخراج فرنسا المتهمة بسرقة الخيرات وإطالة الحكم الاستبدادي والتحكم في قرارات الدول السيادية.
السبب الآخر الذي دفع روسيا لاختيار هذه الدول، أن جميعها تعيش فترة من عدم الاستقرار وانتشار العنف والفوضى فيها، فموسكو تندفع بقوة إلى البلدان المضطربة، التي تضعف هياكلها الحكومية والعسكرية، وتواجه أزمات أمنية وسياسية واقتصادية خطيرة مثل الإرهاب أو الجريمة المنظمة، ذلك أنها لا تتحرك إلا في مناطق النزاع وتعرف جيدًا التعامل مع هذه الوضعيات، عن طريق الشركات الأمنية الخاصة التي تعمل تحت أمر الكرملين مباشرة رغم نفيه لذلك.
لكن أبرز الأسباب لهذا التركيز الروسي على هذه المناطق، أنها غنية بالثروات الباطنية، كما هو الحال في جمهورية إفريقيا الوسطى، وفي ليبيا ومالي والسودان وغينيا وبوركينا فاسو والجزائر، فباطنها مليء بالثروات.
مخاوف غربية من تزايد النفوذ الروسي في القارة
وجود روسيا في منطقة الساحل والصحراء وفي شمال القارة، التي كانت دولها لعقود من الزمان حليفًا إستراتيجيًا لفرنسا، دق ناقوس الخطر لدى الدول الغربية، فوجودهم ونفوذهم مهدد في القارة الإفريقية ويمكن أن يخسروا مكاسبهم هناك.
نشرت موسكو مستشاريها العسكريين ومرتزقة فاغنر في مالي وإفريقيا الوسطى وليبيا والسودان وموزمبيق وبوركينا فاسو، لمحاصرة النفوذ الغربي في القارة الإفريقية والتحكم في سير الأمور هناك عن قرب.
جولة ماكرون فشلت في افريقيا هذه المرة .. ربما نسي موضوع #مالي بعد الصفعة الكونغولية على وجهه ..?? pic.twitter.com/QuQt50FnfT
— حمدي جوارا (@HamdyDiouara) March 4, 2023
ولإفريقيا أهمية كبرى للدول الغربية، فهي تقع على مقربة من القارة العجوز، ولديها القدرة على الاضطلاع بدور كبير على الساحة العالمية، كما تمتلك مخزونًا من المعادن والطاقة يخولها الاستمرار بتعزيز هذا الدور، وفي حال تغلغل الروس هناك، فإن هذه الامتيازات ستكون في يد موسكو أو على الأقل ورقة بيد الكرملين، ما يهدد مصالح الغرب.
تظهر هذه المخاوف الغربية، في الزيارات المكثفة لقادة هذه الدول للقارة الإفريقية مؤخرًا، وآخرها زيارة ماكرون لأربع دول، فضلًا عن تنظيم الملتقيات والقمم مع القادة الأفارقة، كل ذلك لإعادة رسم خريطة النفوذ وإعادتها لما كانت عليه سابقًا.