في الوقت الذي تبحث فيه تونس عن شركاء جدد لتمويل مشاريعها التنموية المعطلة وإنقاذ اقتصادها المتهالك، علق البنك الدولي – حتى إشعار آخر – محادثاته مع هذا البلد العربي بشأن التعاون المستقبلي نتيجة ما وصفه البنك بـ”الاعتداءات التي طالت مهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء”، مؤكدًا أن “مضايقات بدوافع عنصرية وحتى حوادث عنف، حدثت في تونس في أعقاب خطاب ألقاه الرئيس قيس سعيد ندد فيه بجحافل المهاجرين غير النظاميين، وأن المؤسسة أرجأت اجتماعًا كان مبرمجًا مع تونس حتى تنتهي من تقييم الوضع”.
فما حقيقة هذه الاعتداءات؟ وهل تشكو تونس حقًا من تزايد أعداد المهاجرين الأفارقة غير النظاميين؟ ومن المتسبب في هذه الأزمة، خاصة أن الرئيس سعيد اتهم أطرافًا لم يفصح عنها بالوقوف وراء الأمر؟ وهل للدولة دخل في ذلك؟
حملات ممنهجة ضد الأفارقة
في غياب مكتب إعلام واتصال محترف وغياب مستشارين أكفاء، ترتكز أغلب تصريحات وتحركات الرئيس التونسي قيس سعيد على التقارير الأمنية وتفاعلات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يفسر حالة التخبط التي تعيش على وقعها تونس منذ تولي سعيد الحكم.
في الأسابيع الأخيرة، ظهرت فجأة حملة منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث عن جحافل من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين غزت تونس، ونُشرت صور وفيديوهات قال أصحابها إنها توثق هذا الأمر.
تحدثت العديد من الصفحات عما أسموه “مشروعًا استيطانيًا” لأفارقة جنوب الصحراء في تونس، منبهين من خطر هؤلاء المهاجرين، كما أبرزوا بعض الأحداث “الفردية والمنعزلة” على أنها واقع تعيشه البلاد في السنوات الأخيرة.
بعد تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد التي اعتبرت “عنصرية” تجاه المهاجرين الأفارقة في تونس، بدأت اليوم مالي وساحل العاج جسرا جوياً لإجلاء رعاياهما من تونس.
✵ كان سعيد قد قال قبل أيام، إن “جحافل المهاجرين من أفريقيا يتسببون في الجرائم، ويشكلون تهديداً ديموغرافياً على تونس”. pic.twitter.com/6BYDSPnP6f
— مراسم وبروتوكولات (@CeProtocol) March 4, 2023
سرعان ما امتدت هذه الحملة – التي كانت ككرة الجليد – وأصبح المهاجرون الأفارقة غير النظاميين حديث التونسيين في المقاهي والأسواق والشوارع، ولأن التونسيين شعب عاطفي، فقد انساق عدد كبير منهم للحملة وشاركوا فيها.
جدير بالذكر أن هذه الحملة انطلقت في تونس والمغرب بنفس الوقت، لكن سرعان ما تراجع صداها في المغرب، أما في تونس فقد ازداد لهيبها نتيجة تصريحات قيس سعيد والحملة الأمنية العلنية التي شنت ضد المهاجرين.
كما قلنا في البداية، فإن أغلب عمل سعيد وتصريحاته مبنية على تفاعلات مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يفسر تصريحاته غير المسؤولة فيما يخص مسألة المهاجرين الأفارقة غير النظاميين كعادته في القضايا الجدالية.
تصريحات سعيد المعادية
أطل سعيد ليلًا على التونسيين، وقد سيطر الغضب على ملامح وجهه، مطالبًا بضرورة وضع حد سريع لتدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى البلاد، واصفًا الظاهرة بأنها مؤامرة “لتغيير التركيبة الديموغرافية” في تونس.
لم يكتف سعيد بذلك، فقال خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي خُصص لمناقشة هذه القضية: “الهدف غير المعلن للموجات المتلاحقة من الهجرة غير الشرعية هو اعتبار تونس دولة إفريقية فقط لا انتماء لها للأمتين العربية والإسلامية”.
وأضاف “تدفق جحافل المهاجرين غير النظاميين يؤدي إلى عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة، فضلًا عن أنه مجرم قانونًا، مشيرًا إلى “مخطط إجرامي تم إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديموغرافية لتونس”.
كما دعا الرئيس التونسي إلى “العمل على كل الأصعدة الدبلوماسية والأمنية والعسكرية والتطبيق الصارم للقانون المتعلق بوضعية الأجانب في تونس وباجتياز الحدود خلسة”، معتبرًا أن “من يقف وراء هذه الظاهرة يتجر بالبشر ويدعي في نفس الوقت أنه يدافع عن حقوق الإنسان”.
تصريحات قيس سعيد كانت بمثابة الضوء الأخضر لانتقال الحملة المعادية للمهاجرين من مواقع التواصل الاجتماعي إلى أرض الواقع، إذ تم تسجيل عدد من الاعتداءات – وإن كانت فردية – ضد عدد من المهاجرين.
نددت العديد من المنظمات والجمعيات الحقوقية بما وصفته “الخطاب العنصري” للرئيس قيس سعيد
نشرت صور وفيديوهات لما قيل إنها اعتداءات في حق المهاجرين، لم يتسن لنا في “نون بوست” التأكد من صحتها، كما زعم عدد من المهاجرين توقيفهم عن العمل وإخراجهم من مساكنهم بالقوة من المواطنين وقوات الأمن.
في نفس الوقت، شنت الوحدات الأمنية التونسية حملة أمنية، تم على إثرها القبض على عشرات المهاجرين الأفارقة غير النظاميين إما في المدن وإما في الحدود التونسية مع الجزائر وليبيا، وتم نشر عدد من هذه الحملات.
بالتزامن مع ذلك، نشرت عدد من الصفحات التابعة لجاليات إفريقية في تونس، تدوينات وبلاغات تحث أفراد الجاليات على توخي الحذر، وأخرى تبلغ عن تهديدات وصلتهم من تونسيين، ما ألزمهم البقاء في المنازل خوفًا من الخروج.
نتيجة هذا الغموض، اضطر عدد من الطلبة الأفارقة المقيمين في تونس بطرق قانونية إلى عدم الذهاب لكلياتهم خوفًا على حياتهم، فمن ينظر لمواقع التواصل الاجتماعي يظن أن إبادة جماعية في حق الأفارقة تحصل في تونس.
اضطرت عدد من الكليات في تونس لنشر بلاغات مساندة لطلبتهم الأفارقة، وتأكيد وقوفهم معهم في وجه الحملة التي شنت ضدهم في الفترة الأخيرة، من جهات منها الرسمية وغير الرسمية، لكن الحال بقي كما هو، فالمدارج فارغة.
إدانات وعمليات إجلاء وترحيل
نتيجة هذا الوضع المشحون، تدفق عشرات المهاجرين الأفارقة إلى سفارات بلدانهم، لا سيما لمقري سفارتي كوت ديفوار ومالي، اللتين استقبلتا مئات الطلبات للمغادرة الطوعية من تونس، فيما أرسلت عدد من الدول الإفريقية مبعوثين لتونس لتحري الأمر عن كثب وتنظيم عمليات الإجلاء.
أعلنت الحكومة المالية، يوم السبت الماضي إجلاء 135 شخصًا من جاليتها بتونس، بينهم 25 امرأةً و13 طفلًا، من أصل 260 شخصًا عبروا عن رغبتهم في العودة إلى بلدهم، في نفس اليوم أعلنت الحكومة الإيفوارية، إجلاء 150 من جاليتها بتونس، بينهم 45 امرأةً و5 أطفال، وتم تنظيم رحلة ثانية في اليوم التالي.
بدورها، نظمت غينيا قافلتي إجلاء لجاليتها بتونس، بداية هذا الشهر، تحت إشراف وزير خارجيتها موريساندا كوياتي، وجاء في بيان الرئاسة الغينية أن “هؤلاء الغينيين الذين فروا من الاضطهاد والرفض في تونس استقبلهم رئيسهم بشرف وكرامة”، وفق نص البيان.
إلى جانب عمليات الإجلاء، صدرت العديد من البلاغات المنددة بـ”العنصرية” تجاه الأفارقة في تونس وخطاب سعيد في هذا الشأن، إذ وصف الاتحاد الإفريقي خطاب سعيد – الذي كرر نظرية “الاستبدال العظيم” بأن النخب السياسية تستبدل بالسكان الأصليين مهاجرين مؤيدين لها – بأنه “صادم”.
كما أدانت الخارجية التشادية تصريحات قيس سعيد، وقالت في بيان إن تصريحات سعيد هددت حياة الأفارقة من جنوب الصحراء في تونس، وشرعت استهدافهم، مضيفة أنها تعمل مع المنظمة الدولية للهجرة لإعادة من يرغب من التشاديين في العودة من تونس.
من جهتها، عبرت الإدارة الأمريكية عن قلقها من وضع المهاجرين الأفارقة بتونس، وحملات الاعتقال التي استهدفتهم في الأسابيع الماضية، ودعا المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس السلطات التونسية إلى التنسيق مع المنظمات الدولية بشأن العودة الآمنة والطوعية للمهاجرين الراغبين في العودة إلى بلدانهم.
في نفس السياق، أشارت الأمم المتحدة إلى ما أسمته “حالة القمع المتزايدة” التي يتعرض لها الأفارقة في تونس، وأكد ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن المنظمة الدولية تدين “العنصرية وخطاب الكراهية ضد الأجانب”.
ضمن ردود الفعل المتتالية على خطاب سعيد، علق البنك الدولي إطلاق الإستراتيجية الخاصة بتونس، وقال رئيس البنك ديفيد مالباس إن البنك أوقف عمله مع تونس بعد تصريحات الرئيس قيس سعيد بشأن المهاجرين.
فيما ألغي “مؤتمر الاتحاد الإفريقي لمكافحة التدفقات المالية غير المشروعة” الذي كان مقررًا بتونس هذا الشهر، وفق رسالة نصية لمتحدثة باسم الاتحاد الإفريقي تم تناقلها إعلاميًا، وحسب الرسالة فقد قالت المتحدثة إنه لم يتم بعد اختيار أي بلد جديد لاستضافة المؤتمر.
التنديد بالعنصرية لم يكن من الخارج فقط، إذ صدر من العديد من القوى الداخلية أيضًا، فقد نددت العديد من المنظمات والجمعيات الحقوقية بما وصفته “الخطاب العنصري” للرئيس قيس سعيد الذي تسبب في حملة عنف ضد المهاجرين.
العدد الأكبر من المهاجرين الأفارقة جاؤوا إلى تونس من جنوب الصحراء بهدف الذهاب نحو السواحل الشمالية للبحر الأبيض المتوسط
واتهمت ما تعرف بـ”جبهة مناهضة الفاشية” في تونس الرئيس قيس سعيد بتبني خطابات اليمين الإيطالي والفرنسي المتطرف في ملف الهجرة واللجوء، واعتبر ممثلون للجبهة أن الرئيس سعيد أصبح يطبق حرفيًا ما وصفوه بمشروع الهجرة الأوروبي.
كما نظم نشطاء حقوقيون مسيرة كبيرة، أعربوا خلالها عن رفضهم للانتهاكات التي تستهدف مهاجري جنوب الصحراء في تونس، وانطلقت المسيرة من أمام نقابة الصحفيين التونسية، وصولًا إلى شارع الحبيب بورقيبة، ورفع المشاركون فيها شعارات من قبيل: “كلنا مهاجرون” و”أنا إفريقي”.
تونس تتراجع
تسببت تصريحات قيس سعيد غير المحسوبة في تأجيج الوضع بتونس، في وقت تشهد فيه البلاد أزمة مست كل القطاعات، مع ذلك أطل الرئيس على التونسيين مجددًا مستغربًا الحملة التي قال إن مصادرها معروفة وتتهم تونس بالعنصرية.
وفي محاولة لدرء الاتهامات بالعنصرية، أعلنت الرئاسة التونسية عن جملة من الإجراءات لمصلحة المهاجرين الأفارقة المقيمين في تونس، أهمها تسليم بطاقات إقامة لمدة سنة للطلبة من البلدان الإفريقية، وتسهيل عمليات المغادرة الطوعية لمن يرغب في ذلك بالتنسيق مع سفارات الدول الإفريقية بتونس.
أكد بيان صادر عن الرئاسة أن تونس “لن تقبل أن يكون الأفارقة ضحايا هذه الظاهرة المشينة لا داخل تونس ولا خارجها”، وفق تعبيرها، وشددت الرئاسة على أنها “تنتصر لضحايا أي نوع من أنواع التمييز العنصري ولا تقبل أن يوجد أي ضحية لأي شكل من أشكال التمييز”.
في نفس السياق، أكد وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أن بلاده تبعث رسائل “طمأنة” للأفارقة، قائلًا – في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية – “إنه تأويل مغرض لتصريحات السلطات التونسية العليا عن هذا الموضوع، لقد مرت أيام قليلة منذ حدوث ذلك ويجب علينا الآن أن نتحلى بهدوء ورسائل الطمأنة تم إرسالها عبر القنوات الرسمية وغيرها”.
خريطة وجود الأفارقة في تونس
من يسمع عن هذه القصة يقول إن أعداد الأفارقة في تونس تقدر بمئات الآلاف أو أكثر، وأنهم أصبحوا يمثلون خطرًا على ديمغرافية البلاد – وجب التصدي له – كما سبق أن قال الرئيس التونسي، لكن الأرقام الرسمية تؤكد عكس ذلك.
يقدر المعهد الوطني للإحصاء في تقرير “المسح الوطني للهجرة الدولية” الصادر بتاريخ 7 ديسمبر/كانون الأول 2021 عدد الأجانب المقيمين في تونس بـ58990 شخصًا أي ما يعادل 0.5% من إجمالي سكان البلاد البالغ نحو 12 مليون نسمة.
ويقدر المعهد عدد المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء بـ21.466 شخص أي بنسبة 36.4% من مجموع الأجانب المقيمين في تونس، فيما تقدر عدد من المنظمات الأخرى عدد المهاجرين الأفارقة بنحو 50 ألف، أغلبهم لا يملكون وثائق قانونية.
يمكن أن يكون العدد أكبر، نظرًا الى أن عدد المهاجرين غير النظاميين لا يمكن حصره بصفة دقيقة، لكن ليس بنسبة كبيرة، خاصة أن عددًا كبيرًا منهم لا يستقرون في تونس وإنما تونس مجرد بلد عبور لهم نحو القارة الأوروبية.
العدد الأكبر من المهاجرين الأفارقة جاؤوا إلى تونس من جنوب الصحراء بهدف الذهاب نحو السواحل الشمالية للبحر الأبيض المتوسط – التي تبعد أقل من 150 كيلومترًا عن السواحل التونسية – في ظل صعوبة الهجرة من السواحل الليبية والجزائرية والمغربية في الفترة الأخيرة.
كما يوجد عدد مهم من الطلبة الأفارقة الذين يزاولون تعليمهم العالي في الجامعات التونسية، الخاصة والعمومية، إذ تستقطب الجامعات التونسية عددًا كبيرًا من الطلبة الأجانب نظرًا للكفاءة الكبيرة التي تعرف بها.
غضت السلطات التونسية بصرها عن أعداد المهاجرين المتزايدة في البلاد، مقابل “حفنة من اليوروهات”
وتشير الأرقام الرسمية إلى وجود 21 ألف مهاجر من دول إفريقيا جنوب الصحراء في تونس، ويرجح المنتدى الاقتصادي والاجتماعي أن يكون الرقم الحقيقي أكبر لكن ليس أكثر من 50 ألفًا، وألغت تونس شرط الحصول على تأشيرة للعديد من البلدان الإفريقية خلال العقد الماضي، لكن الحصول على تصريح إقامة يمكن أن يكون أمرًا صعبًا للغاية.
عدم امتلاكهم الأموال الكافية لتأمين تكاليف الرحلة نحو أوروبا، التي يمكن أن تبلغ ألفي دولار، يضطرهم للبحث عن عمل في تونس إما في مجال البناء وإما الزراعة وفي الأسواق أيضًا والمحلات التجارية ومحلات التنظيف والمقاهي.
الكوت ديفوار تجلي اليوم 145 مواطنًا مقيمًا في #تونس من بينهم طلبة، بعد أن أجلت دفعة أولى قبل أيام #عنصرية pic.twitter.com/kebLbHyy8F
— Wejdene Bouabdallah (@tounsiahourra) March 7, 2023
يعتبر الإيفواريون، الجالية الأكبر في تونس، إذ يمثلون نحو ثلث عدد الأفارقة المقيمين في تونس ويتوزعون على عدد من المدن أبرزها العاصمة وصفاقس التي تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد، ويمتهنون مهنًا عديدة، كما نجد النيجيريين والماليين والغينيين والكاميرونيين والسنغاليين.
فيما يوجد عدد من الأفارقة – وهم النسبة الأقل – للعلاج في تونس، بسبب السمعة الطيبة التي يتمتع بها قطاع الصحة الخاص في هذا البلد العربي، ما جعله قبلة لمئات الأجانب الراغبين في العلاج، سواء القادمين من إفريقيا أم أوروبا.
كيف زادت أعداد الأفارقة؟
بالرجوع إلى تصريحات المسؤولين التونسيين بخصوص تزايد أعداد المهاجرين الأفارقة في السنوات الأخيرة في بلادهم، واستغرابهم لما وصل إليه الأمر في هذه النقطة، لا بد من الإشارة إلى نقاط عديدة يبدو أن المسؤولين تغافلوا عنها.
صحيح أن عدد المهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء في تونس ارتفع من 7200 مهاجر سنة 2014 إلى 21 ألفًا و466 مهاجرًا سنة 2021، وفق دراسة للمعهد الوطني للإحصاء، إلا أن هذا العدد يشمل الطلبة الوافدين الذين يتابعون دراساتهم في الجامعات التونسية، وهي نقطة جيدة، تؤكد أن تونس أصبحت قبلة للطلبة الأجانب لاستكمال دراستهم.
يستغرب المسؤولون التونسيون ظاهرة الهجرة غير النظامية لبلادهم، وهم في نفس الوقت من وقعوا على اتفاقيات مع الأوروبيين لمنع هجرة الأفارقة والسماح لهم بالبقاء في تونس، وغالبًا ما تحبط عناصر الحرس الوطني في تونس محاولات الأفارقة للعبور نحو السواحل الأوروبية، مقابل أموال ترصد للدولة التونسية.
أكاد أجزم أنه لو صدر مثل خطاب #_قيس_العنصري في كل بلدان شمال إفريقيا ( مغرب جزائر،مصر، ليبيا) لما اختلافت النتائج، بل لكان وبالا وأكبر طامة من نشاهده الٱن.
إنها –#العنصرية– مرض دفينة في أعماقهم في انتطار أدنى هسهسة لينفجروا كبراكين نائمة.#عنصرية_تونس #معركة_الوعي_الافريقي
— Nour Maiga???? (@Nour8912) March 3, 2023
أكد هذا الأمر الناشط السياسي والنائب السابق مجدي الكرباعي، إذ قال إن الدولة التونسية أبرمت اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي لتلقي أموال مقابل حماية الحدود الأوروبية من موجات الهجرة القادمة من دول جنوب الصحراء والسواحل الليبية والتونسية.
وأضاف الكرباعي في تصريحات إعلامية أن السلطات التونسية تعترض سبيل مراكب الهجرة غير النظامية وتحول وجهتهم إلى تونس مقابل 30 مليون يورو بعنوان الفترة 2021-2023، ونتيجة منعهم من العبور نحو السواحل الإيطالية، يرتفع عددهم داخل البلاد، أي أن الدولة متورطة في تزايد عددهم.
نفهم من هنا أن السلطات التونسية غضت بصرها عن أعداد المهاجرين المتزايدة في البلاد، مقابل “حفنة من اليوروهات”، وحتى لا تغضب السلطات الأوروبية في الوقت الذي يبحث فيه نظام قيس سعيد عن شرعية خارجية بعد انقلابه على دستور البلاد ومؤسسات الدولة الشرعية قبل نحو عامين.