ما إن وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (10 مارس/آذار 2023) المرسوم الرئاسي بإجراء الانتخابات الرئاسية، في 14 مايو/أيار المقبل، وتفسيره لسبب تقديم موعد الانتخابات العامة “استجابة لرغبة الشعب واستنادًا للدستور”، حتى بدأت التساؤلات عن: شعبية الأحزاب المتنافسة والقواعد التصويتية لهذه الأحزاب وكيف يمكن حساب الأصوات، قبل شهرين، من الانتخابات المقبلة الرئاسية والتشريعية، وغيرها من الأسئلة الحيوية التي تتعلق بـ”الرئيس الـ18” لتركيا والبرلمان الذي سيتولى التشريع خلال الـ5 سنوات المقبلة.
في خطابه للأمة عقب توقيع المرسوم الرئاسي، لفت أردوغان النظر إلى ملفات عدة لا تتوقف عند موعد الانتخابات القادمة، لكنه حرص على التحذير من تسييس كارثة الزلزال وانتقد ممارسات المعارضة قائلًا: “كانت صادمة.. لا يعلمون شيئًا عن واقع الأزمة، عبر محاولاتهم المستمرة لنشر الشائعات، هناك من يحاول استغلال الزلزال وآثاره في سياقات سياسية، لكن ذلك لن يؤثر على عزمنا وخططنا.. الحكومة عملت منذ الساعات الأولى لحدوث الزلزال على البحث والإنقاذ وتفقد المدن المنكوبة، وأعدت خططًا للتعامل مع الكارثة وتداعياتها”.
ومنذ تطبيق نظام الانتخابات التشريعية في تركيا عام 1946، شهدت البلاد محطتين فاصلتين: أولهما، الانتخابات التي أجريت مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2002 بمشاركة 19 حزبًا سياسيًا، وسط مشهد عام تتصدره قضايا داخلية وخارجية شائكة آنذاك (البطالة، الحجاب، التعليم، الرعاية الصحية، السياسات الزراعية، مكافحة الفساد، الإصلاحات الاقتصادية، العلاقة مع صندوق النقد الدولي، المشكلة القبرصية، إلحاق تركيا بعضوية الاتحاد الأوروبي، والتهديدات الأمريكية للعراق، والدور المطلوب من تركيا، حينها)، لكن حزب العدالة والتنمية نجح في حسم الانتخابات وظل يتصدر الساحة السياسية التركية حتى الآن.
تحديات السلطة والمعارضة
أما المحطة المفصلية الثانية، فتتمثل في الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية في 14 مايو/أيار المقبل، إذ تمثل تحديًا للسلطة والمعارضة على السواء، كون إجراء الانتخابات بالتزامن مع مئوية تأسيس الجمهورية التركية، تدفع أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم إلى تحويلها لاحتفال شامل ببداية العقد الثالث للحزب في الحكم والتأكيد للأتراك أن الانتصار السياسي الانتخابي يعني أنه الخيار الأفضل بعد المسيرة المؤزرة خلال العقدين السابقين ونجاحه في إعادة تشكيل وجه الحياة السياسية والاقتصادية.
فيما تستهدف المعارضة (الطاولة السداسية وأحزاب أخرى تدعم التحالف بشكل غير مباشر) الإطاحة بأردوغان من السلطة، إلى جانب رغبة شخصية من رئيس حزب الشعب الجمهوري في الفوز، لأن الخسارة ستطيح به من المشهد العام إلى غياهب النسيان.
ورغم توافق تحالف المعارضة على برنامج انتخابي موحد، فإنها تعاني وحدة الموقف والتوجهات الأيدلوجية، على خلفية التباين التاريخي والسياسي ورغبة بعض رؤساء الأحزاب (خاصة التي تقاطعت مع أردوغان والحزب الحاكم قبل انشقاقها عنه) في العودة، مجددًا لتحالف الشعب الذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية والعمل على علاج حدة التوتر على الساحة السياسية التي أصبحت من سمات المشهد العام في تركيا، على الأقل، خلال السنوات العشرة الماضية، من واقع الأجواء التي تتم فيها الاستحقاقات الانتخابية (البلديات، البرلمان، انتخابات رئاسة الجمهورية).
قياس شعبية الأحزاب
تتعدد معايير قياس الشعبية السياسية والانتخابية للأحزاب والقوى الفاعلة في المشهد العام التركي، ليس فقط عبر استطلاعات الرأي، لكن من واقع نتائج آخر استحقاقات انتخابية، ورغم أن انتخابات البلديات (المحليات) التركية، لا تحظى بالاهتمام نفسه الذي تستأثر به الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية، تظل واحدة من أهم محددات العملية السياسية، خاصة منذ التزام تركيا بتعزيز اللامركزية، عقب تصدر حزب العدالة والتنمية للسلطة وحتى الآن.
من هنا نفهم لماذا تم التعامل مع الانتخابات البلدية التركية (نهاية مارس/آذار ومطلع أبريل/نيسان 2019) باعتبارها استفتاءً جماهيريًا وامتحانًا لشعبية الرئيس التركي والحزب الحاكم من ناحية، وأحزاب المعارضة من ناحية أخرى، كونها الخطوة الممهدة للانتخابات العامة (14 مايو/أيار 2023) حتى مع تعدد عمليات تقييم نتائج الانتخابات البلدية، عند مناقشتها من زاويا: نسبة التصويت الإجمالية وإجمالي الفوز بعدد المدن الرئيسية (30 مدينة) والبلديات الكبرى (81 بلدية) والنسب الإجمالية في المجالس البلدية المهمة وعدد رؤسائها، التي حققتها التحالفات السياسية.
والتحالفات السياسة الرسمية أقرها القانون التركي، للمرة الأولى، في مارس/آذار 2018، ومن خلالها تبادر الأحزاب بإخطار اللجنة العليا للانتخابات في تركيا بتشكيل تحالفٍ يستهدف خوض الانتخابات بمرشحين يحملون شعار أكثر من حزب في آن واحد، إدراكًا من القوى السياسية في البلاد بأهمية التحالفات السياسية الانتخابية على مستوى العملية السياسية المركزية، خاصة الانتخابات البرلمانية، لأنها تحدد الكتل الوازنة، كما في شراكة العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية التي منحتهما الأغلبية البرلمانية، كما زادت من وزن المعارضة التي تسيطر على نسبة 40% من المقاعد في المجلس.
بالعودة إلى ملف انتخابات البلديات (تُعقد كل خمسة أعوام لاختيار رؤساء بلدية 30 مدينة كبرى و1351 منطقة و1251 عضو مجلس ولاية و20 ألفًا و500 عضو مجلس بلدية ومناصب محلية غير حزبية كأمناء الأحياء – المختار – ومجالس كبار السن) كمحدد لنتائج الانتخابات العامة القادمة (الرئاسية والبرلمانية)، فمن واقع النتائج التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات، التي تنافس فيها 12 حزبًا سياسيًا، فاز تحالف الشعب (العدالة والتنمية والحركة القومية وأحزاب أخرى ذات توجهات إسلامية وقومية) بنسبة 51.74% (52 بلدية ولاية من أصل 81، منها 40 بلدية للحزب الحاكم بفارق الضعف عن أقرب منافسيه، حزب الشعب الجمهوري) وفاز تحالف الأمة (الشعب الجمهوري والجيد، المدعومان بصورة غير مباشرة من حزب الشعوب القومي الكردي) بنسبة 37.64%.
وقد بالغ البعض في تصوير فوز المعارضة التركية المتحالفة بشكل مباشر وغير مباشر، بمدن رئيسية على أهميتها مثل أنقرة وإسطنبول وأزمير وأضنة وأنطاليا ومرسين خلال الانتخابات البلدية، والإيحاء بأن ما حدث يشكل ضربة موجعة ستهدد مصير حزب العدالة والتنمية خلال الانتخابات العامة في 2023، ولو أن هؤلاء راجعوا بعض النتائج (خاصة فوز حزب العدالة والتنمية بـ778 بلدية وحصول حزب الشعب الجمهوري على 242 بلدية والحركة القومية على 236 بلدية والشعوب الديمقراطي الكردي على 63 بلدية وحزب الجيد على 22 بلدية وباقي الأحزاب الأخرى على 42 بلدية) ربما أعادوا النظر واعترفوا بالنجاح الذي حققه “تحالف الشعب” على منافسيه.
وعلى صعيد النسب المئوية، فقد توجّه نحو 57 مليون ناخب من أجل التصويت في 194390صندوقًا انتخابيًا، موزعين على جميع أنحاء الولايات التركية الـ81، انحاز منهم للحزب الحاكم 45.5% مقابل 30% لحزب الشعب الجمهوري المعارض ونسبة 15% لحزب الحركة القومية و4% لحزب السلام والديمقراطية.
فيما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، آنذاك: “حزب العدالة والتنمية فاز بـ56% في نتائج الانتخابات البلدية، والشعب التركي جعل حزب العدالة والتنمية اليوم في الصدارة للمرة الـ15 في الانتخابات، وأنه سيتم تحديد أوجه القصور الحزبي والعمل على تلافيها، إذا كانت لدينا نواقص فإن إصلاحها دين على عاتقنا خلال الـ4 أعوام التالية 2019- 2023″.
وبالنظر لتكتل المعارضة من زاوية الأرقام خلال انتخابات المحليات الأخيرة عام 2019، فإن حزب السعادة (أحد أجنحة تحالف الطاولة السداسية حاليًّا) لم ينجح في الفوز بأي رئاسة بلدية صغرى أو كبرى، كما خسر حزب الشعوب الديمقراطي بلدتين مهمتين: شرناق وبيتليس (ذهبتا للحزب الحاكم)، وتكشف تراجع تأييد الناخبين الأكراد لحزب الشعوب، فقد انخفضت أصواته من نحو 5.86 مليون بين العامين 2018 (الانتخابات البرلمانية) و2019 (انتخابات المحليات) إلى مليوني صوت، خاصة في معاقله التقليدية في الجنوب الشرقي، حيث تجمدت نسبة التصويت له عند 4%.
ورغم استمرار هيمنة حزب الشعوب على 3 مدن كبرى هي: ديار بكر، وان، ماردين، فقد كان الخاسر الأكبر في أعداد المصوتين الإجمالية، وهبوطه من المركز الثالث وفق نسبة التصويت عام 2018 إلى المركز الخامس (من 11.7 إلى أقل من 5%) 2019.
في جبهة المعارضة نفسها انخفضت أيضًا أعداد المصوتين لحزب الجيد من 5 ملايين صوت تقريبًا خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية عام 2018 إلى نحو 3.5 مليون (من 10 إلى 7.5% من إجمالي المصوتين) خلال انتخابات المحليات (البلديات) عام 2019، وعجز الحزب عن تشكيل منافسة جدية لحزب العدالة والتنمية في مدن كان بالإمكان انتزاعها من حزب العدالة رغم أنها ذات ميول علمانية ويسارية، كون النبرة القومية المتزايدة لحزب العدالة والتنمية أفرغت أجندة الحزب الجيد من مضمونه.
معركتان فاصلتان في عام
عند العودة من الانتخابات البلدية التركية عام 2019 إلى نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية (4 يونيو/حزيران 2018) ستتضح الصورة أكثر وأكثر بخصوص مؤشرات التصويت التي يمكن البناء عليها في النظرة الاستشرافية للانتخابات القادمة (14 مايو/أيار 2023)، وبحسب النتائج التي أعلنها، آنذاك، رئيس اللجنة العليا للانتخابات التركية سعدي غوفن (25 يونيو/حزيران 2018) حقق أردوغان أعلى الأصوات في الانتخابات الرئاسية 26 مليونًا و330 ألفًا و823 صوتًا، تعادل 52.59%، مدعومًا بأصوات الإسلاميين والمحافظين وبعض القوميين، فيما حصل محرم إينجة على 30.64% من الأصوات.
وحقق رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش 8.40% ورئيس حزب الجيد ميرال أكشنار 7.29%، ومرشح حزب السعادة قره ملا أوغل 0.89%، ثم مرشح حزب الوطن دوغو برينجك 0.20%.
يحتاج تحالف الأمة (الطاولة السداسية) خلال المرحلة المقبلة إلى تجاوز الخلافات الأيديولوجية والعمل على استقطاب قاعدة جماهيرية عريضة وإقناع الناخبين المترددين والمقاطعين بالتصويت له
وفي الانتخابات البرلمانية التي يتم التنافس فيها على 600 مقعد برلماني حصل الحزب الحاكم على 42.56% من الأصوات (ضمنت له 295 مقعدًا) والشعب الجمهوري على 22.65% (146 مقعدًا) والحركة القومية على 11.10% (49 مقعدًا) والشعوب الديمقراطي على 11.70% (67 مقعدًا) وحزب الجيد على 9.96% (43 مقعدًا).
شكلت مشاركة أكثر من 88% ممن لهم حق التصويت في الانتخابات (أكثر من 56 مليون ناخب في الداخل عبر 180 ألف صندوق موزعة على جميع أنحاء الولايات التركية وأكثر من مليوني ناخب في الخارج) نسبة التصويت الأعلى في تاريخ الانتخابات التركية، لاعتبارات أهمها انخراط الغالبية العظمى من القوى والأحزاب السياسية في العملية الانتخابية، وانضواؤها تحت تحالفين رئيسيين للحكومة والمعارضة.
ورغم أن نتائج الانتخابات التشريعية السابقة (نوفمبر/تشرين الثاني 2015) كانت تعطي حق الترشح للرئاسة لأحزاب: العدالة والتنمية والشعب الجمهوري والحركة القومية والشعب الديمقراطي فقط، فإن التعديلات الدستورية عام 2017 وسعت الفرصة، حيث يحق الترشح للرئاسة حال الحصول على ما لا يقل عن 50%+ 1 من الأصوات حتى يتم انتخابه، كما يجوز لأي حزب سياسي أو تحالف حزبي فاز بـ5% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية السابقة الدفع بمرشحه في الماراثون.
مؤشر التعديلات الدستورية
أيضًا، كشفت نسبة التصويت خلال الاستفتاء على التعديلات الدستورية (النظام الرئاسي وجمع الرئيس المنتخب بين منصبي رئاسة الدولة والحكومة معًا) عام 2017، عن شعبية أردوغان وحزب العدالة والتنمية من واقع تأييد 51% للتعديلات المقترحة من الرئيس والحزب الحاكم خاصة من الناخبين في المناطق التي تتمركز فيها الطبقات المتوسطة والمحافظة والقرى الصغيرة والمدن الداخلية (شرق وجنوب وجنوب شرق الأناضول وبحر مرمرة) على عكس الموقف التقليدي في المدن الحضريّة خاصة الساحلية.
في المقابل يستمد أكبر أحزاب المعارضة (الشعب الجمهوري) الدعم الشعبي من ناخبي المدن الكبرى والمناطق الساحلية الجنوبية والغربية، حيث تقع معاقل الحزب الأهم في منطقة بحر إيجة خاصة محافظة إزمير، إضافة إلى منطقة شمال غرب بحر مرمرة (تراقيا التركية وأدرنة)، وعادةً ما تدعمه الطبقات الوسطى والعليا مثل الضباط المتقاعدين والبيروقراطيين والأكاديميين، إضافة إلى طلاب الجامعات والنقابات العمالية.
أما عن أوزان الأحزاب المعارضة حديثة التأسيس (تحديدًا حزب المستقبل بزعامة أحمد داود أوغلو وحزب الديمقراطية والتقدم برئاسة علي باباجان) في عملية التصويت، فهي تراهن على تحقيق 5% من مجموع الأصوات، كما تتوقع أن تكون معظم هذه النسبة من القواعد التصويتية لحزب العدالة والتنمية، ونسبة أخرى من فئة الناخبين المترددين، كون الخطاب السياسي والإعلامي لحزبي المستقبل والديمقراطية والتقدم يتصادم مع الأحزاب القومية المتشددة في مواجهة الأقليات، غير أن الكتلة التصويتية غير المنتمية تنتظر في الغالب برامج المرشحين ووعودهم في ظل الظروف التي تعيشها البلاد على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتحديد وجهة أصواتهم، هذه الكتلة تبدو الآن أقرب لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
مراجعة ضرورية للمنافسة
وحتى مع اتفاق تحالف الأمة على رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، مرشحًا توافقيًا لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة، فإن طبيعة التشكيل الهش للتحالف لن تنهي خلافاته الداخلية الحادة التي لم تعد قاصرة على القيادات الوسيطة، كون معظم أحزابه التي تجمعها خصومة الحزب الحاكم تستشعر أنها مجرد تابع لحزب الشعب الجمهوري، وهذه التفاعلات العاصفة ستنعكس بالطبع على أصوات الناخبين، لا سيما الكتل غير المنتمية، لأن الخلافات الحاصلة داخل التحالف المعارض تقلل من التعهدات والوعود الإصلاحية والخطط الاقتصادية والسياسية التي يقطعها على نفسه ويجعلها لا تحظى بالكثير من القبول من الكتل الاجتماعية الكبرى المهتمة بالاقتصاد والمعيشة.
فيما يراهن تحالف الشعب على استمرار تصدره للمشهد، تحاول المعارضة التعبير عن نفسها، دون غياب لسيناريو شائك (حصول تحالف على الرئاسة وآخر على البرلمان)
يحتاج تحالف الأمة (الطاولة السداسية) خلال المرحلة المقبلة إلى تجاوز الخلافات الأيديولوجية والعمل على استقطاب قاعدة جماهيرية عريضة وإقناع الناخبين المترددين والمقاطعين بالتصويت له وامتلاك القدرة على اجتذاب المزيد من الكتل الانتخابية، فضلًا عن إيجاد وسائل دعائية مبتكرة توظف جميع القنوات الممكنة لتعبئة الجماهير خلف هذا المرشح المشترك، على عكس تحالف الشعب الحاكم (العدالة والتنمية والحركة القومية) الذي لديه مزايا انتخابية عدة عبر 20 عامًا من الإنجازات التي حققها أردوغان وحزبه منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2002.
هناك تحالف ثالث (العمل والحرية) يساري التوجه يضم أحزاب: الشعوب الديمقراطي والعمال التركي والحركة العمالية والعمل والحرية الاجتماعية واتحاد المجالس الاشتراكية، يتبنى عبر برنامجه نظامًا اقتصاديًا وحكمًا ديمقراطيًا وحلًا سلميًا للقضية الكردية وضمان حرية المرأة وتحسين ظروف العمل والمعيشة للعمال والجماهير، لكنه في الوقت نفسه، لن يمد كل الجسور مع تحالف الطاولة السداسية، الذي لا تسمح صراعاته بوجود أحزاب المعارضة الأخرى على مائدته، سواء لأحزاب “العمل والحرية” أم أحزاب “التحالف الرباعي” (البلد برئاسة محرم إينجة والنصر بزعامة أوميت أوزداغ والطريق القويم برئاسة رفعت سردار أوغلو والعدالة برئاسة وجدت أوز).
استطلاعات: العدالة والتنمية يتقدم
على صعيد استطلاعات الرأي، تظهر نتائج حديثة احتفاظ حزب العدالة والتنمية الحاكم بقاعدة تأييده في أوساط الناخبين إلى حد كبير بعد كارثة الزلزال، رغم انتقادات المعارضة لسرعة استجابة الحكومة، وقال رئيس شركة “متروبول” للاستطلاعات، أوزر سنجار: “لم يتسبب الزلزال في إضعاف الحكومة بالقدر الذي كانت تتوقعه المعارضة”، وقال رئيس شركة “MAK”، محمد علي كولات: “تعهد أردوغان بإعادة بناء المنازل، يساعده في الاحتفاظ بتأييد الناخبين.. مسوحًا أجريت بعد الزلزال بدا فيها أن نسبة تأييد ائتلاف أردوغان مع حزب الحركة القومية نحو 40 أو 41%”.
يصادف توقيت الانتخابات العامة في تركيا فترة شديدة الحساسية في تاريخ البلاد، بسبب تداعيات زلزال 6 فبراير/شباط المدمر، وانتقال البلاد إلى القرن الثاني للجمهورية التي تم تأسيسها قبل 100 عام، فضلًا عن التكتل النسبي للمعارضة، ومن ثم فالانتخابات المقبلة ستكون حاسمة في مستقبل البلاد السياسي والدستوري.
وفيما يراهن تحالف الشعب على استمرار تصدره للمشهد، تحاول المعارضة التعبير عن نفسها، دون غياب لسيناريو شائك (حصول تحالف على الرئاسة وآخر على البرلمان) لكنه يظل مستبعدًا، فالبنية السياسية للمعارضة التركية تقلل من فرصها، فيما حرص أردوغان خلال خطابه، الجمعة، على مكاشفة الأتراك بتقييم شامل لملفات عدة من بينها كيفية إجراء الانتخابات في المناطق المنكوبة بالزلزال.