تقرير بقلم: ماكس فيشر – الواشنطن بوست، ٧ سبتمبر ٢٠١٣
ترجمة عزام التميمي
نشر ثلاثة من نواب الكونغرس الأمريكي، والذين عرفوا بتصريحاتهم المثيرة حول الإسلام والمسلمين في أمريكا، مقطع فيديو يوم السبت يكيلون فيه المديح للعسكر في مصر ويشكرونهم على ما أنجزوه يوم ٣ تموز (يوليو) وعلى ما تبع ذلك من أعمال قمع ضد “عدوهم المشترك” الإخوان المسلمين. والفيديو، الذي سجل فيما يبدو بعد ساعات قليلة من لقاء هؤلاء النواب مع قائد الانقلاب الجنرال عبد الفتاح السيسي في القاهرة، تظهر فيه عضو مجلس النواب ميشيل باكمان وهي تقرأ تصريحاً مكتوباً أمام الكاميرا ويقف من خلفها النائبان ستيف كينغ ولوي غوميرت.
يعتبر الفيديو، الذي يمكن مشاهدته من خلال الرابط المصاحب لهذا المقال، فريداً من نوعه. تظهر فيه السيدة باكمان، ولعله يؤيدها في ذلك كل من كينغ وغوميرت، وهي تكيل المديح للانقلاب وللإجراءات التي اتخذتها الحكومة التي يرأسها العسكر واصفة قمع الاعتصامات والمظاهرات بأنه “الخطوط الأولى” في “الحرب على الإرهاب”. وتصف الإخوان المسلمين بالعدو المشترك وبـ “الشر المستطير” ملمحة إلى أنهم يتحملون المسؤولية عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ ضد الولايات المتحدة الأمريكية. وقد صدرت عن كينغ وغوميرت تعابير مشابهة وإن كانت أكثر انضباطاً.
متحدثة عن الإخوان المسلمين، قالت باكمان: “معاً، بلدنا – الولايات المتحدة الأمريكية – ومصر، نواجه نفس العدو، إنه عدو مشترك”. وذلك في محاولة منها لدمج جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وهي منظمة سياسية تخلت عن العنف قبل عقود ولها ملايين الأنصار داخل البلد، في مجموعات الإرهابيين المتطرفين . وأضافت: “إنه عدو اسمه الإرهاب، والآن، قال شعب مصر كلمته.”
بدت تصريحات باكمان منسجمة تماماً مع الدعاية التي تنشرها الدولة المصرية والتي تصور الإخوان المسلمين على أنهم منظمة إرهابية سرية وعدو داخلي، وهي المزاعم التي لم تجد من يدعمها في أي مكان آخر، بل إن المدنيين الذين قتلوا في عمليات القمع، كتلك التي حصلت يوم ١٤ أغسطس لفض اعتصام رابعة العدوية، والتي تمخضت عن مقتل ما يزيد عن ٥٠٠ شخص، لم يكونوا مسلحين.
قالت باكمان: “أود أن أؤكد لشعب مصر بأنني، كعضو في الكونغرس، سأدعم بقوة استمرار الدعم الأمريكي العسكري والمالي للعسكر في مصر. نعلم أنكم شريك لنا. إنتم شريك لنا في الحرب على الإرهاب، ولقد تصرفتم بشجاعة هنا على الخطوط الأمامية.”
وأضافت: “كثيرون منكم يسألون، هل نفهم من يكون ذلك العدو؟ بإمكاننا أن نتكلم عن أنفسنا: نعم، نفهم. لقد رأينا الخطر الذي يشكله الإخوان المسلمون هنا على شعب مصر. لقد رأينا الخطر الذي يمثله الإخوان المسلمون حول العالم. ونحن نقف ضد هذا الشر المستطير، ونتذكر من الذي تسبب في هجمات الحادي عشر من سبتمبر ضد أمريكا.” وفيما بعد قالت باكمان في معرض الإجابة عن سؤال: “ليس لدينا خيار. يجب أن يهزموا.”
أما كينغ وغوميرت فتقدما بمديح غير مشروط أيضاً، وإن كان ذلك بعبارات أكثر انضباطاً. هنأ كينغ المصريين المناهضين لمرسي على “الوقوف إلى جانب الحرية والدفاع عنها” من خلال دعمهم لانقلاب الثالث من تموز (يوليو). وأضاف: “نقف ضد الإخوان المسلمين. والشعب الأمريكي لا يؤيد الإخوان المسلمين. ونحن نعارض كافة أنواع الرعب والإرهاب.” أما غوميرت فشبه السيسي بجورج واشنطن وقال: “الإخوان المسلمون المتعطشون للدماء يريدون خلق حالة من عدم الاستقرار ويسعون لإقامة الخلافة الكبرى.” (ومما أدهشني قوله إن اليهود المصريين شاركوا في الحركة المناهضة لمرسي).
وبقدر ما هو مزعج مباركة هذا الثلاثي للانقلاب وللقمع الذي أدى إلى مقتل المئات مزعج أيضاَ تفاؤلهم بما يعنيه ذلك لمستقبل البلاد. رغم أن الكثيرين ساورتهم الشكوك بشأن مرسي، وهو الإسلامي الذي اتسم حكمه بالضعف وبفشل الاقتصاد، إلا أن حكم العسكر شهد انتشاراً واسعاً للعنف الذي أودى بحياة المئات من المدنيين وأدى إلى تراجع سريع عما حققته البلاد من تقدم متواضع باتجاه التحول نحو الديمقراطية. لا شك أن قلة قليلة من مراقبي الوضع في مصر بدر منهم تفاؤل حذر خلال الأيام الأولى التي تلت الانقلاب مباشرة، ولكن ما من أحد يجادل في أن الشهرين الماضيين مثلا كارثة متكاملة الأركان تعرض خلالهما، ليست الدولة المصرية فحسب، بل والمجتمع المصري بأسره إلى خراب قد يستغرق إصلاحه سنوات طويلة.
لا أدري من هذا الذي تحدثت معه السيدة باكمان ورفيقاها كينغ وغوميرت وأقنعهما بأن ما يجري في مصر يستحق الاستبشار والإطراء الذي بدر منهم، فقد وعدت باكمان بأن “المزيد من الحرية، والمزيد من الرخاء والمزيد من الوظائف” قادمة في الطريق، مؤكدة على أن: “هذا وقت جيد”.