أعلن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” حلال استقباله لوفد من اتحاد الغرف والبورصات التركية، في القصر الرئاسي الجديد في العاصمة أنقرة أمس الجمعة، أن مختلف أجهزة الدولة التركية نجحت في “اقتحام أوكار” تنظيم “الدولة الموازية” التابع لجماعة فتح الله كولن، ووجهت لها ضربات قاسية على مستوى نفوذها داخل أجهزة الدولة وعلى مستوى مؤسساتها الاقتصادية والتعليمية والخدمية.
وتحدث أردوغان عن اكتشاف حكومته قبل سنة من الآن، عندما كان رئيسا للوزراء، لوجود مخطط كبير لم يكون يستهدف شخصه أو حكومته أو حزبه، وإنما كان يستهدف كل تركيا وخاصة اقتصادها واستقلاليتها، مشيرا إلى أنه حذر من كانوا يعملون معه من أن هذه الخطة ليست من تدبير جماعة كولن وعن ثقته من وجود عقل مدبر لها، ملمحا إلى وجود دور لإسرائيل في هذه الخطة.
وقال أردوغان: “أخبرت من كانوا معي، بأن تنظيم الدولة الموازية لم يتحرك بمفرده أبدا، بعض الجهات وخاصة الدولة التي تقع في الجنوب والتي يحبونها استخدمتهم كأدوات لتنفيذ مخططاتهم ولازالت تستخدمهم، ولم يكفهم هذا فخرجت أحزاب المعارضة، أي تركيا القديمة، لمساعدتهم عبر رجال الأعمال ودنيا الإعلام والدعم السياسي”.
وأشار أردوغان بوضوح إلى أن تركيا تتعرض لمحاولات انقلابية منذ حوالي سنة ونصف، مشبها ما حدث في ميادين تركيا خلال أحداث “جيزي بارك” في سنة 2013 بما حدث في ميادين مصر في 30 يونيو 2013 وفي ميادين أوكرانيا لاحقا والتي أدت إلى الإطاحة بمحمد مرسي في مصر وبيانوكوفيتش في أوكرانيا، قائلا: “ولكنهم فشلوا في تركيا، وقد قلنا حينها أننا سنقتحم أوكارهم ولقد اقتحمناها وسنمضي في ذلك”.
وأضاف أردوغان: “لازال هناك من يحمي هؤلاء الخونة ويسمح لهم بالاختفاء داخل أجهزة الدولة، واليوم نحن مطالبون بإفساد هذه الألاعيب، فالمسألة هي استقلالية تركيا”، مؤكدا أن ما وصلت إليه الجمهورية التركية من معلومات إلى حد الآن من معلومات يؤكد تورط تنظيم الدولة الموازية في عدد من القضايا الخطيرة التي هددت استقلالية الدولة التركية بما في ذلك قضايا الجرائم المنظمة المنسوبة لمجهولين.
ويعتبر ملف الجرائم المسجلة ضد مجهولين من أخطر الملفات في تركيا وأكثرها غموضا، حيث عاشت تركيا منذ نهاية التسعينات سلسلة من الجرائم المنظمة التي تمثلت في اغتيالات طالت رجال أعمال وسياسيين وإعلاميين وجرائم أخرى شديدة الغموض يقول بعض المتابعون للشأن التركي أن بعضها أثر بشكل مباشر على الحياة السياسية وعلى أهم القرارات التي اتخذتها الجمهورية، وسينتظر الرأي العام التركي في الفترة قادمة أن تكشف الحكومة عن ما وقع بين أيديها من أدلة حتى تثبت – أو تنكر – ما أعلنه أردوغان حول تورط جماعة كولن في بعض هذه الجرائم.
وفي الصحافة التركية، قالت صحيفة صباح أن النائب العام “تاكين كوجوك” تقدم أمس الجمعة بلائحة اتهام جديدة تتهم أمنيين محسوبين على جماعة كولن بالقيام بعمليات تنصت غير قانونية لصالح التنظيم الموازي، في حين أكدت صحيفة “ستار” وجود اعترافات جديدة لبعض المتهمين تورط بعض الشخصيات التي يعتمد عليها التنظيم داخل جهازي القضاء والشرطة.
ويذكر أن جماعة كولن اعتمدت على جهازي القضاء والشرطة في صراعها مع حكومة العدالة والتنمية، وتمكنت خلال السنوات الماضية من تشكيل دوائر قوة داخل هذه الأجهزة منفصلة بالكامل عن أجهزة الدولة، مستخدمة إياها لإصدار آلاف أوامر التنصت على شخصيات بارزة في الحكومة والحزب وفي أهم مؤسسات الدولة بما في ذلك رئيس جهاز الاستخبارات المستشار هاكان فيدان.
ومنذ أزمة 17 ديسمبر، ردت حكومة أردوغان ثم حكومة رئيس الوزراء الحالي أحمد داوود أوغلو بقوة على جماعة فتح الله كولن، عبر إقالة آلاف المنتسبين لتنظيم الدولة الموازية من مناصبهم في مختلف أجهزة الدولة وخاصة في وزارة الداخلية.