كثيرة هي الصور التي صبغت رحلة الثورة السورية وحُفرت في ذاكرتنا خلال العقد الماضي، تحكي كل صورة قصةً خاصة بمشاعر مختلفة؛ العنفوان، التحدي، الأمل، الخوف، الألم، نشوة النصر، مرارة الهزيمة.. إلخ.
في الذكرى الـ 12 للثورة السورية، نقلّب معًا ألبوم الصور الذي احتفظنا به جميعًا، الصور التي تجمعنا حتى إن لم نظهر بها، ونسترجع ذكرياتنا معها.. تلك الذكريات التي لا نريد أن ننساها رغم قساوتها في بعض الأحيان.
من حوران هلّت البشاير
“من حوران هلّت البشاير”، في يوم 18 مارس/ آذار انتفض أهالي مدينة درعا في مظاهرات عارمة ردًّا على الانتهاكات المفجعة لقوات وأفرع الأمن التابعة لبشار الأسد بحق أطفال المدينة المعتقلين، وكان بعض أطفال درعا قد كتبوا على جدران المدينة عبارات مناهضة للنظام، مثل “إجاك الدور يا دكتور”، ما أدى إلى اعتقالهم وتعذيبهم حتى الموت، وانتفضت درعا وفتحت الباب لانطلاقة ثورة عارمة في كل شبر من سوريا.
مظاهرة ورود
كانت مدينة بانياس من أوائل المدن التي انتفضت إلى جانب محافظة درعا في يوم 18 مارس/ آذار 2011، خرج أهل المدينة منذ اللحظة الأولى مرددين شعارات الحرية والإصلاح متسلحين بالسلمية والورود، إذ غلب على المظاهرات البانياسية الطابع السلمي الأيقوني، ولعلّ هذه الصورة من أبرز الصور التي يتذكرها السوريون من أيام ثورتهم الأولى.
انقلع
تميّزت مدينة الصنمين في درعا برفع لافتة رئيسية في كل مظاهرة ضد النظام تخرج فيها، وفي إحدى اللافتات التي ما زالت محفورة في ذاكرة الثوار السوريين تلك التي حملت كلمة واحدة مميزة: “انقلع”، بمعنى “أنت مطرود” في إشارة لبشار الأسد.
مليونية
مع بداية الثورة السورية، كان أهالي مدينة حماة من أوائل المتظاهرين ضد الأسد، وهم الذين ذاقوا من هذا النظام ويلات كبيرة ومجزرة عظيمة في ثمانينيات القرن الماضي راح ضحيتها أكثر من 40 ألف قتيل، وخرج أهل حماة في بداية الانتقاضة بمظاهرات مليونية مشهودة، هذه الصورة تحكى كل شيء أراد أهل حماه قوله!
تمزيق الأسد
واحد من أشجع مشاهد الثورة السورية في أيامها الأولى كان من حمص “عاصمة الثورة”، حين مزّق متظاهر صورة رئيس النظام بشار الأسد ووالده حافظ الأسد على مدخل نادي الضباط المحاذي لساحة الساعة الجديدة، أشهر معالم المدينة.
.. ولو كنتَ وحدك!
في حي الخالدية بحمص، عاصمة الثورة، بالقرب من جامع خالد ابن الوليد، وقف متظاهر أشمّ وحيدًا يرفع لافتته مقابل العشرات من عناصر أفرع الأمن المدججين بالسلاح والحقد.
وهذه هويتي
ظهر المقدم حسين هرموش في تسجيل مصوّر بدأه برفع هويته العسكرية، وأعلن فيه انشقاقه عن قوات النظام وانضمامه إلى صفوف شباب سوريا مع عدد من عناصر الجيش.
لخّص هرموش في التسجيل المصوّر أسباب الانشقاق عن الجيش، رفضًا لانتهاكات الجيش النظامي من “عمليات قتل جماعي للمدنيين العزّل في جميع أنحاء سوريا، وإجبار ضباط وأفراد الجيش على مداهمة القرى الآمنة، وارتكاب المجازر الجماعية”.
مثّلت هذه الصورة واحدة من أكثر لحظات سوريا وجدانية وعمقًا ودفئًا.
احتفال استثنائي!
في عام 2013 أعلنت قوات الجيش الحر تحرير مدينة الرقة من قوات نظام الأسد، احتفل الأهالي حينها بتكسير تمثال حافظ الأسد في الرقة الذي رُبط من رأسه وجُرّ بواسطة سيارة إطفاء، ومارسَ أهالي المدينة عليه احتفالية النصر الشعبي، وضربوا التمثال بالأحذية وسحلوه، لكن مسنًّا سوريًّا قرر أن هذه المناسبة الاستثناية تتطلب احتفالًا استثنائيًا، فقدّم لحافظ الأسد، أعني لتمثاله، شمبانيا من النوع الفاخر.
طوفان اليرموك
في فبراير/ شباط 2014 نُشرت صور لمخيم اليرموك وأذهلت الرأي العام العربي والعالمي في مشهد غير اعتيادي، إذ تحوّل المخيم إلى ساحة معركة سعيًا وراء الرغيف، حيث تبارى المحاصرون للحصول على المساعدات القليلة التي وصلت إلى مخيمهم، وكان نظام الأسد قد ضرب حصارًا كبيرًا على المناطق الجنوبية في العاصمة دمشق أبرزها مخيم اليرموك.
تتكلم هذه الصورة عن الأسى الذي قاساه الناس تلك الفترة، وكيف عمل النظام بشكل ممنهج على قتلهم جوعًا.
عمران
في حالة من الذهول التام، خرج الطفل الحلبي عمران دقنيش من تحت الركام محاولًا فهم ما يحصل، بعد أن قصفت قوات النظام وروسيا بشكل عنيف أحياء حلب يوم 17 أغسطس/ آب 2016. جلس عمران في سيارة الإسعاف مغطىً بالدماء والغبار، لا يتكلم ولا يبكي، كانت الصدمة ملمحه الوحيد.
تهشيم الصنم
كذلك يوم تحرير مدينة إدلب في عام 2015 من قبضة النظام، لم يجد الناس والثوار بدًا من تكسير رأس حافظ الأسد!
نظرة أخيرة
مقاتل من مقاتلي الجيش الحر في مدينة داريا بريف دمشق يلقي نظرة الوداع إلى ركام مدينته يوم 25 أغسطس/ آب 2016، قاومت داريا قوات الأسد والميليشيات الإيرانية لمدة 4 سنوات، لكن الإجرام والحصار كان أكبر من طاقة الناس، والدبابات والبراميل كانت أقوى من أن تردّها بندقية نفذت ذخيرتها.
لعبت الصور في مسيرة الثورة السورية عاملًا مهمًّا في توثيق الثورة السورية في جميع أحوالها، كما عبّرت اللقطات عن حال الشعب السوري ثائرًا ومقاتلًا ومكلومًا، منتصرًا ومهزومًا، لتبقى هذه المشاهد تروي الحكاية دون كلام أو مؤثرات.