ترجمة حفصة جودة
في محافظة قنا بصعيد مصر، يبيع السكان المحليون حلوى الجلّاب في المتاجر والأسواق، تتخذ تلك الحلوى شكلًا مخروطيًا يشبه رقاقة الآيس كريم، لكن لونها بني فاتح، وعلى عكس المشروب الذي يحمل نفس الاسم في أنحاء أخرى من الشرق الأوسط، فتلك الحلوى مصنوعة من شراب مستخلص من قصب السكر، لكن هذا الشراب ليس مكررًا إلى النقطة التي يصبح فيها شراب السكر البني، بل إنه يُغلى حتى يصبح سميكًا.
ارتبطت صناعة الجلّاب بمحافظة قنا وشمال محافظة الأقصر، حيث يأخذها السكان المحليون معهم كهدايا عند زيارة مناطق أخرى من مصر، وتتميز الحلوى بنعومتها وصلابة بنيتها في الوقت نفسه، لكنها ليست مفرطة الحلاوة.
تعد الحلوى فريدة في صعيد مصر المشتهر بصناعة قصب السكر، حيث يضم صعيد مصر نحو 77% من مزارع قصب السكر في البلاد، لذا من الشائع هناك أن تجد عصير القصب وحلوى الجلّاب وشراب قصب السكر في الأسواق المحلية، يمكنك أن تجد الحلوى أيضًا معروضة للبيع في أكشاك العصائر المحلية.
يُنتج الجلّاب في مبانٍ صغيرة من الطوب ذات أسقف من القش، هذا المزيج يسمح لأشعة الشمس بالتسلل من بين أوراق وأغصان القش لتوفر الظلّ للعاملين، وفي الداخل ينحني الرجال فوق قدور ضخمة ثائرة، ما زالت الحلوى تُصنع يدويًا مثلما كان الأمر منذ عقود ولا تُستخدم أي آلة حديثة.
من الشائع أن تجد غالبية الناس في قرى معينة بقنا يعملون في صناعة الجلّاب، يعمل محمد يونس – 48 عامًا – في أحد مصانع المنطقة، ويقوم بهذا العمل منذ أن كان في المدرسة الابتدائية، يقول يونس: “تعلمت هذه المهنة منذ صغري، فقد علمني أخي الأكبر كيف أقوم بذلك، لكن أي شخص يستطيع أن يتعلمها خلال ثلاث إلى أربع سنوات”.
لتحضير الحلوى يُجمع الشراب أولًا ويُخزن، ووفقًا للعاملين في المصنع، فإن هذا السائل يُصفى بغليه نحو 15 دقيقة، مع تقليبه بعصا خشبية باستمرار، يُوضع الشراب بعد ذلك في مقلاة نحاسية ويُترك ليغلي مرة أخرى على درجة حرارة عالية حتى يصبح سائلًا تمامًا، ثم تضاف كربونات الصوديوم إليه، يصبح هذا المزيج كثيفًا عندما يبرد.
بمجرد أن يصل المزيج إلى الكثافة المطلوبة، يُنقل من المقلاة ويُصب في الأقماع ثم يُوضع في الشمس، حينها تصبح الحلوى أكثر صلابة، ثم يُعبأ المنتج ويصبح جاهزًا للبيع.
ارتفعت تكلفة صناعة الجلّاب في السنوات الأخيرة، فقد أصبح تسخين الشراب مكلفًا، لكن العاملين في الصناعة لا يشعرون بالقلق لأن إنتاج واستهلاك الجلّاب جزء أساسي من تراث المنطقة.
بالنسبة للعاملين مثل يونس، فإنتاج الجلّاب تقليد عائلي يُنقل من جيل إلى آخر، حيث يقول: “إنها صناعة قديمة ترعاها العائلة وتنقلها من جيل إلى آخر، كما أنها صناعة مهمة لأن الناس هنا يحبون الحلوى، ويحبها الأطفال لأنها نفس الحلوى التي كان يتمتع بها أجدادهم”.
يعمل في المصنع عادة ما يقارب 15 شخصًا، يبدأ جميعهم نوبتهم مبكرًا في الصباح ويعملون حتى المساء، تتطلب كل مهمة براعة ومهارة يكتسبها المرء خلال سنوات عمله، فعلى سبيل المثال، المسؤولون عن تبريد وصب الجلّاب يجب أن يقوموا بذلك بطريقة تضمن أن تصبح كل القطع منتظمة الشكل.
بالنسبة للمراهقين الذين يتعلمون تلك الصناعة، فإنهم عادة ما يتبعون العمال الأكبر سنًا في المصنع لتعلم التقنيات المناسبة ويقومون بأدوار مساعدة في المصنع.
ورغم أن إغراء استخدام طرق التصنيع الحديثة في إنتاج الجلّاب يدور في عقول أصحاب المصنع، فإن هناك شعورًا بالأصالة في صناعة تلك الحلوى يدويًا.
المصدر: ميدل إيست آي