ترجمة وتحرير: نون بوست
أدانت جماعات حقوق الإنسان الفلسطينية والدولية الشراكة الاستراتيجية الجديدة للحكومة البريطانية مع إسرائيل باعتبارها “منافقة” و”مخيبة للآمال” ولكنها “غير مفاجئة”.
في اتفاق تم توقيعه يوم الثلاثاء، وافقت حكومة المملكة المتحدة على معارضة استخدام مصطلح “الفصل العنصري” لوصف معاملة إسرائيل للفلسطينيين وتعهّدت بمواجهة “التحيز ضد إسرائيل” في المؤسسات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة.
وتهدف خارطة الطريق لسنة 2030 للعلاقات الثنائية بين المملكة المتحدة و’إسرائيل’ في المقام الأول إلى تعزيز “العلاقات الاقتصادية والأمنية والتكنولوجية” بين البلدين ومعالجة “آفة معاداة السامية” والقضايا الجيوسياسية التي تواجه المنطقة، بما في ذلك النفوذ الإيراني.
وقد عارض الخبراء القانونيون ومنظمات حقوق الإنسان المعارضة البريطانية لاستخدام وصف “الفصل العنصري”.
قال كريستيان بنديكت، مدير برنامج الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة، لموقع “ميدل إيست آي”، إن “السلطات الإسرائيلية تفرض نظام الفصل العنصري ضد جميع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت سيطرتها الفعلية – سواء كانوا يعيشون في إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية المحتلة أو لاجئين في بلدان أخرى”. وأضاف أن “رفض المملكة المتحدة وإسرائيل لهذا الواقع لن يغير حقيقة أو عدم شرعية الوضع الحالي. وكل ما تفعله هو المساعدة في ترسيخ نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، أطفالًا ونساءً ورجالًا”.
وحسب بنديكت فإنه من “المخيب للآمال – ولكنه ليس مفاجئًا – أن نرى الحكومة البريطانية تعطي الأولوية للاتفاقيات التجارية قصيرة الأمد على حساب حقوق الإنسان للإسرائيليين والفلسطينيين”.
وصرح مسؤول في وزارة الخارجية البريطانية، تحدث دون الكشف عن هويته، لموقع “ميدل إيست آي بأن مثل هذه الاتفاقيات التجارية عادةً ما تستند إلى أسس اقتصادية مع اعتبار أي مخاوف أخلاقية أو سياسية ثانوية.
وتنص ورقة سياسة الحكومة البريطانية لخريطة الطريق لسنة 2030 على أن “إسرائيل والمملكة المتحدة تفتخران بشراكتنا العميقة والتاريخية، بصفتها ديمقراطيات محبة للحرية ومبتكرة ومزدهرة. فنحن أصدقاء مقربون وحلفاء طبيعيون”.
توضّح الورقة بالتفصيل عددًا من مجالات التعاون بين المملكة المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك معاداة السامية، ونزع الشرعية، والتحيز ضد إسرائيل والدفاع والأمن والتجارة والاستثمار، والمجال السيبراني والعلوم والابتكار والتكنولوجيا والمناخ والصحة والثقافة والتربية والتعليم العالي والتطوير والمساواة بين الجنسين.
في الوقت الراهن، أعلن بعض المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية على غرار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي يتمتع بسلطات مهمة على الضفة الغربية المحتلة، يوم الأحد أنه “لا يوجد ما يسمى بالشعب الفلسطيني”
قال حسام زملط، السفير الفلسطيني في المملكة المتحدة، إن الاتفاقية تمثل “تنازلا من جانب المملكة المتحدة عن مسؤولياتها التاريخية الفريدة بموجب القانون الدولي تجاه القضية الفلسطينية”.
لقد مهّد وعد بلفور لسنة 1917 – والدعم البريطاني اللاحق للجماعات الصهيونية – الطريق أمام النكبة عندما تم تهجير أكثر من ثلثي السكان الفلسطينيين قسرا من منازلهم من أجل إقامة ‘دولة إسرائيل’ في سنة 1948.
وقال نمر سلطاني، المختص في القانون العام في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، لموقع ميدل إيست آي، إن “المملكة المتحدة تقف مرة أخرى في الجانب الخطأ من التاريخ، وتكشف عن افتقارها إلى المصداقية فيما يتعلق بحقوق الإنسان”. وأوضح سلطاني أن “بريطانيا متواطئة في إنكار حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم على المدى الطويل لأنها سهّلت السطو المسلح على وطن الفلسطينيين وتحوله إلى حركة استعمارية استيطانية”.
وأضاف “تشير هذه الاتفاقية إلى أنه بغض النظر عن مدى خطورة انتهاكات إسرائيل للقواعد الأساسية للقانون الدولي والكرامة الإنسانية، مثل حظر الفصل العنصري، فإنها ستستمر في التمتع بالدعم البريطاني وهو الأمر الذي سيساعد إسرائيل على الإفلات من العقاب”.
وسلط حسام زملط في بيانه الضوء على الوتيرة التي تمضي بها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بناء المستوطنات “بينما تشرف على تصاعد الأعمال الإرهابية للمستوطنين ضد الشعب الفلسطيني”.
وفي الوقت الراهن، أعلن بعض المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية على غرار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي يتمتع بسلطات مهمة على الضفة الغربية المحتلة، يوم الأحد أنه “لا يوجد ما يسمى بالشعب الفلسطيني”.
أوضح زملط، على هذا النحو، أن “مكافأة إسرائيل بتوسيع العلاقات التجارية والتكنولوجية والأمنية، على غرار ما فعلته وثيقة 2030، يمثّل رسالة خاطئة في الوقت الخطأ”.
أدانت منظمة حملة التضامن مع فلسطين التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها هذا الاتفاق “المروع”. وقال رئيس المنظمة كامل حواش: “في هذه اللحظة، فإن التعهد بتعميق العلاقات مع إسرائيل بدلاً من محاسبتها يمنح نتنياهو الضوء الأخضر لمواصلة ترسيخ سياسات الفصل العنصري الإسرائيلية”.
بوتين لكن ليس نتنياهو
أشارت مديرة اللجنة البريطانية الفلسطينية، سارة الحسيني، إلى التناقض في السياسة البريطانية فيما يتعلق بالتعامل مع الحكومة الإسرائيلية والتعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية.
في حوارها مع موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، قالت الحسيني: “في الأسبوع الماضي، رحّبت حكومة المملكة المتحدة بمذكرة التوقيف الصادرة بحق فلاديمير بوتين من قبل المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب متمثلة في نقل السكان وترحيلهم. لكن في هذا الأسبوع رحبت المملكة المتحدة بنتنياهو، رئيس النظام الذي ينفّذ منذ عقود سياسات ترحيل السكان من خلال الاستيطان غير القانوني والاستعمار وضم الأراضي الفلسطينية”.
وتابعت الحسيني أن “الرسالة الموجهة صارخة وواضحة ومفادها أن الفلسطينيين لا يعتبرون جديرين بحقوق الإنسان الأساسية العالمية أو اللجوء إلى الآليات الدولية للعدالة في نظر الحكومة البريطانية وأن إسرائيل ستتلقى مكافآت فعليا على جرائمها”.
استأنفت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا في سنة 2021 بشأن جرائم إسرائيلية مزعومة في الأراضي الفلسطينية منذ سنة 2014، وهو خبر رد عليه نتنياهو بإعلان “أن إسرائيل تتعرض للهجوم هذا المساء”.
كتب المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين ومقره لندن إلى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك “لمطالبة حكومة المملكة المتحدة باتخاذ إجراء فوري ردا على الجرائم الدولية المستمرة منذ فترة طويلة التي ترتكبها إسرائيل ضد فلسطين والفلسطينيين، محاكية الإجراءات التي اتخذتها فيما يتعلق بأوكرانيا”
المصدر: ميدل إيست آي