ترجمة نون بوست
في 2017، حاول الصحفي المصري الشهير حسام يحيى – المقيم حاليًّا في قطر – تجديد جواز سفره قبل عام من انتهاء صلاحيته، لكن السفارة المصرية في الدوحة لم تمنحه إلا تجديدًا لعام واحد فقط بدلًا من الـ7 سنوات الطبيعية لأي جواز سفر مصري، مما أدهشه.
عندما سأل يحيى عن السبب، قال موظف السفارة إنه مطلوب للتجنيد، رغم تقديمه الأوراق اللازمة التي تثبت إعفاءه من التجنيد، فوعدوه بأن تصبح 7 سنوات عند تجديده العام القادم.
في الأشهر التالية، انطلقت حملة إعلامية محلية مصرية ضد قناة الجزيرة القطرية والمصريين العاملين فيها ومن بينهم يحيى، كانت العلاقات المصرية القطرية قد تدهورت بعد انقلاب الجيش المصري على حكومة الرئيس محمد مرسي عام 2013.
دعمت السعودية والإمارات الانقلاب بينما أدانته قطر، أما الجزيرة التي أزعجت جيران قطر ومن بينهم مصر لتغطيتها احتجاجات الربيع العربي، فقد أُغلق مكتبها في مصر بعد فترة قصيرة من تولي عبد الفتاح السيسي السلطة في القاهرة.
في الوقت نفسه، اقتحمت قوات الأمن منزل أسرة يحيى في مصر، ونُشر عنوانه في قطر على وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة أسماها “انتقامًا سياسيًا”، عندما حاول يحيى – مقدم الجزيرة – تجديد جواز سفره ذي العام الواحد، طلب منه موظفو السفارة العودة إلى مصر أو زيارة الملحق العسكري للسفارة في أبو ظبي.
كان يحيى قلقًا من السفر إلى الإمارات التي رّحلت من قبل معارضين مصريين، لكن السفارة أصرّت على ذهابه، كان يحيى قد ترك مصر في 2014 ولم ير عائلته منذ ذلك الحين، ومع وجود زملائه بالجزيرة في السجون المصرية – منهم ربيع الشيخ وهشام عبد العزيز وبهاء الدين إبراهيم – فهو يعلم جيدًا خطورة عودته إلى مصر.
كانت هيومان رايتس ووتش قد نشرت تقارير عن حالات قام فيها ضباط أمن بعض البلاد باستجواب المسافرين بمثل هذه التمديدات
لم يستطع يحيى تجديد تصريح عمله في قطر دون جواز سفر سارٍ، لذا لجأ إلى الخيار الأخير، يقول يحيى: “في يونيو/حزيران 2019، قدمت على اللجوء في المملكة المتحدة، كنت أشعر أنني ذاهب إلى المجهول دون إرادة مني”.
اضطر الصحفي للانتظار ما يقرب العامين للحصول على حق البقاء في المملكة المتحدة، أحس يحيى بمعيشته – أو انتظاره العيش – في تلك الدولة الغربية أنه اقتُلع من وطنه وهويته وثقافته.
من القاهرة إلى الخرطوم
واجه علي (اسم مستعار) مشكلة مماثلة مع السفارة المصرية في السودان أواخر 2019، كان علي يعيش في السودان منذ فترة طويلة ويزور مصر كل عدة أشهر لكن الوضع تغير، ففي عام 2019 كانت آخر زيارة له منذ 2013 عندما قُتل شقيقه الوحيد في مجزرة رابعة، عندما قتلت قوات الأمن المصرية 1000 متظاهر على الأقل بأوامر من السيسي.
كان هذا سببًا لإعفاء علي من الخدمة العسكرية، إضافة إلى أنه تجاوز العمر القانوني للجيش، زار علي الملحق العسكري للسفارة المصرية في الخرطوم للوصول إلى حل آخر، لكن الضابط أمره بالعودة إلى مصر وإجراء مصالحة عسكرية بدفع غرامة.
خشي علي أن يُقبض عليه في مصر ويتعرض للسجن أو الاختفاء مثلما حدث مع بعض معارفه، فقد تعرض منزله بالفعل لاقتحام قوات الأمن وسؤالهم عن شقيقه المقتول.
انتهت صلاحية جواز سفر علي في أثناء محاولته حل الأمر مع السلطات المصرية في السوادن، فقام بتمديده بالدفع لبعض الأفراد الذين زعموا أنهم يعملون مع بعثة دبلوماسية، لكنهم حذروه من السفر إلى أي دولة عربية.
كانت هيومان رايتس ووتش قد نشرت تقارير عن حالات قام فيها ضباط أمن بعض البلاد باستجواب المسافرين بمثل هذه التمديدات، بعد الانقلاب العسكري في السودان عام 2021، استخدم علي هذا التمديد وسافر إلى تركيا في ديسمبر/كانون الأول، وهناك حصل على تصريح إقامة، لكن التمديد سينتهي بنهاية هذا العام.
قالت هيومن رايتس ووتش إن تركيا منحت الكثير من المصريين تصريحات إقامة إنسانية نظرًا لظروفهم الاستثنائية وفرارهم من القمع، لكن علي لا يعلم إن كان مؤهلًا للحصول عليها، فقد قدم لأسرته التي لحقته هناك لكنهم ما زالوا ينتظرون الرد منذ 8 أشهر.
وبينما يشعر علي بالامتنان لتركيا لمساعدتها المعارضين المصريين، إلا أنه يشعر بالقلق من أن تطور العلاقات مؤخرًا بين تركيا ومصر قد يغير الوضع، ففي أبريل/نيسان 2022، أغلقت قناة مصرية معارضة في تركيا مكاتبها هناك.
ينوي علي الآن أن يغامر بالسفر في رحلة إلى أوروبا بالقارب، وعند سؤاله عن شعوره صمت قليلًا ثم أجاب “أشعر أنني حيوان”، وأضاف أنه يشعر أنه محبوس في سجن كبير دون أي أمل في المستقبل.
في السودان، كانت خلفيته المصرية سببًا في معاناته للحصول على عمل معتمدًا على خلفيته في العلوم السياسية والاقتصادية، وفي تركيا عانى لمدة عامين حتى حصل على وظيفة، كما أن الافتقار إلى الوثائق الرسمية السارية يعني معاناة أسرته لاستخراج وثائق رسمية لابنته.
بالمثل، هدد الناشط المصري خريج العلوم السياسية في ماليزيا إبراهيم أبو علي بإنهاء حياته على فيسبوك بعد فشله في تجديد جواز سفره، قدم أبو علي على اللجوء مع وكالة الأمم المتحدة للاجئين في 2020، ولم يصله أي رد لمدة عامين حتى أثار الفيديو المباشر الذي نشره على فيسبوك تغطية إعلامية وضغوطًا من نشطاء حقوق الإنسان.
بعد انقلاب السوادن في أكتوبر/تشرين الأول 2021، طلبت السفارة من السلطات ترحيل بعض المصريين
خلال تلك الفترة، تعرض للضغط والقلق وتلقى رسائل تدعوه لمغادرة ماليزيا لإقامته فيها بشكل غير شرعي، حصل أبو علي على وثيقة تحميه من الترحيل بعد لقائه بوكالة اللاجئين في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكنها صالحة لمدة عام فقط ولا تسمح له بالعمل في ماليزيا.
يجب على أبو علي أن يخضع لمقابلة أخرى قبل الحصول على وضع اللجوء، لكن الجدول الزمني ليس واضحًا، كما أن انتهاء جواز سفره يؤثر على صحته، فقد اكتشف أنه مصاب بالسكري في أثناء علاجه إدمانه الكحول، لكنه لا يستطيع الحصول على تأمين صحي لزيارة المستشفى بانتظام.
عبر بعض المصريين الحدود بشكل غير قانوني أو اشتروا جوازات سفر سورية هربًا من الوضع، وقد تواصلت ميدل إيست آي مع 3 منهم لكنهم رفضوا الحديث، أما الرابع فقط شارك تفاصيل بسيطة، حيث يقول: “لا أملك الكثير لقوله، لقد طُردت من جامعة الأزهر في القاهرة واعتُقلت لفترة وحُكم عليّ عسكريًا، لذلك لا أستطيع الحصول على جواز سفر، لذا هربت إلى السودان في رحلة خطيرة”.
كما ذكر أنه بعد انقلاب السوادن في أكتوبر/تشرين الأول 2021، طلبت السفارة من السلطات ترحيل بعض المصريين فلجأ إلى استخدام هوية سورية، باستخدام هويته الجديدة، دخل إلى دولة أخرى، لكنه اعتُقل عدة مرات وواجه احتمالية الترحيل إلى سوريا، والآن لا يمكنه التحرك بحرية في البلاد أو السفر إلى أي مكان آخر، وحتى اليوم لا يستطيع الحصول على جواز سفر مصري.
المصدر: ميدل إيست آي