اعتقدت وكثير من المصريين أن تبرئة مبارك ستكون سببًا في توحيد الصف الثوري المصري – أو هكذا اعتقدنا – بعد تفرق بدأ منذ اليوم الذي تركنا فيه ميدان التحرير.
فالواقع يقول إن التوحد لابد له أن يحدث، فهدف الثورة الذي تمثل في محاكمة مبارك عما ارتكبه من فساد طيلة 30 عامًا ناهيك عن الحرية والعيش والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية لم يتحقق منه شيء، فوجب التراجع خطوة حتى نتحد مجددًا لنكمل ثورة لم يكتب لها شكل واضح منذ البداية.
كما أن الواقع يقول إن الجميع خسر، والجميع في حالة استنزاف دائم بعد الانقلاب الذي لم يعد يختلف أحد على كونه انقلابًا عسكريًا، وقد حاول الإخوان مرات عدة الاعتذار عما بدر منهم “كونهم فصيلاً مجتمعيًا وثوريًا قويًا والمتهم الأول في نظر باقي القوى الثورية عما وصل إليه حال مصر” في حق الثورة والثوار، ودعوتهم لباقي القوى للاعتراف بأخطائهم جميعًا في حق الثورة والشعب، ذلك على الرغم من تبرئة الكثيرين، ومن بينهم المستشار “حسام الغرياني” للإخوان في كل ما اعتبره الثوار أخطاء وقعوا فيها بعد الثورة، في رسالته: “نعم أخطأ الإخوان” التي فند فيها أخطاء ستة ادعت القوى الثورية وقوع الإخوان فيها منذ قرار ترشيحهم للرئاسة وحتي نزولهم الاتحادية.
وبالعودة إلى الواقع نجد أن القوى الشبابية والثورية لها القدرة على الاستنزاف والمواجهة بلاحدود والحشد المستمر واستقطاب الشباب بالإضافة إلى كونهم ممثلين للمجتمع المدني المصري في نظر القوى الغربية المسيطرة بكل الأحوال على الكثير من مجريات الأمور بالشرق الأوسط والذي يمكن التحرك من أجلهم وكسبهم في صفهم لضمان استمرار سيطرتهم على مجريات الأمور، كما حدث في ثورة يناير، على عكس تنظيم الإخوان الذي يعتبر خطرا أمام المد الغربي من جهة، فلا يحركون لأجله ساكنًا “كما حدث في مجزرة رابعة والنهضة” وشبابهم الذي تستطيع القيادة تحديد خطواته وتسييره نوعًا ما في حدود ما يجعل الأمن يأمن تحركاتهم، لكن يتميز الإخوان بطول النفس والمثابرة، والذي تلاحظه منهم في كل نظام عاصروه، بالإضافة إلى خبرتهم الطويلة في الشارع والاحتجاج، هذا الخليط الغريب (أي القوى الثورية والشبابية بالإضافة للإخوان) هو ما ثبت أركان ثورة 25 يناير، فلا أحد ينكر دور الحركات الشبابية في إشعال فتيل ثورة يناير، ولا أحد ينكر في المقابل دور الإخوان في دعم الثورة بقوة وتثبيت الثوار.
إذن يبدو أن كلا الطرفين يحتاج الآخر إن أرادوا لثورتهم الاكتمال لتحقيق أهدافها، ويبدوا أيضًا أن كلا الطرفين لا يحتمل الآخر ولا يرضى بالتوافق ولكل منهم أسبابه! لكن بما أننا أوصلنا أنفسنا لهذه النتيجة وجب أن نتحمل العواقب والتي تتمثل في استنزاف الطرفين، وعدم التمكن من استكمال الثورة! لكن يبدو أنهم رغم تفرقهم في الوسائل وبعض الأهداف إلا أنهم اجتمعوا على هدف وحيد وهو “إسقاط النظام”، لكن سيكون أمامهم تحدٍ كبير بعد تحقيق هدفهم ألا وهو “ماذا بعد سقوط الانقلاب؟!” هذا سؤال لن تجد له إجابة سوى متابعة الأحداث، لكن نتمنى ألا يتدحرج هذا الحراك الثوري بعد سقوط الانقلاب أيضًا في حجر العسكر، كما قال الدكتور “سيف عبد الفتاح” ونرجع بحراكنا الثوري كالعادة بخُفَّي حُنَيْن!