ترجمة حفصة جودة
كثفت “إسرائيل” من ضرباتها الجوية العسكرية على سوريا، لكن إيران قد تتروى في ردها وتختار إستراتيجية محسوبة تتناسب مع أهدافها الإقليمية الأكبر، وفقًا لما يقوله المحللون.
كانت “إسرائيل” قد صعدت من استهدافها لمواقع عسكرية تديرها إيران وحلفاؤها في سوريا، فقد شنت 9 هجمات هذا العام حتى الآن وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره المملكة المتحدة.
كانت آخر ضربة جوية يوم الأحد في محافظة حمص وقد جُرح فيها ما لا يقل عن 5 جنود وفقًا للحكومة السورية، بعد وقت قصير قالت “إسرائيل” إنها أسقطت طائرة درون قادمة إليها من سوريا.
كانت سوريا قد أنكرت أن إيران – التي تدعم الرئيس بشار الأسد عسكريًا – لها حضور عسكري مكثف في البلاد.
كان هجوم آخر يوم الجمعة قد قتل اثنين من الحرس الثوري الإيراني، ووصفتهم وسائل الإعلام الإيرانية بالشهداء الذين ماتوا وهو يحاربون الإرهاب، وفي الشهر الماضي، خرج مطار حلب عن الخدمة بسبب ضربة جوية إسرائيلية.
قالت وزارة الشؤون الخارجية الإيرانية إن طهران تحتفظ بحق الرد في الوقت والمكان اللذيّن تختارهما، بينما غرد المتحدث باسم الحكومة علي بهادوري على تويتر قائلًا: “الأعمال الإرهابية لن تمر دون رد”.
ومع ذلك، في الوقت نفسه، تتخذ إيران وسوريا خطوات لتحسين علاقتهما بجيرانهما العرب، ولأن إيران أشارت إلى استمرار رغبتها في الحوار مع الغرب، فإن ردها على “إسرئيل” قد يتحقق بمرور الوقت وفقًا لما يقوله الخبراء.
التطبيع السعودي الإيراني
رغم أن الضربة الأخيرة كانت جزءًا من نمط تصعيدي، فإن عبد الرسول ديفسالار – باحث غير مقيم في معهد الشرق الأوسط بواشنطن – يرى أنه من غير المرجح وقوع تصعيد فوري ضخم.
الإيرانيون واثقون بأنهم يملكون انتصارًا سياسيًا هنا، لذا فهم يرون تلك الأفعال الإسرائيلية على أنها دليل ضعف وفشل في حل المشكلات التي يواجهونها في الوطن
يقول ديفسالار: “أعتقد أن إيران، بإدراكها أنها وجهت ضربة على الجانب السياسي للإسرائيليين، ستحاول الاستثمار أكثر في هذا الجانب، بتطبيع العلاقات السعودية الإيرانية”، يشير ديفسالار في ذلك إلى التقارب الدبلوماسي بين هاتين القوتين الإقليميتين الشهر الماضي.
ويضيف “حسب فهمي، فإن الحديث في الأخبار عن “الشهيدين” يتعلق بحقيقة رغبتهم في تصعيد مشاعر معادية للإسرائيليين في العالم العربي وبقية المنطقة، والقول بإنه سيكون هناك استجابة لمقتلهم في المستقبل”.
قال تريتا بارسي – نائب الرئيسي التنفيذي لمعهد كوينسي في واشنطن – إنه يعتقد أيضًا أن محادثات استعادة الاتفاق الإيراني النووي لعام 2015 مع القوى العالمية ستلعب دورًا في ذلك، لأن إيران لا تريد مواجهة الغرب.
ويضيف “مرت إيران في العام الماضي بخسارات عديدة دون الانتقام المناسب، معتبرة أن الضربات الإسرائيلية ما هي إلا فخ لوقوع مواجهة عسكرية كبرى، ما يمنع أي فرصة لاتفاق نووي وانفراجة مع الغرب”.
“ونظرًا لتطبيعها مع السعودية والضغط الذي تواجهه من الصين للحد من التوترات مع الرياض، سيكون من المذهل أن نرى كيف سيُترجم ذلك في الملف الإسرائيلي لإيران”.
توسطت الصين في اتفاقية الشهر الماضي التي ألزمت الخصمين الإقليميين السعودية وإيران بإنهاء 7 سنوات من الخصام الدبلوماسي وإعادة بعثاتهما الدبلوماسية خلال شهرين، اتفق وزيرا خارجية البلدين في مكالمة هاتفية يوم الأحد على اللقاء خلال أيام لبدء تنفيذ الاتفاق، وفقًا لوزير الخارجية الإيرانية.
تسعى إيران أيضًا إلى التقارب مع الدول العربية الأخرى في المنطقة بما في ذلك الإمارات والبحرين والأردن ومصر، وفي الوقت نفسه، تخطط السعودية لدعوة الأسد إلى قمة جامعة الدول العربية التي تستضيفها الرياض في شهر مايو/أيار، لاحتضان سوريا سياسيًا، بينما يواصل الغرب و”إسرائيل” التنديد بالرئيس السوري.
مشاكل الوطن
في الوقت نفسه، تشير الدلائل نحو استمرار نمط من التصعيد بين إيران و”إسرائيل” وفقًا للمحللين، يقول ديفسالار إن طهران تدرك أن الضربات الجوية الإسرائيلية قد تكون مرتبطة بفشل إسرائيلي في جذب إيران نحو مركز تصور التهديد الإقليمي، حيث تحسنت الجهود الدبلوماسية بينها وبين جيرانها العرب، ويضيف أن إيران ستحتفظ بردها في “منطقة رمادية” من الردود غير المباشرة وغير المتكافئة.
يقول ديفسالار: “أحد الخيارات الرئيسية لإيران زيادة أصولها الدفاعية الجوية في سوريا لتعزيز الردع”، مضيفًا أن ذلك قد يتضمن القدرة على ضرب الطائرات الإسرائيلية في المستقبل، بالإضافة إلى أنظمة تحذير مبكر حاليّة يُعتقد أنها في سوريا الآن.
ووفقًا لديفسالار، فإن القوات الموالية لإيران في سوريا والجماعات اللبنانية الموالية لإيران قد تشارك في ذلك، لكنه يشير إلى أنه من غير المرجح توريط أمريكا – المؤيد الرئيسي لـ”إسرائيل” – نفسها في ذلك، ما لم تتعرض قواعدها أو موظفوها في سوريا إلى هجوم ويتكبدون الخسائر.
يقول ديسفالار: “لا أتوقع تصاعد المزيد من التوترات، لأن الإيرانيين واثقون بأنهم يملكون انتصارًا سياسيًا هنا، لذا فهم يرون تلك الأفعال الإسرائيلية على أنها دليل ضعف وفشل في حل المشكلات التي يواجهونها في الوطن”.
يقول بارسي إن تصعيد التوترات مع إيران قد يخدم مصالح حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قصيرة المدى، بينما تتعامل مع الاحتجاجات ضد الإصلاحات القضائية، وبينما تسعى طهران نحو إعادة التواصل مع أمريكا بشأن الملف النووي.
يضيف بارسي “لا مصلحة لواشنطن أو رغبة في مواجهة مع إيران، لكن عدم استعدادها للرد بكفاءة على التصعيد الإسرائيلي أو الهجمات غير المبررة للميليشيات المدعومة من إيران، قد يجر أمريكا نحو تلك المواجهة”.
“ونظرًا لعدم شفافية مهمة واشنطن في سوريا وافتقارها لنفوذ الكونغرس، فإن مخاطر الوجود العسكري الأمريكي في سوريا تفوق فوائده بكل وضوح”.
المصدر: الجزيرة الإنجليزية