لا توجد دولة دون مقومات اقتصادية، سواء كانت ثروات نفطية أم زراعية أم سمكية أم سياحية، أم حتى القوة البشرية التي تعد واحدة من الثروات، فضلًا عن المعادن والموقع الجغرافي الذي يعد من المقومات الاقتصادية للدولة، فإن لم تمتلك دولة ما كل هذه المقومات، فلا بد أن تمتلك بعضها.
اليمن “السعيد”، يمتلك كل هذه المقومات، ما يؤهله للنهوض بالاقتصاد الوطني وتجاوز معظم الدول العربية والعالمية، لكن الفساد الإداري والمالي للحكومات المتعاقبة حال دون تقدم البلاد، وبدلًا من أن تذهب هذه الثروات لبناء الوطن ذهبت لجيوب المسؤولين الفاسدين.
تحول اليمن من بلد مصدر للحبوب والفواكه والخضراوات والبن ومختلف المنتجات الزراعية والصناعية، إلى مستورد يعتمد على الواردات الخارجية بنسبة 90% من الغذاء، بحسب الأمم المتحدة.
عطلت الحكومات اليمنية المتعاقبة التنمية في البلاد في المجال الزراعي والصناعي، وفي مختلف المجالات الأخرى الاقتصادية والتعليمية، والاستثمار في المجال النفطي وأيضًا استخراج المعادن والثروات من باطن الأرض وبناء المصانع والشركات، وأيضًا حتى السماح للشركات الخارجية بالاستثمار في اليمن.
ثروة نفطية مهدرة
يتمتع اليمن بثروة نفطية كبيرة واحتياطي ضخم من النفط، إذ تقدّر احتياطيات النفط، وفقًا لمصادر رسمية، بـ11.950 مليار برميل، لكن المثبت والمؤكد منها يبلغ 3 مليارات برميل و17 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى ذلك فإن اليمن يحتل المرتبة الـ29 من بين الدول التي لديها احتياطيات نفطية مؤكدة، والمرتبة الـ32 من حيث احتياطي الغاز الطبيعي.
يوجد في محافظة الجوف المحاذية للسعودية، خزان نفطي كبير يحتوي على مخزون هائل أكبر من مخزون السعودية والإمارات والكويت مجتمعين، هذا بجانب حقول النفط الأخرى، حسب مقال نشره الخبير الاقتصادي المغربي حبيب ولد داده، أحد الاقتصاديين في بورصة نيويورك ومهندس سوق الأوراق المالية السنغافورية، عام 2019، في مجلة نيوزويك الأمريكية.
يعد النفط واحدًا من المقومات الاقتصادية
يضطلع النفط بدور محوري في التنمية المحلية، كونه من أهم مصادر النقد الأجنبي، فكان له دور مهم في الموارد اليمنية حتى عام 2014، وقد شكل هذا الجزء قبل الحرب 70% من إيرادات الدولة، مع حديث عن وجود مكامن متعددة تحتوي على كميات من المخزون النفطي.
لكن الفساد الذي طغى على البلاد سواء قبل الحرب أم بعدها، فضلًا عن تدهور الأوضاع الأمنية، أدى إلى تعطل الاستثمار في النفط، فضلًا عن تشجيع السوق السوداء وتهريب النفط إلى خارج اليمن، فقد كشف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عام 2008، عن عمليات تهريب للمشتقات النفطية، وتضمن التقرير أسماء عدد من وكلاء شركة النفط يمتلكون محطات خاصة، وأسماء الأشخاص الذين جرى تأجير المحطات لهم، وتضمن كذلك الكميات المسحوبة لهؤلاء الوكلاء من شركة النفط والكميات التي بيعت والكميات المهربة، إضافة إلى وجود تقارير برلمانية سابقة عن تنامي ظاهرة تهريب المشتقات النفطية إلى خارج الحدود اليمنية بالسعر العالمي، وشراء المشتقات النفطية بالسعر المدعوم داخليًا.
وبحسب خطاب مجلس الوزراء أمام مجلس النواب عام 2007، فقد قُدرت كميات المشتقات النفطية المهربة خارج الحدود بـ100 ألف طن متري شهريًا، وكانت تكلف الدولة شهريًا 18 مليار ريال يمني، حيث ذكر الخطاب أن 75% من مادة الديزل كانت تهرب للخارج.
وعطلت السلطات اليمنية الاستثمارت الأجنبية في المجال النفطي، وتذهب معظم عائدات النفط إلى جيوب شخصيات يمنية، كما بيع النفط والغاز اليمني بأسعار زهيدة لشركات عالمية.
موقع إستراتيجي
لليمن موقع إستراتيجي، إذ يتحكم بأهم المضائق المائية في العالم، وهو باب المندب الذي يربط المحيط الهندي بالبحر الأبيض المتوسط خاصة بعد افتتاح قناة السويس، ويحتل المرتبة الثالثة عالميًا بالأهمية بعد مضيقي ملقا وهرمز، فيمر عبر باب المندب يوميًا، ما نسبته 4% من الطلب العالمي على النفط، وما يعادل أيضًا 10% من الشحنات التجارية العالمية.
ويمثل اليمن البوابة الجنوبية لمدخل البحر الأحمر، وتتمثل الأهمية الجيوإستراتيجية في تكونه من جبهتين مائيتين تمتدان على مسافة قدرها 2500 كيلومتر: الأولى تطل على بحر العرب وخليج عدن جنوبًا، والثانية على البحر الأحمر غربًا، وضاعف من أهمية موقع اليمن انتشار جزره البحرية في مياهه الإقليمية على امتداد بحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر.
صنف ميناء عدن في الخمسينيات من القرن الماضي كثاني ميناء في العالم بعد نيويورك لتزويد السفن بالوقود، لكن لعدة أسباب تراجع النشاط الملاحي في الميناء، أبرزها توقيع إدارة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح اتفاقية مع شركة “موانئ دبي العالمية” منحتها الحق في إدارة مرفأ عدن لمدة مئة عام.
لكن موانئ دبي عطلت ميناء عدن لصالح موانئها، فقد كان يُفترَض بالشركة على وجه التحديد تحسين البنى التحتية وزيادة عدد مستوعبات الشحن إلى 900 ألف، إلا أن أيًا من ذلك لم يتحقق وتراجع عدد السفن التي تدخل الميناء بنسبة كبيرة، ما دفع الحكومة اليمنية بعد تنحي صالح عن السلطة عام 2013، إلى إلغاء تلك الاتفاقية.
فميناء عدن الذي الذي بات جوهرة بيد فحام، إذا تم تشغيله بكامل إمكاناته وبكادر مؤهل، سوف تصل إيراداته إلى ما يقارب 400 مليار دولار سنويًا، وفق خبراء اقتصاديين.
وليس ميناء عدن وحده الذي تعطل بفعل الحرب، فجميع الموانئ اليمنية دون استثناء أصبحت خارج سيطرة الحكومة اليمنية وتخضع لحصار من قوات التحالف العربي، وحتى المطارات اليمنية وشركة الطيران الوطنية تُمنع طائراتها من المبيت داخل اليمن وتخضع لقيود تفرضها قيادة التحالف وتقيد حركة الناقل الوطني.
معادن وثروات في باطن الأرض وظهرها
يقول الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، إن اليمن يمتلك أكثر من 20 موقعًا يحتوي على معدن الذهب وأبرزها جبل المحرق في محافظة حجة ومناطق واسعة في وادي هينان ووادي الذهب غرب سيئون بوادي حضرموت، بالإضافة إلى وجود كميات كبيرة من الذهب في جبال نهم شرق العاصمة صنعاء، ومعدل الاستخراج من كل طن نحو 37 غرامًا وهناك أقل، وأكد رشيد أن اليمن يمتلك المعادن النفسية التي لو استثمرها دون النفط لحقق قفزة اقتصادية وتنموية كبيرة في غضون سنوات.
مضيفًا “اليمن حتى الآن لم يستثمر إلا 19% من ثرواته النفطية وأقل من 3% من ثرواته المعدنية، ولم يستثمر ثرواته السمكية الاستثمار الأمثل، فقد كان يصدر نحو 200 ألف طن وتراجع بسبب الحرب إلى 20 ألف والعام الحاليّ يقال وفق إحصاءات وزارة الثروة السمكية في عدن إنه ارتفع إلى 30 ألف طن”.
وأوضح الحداد في حديثه لـ”نون بوست”، أن الاقتصاد اليمني اقتصاد هش وغير منظم، لأنه لم يستند إلى قاعدة اقتصادية متينة، ولم يتم استثمار الثروات الوطنية المتعددة الاستثمار الأمثل.
وعن الغاز المسال قال الحداد: “يعد اليمن من أهم الدول في المنطقة، إذ يمتلك كميات تجارية كبيرة تصل إلى نحو 17 تريليون قدم مكعبة والمثبت يصل 10.3 تريليون قدم مكعبة، وهذا الكم الكبير تم اكتشافه في الحقل النفطي والغازي في قطاع خمسة جنة هنت في عسيلان شبوة أي في قطاع واحد، ورغم أن الدراسات تؤكد أن اليمن يمتلك كميات ضخمة من الغاز المسال في صحاري الجوف، فإنه بحاجة إلى دولة مركزية قوية تنفذ النظام والقانون على مختلف المحافظات وتفرض سيادتها وتعيد البنية التحتية، خاصة الخدمات من كهرباء وصحة وتعليم، لكي تؤدي دورها في استخراج هذه الثروات وتنظيم مؤتمرات استثمارية دولية تدعو من خلالها الشركات الدولية للاستثمار في مختلف القطاعات”.
إيرادات غير مستقرة
قال الحداد إن مصادر الإيرادات التي كانت تعتمد عليها الدولة غير مستقرة كالنفط الخام الذي تشكل إيراداته نحو 65%، وكذلك الضرائب والجمارك التي تشكل 25%، والقطاع الاقتصادي الحكومي يشكل 6% والمساعدات الدولية تشكل 10%، وهذه مصادر لا تتسم بالثبات وتتغير من حين لآخر لأسباب متعددة منها انخفاض أسعار النفط عالميًا.
القطاع الزراعي
يعد القطاع الزراعي العمود الفقري لأي تنمية حقيقية في أي بلد، فينتج اليمن نحو مليون طن من الفواكه ومليون من الخضراوات، لكن معدل إنتاجه للحبوب ضعيف، والأرقام لا تتجاوز 200 ألف طن سنويًا، بينما إجمالي استهلاك الحبوب من القمح والذرة المستورد يصل نحو 3 ملايين طن، وهذه الفجوة حال تغلبت عليها الحكومات القادمة سوف تحقق الأمن الغذائي وتخفف من فاتورة الاستيراد من الخارج، وسيكون لذلك أثر إيجابي على حياة المواطنين وعلى سعر صرف العملة وعلى القطاعات الإنتاجية والخدمية المختلفة.
ويرجع رشيد الحداد أسباب عدم رفع الإنتاج الوطني الزراعي من الحبوب إلى عدم وجود إرادة سياسية وكذلك انعدام التمويل كان له دور بارز وعدم وجود دراسات دقيقة تحفز القطاع الخاص للاستثمار في الجانب الزراعي.
فرص استثمارية مغرية ومخاطر مرتفعة
لفت رشيد إلى أن الفساد لعب دورًا بارزًا في إجهاض التنمية باليمن، كما أن التدخلات الأجنبية وانعدام الأمن والاستقرار خلال العقدين الماضيين لعبا دورًا بارزًا في فشل كل الخطط التنموية وعزوف الاستثمارات المحلية والأجنبية، كون اليمن يعيش حالة عدم استقرار سياسي واقتصادي وأمني منذ ما بعد حرب صيف 1994.
وقال رشيد: “رغم امتلاك اليمن فرص استثمارية مغرية لأي مستثمر أجنبي أو محلي، فإن معدل المخاطرة الاستثمارية كانت مرتفعة بسبب حالة عدم الاستقرار التي عاشها على مدى العقود الماضية”.
وعن الحلول لمعالجة هذه المسألة أكد رشيد أنه بعد انتهاء الحرب والانتقال نحو إعادة الإعمار ينبغي أن يتم تهيئة الفرص الاستثمارية في كل قطاع وفقًا للأولويات الوطنية في الزراعة والثروة النفطية والمعدنية والثروة السمكية وغيرها ويتم عرضها للعالم للاستثمار مع تقديم مزايا أو إعفاءات وتسهيلات كبيرة للاستثمارات.
فاليمن ما زال بلدًا بكرًا بالاستثمار، والفرص التي تتوافر فيه كبيرة ومغرية وجاذبة للاستثمارات، لكن يحتاج إلى إصلاح الوضع الداخلي والعمل وفق رؤية اقتصادية مدروسة.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي والمالي أحمد سعيد شماخ – عضو مجلس الشورى ورئيس مؤسسة الإعلام المالي والاقتصادي للدراسات، إن التحديات الاقتصادية التي يواجهها اليمن اليوم والمرحلة المقبلة، يجب أن تكون حقيقة ثابتة يجب إدراكها ومعرفة خطورتها حتى تقود البلاد الى الحلول الصحيحة، لمجابهة تلك التحديات حتى يضمن اليمنيون لأنفسهم الاستقرار ويتمكنوا من معالجة الأزمات التي قد يصعب الحد من تصعيدها وانتشارها مستقبلًا.
اليمن ليس بذلك البلد الفقير كما كان يروج له، فهو يمتلك ما يكفي من الثروات الطبيعية والموارد الاقتصادية والمالية والبشرية، إلا أن المشكلة تكمن في سوء إدارة هذه الموارد
فاليمن واليمنيون يمتلكون طاقات وإمكانات اقتصادية وبشرية وروحية تتمثل بثروات وخيرات سواء كانت في ظاهر الأرض أم باطنها أم بحارها، ويمكن تصنيفه مستقبلًا بأغنى دول المنطقة، بدلًا من أن تضيع كل هذه الثروة جراء الاستغلال اللامسؤول والنهب والتسلط والفساد، وهنا يكمن التحدي، حسب حديث شماخ لـ”نون بوست”.
ويرجع شماخ التردي الاقتصادي في اليمن، إلى التصورات الخاطئة التي بنيت عليها سياسة الإنفاق الحكومية خلال الفترات الماضية، فضلًا عن سوء إدارة موارد الدولة بكل إجراءاتها وفروعها واتجاهاتها والإجراءات والممارسات المالية والنقدية والاقتصادية بسياسات لم تكن قادرة على ضبط عملية الإنفاق والاختلالات الأمنية والفساد والسرقة المنتشرة التي تمارس في مختلف مؤسسات الدولة والقطاع الخاص.
وقال شماخ: “اليمن ليس بذلك البلد الفقير كما كان يروج له، فهو يمتلك ما يكفي من الثروات الطبيعية والموارد الاقتصادية والمالية والبشرية، إلا أن المشكلة تكمن في سوء إدارة هذه الموارد، وفي المقام الأول الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة وفي الحيتان الكبيرة التي ظلت توظف هذه الموارد لحسابها الشخصي”.
مؤكدًا أن نجاح اليمن خلال هذه المرحلة في إدارة موارده الاقتصادية المتنوعة بمختلف القطاعات مرهون ومرتبط أيضًا ارتباطًا وثيقًا بمدى قدرته على توجيه السوق ودور الدولة في إيقاف التدهور الاقتصادي والمالي والنقدي وفي تحسين المستوى المعيشي والتعليمي والصحي لأفراد المجتمع وتوفير المؤسسات ذات الكفاءة والأداء الجيد للقطاع الزراعي والصناعي وقطاع الخدمات وكذلك تنظيم وتنفيذ ما تضمنته بعض الرؤى والإستراتيجيات لبناء الدولة وتنفيذ القوانين الصادرة لإدارة الأزمة ومحاربة الفساد خلال هذه الفترة الحرجة بالغة الصعوبة.
ومن الأولويات التي يجب التركيز عليها لمعالجة المشاكل والقضايا العالقة التي تمر بها البلاد جراء الحرب والدمار، عدم الاعتماد الكلي وبشكل دائم على الدخل الزائف كما كان في السابق على الاقتصاد الريعي مثل العوائد النفطية والمساعدات والقروض الخارجية وتحويلات المغتربين في الخارج، ما أدى إلى التواكل المميت والاعتماد على هذه الموارد والتحديات الاقتصادية الأخرى التي يواجهها اليمن دون البحث عما تكتنزه البلد من موارد اقتصادية متنوعة في ظاهر الأرض وباطنها وبحارها.
وشدد شماخ على ضرورة توليد الدخل محليًا واجتذاب رؤوس الأموال المحلية أو المهاجرة لتوظيفها في تحسين الداخل اليمني خصوصًا تلك الأموال الموجودة في دول الجوار وبعض الدول المستقبلة للمغتربين اليمنيين.
التحولات الاقتصادية العالمية تفرض على اليمن إعادة النظر في سياساته الحاليّة، بحيث يتيح الفرص لتوسيع رقعته الصناعية والزراعية كي يتسنى له الإنتاج وتأمين الغذاء وتكوين مخزون غذائي آمن
مؤكدًا أن ذلك سوف يؤدي حتمًا إلى خلق فرص عمل جديدة حال توظيفها في الاستثمارات الانتقائية المعتمدة على الكثافة العمالية في اليمن لأنه يشكو من البطالة من وقت ليس بقريب.
مؤكدًا ضرورة تحويل اليمن من دولة تعتمد على الواردات الخارجية بنسبة 90% إلى دولة مصنعة خصوصًا أنه يمتلك الكثير من المقومات والموارد الأولية، وأيضًا لديه قوى بشرية مؤهلة ومدربة سواء التي تعمل في الخارج أم في الداخل، وهي قادرة على توطين هذه الصناعات، كما أنه يمتلك مجموعة هائلة من السلع الوطنية ذات الميزة النسبية والتنافسية التي يمكن تنميتها وإنتاجها وتسويقها محليًا وخارجيًا بالتدريج.
لافتًا إلى أن التحولات الاقتصادية العالمية تفرض على اليمن إعادة النظر في سياساته الحاليّة، بحيث يتيح الفرص لتوسيع رقعته الصناعية والزراعية، كي يتسنى له الإنتاج وتأمين الغذاء وتكوين مخزون غذائي آمن في ظروف مواتية.
ودعا شماخ الحكومة اليمنية إلى تشجيع الاستثمارات المحلية والمهاجرة وإقامة شراكة حقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص، كما دعا رواد الصناعات اليمنية والمستوردين بالاتجاه نحو إقامة المزيد من الاستثمارات المحلية في القطاع الصناعي والزراعي والسمكي والصناعات الاستخراجية والمنجمية حتى يصبح اهتمام الدولة بهذا القطاع ضرورةً وهدفًا وطنيًا.
ويأمل شماخ أن تنطلق الصناعات اليمنية نحو آفاق جديدة تساهم في حل مشاكل اليمن الاقتصادية والاجتماعية خصوصًا أن هناك حراكًا جديدًا يستدعي معه إعادة خطوط الإنتاج المدمرة نتيجة الحرب وإلى زيادة حركة الإنتاج الصناعي والزراعي وهو المشاركة والاستفادة في ظل العولمة الاقتصادية والسوق المفتوح، حتى تسير الصناعات الوطنية نحو آفاق جديدة تكون هي أساس التقدم والرخاء لليمن السعيد تحت شعار “صنع وزرع في اليمن”.
سياسة مثبطة للنشاط الاقتصادي
أكد أحمد شماخ أن المجتمع اليمني واجه أوضاعًا اقتصادية ومعيشية صعبة غير مسبوقة في تاريخه في ظل الحرب مع ما يرافقها من دعوات للانفصال والتمرد والفساد واختلالات في شتى جوانب الحياة وأسباب أخرى ضاغطة تؤدي إلى توليد المزيد من العوز والفقر والجوع لدى فئة واسعة من شرائح المجتمع اليمني.
وبين أن وضع الحرب الذي يعيشه اليمن، أدى إلى تنامي قلة قليلة من شرائح المجتمع اليمني وتراجع دخول الفئات ذات الدخل المنخفض وزيادة تهميش بعض فئات المجتمع، وبالتالي تنامي ظاهرة الفقر المدقع وغياب تام للطبقة الوسطى، فضلًا عن تسرب وهجرة الكثير من رؤوس الأموال إلى الخارج نتيجة انخفاض العوائد المالية ورؤوس الأموال المحلية والبحث عن عوائد مالية مجزية خارج الحدود، وبالتالي هجرة الأدمغة والعقول اليمنية إلى الخارج.
ويرى شماخ أن السياسات المتبعة منذ عقود طويلة في اليمن وحتى اللحظة هي سياسات لا تساعد كثيرًا على تحفيز النشاط الاقتصادي في إطار نموذج التنمية في مختلف مراحلها الذي كان يمكن أن يعمل على تراكم رؤوس الأموال وانتقال مزاياها، فالفقر والجوع مثلًا يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بغياب وتراجع المرتبات والأجور.
لا يمكن الحديث اليوم عن تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي ما لم تسبقه الإرادة السياسية القوية والاتجاه الجاد نحو تنويع الموارد الاقتصادية ومكافحة الفساد
ويرجع شماخ ما يمر به اليمن من صراعات وحروب واختلالات ومواجهات في مختلف المحافظات اليمنية إلى مشكلات اقتصادية واجتماعية كالبطالة والفقر والفراغ والجوع وغياب العدالة وضعف الأجهزة التنفيذية وغياب الوعي وارتفاع نسبة الأمية وانتشار الغش التجاري والتعليمي بكل أنواعه.
لافتًا إلى أن استمرار مكافحة هذه الظواهر في الإطار الأمني فقط دون معالجتها في الجانب الاقتصادي سوف يؤدي بالطبع إلى استمرارها بشكل أكثر، وأوضح في حديثه “يجب استيعاب وتشغيل العاطلين عن العمل والوصول إلى ضمان تطبيق فعلي للأمن الغذائي للأسرة الفقيرة خصوصًا المعدمة واستقرار المستوى العام للأسعار، ما سيؤدي إلى التخلص من كثير من هذه القضايا ويساعد عملية التنمية على النحو الذي يؤدي أيضًا إلى الثقة محليًا ودوليًا بالعملة الوطنية وتحقيق الحياة الكريمة للمواطن اليمني”.
وأكد أن إيقاف الحرب ورفع الحصار الشامل الخيار الأمثل لمعالجة هذه القضايا، ثم إيجاد الخطط وبرامج مبادرات عمل شاملة وشبكة تأمين اجتماعي تعمل على مواجهة الفقر كعنصر رئيسي مكتمل الإستراتيجية، مثل إستراتيجية الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة.
لا يمكن الحديث اليوم عن تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي ما لم تسبقه الإرادة السياسية القوية والاتجاه الجاد نحو تنويع الموارد الاقتصادية ومكافحة الفساد من خلال زيادة الإنتاج والإنتاج الكثيف للسلع الواعدة ذات المميزات النسبية والتنافسية في مختلف القطاعات الواعدة وإيجاد سياسات عادلة لنظام الأجور والمرتبات، وفقًا للخبير شماخ.