زاد الجدل بشأن موقف وتأثير اللاجئين المجنسين (السوريون وغيرهم) خلال الانتخابات التركية العامة الرئاسية والتشريعية في 4 مايو/أيار المقبل، على خلفية التجاذبات السياسية بين المعارضة – التي ظلت تقود حملة شرسة ضد اللاجئين والمجنسين، وتطالب بمنعهم من التصويت في الانتخابات، قبل تبنيها، مؤخرًا، مواءمات سياسية انتخابية، تتحدث عن حقوق وواجبات المجنسين والتعامل الإنساني مع اللاجئين – وحكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم – التي بادرت بمد يد العون للاجئين منذ عام 2011، وتراقب عن كثب الخطاب الحمائمى، المؤقت، للمعارضة، لاستمالة المجنسين – بالتزامن مع حالة قلق لدى المجنسين واللاجئين أنفسهم، بسبب تواضع الترتيبات الدولية في تحسين موقفهم، رغم تفاقم التحديات.
ويتصدر ملف ملايين المهاجرين الأجانب (من سوريا وأفغانستان والعراق وإيران والسودان والصومال وباكستان وفلسطين وميانمار وجورجيا ومولدوفا، ومواطنين من: كازاخستان وأوزبكستان وأذربيجان ومصر وروسيا، دخلوا تركيا بتصاريح إقامة) المشهد السياسي التركي، مع الأوضاع الاقتصادية وزيادة البطالة وارتفاع التضخم، بالتزامن مع صعوبة الظروف المعيشية وتوجيه جزء من النفقات العامة لصالح طالبي اللجوء، بهدف توفير الخدمات العامة لهم، وسط تباين بين المعارضة والحزب الحاكم بشأن الملف.
مبالغات المعارضة
منذ مطلع عام 2018، تزعم المعارضة التركية أن الحكومة بادرت بتجنيس أكثر من مليون لاجئ سوري (بينهم أكثر من 50 ألف من التركمان) للاستفادة من أصواتهم في الانتخابات لصالح حزب العدالة والتنمية الحاكم، قبل أن يقول مرشح رئاسة الجمهورية التركية، رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، في وقت سابق: “أمتلك بيانات تتعلق بالناخبين غير متوافرة لدى المجلس الأعلى للانتخابات، بمن فيهم السوريون المجنسون، وأماكن إقامتهم وغيرها من المعلومات تثبت صحة ذلك.. نحن نعرف كل ناخب بمن فيهم أولئك الذين سيذهبون إلى صندوق الاقتراع لأول مرة.. نعرف منازلهم وعناوينهم، المولودون في سوريا والمولودون في أفغانستان، حتى نتمكن من استنتاج من حصل على الجنسية”.
وقد هددت وزارة الداخلية التركية بمقاضاة رئيس حزب الشعب الجمهوري، بسبب تلك المزاعم، وطالبته بـ”مكاشفة الرأي العام بشأن كيفية حصوله على معلومات ليست لدى المجلس الأعلى للانتخابات”، فيما زعم رئيس حزب النصر، القومي المتشدد، أميت أوزداغ، أن “عدد السوريين يزيد على 8 ملايين.. تدفق اللاجئين إلى تركيا هو مشروع الدول الإمبريالية الغربية لبدء حرب أهلية في تركيا وتفتيت البلاد”.
فيما قال مرشح رئاسة الجمهورية، القومي المتشدد، سنان أوغان (المنشق عن حزب الحركة القومية): “يمنحون للاجئين السلطة لتحديد مستقبلنا”، في إشارة إلى حصول مواطنين من جنسيات أخرى (نحو 17 ألف أفغاني و1000 جورجي و6 آلاف من الأويغور الأتراك) على الجنسية!
تقديرات رسمية
سخر وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، من مزاعم المعارضة، قائلًا: “هؤلاء الذين يفترض وضعهم في المصحة العقلية، يقولون إن عدد الذين حصلوا على الجنسية من السوريين بلغ 900 ألف سوري، ما هذا الرقم؟ إنها محاولة لخلق بلبلة داخلية، من لهم حق لهم التصويت مقارنة بإجمالي عدد الناخبين الأتراك البالغ 64 مليون ناخب، لا يتجاوز 0.178%”، وأكدت وزارة الداخلية التركية أن مجموع المجنسين السوريين، أقل من 300 ألف سوري، وهو رقم لا يمكن أن يؤثر بأي شكل من الأشكال في نتيجة أي انتخابات.
ووصل عدد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية وفق المديرية العامة لشؤون السكان والمواطنة مطلع العام الماضي، 221 ألفًا و671 سوريًا، منهم 125 ألفًا و563 شخصًا فوق سن 60 عامًا، وذلك من بين 3 ملايين و528 ألفًا و835 سوريًا مسجلين على نظام الحماية المؤقتة في تركيا.
وقال وزير الداخلية التركي، لفضائية NTV: “عدد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات التركية، حتى نهاية عام 2022، بلغ 201 ألف، بينهم 88 ألف طفل، ونسبة مشاركة السوريين المجنسين في الانتخابات الماضية – 2018/2019 – كانت منخفضة، حيث لم تتجاوز الـ35% من المجنسين”.
ويؤكد مدير مركز “ميتروبول” الشهير لاستطلاعات الرأي، أوزَر سانجر، أنه “لا يمكن منع الحاصلين على الجنسية، وتنطبق عليهم شروط التصويت من الإدلاء بآرائهم في الانتخابات.. أعدادهم أعلى بكثير مما كشفه وزير الداخلية، لكن عدد المجنّسين المعلن – 200 ألف شخص – غير مؤثر على نتيجة الانتخابات”.
فيما تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (20 يناير/كانون الثاني 2023): “عدد اللاجئين السوريين المسجّلين في تركيا حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، بلغ 3.535.898 لاجئ”، فيما استضافت تركيا خلال السنوات الـ11 الأخيرة، نحو 6 ملايين لاجئ، بعضهم غادر البلاد، ولا يزال البعض الآخر يعيش بموجب “الحماية المؤقتة”.
و”الحماية المؤقتة” هي آلية توفرها الحكومة التركية للاجئين وعديمي الجنسية والمواطنين السوريين، الذين دخلوا تركيا بسبب الصراع في سوريا، منذ 28 أبريل/نيسان 2011، طلبًا للحماية، وهؤلاء لا تتم إعادتهم إلى بلادهم ما لم يطلبوا ذلك بأنفسهم، وتقوم المديرية العامة لإدارة الهجرة (مؤسسة حكومية) برصد أعدادهم، ولا يعاقبون من خلال الغرامات الإدارية، حتى لو دخلوا البلاد بطرق غير نظامية أو غير قانونية، طالما تعرفت عليهم السلطات التركية أو توجهوا للسلطات التركية بأنفسهم خلال فترة زمنية معقولة وقدموا سببًا وجيهًا لدخولهم غير القانوني أو إقامتهم غير النظامية في تركيا.
وتشمل “الحماية المؤقتة” جميع اللاجئين السوريين، حتى غير القادرين على تقديم أي وثائق هوية من سوريا، وبموجب الحماية تضمن لهم تركيا الحق في البقاء، حتى يتم التوصل إلى حل دائم لوضعهم وحمايتهم من العودة القسرية والتمتع بحقوقهم وتوفير احتياجاتهم الأساسية (صحيًا وتعليميًا واجتماعيًا، فضلًا عن الدعم النفسي والوصول إلى سوق العمل) وتعد إسطنبول الوجهة الأولى للمشمولين بهذه الرعاية، ثم ولايات ومدن “غازي عنتاب وشانلي أورفا وهاتاي وأضنة ومرسين وبورصة وإزمير وكيليس وقونية”، فيما يوجد أكثر من 900 ألف في أكثر من 70 مدينة تركية أخرى.
بعد الكارثة
جدد الزلزال الذي ضرب الولايات التركية الجنوبية في 6 فبراير/شباط الماضي أزمة اللاجئين، خاصة أن المنطقة المتضررة من الكارثة تستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، من إجمالي 14 مليون شخص، يقطنون 11 ولاية جنوبية، تعرضت للتدمير النسبي، وفيما يوجد في المنطقة نفسها نحو 9 ملايين ناخب، فإن عدد الذين غيروا أماكن إقامتهم يتراوح بين 300 ألف إلى 500 ألف (يفرض القانون على من سيصوتون الإقامة لمدة 3 أشهر قبل الانتخابات في نفس العنوان، ليتمكنوا من التصويت في نفس الولاية) وبالتالي هو رقم غير مؤثر، لكن كعادته، تعمد رئيس حزب النصر القومي، أوميت أوزداغ، إثارة مشاعر العداء ضد اللاجئين في تركيا، زاعمًا أن “السوريون ينهبون المناطق التي ضربها الزلزال”.
وقال أوزداغ في 14 فبراير/شباط الماضي: “في غضون عام واحد سيرسل حزب النصر جميع الأجانب إلى أوطانهم وستعود هاتاي إلى أيامها الخوالي، نريد فقط أن نرى السوريين في هاتاي كسياح”، فيما زعم رئيس حزب الوطن محرم إنجه (في تغريدة على تويتر) أن “المعابر الحدودية مفتوحة والسوريين يواصلون القدوم إلى تركيا بعد الزلزال، هناك مؤامرة كبيرة، قيد التنفيذ، في، هاتاي، بينما نحن منشغلون بالتعامل مع كارثة الزلزال”.
غير أن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، رد بطريق غير مباشر على هذه المزاعم، قائلًا: “بعض الجهات المغرضة تزعم أن هناك تدفقًا للاجئين عبر الحدود، تحديدًا، إلى ولاية هاتاي التي تضررت بشكل كبير من الزلزال، لكنها ادعاءات غير صحيحة، حيث لا توجد عمليات عبور للاجئين باتجاه تركيا، سواء من البوابات الحدودية أم الشريط الحدودي”.
وأوضح الوزير خلال جولة تفقدية جنوبي البلاد، رفقة رئيس أركان الجيش التركي أن “الصور ومقاطع الفيديو التي تم التقاطها في بلدان أخرى وفي أوقات مختلفة. تستخدم لتصوير قضايا سياسية، وهي ليست صحيحة، قواتنا المسلحة تواصل العمل لضمان أمن الحدود، باستخدام أحدث التقنيات، على مدار الساعة، لا نسمح بالمرور غير القانوني، بعض السوريين الذين كانوا في تركيا وفقدوا منازلهم في الزلزال وعادوا طوعًا وبأمان إلى بلدهم، بخلاف ذلك لم يكن هناك أي عبور على الحدود التركية”.
ورغم أن مسؤولي معبر يايلاداغي الحدودي التركي مع سوريا، بولاية هاتاي، يؤكدون عدم وجود أي عبور للاجئين باتجاه تركيا من هذه البوابة، وأنه على العكس هناك عمليات عودة نهائية إلى سوريا، فإن حملات التيارات القومية اليمينية والمتشددة، لم تتوقف، مستهدفة اللاجئين، عمومًا والسوريين على وجه الخصوص، خاصة منذ يوليو/تموز الماضي، بهدف منع عشرات الآلاف من الحاصلين على الجنسية التركية، خلال السنوات الأخيرة، من المشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، حتى مع كونها من صميم حقوقهم المدنية التي اكتسبوها بعد حصولهم على الجنسية التركية.
وحاولت الأطراف الرئيسية في المعارضة استصدار قانون يمنع الحاصلين على الجنسية التركية “حديثًا” من المشاركة في تلك الانتخابات، لكن تحالف الشعب الذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية أجهض هذه الخطوة، مؤكدًا أن مشاركة المجنسين ليست عشوائية، بل تحكمها ضوابط عدة، لا سيما تاريخ الحصول على الجنسية، بحكم التشريعات المعمول بها.
مواقف شعبوية
يتعرض السوريون لحملات عنصرية من التيار القومي المتشدد، في ظل “خطاب مناهض” يحاول الحفاظ على الكتل التصويتية للأحزاب التقليدية، خاصة منذ عام 2020، حين تنامت موجة عداء ملحوظة من وقائع بعض الاعتداءات الجسدية واستهداف ممتلكات، خاصة ضد السوريين والأفغان، قبل مسارعة السلطات التركية بالتدخل في أكثر من مناسبة لحسم الموقف، وسط خشية من تكرار هذه الوقائع المتأثرة بالنزعة المعادية للاجئين، خلال الفترة السابقة لـ”انتخابات 2023″ وعدم وجود إطار منظم من المجتمع المدني، يدافع عن حقوق اللاجئين والمجنسين في تركيا، ويوضح أنهم ليسوا السبب الرئيسي لبعض الأزمات التي تعانيها البلاد، في السنوات الأخيرة.
وتروج الدوائر الضيفة في المعارضة أن معظم السوريين المجنسين سيصوتون لحزب العدالة والتنمية، لكن هذه المزاعم تصطدم بالواقع الذي شهدته انتخابات الجولة الأولى والإعادة في بلدية إسطنبول الكبرى، حيث لم ترجح الشريحة المجنسة – على حد فرض انحيازها – كفة مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم، في مواجهة مرشح حزب الشعب الجمهوري أكمل إمام أوغلو، في الانتخابات البلدية عام 2019.
كما أن الاستحقاقات الانتخابية منذ عام 2018، تكشف عن المشاركة المحدودة للسوريين الحاصلين على الجنسية التركية، والمؤهلين للتصويت في الانتخابات، كونهم يتعاملون مع الملف وفق رؤية حيادية، خوفًا من التقلبات السياسية والخطاب التحريض للمعارضة الذي يهدد وجودهم في تركيا، فيما لا تنكر شريحة أخرى، أنها تنوي التصويت للرئيس الحاليّ رجب طيب أردوغان، والحزب الحاكم، لأبعاد عدة (مشروع التطوير الاقتصادي والخدمي والخلفية الدينية وأفضل وأصلح المرشحين) وشريحة ثالثة، تواصل ترك الباب مواربًا حتى اللحظة الأخيرة، قبل الإدلاء بأصواتها في الانتخابات العامة (الرئاسية والتشريعية).
وحتى شهور قريبة، كانت المعارضة التركية (على اختلاف توجّهاتها) تطالب بمنع المجنّسين من أصول عربية في الانتخابات المقبلة (لاسيما السوريين) من التصويت في الانتخابات، قبل أن يسارع التحالف الرئيسي للمعارضة (الطاولة السداسية) بتغيير خطابه وتبنى تكتيكات جديدة، تعتمد على التقارب مع السوريين (تشكيل فرق اتصال بهم وتقديم مساعدات إنسانية وأنشطة ثقافية لهم) خاصة مع الأقليات (النصيريين والتركمان السوريين المجنسين، الذين تقدر أصواتهم الانتخابية بحوالي 50 ألف صوت) مع تواصل الخطاب التحريضي للأحزاب اليمينية المتشددة، التي يعبر عنها، رئيس حزب “النصر”، أوميت أوزداغ!
التحريض السينمائي
وبلغ التحريض مداه برئيس حزب النصر القومي المتشدد، أوميت أوزداغ، الذي لجأ لـ”التحريض السينمائي” عبر الفيلم القصير “الاحتلال الصامت” (مدته 9 دقائق، وحقق ملايين المشاهدات) من خلال رسالته الفجة في التحريض على اللاجئين وانتقاد موقف الحكومة التركية، منذ عام 2011، زاعمًا دخول 8 ملايين سوريّ إلى تركيا خلال الفترة اللاحقة، وأن العدد سيصل إلى 15 مليون خلال الـ20 عامًا المقبلة، ما يهدد بكارثة اقتصادية واجتماعية وسياسية، ما يعيد التذكير بطريقة الأحزاب اليمينية المتطرفة في هولندا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، لكن رئيس حزب النصر أوميت أوزداغ، يواصل نشاطه السياسي، رغم أنه يهدد الأمن القومي لتركيا ويحرض على السلم الاجتماعي والأهلي.
الرسالة التحريضية لفيلم “الاحتلال الصامت” تقول: “خلال عام 2043، العصابات السورية تجوب شوارع إسطنبول، المدمرة والمليئة بالجريمة، وتُضايق البقية الباقية من الأتراك، وحزب بقيادة سوريين يصل إلى السلطة في العاصمة الثقافية والمالية لتركيا ويُعلن اللغة العربية اللغة الرسمية لدولة إسطنبول، وفي غرفة مظلمة، جراح تركي شاب، أُجبر على العمل حارس مستشفى، يشكو لوالديه من رب عمله السوري، ويتساءل كيف أمكنهما ترك كل هذا يحدث بعد تحذيرهم، مرارًا وتكرارًا، من أن السوريين كانوا ينفذون احتلالًا صامتًا!”.
مشكلة اللاجئين
تسببت الصراعات متعددة الأشكال في منطقة الشرق الأوسط، في إرغام ملايين الأشخاص على مغادرة أوطانهم، حتى تجاوزت نسبتهم الـ40% من إجمالي 60 مليون لاجئ عالمي، الأمر الذي يشكل ضغطًا على الدول المضيفة، خاصة تركيا، في ظل ما تصدره أحزاب المعارضة من مخاوف تصل حد التحريض والتهديدات من تداعيات أعداد اللاجئين على الوضع الديموغرافي (السكاني) والأزمات الاقتصادية التي تعانيها تركيا، على الأقل خلال السنوات الخمسة الماضية، بعد تفعيل حقوق المجنسين في الانتخابات التركية بداية من عام 2018، ثم الضغوط المترتبة على ميزانيات تركيا بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) وتداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية (المشتعلة منذ أكثر من 14 شهرًا) وتأثير الأزمات المذكورة على سلاسل الإمداد.
وفي حالة اللاجئين السوريين، أُرغم نحو 6 مليون شخص على عبور الحدود باتجاه تركيا والأردن ولبنان والعراق، فيما هاجرت أعداد أقل إلى مصر وبلدان مجلس التعاون الخليجي، بحثًا عن التعليم أو الوظائف، وتعرض نحو 6.6 ملايين آخرين، للنزوح داخل سوريا.
والنزوح يكون نتيجة لعوامل عدة، من بينها الصراعات والحروب الأهلية (اشتعال القتال وانعكاس الأزمات الطائفية والإثنية والدينية على السكان وتدهور الحياة الاقتصادية والبيئية) التي تخلف دمارًا هائلًا، فتحول قاطني مناطق النزاع إلى لاجئين أو مهاجرين، شرعيين أو غير شرعيين، أو عمّال زوّار، ومن ثم تصبح العودة السريعة إلى الدولة الأم شديدة الصعوبة.
وهو الأمر نفسه بالنسبة لخيار الانتظار لحين انتهاء الصراع من أجل مناقشة مشكلات اللاجئين، كونهم يحتاجون إلى سرعة المساعدة الإنسانية وتلبية حاجاتهم الأساسية.
مجازفات ومعاناة
حاول ملايين السوريين المجازفة بحياتهم عبر رحلات محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا، التي تشددت، منذ عام 2015، في عمليات إعادة التوطين بسبب صعود اليمين المتطرف المعادي لظاهرة اللجوء، وبموجب تعاون مشترك – صفقة – بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وافقت أنقرة على استعادة طالبي اللجوء، قبل أن تظهر أزمة اللاجئين في البلاد، بسبب تزايد ضغوط الأحزاب المعارضة لسياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم المرحبة باستقبال اللاجئين، لا سيما السوريين، منذ نشوب الحرب الأهلية قبل نحو 11 عامًا.
ورغم المعاناة النسبية لشرائح من السوريين في تركيا فإن أوضاعهم الإنسانية ونوعية الحياة العامة أفضل إلى حد كبير على عكس دول في الجوار تستضيف أعدادًا من اللاجئين.
ورغم أن بعض الدول تُميّز مواطنيها الأصليين عن المُجنسين الحاصلون على الجنسية فإن القانون التركي يساوى بين من يحملون الجنسية، وهو ما يظهر من واقع الوثائق الرسمية، جواز السفر والهوية الوطنية، والحقوق والواجبات
ومنذ تأسيسه عام 2001 تبنى حزب العدالة والتنمية، بزعامة رجب طيب أردوغان، إستراتيجية تعزز الهوية الإسلامية وترسخ للاندماج مع دول الشرق الأوسط، خاصة بعد العراقيل التي شهدها ملف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، قبل أن تتسبب موجة الثورات العربية منذ عام 2011 في تدفق ملايين اللاجئين على تركيا، ردًا على تضامن الحكومة والحزب الحاكم مع الشعوب العربية، لأبعاد إنسانية قبل أن تكون سياسية، سرعان ما تحولت إلى أهداف إستراتيجية، عبر دمجهم في المجتمع التركي بصور شتى.
ترحيب إنساني
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “أنفقنا أكثر من 40 مليار دولار على السوريين، وسننفق 40 مليار دولار أخرى”، وخلال الصيف الماضي تعهد أردوغان أمام المجتمع الدولي بأنه لن يرحل اللاجئين السوريين إلى بلادهم بالقوة، “سنحمي حتى النهاية إخواننا المطرودين من سوريا بسبب الحرب، لن نطردهم أبدًا من هذه الأرض، سنعمل جاهدين على توفير الأمن والاستقرار في سوريا، من أجل خلق بيئة مناسبة لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم” وذلك توضيحًا لإعلانه توسيع برنامج ترحيل اللاجئين إلى تجمعات سكنية بمناطق شمال سوريا ضمن مشروع إعادة التوطين الحكومي.
ويشمل مشروع إعادة التوطين عودة مليون سوري طواعية إلى منطقة عازلة موسعة شمال سوريا، عبر تمويل استحداث ملاجئ وبيوت مناسبة لاستقبال السوريين في “المناطق الآمنة” بمساعدة دولية، ودعم منظمات مدنية تركية (الهلال الأحمر ومؤسسة الإغاثة الإنسانية ووقف الديانة التركي) حيث ينفذ في 13 منطقة، تتصدرها: أعزاز وجرابلس والباب وتل أبيض ورأس العين، بالتعاون مع المجالس المحلية في تلك المناطق، وقد عاد نحو 500 ألف سوري، بموجب اتفاق تم التوصل إليه مع الاتحاد الأوروبي عام 2016، فيما تواصل الحكومة التركية العمل على حل الأزمة، في ظل الضغط الشعبي والأعباء الاقتصادية، وحماية حقوق اللاجئين، عبر مساعدتهم على العودة إلى أوطانهم طواعية.
وتعمل تركيا على اعتماد آلية منظمة لضمان العودة الطوعية للاجئين، وهو محور تفاوض مع الحكومة السورية (برعاية روسية) تسمح للعائدين باستعادة أملاكهم والحصول على ضمانات بشأن حقوقهم، لكن لا تزال هذه الآلية مرتبطة بإنهاء الحرب الأهلية.
لكن المعارضة التركية تزعم أن الرئيس التركي يحاول توظيف اللاجئين عمومًا، والسوريين على وجه الخصوص، في ممارسة دور خارجي خلال الأزمات التي تعيشها بلدانهم، واستغلالهم في الحصول على تمويلات دولية (خاصة من الاتحاد الأوروبي).
المعارضة واللاجئين
يمثل تحالف أحزاب “الطاولة السداسية” (الشعب الجمهوري – الجيد – السعادة – الديمقراطية والتقدم – الديمقراطي – المستقبل) الجناح الأكبر والأهم في المعارضة التركية، ومن ثم يوضح برنامجه المعلن، حاليًا، السياسات التي سيطبقها حال فوزه في الانتخابات العامة، خاصة فيما يتعلق بملف اللاجئين كجزء من قضية الهجرة واللجوء والتجنيس، ويتذكر الجميع قول زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو: “نعم، كانت هناك حرب، واشتباكات في سوريا، وشاركناهم طعامنا، لكن عليهم أن يعودوا الآن لبلدهم، ولا أرى منحهم الجنسيات أمرًا صائبًا”.
كما أطلق حزب الشعب الجمهوري قبل شهور حملة بعنوان: “أيها العالم جئنا لنتحداك.. تركيا لن تكون مخيَّمك للاجئين” مع وعود بالانسحاب من اتفاقية الهجرة وإعادة القبول الموقعة بين تركيا والاتحاد الأوروبي وضبط الحدود.
ووفق ما ورد في البرنامج المشترك للتحالف (مذكرة التفاهم/الاتفاق السياسي) أعلن التحالف “تضييق نطاق منح الجنسية الاستثنائية من خلال مراجعة القانون ذي الصلة واللوائح المرتبطة به ووقف منح الجنسية التركية مقابل شراء العقارات أو سندات الدين الحكومية أو صناديق الاستثمار أو إيداع مبالغ بالعملة الأجنبية، أو فتح حساب تقاعد خاص، ومراجعة وفحص الإجراءات السابقة المتعلقة بمنح الجنسية، وستسحب الجنسية من الذين يتبين أنهم قدموا بيانات ووثائق كاذبة، وستتخذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة ضد من قام بذلك.
وشدد التحالف على أنه عند اكتشاف خطأ إداري، العمل على إعادة هيكلة المؤسسات المتعلقة بالهجرة وطالبي اللجوء، ولا سيما مديرية إدارة الهجرة، وتعزيز البنى التحتية لإدارتها وموظفيها، ومراجعة قانون الأجانب والحماية الدولية، مع تحصين حدود تركيا بوسائل الحماية التقنية عسكريًا وأمنيًا لمواجهة العبور غير القانوني إلى الأراضي التركية.
ولأغراض انتخابية، تركز خريطة الطريق التي تطرحها المعارضة على عودة السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة إلى بلدهم في أقرب وقت ممكن، وفقًا للقانون المحلي التركي والقانون الدولي، بالتعاون مع المؤسسات الدولية ممثلة في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والمؤسسات المعنية والحكومة السورية، من خلال بدء حوار مكثف مع جميع الأطراف، بما فيهم الممثلين لشرائح الشعب السوري، باستثناء الجماعات الإرهابية، ودعم مشاركة رجال الأعمال الأتراك في إعادة الإعمار والاستثمار في سوريا، لتوفير حياة كريمة للسوريين العائدين إلى بلادهم، ويحق للسوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا، التقدم للحصول على الجنسية الاستثنائية.
تسهيلات رسمية
إلى جانب تنوع دوافع الحصول على الجنسية التركية، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، والاستفادة من المميزات – جواز سفر يسمح بسفر حامله إلى 77 دولة دون تأشيرة و33 دولة بتأشيرة عند الوصول، وسهولة الحصول على تأشيرات من دول عديدة، تملك أصولًا عقارية، والاستفادة من تسهيلات مالية وفرص استثمارية كثيرة، وتسهيل المعاملات والإجراءات الحكومية – تعزز عملية التجنيس تدفق الاستثمارات الأجنبية كشريان للاقتصاد المحلي، وهو ما أدركته حكومة حزب العدالة والتنمية، عندما أقرت قانون الجنسية الاستثنائية المخفف 19 سبتمبر/أيلول 2018، الذي عدد فرص الحصول على الجنسية التركية: شراء عقار أو عقارات بقيمة 250 ألف دولار ومواصلة حيازته لثلاث سنوات على الأقل، أو استثمار ثابت بقيمة لا تقل عن 500 ألف دولار، وتخفيض عدد الأتراك الذين ينبغي على المستثمر الأجنبي تشغيلهم في مشروعه إلى 50 عاملًا وموظفًا، خفض قيمة شرط الإيداع في البنوك التركية إلى 500 ألف دولار لمدة ثلاث سنوات.
ويحق لمجلس الوزراء منح الجنسية التركية بشكل خاص لرجال الأعمال والمستثمرين والفنانين والاقتصاديين والمفكرين ومن يساهم في تطوير الزراعة والتجارة والصناعة والفن والرياضة ولأصحاب القدرات العلمية الخاصة والابتكارات المهمة.
ويعتبر الشرط الأساسي للحصول على الجنسية التركية ألا يُشكّل المتقدم على طلب الجنسية خطرًا على الأمن القومي التركي أو الأمن العام في البلاد، خاصة أن المتقدم يجب ألا يكون قد تعرض للسجن في تركيا على خلفية قضائية جنائية، وتتحدث معلومات غير موثقة عن إعادة تفعيل بعض ملفات طلب التجنيس التي تعرضت للإزالة من مواقع إدارة الهجرة والنفوس مطلع عام 2019، استجابة لطلبات الاعتراض القانونية التي لا تتعارض مع معايير منح الجنسية، وليس بسبب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في مايو/أيار المقبل.
ويتم سحب الجنسية التركية عن الأجنبي في حالات عدة: ثبوت تزوير في الأوراق التي حصل بموجبها على الجنسية التركية كشهادات ميلاد غير صحيحة أو إثبات شخصية مزور أو إيصالات بنكية وهمية في حال الحصول على الجنسية التركية عبر التملك العقاري، والخيانة والعمالة وهذا البند يخول للسلطات التركية سحب الجنسية في حال كان حاملها تركي الأصل أو تركي بالتجنيس ويحتاج الأمر لموافقة البرلمان التركي بعد طلب من وزارة الداخلية التركية التي تثبت تورط المدعى عليه بقضايا الإرهاب أو الخيانة والعمالة والتخابر لصالح دول أخرى، وإهانة العلم التركي أو الدستور أو رموز تركية لا سيما مؤسس الدولة التركية وأول رئيس تركي مُصطفى كمال أتاتورك، ويعود الأمر للمحكمة التي تقر مجموعة أحكام قد تصل إلى سحب الجنسية التركية، ودون ذلك لا يمكن سحب الجنسية التركية ولا بأي حال من الأحوال بما فيها وصول رؤساء جدد لسدة الحكم وتغير الحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسة التي تُجرى في تركيا كُل 5 سنوات.
مراحل التجنيس
تمر إجراءات الجنسية الاستثنائية بعدة مراحل (تسليم الأوراق والوثائق المطلوبة لدائرة الهجرة، ثم دراسة ملف التجنيس من خلال التحقق من البيانات المطلوبة، تمهيدًا لعرض الملف على لجنة مكونة من مدير دائرة الجنسية وإدارة النفوس، لتقييم الملف، وعند القبول المبدئي، يتم إرساله إلى مديرية الهجرة في الولاية المقيم فيها الراغب في الحصول على الجنسية، مع مدة زمنية – غير محددة – لبحث الحالة الأمنية للشخص، وعند التأكد من سلامة الملف، يتم تحويله إلى رئاسة الحكومة، واتخاذ القرار، وفي المرحلة السابعة، بعد التصديق على القرار، وإرسال ملف التجنيس إلى دائرة النفوس العامة، ودعوة صاحب الطلب إلى مراجعة الدائرة لاستكمال المطلوب، واستلام الهوية الجديدة).
لكن يمكن لمجلس الوزراء – بعد اقتراح وزارة الداخلية – منح الجنسية الاستثنائية للأجانب، بغض النظر عن الشروط الأخرى المطلوبة للحصول على الجنسية التركية بشكل عام بشرط عدم وجود عائق على صعيد الأمن القومي والنظام العام.
يُعدّ الحصول على الجنسية الاستثنائية أمرًا تقديريًا، ولا بد من أن يتحقق في المتقدم المعايير المحدَّدة ضمن القانون للحالات الممكن الحصول فيها على الجنسية، وألا يكون التجنيس إجراءً إداريًا فقط، ويحق التقدم للحصول على الجنسية الاستثنائية بشروط: الاستثمار في تركيا وأصحاب المواهب في المجالات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية والثقافية والفنية الذين جرى تقديم عرض مبرر لهم من الوزارات المعنية والأجانب الذين لديهم تصريح إقامة وفقًا لقانون الأجانب والحماية الدولية بتاريخ 4/4/2013، ورقم 6458 بشروط معينة تحددها الجهات المختصة والأجانب الذين يحملون البطاقة التركوازية وأزواجهم الأجانب وأولادهم تحت سن 18 والأشخاص المطلوب تجنيسهم بحسب وجهة نظر الجهات المختصة وعند إثبات الأصول التركية، أي أن الأجداد كانوا يحملون الجنسية التركية.
حق مدني
وفقًا للدستور التركي، يحق للحاصلين على الجنسية التركية، سواء المقيمين في الداخل التركي أم في الخارج التصويت في الانتخابات المقبلة، كغيرهم من المواطنين الأتراك، لكن لا بد من خطوات تتطلبها عملية معرفة المقر والمنطقة الانتخابية، عبر الدخول على الموقع الرسمي للجنة العليا للانتخابات، باستخدام رقم “الهوية القديمة” أو الجديدة (T.C. Kimlik Kartı Yeni) واختيار الولاية (Nüfusa Kayıtlı Olduğu İl) ثم إدخال الرقم الوطني التركي (T.C) وكود التحقق، والضغط على “Sorgula”، حيث ستظهر البيانات الكاملة لمن لهم حق الانتخاب.
وهناك طريقة ثانية لمعرفة المقر الانتخابي، تتم من خلال الموقع الإلكتروني للحكومة التركية (E-devlet) حيث يتم الدخول على الحساب الشخصي والبحث عن مجلس الانتخابات العليا (Yüksek Seçim Kurulu Başkanlığı) ثم الضغط على خيار قيد الناخب داخل تركيا (Yurt İçi Seçmen Kaydı Sorgulama) عند صحة العنوان ستظهر صفحة الاسم والرقم الوطني والعنوان، وبيانات تتضمن اسم المركز الانتخابي (Oy Vereceğiniz Yer) ورقم الصندوق الانتخابي (Sandık Numarası) ورقم الدور (Sıra Numarası).
وبعد استكمال الخطوات السابقة، يتوجه الحاصل على الجنسية إلى مقر الاقتراع المحدد له، يوم الانتخابات، حاملًا الهوية التركية، وبعد دخول مركز الاقتراع والتوقيع في قوائم المشاركين في الانتخاب، يأخذ ورقة الاقتراع المختومة من اللجنة العليا للانتخابات، مع التأكد من عدم احتوائها على إشارات خاصة كي يدلي بصوته بشكل صحيح في المربع الخاص بذلك (اختيار مرشح واحد لرئاسة الجمهورية وتطبيق الاشتراطات المطلوبة في انتخاب أعضاء البرلمان الذي يضم 600 عضو، لمدة خمس سنوات) قبل وضع ورقة الاقتراع في الصندوق.
وفي حالة وجود حامل الجنسية التركية خارج البلاد، يحق له المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة 2023، عبر عملية الاقتراع التي تتم قبل أسبوع من تاريخ إجراء الانتخابات داخل البلاد، عبر طرق عدة: التصويت الشخصي في اللجنة المخصصة أو التصويت بالبريد بعد التأكد من هوية الناخب، أو التصويت بالوكالة من خلال اختيار وكيل للتصويت نيابة عنه في مكان الاقتراع المحدد له في البلد الأم أو في الخارج أو التصويت الإلكتروني.
وفي كل الأحوال، يشترط الإقامة بشكل رسمي في إحدى دول العالم، وقيام الحاصل على الجنسية بتثبيت عنوانه قبل 3 أشهر على الأقل من موعد الانتخابات، بموجب تقديم استمارة العنوان للسفارة أو القنصلية أو في إدارات النفوس والمواطنة داخل تركيا، بعد الحصول عليها من موقع الهيئة العليا للانتخابات، YSK.
ولا يحق لحملة الجنسية التركية التصويت في الخارج، إذا لم يتم تثبيت العنوان، وعليه العودة للتصويت في الموقع الانتخابي المسجل فيه العنوان بالداخل، كما لا يحق للأجنبي الحاصل على الجنسية التركية المشاركة في الانتخابات التركية إلا بعد عام كامل من تاريخ حصوله على الجنسية، مع مراجعة إدارة الانتخابات إذا لم تأت ورقة الانتخابات (تتضمن معلومات عن مكان التصويت،) إلى مكان إقامة المجنس، فورقة الانتخابات ستصل لجميع من تنطبق عليهم الشروط، ويمكن متابعة الإجراءات المعنية بالانتخابات عبر تطبيق “E-DEVLET” الحكومي.
وتلزم التنويهات التي تسبق انتخابات 2023، حاملي الجنسية التركية تثبيت عناوينهم الجديدة قبلها بنحو 3 أشهر، عبر بوابة E-DEVLETT الإلكترونية أو الجهة المختصة في نطاق منطقة الإقامة، حتى يتمكنوا من التصويت في الولاية نفسها، وفي حال الانتقال من ولاية إلى أخرى قبل شهرين من موعد الانتخابات، يجب العودة للتصويت في الموقع المسجل عليه الإقامة، للانتخاب.
كما يفرض المجلس الأعلى للانتخابات غرامة مالية (لا تقل عن 22 ليرة) على من يمتنع عن التصويت خلال الفترة الزمنية المحددة في يوم الانتخابات، كونه واجبًا مدنيًا لكل فرد من مواطني تركيا.
تضامن عالمي
يمثل إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين (تعتمده 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، منذ سبتمبر/أيلول 2016، ويتضمن التزامات واسعة من الدول الأعضاء، تشمل احترام حقوق اللاجئين والمهاجرين ودعم البلدان التي تستقبلهم) ركيزة أساسية للتضامن العالمي وتوفير الحماية لهم، مع ما يشهده العالم من نُزوح غير مسبوق، ويحدد، إعلان نيويورك، دور مفوضية اللاجئين، في هذه العملية ويدعوها إلى وضع وإطلاق استجابات شاملة في عدة بلدان ومناطق تستضيفهم، بمساعدة فريق من موظفي المفوضية، ووكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة، ومنظمات دولية ومنظمات غير حكومية.
لكن مع استمرار تزايد النزوح الجماعي حول العالم، تتحمل البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل عادةً الجزء الأكبر من المسؤولية المتعلقة باللاجئين، في الوقت نفسه، تبقى استجابة العالم للتحركات الواسعة النطاق غير كافية وتعاني من نقص في التمويل، ما يترك اللاجئين أمام مستقبل مجهول، لذا، يقدم، إعلان نيويورك، رؤية لاستجابة أكثر شمولية وشفافية لهذه الأزمات تعرف باسم الإطار الشامل للاستجابة للاجئين، وهو يدعو لتقديم دعم أكبر للاجئين والدول التي تستضيفهم، ويركز هذا النهج بشكل أساسي على ضرورة إدماج اللاجئين في المجتمعات التي تستضيفهم، ومن ثم تستفيد اقتصاداتها المحلية من جهودهم، وتمكين اللاجئين من العيش مع المجتمعات المضيفة.
ويركز إعلان نيويورك على دعم شركاء مفوضية اللاجئين (حكومات ومنظمات ووكالات والمؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني) لتخفيف الضغط على البلدان التي تستقبل اللاجئين وتستضيفهم وتعزيز اعتماد اللاجئين على ذاتهم وتوسيع نطاق إعادة التوطين في البلدان الثالثة والمسارات التكميلية الأخرى وتحسين الظروف التي تتيح للاجئين العودة طوعًا إلى بلدانهم الأصل، فهل تدرك أطراف النزاع السياسي التركي، هذه المستهدفات الإنسانية ولا تتعامل مع اللاجئين عمومًا، والسوريين على وجه الخصوص كـ”ملف انتخابي”؟!