ترجمة حفصة جودة
وصف النشطاء والكشميريون في المنطقة وخارجها، أخبار استثمار شركة “إعمار” الإماراتية في كشمير الخاضعة لسيطرة الهند بـ”الخيانة الكاملة”، يعتقد الكثيرون أن كشمير ستواجه مصيرًا مشابهًا لفلسطين، مع تراجع الكثير من الدول العربية والإسلامية عن دعم قضية السكان المسلمين بها، لبناء علاقات دبلوماسية واقتصادية أفضل مع الهند.
في شهر مارس/آذار، كشف المدير التنفيذي لشركة “إعمار في الهند عن خطط لبناء مراكز تسوق ومجمع مكاتب في سريناغار عاصمة إقليم جامو وكشمير، قال أميت جاين إن هذا الاستثمار بمبلغ قدره 60 مليون دولار سيخلق نحو 7 آلاف إلى 8 آلاف وظيفة.
قال الحاكم العسكري للمنطقة الملازم مانوج سينها متحدثًا بالنيابة عن الحكومة الهندية، إن هذا اليوم يمثل يومًا تاريخيًا لكشمير، وإن قادة الأعمال من الإمارات مدعوون للاستثمار في جامو وكشيمر وأن يصبحوا شركاءً أيضًا.
Addressed investors & business leaders at @expo2020dubai. Relationship between India and UAE has matured enough over the years to become enduring ‘Global Partners’ in the 21st Century. These are those times in the journey of Jammu Kashmir where opportunities are in plenty. pic.twitter.com/qBW9i0gTSR
— Office of LG J&K (@OfficeOfLGJandK) January 6, 2022
قُسمت منطقة كشمير إلى مناطق تديرها الهند وباكستان والصين، وأصبح متنازعًا عليها منذ تقسيم الإمبراطورية البريطانية للهند عام 1947.
اتُهمت الحكومة الهندية بمئات آلاف الانتهاكات لحقوق الإنسان والقتل خارج القانون في المنطقة، ومزاعم بالقمع الوحشي لنضال الكشميريين نحو الحرية المستمر منذ عقود.
القوة الناعمة الهندية
يقول أرشد محمود الناشط الكشميري والمدير التنفيذي لمركز “الإصلاحات والتنمية والسلام” في إسلام آباد: “الأمر بمثابة صدمة، إنها خيانة مطلقة لمعاناة شعب كشمير الخاضع لاحتلال الهند”.
ويضيف “لم يكن من المفترض أن يقوموا بذلك، إنهم يعززون من موقف الهند، ويعترفون بكشمير كمقاطعة هندية ويمحون نضالنا تمامًا، إن الإمارات ترسل رسالة لشعب كشيمر بأنها لا تهتم بحقوقهم وطموحاتهم”.
أما الناشط ألطف حسين، مدير معهد كشيمر للعلاقات الدولية فيقول: “الرسالة التي تحاول الهند نقلها للكشميريين تقول: لا أحد يقف بجانبكم، حتى الإمارات تستثمر معنا، إنهم يريدون تصوير ذلك بأن له تأثير سلبي على نضال الكشميريين”.
الهند محكومة الآن بإيدولوجية لا ترى غير الهندوس مساوين لهم، ومن الأفضل أن يفهم العالم العربي ذلك سريعًا
أكد حسين على أنه لا سلام في جامو وكشيمر، وأن الهند مسؤولة عن قائمة طويلة من انتهاكات حقوق الإنسان.
يقول فهيم كياني من حملة كشمير في المملكة المتحدة، إن استثمار الإمارت في كشيمر التي تسيطر عليها الهند مثال على القوة الناعمة للهند وبمثابة تحذير للعالم العربي.
ويضيف “لقد حققت الهند تقدمًا كبيرًا في دول الخليج، لذا عندما تبدي الإمارات الآن اهتمامًا بالاستثمار في كشمير، فإن ذلك يرجع إلى القوة الناعمة للهند في العالم العربي، إنها قضية كبيرة، ليس فقط للمسلمين بل للبشرية، فالهند محكومة الآن بإيدولوجية لا ترى غير الهندوس مساوين لهم، ومن الأفضل أن يفهم العالم العربي ذلك سريعًا”.
إثارة الخلاف
تسببت انتهاكات حقوق الإنسان الهندية في كشيمر، في أن تصبح الاستثمارات الدولية مثيرة للجدل، فبعد إعلان شركة “إعمار” الشهر الماضي، ناشدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة ماري لولر السلطات الهندية بوقف اعتداءتها على نشطاء حقوق الإنسان في جامو وكشيمر.
وبالإشارة إلى قمع السلطات الهندية مؤخرًا لتحالف منظمات المجتمع المدني، قالت لولر: “يقوم تحالف المجتمع المدني في جامو وكشمير بعمل أساسي في مراقبة حقوق الإنسان، ولأبحاثهم وتحليلاتهم فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان قيمة كبيرة، خاصة للمنظمات الدولية التي تسعى نحو ضمان الخضوع للمساءلة وعدم تكرار الانتهاكات”.
تنتهك الهند أيضًا قرارات الأمم المتحدة بإقامة استفتاء شعبي مستقل في المنطقة وسحب الجنود الهنديين البالغ عددهم 600 ألف جندي الموجودين الآن في جامو وكشمير.
يقول أندرياس كريغ، الأستاذ المشارك في الدراسات الأمنية بكلية “كينجز” في لندن، إن العلاقات الهندية الإماراتية إستراتيجية بشدة لكلا البلدين، وهكذا فإثارة الخلاف بالاستثمار في كشيمر يصاحبه ضرر بسيط بالسمعة.
يضيف كريغ “لقد حدد الإمارات توجهها بالتحرك مبكرًا والاعتراف بـ”إسرائيل”، وهم يعتقدون أن بقية العالم العربي والإسلامي سيعترف بهم بمرور الوقت، لقد أسست الإمارات علاقات قوية مع “إسرائيل” وستعمل كوكيل لها بشكل ما، وبالتالي تعزيز موقفها كقوة إقليمية، وهذا ما تفعله الآن مع كشمير والهند”.
في العادة؛ كانت مثل هذه الأخبار تثير إدانة تلقائية من الدول الإسلامية، وتهديد باكستان بتصعيد الأمر للأمم المتحدة
“أصبحت الإمارات والهند الآن من بين أهم الشركاء التجاريين لبعضهما البعض، لقد أصبحت العلاقة محورية سريعًا، وتعزز الإمارات مصالحها في الهند من خلال بناء علاقات قائمة على التجارة والاستثمار والمصالح المشتركة”.
ومع ذلك، فهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها الإمارات الجدل بشأن كشمير، ففي أغسطس/آب 2019، بعد أن ألغت الهند المادة 370 من الدستور وألغت الوضع الخاص لكشمير، لم تدن الإمارات ما حدث.
كان الوضع الخاص لكشمير يسمح لحكومتها المحلية باتخاذ قراراتها الخاصة المرتبطة بالإقامة الدائمة وملكية العقارات والحقوق الأساسية، لكن يرى النقاد أنه بنزع هذا الاستقلال فإن الحكومة الهندية الفيدرالية تحاول تغيير البنية العرقية للمنطقة.
يقول حسين: “بالسماح بالهجرة غير المحدودة لكشمير، فإن الحكومة الهندية ترغب في تغيير البنية العرقية، من أجل أي استفتاء شعبي مستقبلًا، ليصبح التصويت باستقلال كشمير عن الهند ضعيفًا للغاية”.
بعد أيام فقط من رفض الإمارات إدانة قرار الهند، قدمت أبو ظبي أعلى جائزة مدنية حكومية لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، يقول كريغ: “تدرك الإمارات أن باكستان لن تكون سعيدة أبدًا بتقاربها مع الهند، لكن الإمارات تتخذ توجهًا جديدًا وترغب في أن تصبح قوة إقليمية بالشرق الأوسط، لقد درست جيدًا ضرر ذلك على سمعتها في المنطقة الإسلامية ومع باكستان، لكنها تعتقد أن الضرر سيكون قاصرًا”.
لم يُواجَه قرار الإمارات بأن تصبح أول مستثمر أجنبي في المنطقة سوى بردٍ خافت من باكستان وكشمير الباكستانية والعالم الإسلامي الأوسع، في العادة؛ كانت مثل هذه الأخبار تثير إدانة تلقائية من الدول الإسلامية، وتهديد باكستان بتصعيد الأمر للأمم المتحدة.
المصدر: ميدل إيست آي